لجريدة عمان:
2025-06-23@05:46:26 GMT

مجتمعات قد تقود التحول العالمي

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

تبدو التحولات الديموغرافية الراهنة التي يشهدها العالم مؤثرة في قيادة التحول العالمي. سواء فيما يتصل بمعدلات النمو السكاني، أو فيما يتعلق بتحول بعض الاقتصادات العالمية الكبرى نحو الشيخوخة والانخفاض الحاد في معدلات الخصوبة. ذلك أن المسألة لا تتصل بالطريقة التي تدار بها القضية السكانية (الديموغرافية) داخل الدول نفسها؛ وإنما في تأثير ذلك على عمليات التبادل الاقتصادي، ونمو أسواق جديدة وضمورها، والحاجة إلى منتجات وخدمات عابرة للحدود، عوضًا عن حركة المواهب العالمية والتي تبدو اليوم محصورة باتجاهين أساسيين: السياسات الدافعة نحو (حمائية المواهب)؛ وهي تلك السياسات التي تدفع نحو تقييد حركة المواهب العالمية، والتشديد على الإجراءات والنظم والتسهيلات التي تسمح بحركتها في الأسواق العالمية.

أما الشكل الآخر من السياسات الذي تتنافس عليه الدول وهو (سياسات جذب المواهب)؛ من خلال تحفيز البيئة المستقطبة عبر البرامج والتسهيلات والتأشيرات والموارد ونظم الإقامة والعيش؛ التي تستهدف استقطاب أكبر قدر ممكن من المواهب في مختلف القطاعات لتحريك العمليات الاقتصادية والتنموية المختلفة. ولو حاولنا القبض على الخط الواصل بين كل هذه الاتجاهات سنجد أنه كامن في التحولات الديموغرافية.

إذن يجدر اليوم بالدول ومخططي السياسات العامة، وراسمي أجندة التنمية وضع المسألة الديموغرافية على أولويات أجندة الرصد والتتبع، ذلك أن هذه المسألة إما أن تكون تحديًا هيكليًا لمسارات التنمية على المستوى طويل الأجل، أو أن تكون أحد عناصر الفرص (غير المرئية) التي يمكن الاستثمار فيها على مستوى السياسات – الخدمات – المنتجات – الأسواق. شكل تضافر الأزمات المناخية، وتباطؤ جهود الحد من الفقر وسوء التغذية، وعودة الأوبئة العالمية بعضًا من عدم اليقين في السنوات الماضية إزاء توقعات النمو السكاني العالمي؛ إلا أن عدة مصادر تجمع أن سكان العالم سيكون بحلول عام 2030 قرابة 8.6 مليار مع بعض التباطؤ في النمو السكاني العالمي ولكنه ليس ذلك التباطؤ الحاد الذي رسمته بعض السيناريوهات. إلا أن التحولات الرئيسية في المسألة الديموغرافية العالمية التي يتوجب النقاش حولها في تقديرنا هي 5 تحولات:

1- دخول العالم إلى مرحلة (الشيخوخة العالمية): تتوقع KPMG أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأعلى إلى مليار شخص حول العالم.

2- بحسب European Strategy and Policy Analysis System سوف تقسم التركيبة السكانية المستقبلية العالم إلى معسكرين: أحدهما ينمو والآخر يتقلص. الأول، كما هو الحال في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا (نيجيريا وتنزانيا وإثيوبيا والهند وباكستان، على سبيل المثال). أما الطرف الآخر حيث يتباطأ حجم السكان مثل الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أيضًا أن تنخفض روسيا أيضًا من 143.9 مليونًا إلى 140.5 مليونًا. على الوجه الآخر تشير توقعات ذات النظام إلى أن الصين بلغت «الذروة» أيضًا وستظل مستقرة عند حوالي 1.4 مليار.

3- تبين الآثار الطويلة الإيجابية لمستويات الرعاية الصحية المرتفعة والنمو الاقتصادي على تركيبة بعض المجتمعات، وعلى أمد العمر، وتقلص الفوارق بين الجنسين فيما يتعلق بأمد الحياة. في كوريا الجنوبية على سبيل المثال تشير التوقعات إلى أن متوسط العمر المتوقع للمرأة سيكون حوالي 90 عامًا. وفي فرنسا ستكون عند 88 عامًا.

4- على مستوى الاقتصادات المتقدمة تبدو اليابان أكثر الدول تأثرًا بالمسألة الديموغرافية والتحولات الناشئة عنها. تتوقع تحليلات Center for Strategic and International Studies أن ينخفض النمو السكاني بين 15 - 25% بحلول عام 2050 إذا لم تستطع اليابان تحقيق تدفقات هائلة لهجرة السكان. على الجانب الآخر ورغم العدد الهائل لسكان الصين، إلا أن التوقعات تشير إلى الفترة بين عامي 2030 - 2050 ستشهد انكماشًا حادًا للسكان في سن العمل، مما قد يؤثر على مستويات النمو والإنتاجية والوضع الاقتصادي بشكل عام.

5 - التحول الخامس والمهم هو الذي تقوده القارة الإفريقية. حيث تحوي اليوم أكثر من 60 ٪ من سكان القارة دون سن 25 عامًا. ما يعني تزايدًا في قوة العمل للقارة الإفريقية خلال السنوات القادمة، مع التوقعات بزيادة النمو السكاني. ورغم التحديات الهيكلية التي تواجهها بعض دول القارة لناحية تأهيل وتمكين الموارد البشرية والاستثمار في المهارات؛ إلا أن المنتدى الاقتصادي العالمي التقط تحولًا نوعيًا في هذا الصدد فإفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لم تشهد تباطؤًا في استثمار رأس المال الاستثماري. ففي عام 2022 تجاوز قطاع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في إفريقيا علامة 3 مليارات دولار لأول مرة، وجمعت 633 شركة ناشئة في إفريقيا مجتمعة 3.3 مليار دولار. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 55.1٪ عن 2.15 مليار دولار التي تم جمعها في عام 2021 بواسطة 564 شركة ناشئة في إفريقيا (حسب بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي).

إذن ما تفرضه هذه التحولات في تقديرنا هو توسيع إطار النظر للمسألة الديموغرافية، عبر طرح مجموعة من المداخل الاستفهامية في الكيفية التي ستضغط بها المسألة الديموغرافية على مسائل مثل: إنتاجية العمل والعمالة، وقدرة نظم الحماية الاجتماعية على مواكبة هذه التحولات، والأنماط الجديدة المتطلبة لإدماج الشباب في أسواق العمل وفي أنماط المشاركة العامة، وفي نوعية المنتجات والخدمات التي سيفرضها توسع فئة كبار السن، وعن منظومات الطفولة المبكرة والأسس المحددة لجودة خدماتها لتمكين الاستثمار في هذه المرحلة. وعن وضع أطر فاعلة للاستثمار في المواهب والمهارات ليس بصورة عارضة – آنية – وإنما وفق إطار استراتيجي محكم وطويل المدى، وعن سياساتنا تجاه اجتذاب/ هجرة المواهب والعقول والأفكار والمنتجات. وعن قدرتنا تجاه أن نكون أسواقا لتقديم (خدمات ومنتجات) نوعية تشكل ميزتنا النسبية سواء في الصناعة أو السياحة أو قطاع الخدمات. وعن آفاق تعاوننا العلمي والثقافي مع الدول التي تستثمر في بناها الديموغرافية الشابة. ونعتقد في هذا الصدد أن وجود وحدة/ مركز وطني لدراسات السكان والتنمية أصبح ضرورة مرحلية، بحيث يمكّن منظومة السياسات العامة من التنبه إلى الفرص والتحديات التي تفرضها مسألة الانتقال الديموغرافي العالمي، ويضع استراتيجيات بعيدة المدى للاستثمار فيما يُعرف بالعائد الديموغرافي إضافة إلى توجيه بوصلة سياسات الهجرة والمواهب، عوضًا عن التنبيه إلى الاتجاهات العالمية التي ستتشكل وتؤثر بشكل مباشر على السياق المحلي فيما يرتبط بالمسألة الديموغرافية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی إفریقیا إلا أن

إقرأ أيضاً:

«البركة للتمور» يوسّع شراكاته العالمية انطلاقاً من دبي

دبي: «الخليج»


نجحت دبي في ترسيخ أسس قوية لنمو قطاع صناعي مستدام وتنافسي داعم لتنويع اقتصادها، حيث أصبحت اليوم وجهة لاستثمارات كبيرة في القطاع الصناعي، لما توفره من مزايا متفردة من أبرزها بيئتها التنظيمية والتشريعية والسياسات والحوافز الحكومية المشجعة والبنية اللوجستية عالية المستوى، التي توفر فرصاً هائلة للوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، إضافة إلى وجود المناطق الصناعية المتخصصة، التي توفر مناخاً جاذباً لجميع أنواع الصناعات.
ويمثل مصنع البركة للتمور، والذي يندرج تحت مظلة مجموعة البركة للأغذية القابضة المحدودة، ويقع في مدينة دبي الصناعية، التابعة لمجموعة «تيكوم»، نموذجاً للاستثمار المتنامي والناجح في القطاع الصناعي في دبي، حيث شهد المصنع، الذي تأسس في عام 1988، نمواً متواصلاً وكبيراً، ليصبح اليوم أكبر مصنع للتمور في العالم مملوك للقطاع الخاص، وهو كذلك أول مصنع للتمور على مستوى العالم يتم تشغيله باستخدام الطاقة الشمسية.
ويصدر المصنع إنتاجه إلى أكثر من 90 دولة حول العالم، انطلاقاً من دبي، وتشمل أكبر أسواقه التصديرية الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، والهند، وإندونيسيا، وبنغلاديش، وتشمل قائمة عملائه شركات غذائية عالمية عملاقة.
وتبلغ مساحة المصنع 800,000 قدم مربعة، تشمل 500,000 قدم مربعة مخصصة للتصنيع والتبريد، مع مضاعفة مستمرة لحجم الإنتاج، ومواكبة الطلب المتزايد.

شركاء عالميون


أكد يوسف سليم، المدير العام للمصنع، أنه نجح في تعزيز عوامل قوة ميزته كأحد أكبر وأهم مصانع التمور في العالم، فهو يقوم بمعالجة أكثر من 100,000 طن من التمور سنوياً، بما في ذلك أكثر من 50,000 طن من محصول التمور المحلي في دولة الإمارات، كما يقدم منتجاته لشركات عملاقة على المستوى العالمي، ومنها «جنرال ميلز»، و«كرافت هاينز»، و«مونديليز»، و«نستله».
وقال: «نعتز ونفخر بما نقدمه من صورة للعالم عن مستوى الصناعات الوطنية في دولة الإمارات، ونضع دائماً ضمن رؤيتنا الدور المهم، الذي يمكن أن نخدمه في دعم توجهات إمارة دبي، لتكون مركزاً عالمياً ريادياً للابتكار الغذائي، والتصنيع المستدام، وصادرات المنتجات الحلال».

منتجات مبتكرة


أضاف سليم أن من عوامل القوة المهمة التي حققها المصنع، هي ما بات يمتلكه من نهج راسخ في الابتكار بالمنتجات، حيث ينتج مجموعة واسعة من منتجات التمور ومشتقاتها، بما في ذلك معجون التمر، ودبس التمر، ومسحوق وسكر التمر، والتمر المقطع، ومربى التمر، وزيت نواة التمر، وألياف التمر، وهي جميعها من المنتجات التي تحظى بطلب مرتفع في الأسواق العالمية، كما يتميز المصنع بقدرته الإنتاجية العالية بما يتوازى مع هذا الطلب، وحصل المصنع على العديد من الشهادات في الصناعة والمواصفات والجودة.
وكان المصنع حصل على ترخيص رسمي من إكسبو 2020، ممثلاً للابتكار الإماراتي في مجال التمور، في إطار تسليط الضوء على جودة المنتجات الوطنية.

مسؤولية اجتماعية


يقوم المصنع بدور محوري في دعم المبادرات الإنسانية والخيرية، في إطار التزامه الراسخ بالمسؤولية الاجتماعية وقيم التكافل، التي يتبناها ضمن رؤيته المؤسسية، حيث قدم مساهمات لدعم مبادرة «وقف المليار وجبة»، ويعتبر من الشركاء المهمين لمؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، ويقدم تبرعاً منتظماً لبنوك الطعام في دولة الإمارات والمبادرات الإنسانية خلال شهر رمضان، كما يقدم مساهمات لدعم مؤسسة الجليلة، ومساهمات لدعم صندوق الفرج التابع لوزارة الداخلية، وهو داعم لبرنامج المنح الدراسية في الجامعة الأمريكية في الشارقة.

مقالات مشابهة

  • كيف يتعايش المسلم في مجتمعات لا تحب الإسلام؟.. علي جمعة يجيب
  • منظمة الصحة العالمية تكرم مركز مكافحة التدخين بحمد الطبية وتمنحه جائزة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ لعام 2025
  • مواهب 23 يوليو تحتفل باليوم العالمي للموسيقى على مسرح 23 يوليو بالمحلة
  • «البركة للتمور» يوسّع شراكاته العالمية انطلاقاً من دبي
  • صافرة برازيلية تقود مواجهة الهلال وسالزبورج في مونديال الأندية
  • بوتين: أشعر بالقلق من أن العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة
  • بوتين قلِقًا: العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة
  • بوتين: حصة "بريكس" من الاقتصاد العالمي تضاعفت وتواصل النمو
  • بوتين: حصة «بريكس» من الاقتصاد العالمي تضاعفت وتواصل النمو
  • المغرب يحافظ على صدارة شمال إفريقيا في مؤشر التحول الطاقي العالمي