عربي21:
2025-08-09@12:05:12 GMT

العقيدة الاستباقية

تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT

«هم على وشك أن يجعلونا نخسر الحرب العالمية الثالثة. لن نكون حتى طرفًا فيها، وسنخسرها بأسلحة لم نرها حتى الآن.» –ترامب.

في عام 1954، كان الطيار الحربي كيرتس ليماي يحلّق بطائرة قاذفة استراتيجية فوق أجواء الاتحاد السوفييتي، عندما اعترضته مقاتلات سوفييتية وألحقت ضررًا بجناح طائرته. وعند عودته إلى قاعدة نبراسكا، أطلق تصريحًا لافتًا حين قال: «إذا لم نبدأ الحرب العالمية الثالثة، فسنجد أنفسنا نخوضها.

» زميله الطيار هال أوستن روى أنه سمعه يكرر هذه العبارة مرارًا، وظنه يمزح في البداية، لكنه أدرك لاحقًا أنه كان يعني كل كلمة.

تحوّلت تلك العبارة إلى قاعدة استراتيجية رسّخت في العقيدة العسكرية الأمريكية، جوهرها توجيه الضربة قبل أن يقوى العدو وتتفاقم الأزمة إلى صراع خارج السيطرة. وعلى هذا الأساس، شرعت الولايات المتحدة في تعزيز ترسانتها النووية بشكل غير مسبوق، لتكرّس هذه الفلسفة كمنهج دائم في سياساتها الخارجية.

وقد تجلّى تطبيق هذه العقيدة بوضوح في محطات متعددة، من بينها الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 بكذبة امتلاكه أسلحة دمار شامل ، وقصف مصنع أدوية في السودان عام 1998 بزعم إنتاجه مواد كيميائية، إلى جانب الضربات المتكررة على سوريا، وسلسلة طويلة من التدخلات المشابهة حول العالم.

اعتنق المحافظون الجدد هذه الفلسفة بقوة، حتى أصبحت ركيزة أساسية في تصورهم السياسي والعسكري. وتحت رايتها، يبررون سياساتهم الإمبريالية التوسعية، ويدفعون نحو حرب استباقية مع الصين قبل أن تفرض سيادتها على تايوان، ويبررون دعمهم الواسع لأوكرانيا في صراعها مع روسيا، واليوم استندوا إليها لتسويغ تدخلهم في الحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني، رغم المعارضة الشعبية الداخلية والانقسام الحاد في الكونغرس.

جاء الرد الإيراني مدوّيًا، محملًا بضربات قاسية ومصحوبًا بإدخال صواريخ متطورة إلى ساحة المواجهة. وفي ظل هذا التصعيد الخطير، تبدو المنطقة على أعتاب أحد سيناريوهين محتملين:

السيناريو الأول، أن تمتنع إيران عن الرد المباشر على الولايات المتحدة، وتكتفي واشنطن بما نفّذته من ضربات، خاصة بعد إعلان ترامب بأنه أنهى البرنامج النووي الإيراني، وتصريح نتن ياهو بأنه أوفى بوعده للصهاينة بإنهائه. وقد يُمهّد ذلك لهدنة مؤقتة تمهيدًا لعودة المفاوضات، لكن إيران، على الأرجح، لن تقبل بأي صيغة توقف بها برنامجها النووي، في حين تواصل الولايات المتحدة سياسة «الضغط الأقصى»، بما قد يفضي إلى حرب استنزاف طويلة تُستخدم فيها العقوبات كسلاح رئيس.

أما السيناريو الثاني، فهو أن تبادر إيران إلى استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة، ما سيدفع واشنطن إلى الرد بموجات جديدة من الضربات، قد تتسع لتشمل قواعد الحرس الثوري ومنظومات الدفاع الجوي، مع احتمال فرض منطقة حظر جوي وإعادة تموضع استراتيجي لقواتها في الإقليم.

وفي حال انزلقت الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة، فإن خطر اتساع رقعة الصراع إلى مستوى إقليمي أو حتى دولي. عندها قد تنخرط أطراف إقليمية مثل حزب الله، والفصائل الموالية لإيران في العراق، والحوثيين، في مواجهات مباشرة مع الكيان الصهيوني والمصالح الأمريكية. وستتبع إيران نهج التصعيد التدريجي، على قاعدة الفعل وردّ الفعل، وصولًا إلى استهداف آبار النفط، والمفاعل النووي الصهيوني، وإغلاق مضيق هرمز، وهو ما قد يشعل أزمة اقتصادية عالمية كبرى.

في المقابل، ستواجه الولايات المتحدة ضغوطًا شعبية متصاعدة لوقف الحرب، بينما ستمتنع الدول العربية عن الانخراط في الصراع. وقد تتسبب الفوضى المتوقعة في سوريا بفتح الباب أمام تدخل تركي مباشر. أما روسيا والصين، فلن تشاركا عسكريًا في المراحل الأولى، لكنهما ستوفران د عمًا دبلوماسيًا واستخباراتيًا لإيران، وقد تزودانها بالسلاح، ومع تطوّر مجريات الحرب، قد تتبدل مواقفهما.

لكن من المؤكد أن أي حرب بين الولايات المتحدة وإيران لن تكون كغزو العراق عام 2003، بل ستأخذ طابع حرب استنزاف طويلة الأمد، ما يدفع واشنطن إلى الاكتفاء بضربات دقيقة ومحددة دون السعي لإسقاط النظام الإيراني، مركّزة بدلًا من ذلك على إعادة تشكيل قواعد الاشتباك، وترسيخ تموضعها العسكري في الشرق الأوسط، وإرضاء اللوبيات الصهيونية.

ومع ذلك، يبقى المستقبل مفتوحًا على المجهول، فلا أحد يستطيع التنبؤ إلى أين ستسير الأمور.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب إيران إيران الاحتلال ترامب الهجوم الأمريكي مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

يستثني المهاجرين غير النظاميين.. ترامب يدعو إلى تعداد سكاني جديد في الولايات المتحدة

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤولين إلى التحضير لتعداد سكاني جديد في الولايات المتحدة، دون أن يوضح ما إذا كان بديلاً عن التعداد المقرر في 2030. اعلان

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب توجيهًا للمسؤولين بالتحضير لتعداد سكاني جديد "دقيق للغاية"، يستثني المهاجرين المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني. تأتي هذه الدعوة وسط تحركات على مستوى الولايات لإعادة رسم الدوائر الانتخابية بطريقة تعزز مكاسب الحزب الجمهوري قبل انتخابات التجديد النصفي المرتقبة عام 2026.

رفض لاحتساب المقيمين غير النظاميين

وفي منشور عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال" أعلن ترامب أن الأشخاص الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني "لن يُحتسبوا في التعداد"، مشددًا على أهمية اعتماد "حقائق وأرقام حديثة" مستندة إلى نتائج انتخابات عام 2024. ولم يُوضح ما إذا كانت هذه الدعوة تتعلق بالتعداد الرسمي المقرر في عام 2030، أم بتعداد خاص موازٍ.

ورغم أن الدستور الأميركي ينص منذ عام 1790 على إجراء تعداد شامل يشمل "جميع الأفراد في كل ولاية"، بمن فيهم المقيمون بطرق غير نظامية، فإن ترامب يدفع باتجاه استثناء هذه الفئة، وهو موقف سبق أن تبناه خلال ولايته الأولى، عندما سعى لإضافة سؤال حول الجنسية إلى استمارة التعداد، لكن المحكمة العليا منعت تنفيذ القرار.

تأثير محتمل على التمثيل السياسي

يلعب التعداد السكاني دورًا حاسمًا في رسم صورة النظام السياسي الأميركي، إذ يُستخدم لتحديد عدد مقاعد كل ولاية في مجلس النواب، وتوزيع أصوات "المجمع الانتخابي" التي تحدد هوية الرئيس، فضلًا عن تخصيص تريليونات الدولارات من التمويل الفدرالي لمشاريع وخدمات محلية.

ووفقًا لتقديرات "مركز بيو للأبحاث"، فإن تجاهل المهاجرين غير النظاميين في تعداد 2020 كان ليؤدي إلى خسارة ولايات كبرى مثل كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس مقاعد في الكونغرس. كما حذرت دراسة نُشرت في آذار/مارس الماضي من أن إدراج سؤال حول الجنسية قد يُقلّل دقة التعداد، نظرًا لاحتمال امتناع العديد من الأسر، لا سيما من أصول لاتينية وآسيوية، عن المشاركة خشية الملاحقة.

صراع على الخرائط الانتخابية قبل 2026

تأتي دعوة ترامب في سياق أوسع من التجاذبات السياسية المتصاعدة على مستوى الولايات، حيث يسعى الجمهوريون إلى إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لصالحهم. ففي ولاية تكساس، يدرس المسؤولون مقترحات قد تمنح الحزب ما يصل إلى خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب، بينما تعمل ولايات أخرى خاضعة لحكم جمهوري على خطط مشابهة تهدف إلى تأمين الغالبية الضئيلة التي يتمتع بها الحزب حاليًا.

في المقابل، يتجه الديمقراطيون إلى الرد بخطط مضادة في ولايات كبرى مثل نيويورك وكاليفورنيا، سعيًا لتعديل التوازن مجددًا، خاصة في ظل احتدام المنافسة السياسية واقتراب مواعيد الاستحقاقات الانتخابية.

إعادة فتح ملف التعداد السكاني من بوابة سياسية تعكس محاولة واضحة من ترامب لإعادة تشكيل قواعد اللعبة الديمقراطية في البلاد. فبينما لا يزال التعداد الرسمي المقرر في عام 2030 قيد الإعداد، يبدو أن النقاش حول من يُحتسب ومن يُستثنى لن يكون مجرد خلاف تقني، بل جزء من معركة أوسع على النفوذ والسلطة في المشهد الأميركي المقبل.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تدرس نقل مقر قيادة “أفريكوم” من ألمانيا إلى المغرب
  • سباق السيطرة في الفضاء يشتدّ.. الولايات المتحدة تستعد لإنشاء مفاعل نووي على القمر
  • الولايات المتحدة وروسيا تخططان لاتفاق هدنة في أوكرانيا
  • يستثني المهاجرين غير النظاميين.. ترامب يدعو إلى تعداد سكاني جديد في الولايات المتحدة
  • حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة
  • من الألم إلى الأمل.. أطفال جرحى من غزة يتلقون العلاج في الولايات المتحدة
  • ترامب: مليارات الدولارات تتدفق إلى الولايات المتحدة الأمريكية
  • القبض على مصري في الولايات المتحدة بعد 30 عامًا من المطاردة
  • النفط يرتفع بدعم من انتعاش الطلب في الولايات المتحدة
  • ترامب: أريد سحب الولايات المتحدة من الصراع الأوكراني