شخصيتها الإنهزامية ستقضي على مستقبلها
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
سيدتي، بعد التحية والسلام أحييك لأنك كنت دوما وأبدا قبس النور الذي يضيء عتمة كل حائر وأتمنى أن أجد لديك حلا لما أعانيه مع إبنتي الوحيدة عبر منبرك الأغر وفي هذا الصرح المنيع لركن ادم وحواء.
هي في العاشرة من عمرها، أغدقت عليها بالحب والدلال ولم أتركها تحتاج يوما شيئا. إلا أنني لاحظت عليها أنها تبدي أمام الناس ضعفا ما بعده ضعف.
كما أنها ليست من النوع الذي يبدي رفضه أمرا ما، ما جعل العديد من زميلاتها تستغلن الفرصة. وتنزعن منها بعض أمورها وتضعنها في مواقف حرجة أمام أساتذتها.
أحس سيدتي أن لإبنتي شخصية إنهزامية، ومتوجسة أنا من أن تبقى على هذا الحال. فلا يكون لديها ما تدافع به عن نفسها ولا يكون لها ما تبدي للآخرين من جسارة حتى لا يؤذوها أو ينالوا منها.
كل هذا وهي إبنتي الوحيدة التي أحاول قدر المستطاع أن اصقل شخصيتها وأحميها، فما العمل سيدتي؟.
أختكم ع.ليلى من منطقة القبائل.
الرد:أختاه، من البديهي أن يكون لديك كل هذا القلق والتوجس على مستقبل فلذة كبدك. فهذه الأخيرة سيكون لها حياة لا يمكنك أن تكوني حاضرة فيها خلال مراحل التمدرس عبر الأطوار الثلاثة.
وأنا أتفهم تخوفك بشأنها فالإنهزاميون في مجتمعنا ومن يتميزون بالخجل. وكثرة الحياء يحيون الهوينة مع من يتميزون بالجرأة الكبيرة والوقاحة والغطرسة.
ليس عليك سوى التقرب من إبنتك التي بدأت للتو فترة المراهقة، ولتكوني أنت صديقتها ومستودع أسرارها.
ولتخبريها على سبيل المثال أنه لا تروق لك بعض تصرفاتها التي ستجعل من صديقاتها تتعاملن معها. وكأنها ملغاة أمامهن أو وكأنها لا تعني في قراراتها شيئا.
لا تجعلي إبنتك تتجرد من حيائها ولا تجبريها على أن تكون إنسانا أخر، لكن في المقابل أخرجيها من هالة الحيرة والتردد اللذان جعلا منها إنسانة غير قادرة على الدفاع عن نفسها.
فلن يكون لها إن هي إنحنت اليوم فرصة لتنهض وتحارب من أراد بها شرا أو سوءا.
كذلك ليس على إبنتك أن يكون لديك دائرة معارف واسعة، ولتكتفي بصديقة أو صديقتين ممن تشبهنها في الأخلاق والتواضع. حتى تتمكن من صقل شخصيتها وشحذها بما ترضينه ويرضي مجتمع لا مكان فيه للضعفاء.
كذلك في الرياضة وممارسة بعض الأنشطة الخارجية عن الدراسة فائدة كبيرة في تنمية القدرات التواصلية مع الناس.
وإن كان بمقدورك تسجيل إبنتك في أحد النوادي الرياضية أو جمعية من جمعيات. تعلم الحرف فلك ذلك على أن لا يأخذ ذلك من وقتها في الدراسة.
صدقيني أختاه، فلغة الحوار السليم الذي قد تصيغينه مع إبنتك هو الذي سيخرجها من نوبة خوف مؤقتة. سرعان ما ستنتهي وتضمحل إن هي وجدت من يساعدها ويجعلها واثقة من نفسها بما فيه الكفاية.
ردت: س.بوزيدي.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
بعد البابا فرنسيس.. من يكون الخليفة رقم 267 للقديس بطرس في الفاتيكان؟
في قلب مدينة الفاتيكان، وتحديدًا داخل جدران كنيسة سيستين، يحتشد كرادلة الكنيسة الكاثوليكية في طقس مغلق يحمل من الرمز والدلالة أكثر مما يحمله من السياسة والإدارة.
فالمجمع البابوي، الذي يُعقد لاختيار البابا الجديد، لا يتمحور فقط حول تحديد شخصية الزعيم الروحي لأكثر من مليار كاثوليكي حول العالم، بل يتعلق جوهريًا بإرث لاهوتي وروحي متجذّر في عمق التاريخ المسيحي.
"مفاتيح ملكوت السماوات"، التي سلّمها يسوع لبطرس كما ورد في إنجيل متى، تعود اليوم إلى الواجهة، لا كمجرد رمز، بل كمعيار لمهمة كونية ترتكز على الإيمان والتفويض والسلطة الأخلاقية.
حسب صحيفة نيويورك تايمز، الخميس 8 مايو 2025، في كل مرة يجتمع فيها الكرادلة، كما هو الحال في هذه الأيام بعد وفاة البابا فرنسيس، فإنهم لا يختارون فقط رئيس دولة الفاتيكان، بل أيضًا الخليفة رقم 267 للقديس بطرس، الذي يُنظر إليه بحسب التقاليد الكنسية كأول قائد للكنيسة.
وشدد الكاردينال تيموثي دولان من نيويورك على أن السؤال الحقيقي في هذه اللحظة ليس فقط عن طبيعة المنصب، بل عن هوية من سيحمل هذا الإرث: "إنه ليس رئيسًا تنفيذيًا أو رئيس مجلس إدارة"، قال، "بل هو خليفة القديس بطرس، وأسقف روما".
خيارات الكرادلة بين التقاليد والتجديدفي لحظة مفصلية من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، ومع انتهاء بابوية وبدء أخرى، تتجه أنظار العالم نحو قلب الفاتيكان، حيث ينعقد المجمع المغلق (الكونكلاف) لاختيار البابا الجديد.
ويتجاوز هذا الحدث كونه مجرد انتقال في القيادة الروحية، بل يحمل في طياته أبعادًا دينية وسياسية وإنسانية في آن واحد، إذ يشكّل منصب البابا سلطة أخلاقية وروحية مؤثرة على الساحة العالمية، ويعكس مواقف الكنيسة تجاه قضايا العدالة والسلام وحقوق الإنسان في عالم متغيّر وسريع الإيقاع.
يبرز الكاردينال الفلبيني لويس أنطونيو تيبل كأحد أبرز الأسماء المطروحة بقوة لتولّي المنصب البابوي، مستندًا إلى سجله الإنساني ونشاطه الفاعل في ميادين العدالة الاجتماعية.
ويمثّل تيبل صوتًا صادقًا للعالم النامي، وقد عُرف بدعواته المتكررة لاحتضان المهمشين والدفاع عن الفقراء، ما جعله محل تقدير داخل أوساط الكنيسة الكاثوليكية وخارجها، خاصةً في القارة الآسيوية التي تشهد تزايدًا في عدد المؤمنين الكاثوليك.
إلى جانبه، يحظى الكاردينال بييترو بارولين، وزير خارجية الفاتيكان، بمكانة مرموقة لما له من خبرة واسعة في إدارة العلاقات الدبلوماسية للكرسي الرسولي، وقد لعب دورًا حاسمًا في عدد من الاتفاقيات والحوارات بين الفاتيكان ودول عدة.
ويُنظر إليه كشخصية توازن بين البعد اللاهوتي والبُعد السياسي، ويُمكن أن يُمثّل استمرارًا للاستراتيجية البابوية الهادئة والدبلوماسية التي طبعت السنوات الماضية.
ومن خارج الدائرة الأوروبية والآسيوية، برز اسم الكاردينال الأمريكي روبرت فرانسيس بريفوست مؤخرًا كأحد الخيارات المحتملة. يتمتع بريفوست بخلفية رعوية وتعليمية قوية، وهو شخصية بارزة في الكنيسة الأمريكية، ويُعرف بانفتاحه الفكري وقدرته على التواصل مع الأجيال الجديدة من المؤمنين.
دخوله إلى قائمة المرشحين بقوة يعكس تحولات جديدة داخل الفاتيكان تجاه تعزيز الحضور العالمي للكنيسة.
سرية تامة وقرار مصيرييتميّز انتخاب البابا بطقوس عريقة ودرجة عالية من السرية. إذ يدخل الكرادلة المؤهلون مجمعهم المغلق في كنيسة سيستين بعيدًا عن الإعلام وأي تأثير خارجي.
وتُراجع خلفيات المرشحين بعناية فائقة، وتُناقش رؤاهم بشأن مستقبل الكنيسة وتوجهاتها الفكرية والروحية. لا يُنتخب البابا إلا إذا حصل على ثلثي الأصوات، وهي نسبة تؤكّد ضرورة التوافق العميق بين الكرادلة.
قد تمتد جلسات التصويت لعدة أيام، يتخللها صلوات وتأملات، ويُشعل دخان أسود من مدخنة الكنيسة للإشارة إلى فشل التصويت، بينما يُشعل الدخان الأبيض عند انتخاب البابا الجديد، في لحظة ينتظرها ملايين الكاثوليك حول العالم بترقبٍ وخشوع.
سياق حساس وتحديات كبرىيأتي هذا الانتخاب في لحظة حرجة للفاتيكان، حيث يواجه تحديات متعددة تتعلق بدور الكنيسة في قضايا حقوق الإنسان، والهجرة، وحماية البيئة، والعدالة الاجتماعية، فضلًا عن ملفات شائكة مثل العلاقة مع الأديان الأخرى.
كما تبرز الحاجة إلى قيادة روحية تمتلك الحكمة والجرأة في معالجة قضايا الشباب وتطورات العالم الرقمي، والتفاعل مع صعود التيارات اليمينية والشعبوية التي تشهدها مناطق عدة في أوروبا وأمريكا اللاتينية. في خضم هذه المتغيرات، تزداد الحاجة إلى بابا قادر على تجسيد القيم الإنجيلية بفعالية ومرونة مع الحفاظ على عمق العقيدة.
صوت للسلام ورمز للأمللا يقتصر تأثير البابا على الكاثوليك البالغ عددهم أكثر من مليار وربع حول العالم، بل يمتد إلى دوائر أوسع باعتباره شخصية رمزية تُمثّل صوتًا عالميًا في الدفاع عن كرامة الإنسان، وتعزيز الحوار بين الثقافات، والدعوة إلى السلام والعدالة.
ومن هنا، تكتسب هوية البابا القادم أهمية بالغة: هل سيكون من العالم النامي مجددًا كما حدث مع البابا فرنسيس الأرجنتيني؟ أم يعود المنصب إلى أحد أبناء القارة الأوروبية ذات التاريخ العريق في الكرسي الرسولي؟
وبين تقاليد الكنيسة العريقة وتحديات الحاضر، يُعقد المجمع البابوي المغلق لاختيار خليفة القديس بطرس رقم 267، في مشهد يُلخّص عمق الروحانية المسيحية واتساع أثرها في العالم المعاصر، وقرار الكرادلة هذه المرة لا يُحدد فقط مَن سيحمل المفاتيح الرمزية لكنيسة المسيح، بل أيضًا من سيحمل آمال العالم في لحظة عطشى للسلام والتجديد والقيادة الروحية النزيهة.