بين بليغ ابو كلل و الشابندر: مطالب أمريكا أم مطالب العراق تضليل الجمهور على حساب المصلحة الوطنية
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
11 يناير، 2025
بغداد/المسلة: كتب بليغ ابو كلل:
نعم أستاذ عزت، لا نريد أن تنشال الفلوس العراقية بالگواني!
لقد أثار تصريح السيد عمار الحكيم في لقائه مع منظمة موجة ردود فعل متباينة كانت أغلبها إيجابية، حيث قال: “إحنا ما نريد نرجع إلى الوقت اللي كانت عملتنا تنشال بالگواني”، مشيرًا إلى التدهور الاقتصادي والحصار في زمن الدكتاتورية.
هذا الطرح يحمل مغالطة واضحة لكل من لديه أدنى فهم للمصلحة الوطنية. ومع ذلك، سأناقش هذه النقطة بنحو مختصر -ما استطعت- عبر الإجابة على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: ما هي المطالب الأمريكية؟
1- منع تهريب الدولار
2- منع تهريب النفط
3- حصر السلاح بيد الدولة
4- القضاء على الفساد
لو سلّمنا بأن هذه هي مطالب أمريكية وليست عراقية، فهل يشك عاقل بأن هذه المطالب تصب بالمصلحة العراقية وأنها لو طُبّقت فإن البلد سيقوى وسيزدهر؟! أترك الإجابة لكل عاقل يحتكم قراره إلى المصلحة العراقية حصرًا…
السؤال الثاني: هل أن هذه المطالب الأربعة هي مطالب المرجعية العليا قبل أمريكا أم لا؟
والجواب واضح من بيانات المرجعية العليا بأن هذه الأمور هي من أسس ما دعت إليه في كل مسيرتها وخطبها، وأي منصف ومتتبع لمنهجها يعلم علم اليقين بأنها هي السبّاقة قبل أي أحد للمناداة بهذه المطالب وغيرها من الإصلاحات، وأن الولايات المتحدة لم تطلب هذه الأمور إلا بعد سنوات طوال قد سبقتها إليها المرجعية العليا. ومن هذا المنطلق، فإن المطالب التي يُعتقد بأنها تأتي من الخارج، ليست إلا صدى لنداءات المرجعية التي وضعت مصالح العراق فوق كل اعتبار.
السؤال الثالث: هل هذه المطالب هي مطالب عراقية وشعبية أم لا؟
وبلا شك فإن الشعب العراقي يطالب بشكل واضح بكل هذه الأمور وزيادة، فهل أن الشعب العراقي بمطالبته هذه تحول إلى مطيع لأمريكا؟! بل إن هذا يبرز أن تلك المطالب تعكس حاجات حقيقية داخلية يشعر بها كل عراقي حريص على بلده.
السؤال الرابع:
لو طلبت أمريكا التطبيع مع الكيان الصهيوني، فهل سنستجيب لها؟
والجواب واضح كذلك، بأن كل قوى الإطار التنسيقي بلا استثناء (والحكمة بشكل خاص) بالضد من هذا الطلب لو حصل، ولن نتراجع عنه مهما حصل، فهذا أمر تسقط دونه كل المصالح الأخرى، وهو أمر غير قابل للمساومة، والأستاذ الشابندر يعلم ذلك علم اليقين.
أخيرًا، ليس معنى أن تتشابه المصالح العراقية مع المصالح الأمريكية بأن العراق تبع لأمريكا، فالمصلحة العراقية مقدمة دائمًا على كل مصلحة ولو تطابقت مع غيرها من البلدان دوليًا أو إقليميًا. ولتعزيز هذا الطرح، فإن المطالب المذكورة أعلاه ليست إلا ترجمة عملية لرؤية وطنية عراقية صادقة، تنبع من احتياجات البلد نفسه، ولا ترتبط بأجندات خارجية. وهذا ينسجم مع التوجهات التي تبنتها المرجعية العليا منذ سنوات طويلة، وهو ما يجعل الربط بين هذه المطالب وأجندات خارجية أمرًا مجافيًا للحقيقة.
ومن الأمثلة على ذلك، نرى دولًا مثل الهند وتركيا، التي تسعى لتحقيق مصالح مشتركة مع دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، دون أن تفقد سيادتها أو استقلاليتها. على سبيل المثال، تقوم الهند بشراء الأسلحة والتكنولوجيا من واشنطن، بينما ترفض الانضمام إلى تحالفات عسكرية تُقيد سيادتها. وتركيا، على الرغم من كونها عضوًا في حلف الناتو، تتخذ مواقف مستقلة في سياستها الإقليمية والدولية. هذا التشابه في المصالح لا يعني التبعية، بل هو انعكاس لقراءة دقيقة للاحتياجات الوطنية وتوظيفها بما يحقق الأهداف العليا للبلد.
وبعد كل هذا، فليس من الإنصاف أن يصوغ الأستاذ عزت الشابندر هذا التصريح بهذه الطريقة المغلوطة والمغلفة بالكرامة وهي أبعد ما تكون عن ذلك، وليس غرضها إلا الطعن بالسيد عمار الحكيم الذي يرفض تمامًا أن نعود إلى زمن الحصار وتدمير البلد وحرق الأخضر بسعر اليابس، وربما الأستاذ عزت الشابندر لم يكن يعرف بالضبط ما كان يمر به العراقيون في حينها فقد كان جارًا للسيد أحمد الشرع في المزة كما ذكر في مقابلته!
وبنفس منطق الأستاذ عزت، هل يمكن أن أقول عن زيارته السرية إلى سورية (وأنا لا أجده مؤهلًا لها من وجهة نظري) ولقائه بالسيد أحمد الشرع لساعات والحديث الودي الذي دار بينهما، بأنه كان تابعًا لسورية ووضع يده في يد الرجل الذي لديه تاريخ معروف في العراق وتدعمه الولايات المتحدة وتركيا والدولة العربية وخاصة الخليجية منها وأنه خدم هذه الدول بذهابه إلى هناك؟! وبأنه أصبح بالضد من الجمهورية الإسلامية وحزب الله ومحور المقاومة؟! لن أقول ذلك ولن أكون مثله طاعنًا، وأنا مع كل جهد يجنّب العراق المشاكل، وأشد على أيدي الخيرين الذين يقدمون مصالح العراق قبل أي مصلحة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: المرجعیة العلیا هذه المطالب أن هذه
إقرأ أيضاً:
تصاعد المطالب الغربية لوقف الكارثة الإنسانية في غزة
انفراجة إنسانية في غزة.. بداية تحول سياسي أم هدنة لالتقاط الأنفاس؟في مشهد خالف وتيرة الموت اليومية في غزة، تدفقت قوافل المساعدات الإنسانية برًا وجوًا نحو القطاع، فاتحة نافذة أمل لسكان أنهكهم الحصار والقصف.
اقرأ ايضاًلكن هذه الانفراجة، رغم طابعها الإنساني، لم تسلم من التساؤلات حول دلالاتها الحقيقية: هل هي بداية لتسوية سياسية أم مجرد هدنة تكتيكية فرضها ضغط دولي متصاعد؟
مساعدات تحت ضغطجاء السماح بدخول المساعدات بعد إعلان إسرائيل "تعليقًا مؤقتًا" للعمليات العسكرية في ثلاث مناطق، ما أتاح عبور الشاحنات من معبر رفح، إلى جانب عمليات إنزال جوي نفذتها دول كالإمارات والأردن.
هذه الخطوة..
رغم أهميتها، فسّرها مراقبون بأنها استجابة اضطرارية للضغوط الدولية، خاصة بعد مشاهد الأطفال الذين يموتون جوعًا، لا نتيجة لتحول في استراتيجية تل أبيب.
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لام دعا إلى تسريع وتوسيع المساعدات، واعتبر ما حدث غير كافٍ.
أما المستشار الألماني فريدريتش ميرتس، فقد وجّه نداءً مباشراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنقاذ المدنيين في غزة، معتبرًا أن الوضع خرج عن السيطرة أخلاقيًا.
شكوك وتحذيرات من "استراحة ما قبل التصعيد"من القاهرة، رأى الدكتور عمرو الشوبكي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن الخطوة الإسرائيلية ليست سوى "استراحة محارب"، مشددًا على أن إسرائيل اعتادت استخدام الهدن لأهداف سياسية مؤقتة.
وأشار إلى أن التجويع كان نقطة تحوّل في المواقف الغربية، حيث بات الحصار الإنساني عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا يهدد تحالفات إسرائيل التقليدية.
غزة في عين العاصفةحمّل الباحث الفلسطيني عزام شعث، إسرائيل مسؤولية ما وصفه بـ"سياسة التجويع الممنهجة"، داعيًا إلى فتح دائم للمعابر وتدفق مستمر للمساعدات.
اذ شدّد على أن "500 شاحنة يوميًا لم تعد كافية"، في ظل الانهيار الكامل للبنية التحتية، وتفاقم الأزمات البيئية والصحية، التي جعلت من عام 2025 – كما حذّرت تقارير أممية سابقة – لحظة مفصلية في قابلية غزة للحياة.
المساعدات ليست نهاية الطريقاتفق الشوبكي وشعث على أن إدخال المساعدات لا يمكن فصله عن القضايا الكبرى: الاحتلال، الحصار، الانقسام الفلسطيني، وغياب أفق سياسي.
وأكد الشوبكي أن الانفراجة يجب أن تتحول إلى مدخل لتسوية شاملة تُنهي الحصار وتعيد طرح مشروع الدولة الفلسطينية.
أما شعث، فربط "اليوم التالي للحرب" بإعادة إعمار شاملة تتضمن ضمانات دولية حقيقية، تعيد الأمل لحياة كريمة في القطاع.
رهانات دولية وصمت أمريكي يثير القلقفي ظل حديث عن اعتراف فرنسي مرتقب بالدولة الفلسطينية، رأى الشوبكي أن هذا التحرك، وإن كان رمزيًا، يظل محدود الأثر دون دعم أمريكي واضح.
وأشار إلى أن الضغط الحقيقي لا يزال بيد واشنطن، بينما بقية الأطراف – من أوروبا إلى الصين – لا تملك التأثير الكافي على القرار الإسرائيلي بمفردها.
ماذا بعد الانفراجة؟في النهاية..
اقرأ ايضاًيظل سؤال اللحظة: هل هذه الانفراجة هي مقدمة لتحول سياسي فعلي؟ أم مجرد هدنة إنسانية مؤقتة تخفي جولة جديدة من التصعيد؟
فمع كل شاحنة تعبر، وكل لقطة لأطفال يتلقون الطعام بعد شهور من الجوع، يبقى سكان غزة في انتظار ما إذا كانت هذه الإغاثة بداية الخلاص... أم مجرد فاصل في مأساة مفتوحة.
View this post on InstagramA post shared by Albawaba (@albawabaar)
كلمات دالة:اسرائيلغزةفلسطينالجيش الاسرائيليالاحتلال الاسرائيليحركة المقاومة الاسلامية - حماسهدنةتجويع© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن