لجريدة عمان:
2025-12-03@23:17:46 GMT

الرياضة والسياسة

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

تابعنا خلال الأيام الماضية الدورة الرياضية في بطولة كأس الخليج وهي الدورة السادسة والعشرين، والتي أقيمت على أرض الكويت وقد نجحت هذه الدورة، وخصوصا حينما تابعها جمهور كبير من العرب، وربما من المهتمين بالكرة في كل بلاد العالم، وقد لاحظنا نجاح الكويت في تنظيم هذه الدورة من حيث الإعداد والتجهيز واستقبال هذه الجموع الغفيرة من كل دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أسعدني كثيرا مشاركة اليمن والعراق، فقد أضفت مشاركتهما على هذه الدورة روحا تنافسية عالية، فضلا عن أن مشاركة العراق تقدم رسالة إيجابية عن عودة العراق إلى حضن أمته العربية، أما اليمن فقد فاجأنا سواء من حيث مهارات لاعبيه فنيا أو من حيث الروح المعنوية التي تحلى بها الفريق اليمني، بعد أن كنا نتصور أن اليمن قد غرق في مستنقع الحروب، وأن الثقافة والرياضة قد تراجعا ولا أمل في عودتهما إلا بعد عقود، إلا أن الفريق اليمني قد فاجأ كل المتابعين، حينما وجدنا فريقا يحظى بروح معنوية عالية ومهارات فنية لا تمتلكها إلا الفرق التي تعيش في ظل ظروف مستقرة ماليا واجتماعيا وثقافيا.

تعد كرة القدم في طليعة الألعاب الرياضية التي تحظى بجماهيرية واسعة، بل هي الرياضة الأولى التي تحظى بهذه الجماهيرية، بعد أن راحت كل دول العالم تدعم هذه الرياضة الجميلة التي سيطرت على مشاعر الجماهير وملكت عليهم أحاسيسهم وطاقاتهم، وخصوصا بعد أن أصبحت هذه الرياضة اقتصادا كبيرا تتنافس عليه كل الأندية الرياضية في العالم، وصارت أسعار اللاعبين تفوق كثيرا أسعار العلماء والمفكرين، وهو ما أتاح لكثير من الدول والأندية أن تدفع مبالغ طائلة ثمّنا للاعب واحد، من أي نادٍ من أندية العالم بما فيها الدول الإفريقية والآسيوية، وزاد ذلك من طموحات الشباب الذي يسعى للحاق بركب هذه الرياضة، التي تبوأ لاعبوها شهرة واسعة لم يحظ بها أي شخص، حتى ولو كان عالما فذا، لدرجة أنك لو سألت شابا عن اسم مخترع أو مكتشف نظرية علمية حتى ممن حصلوا على جائزة نوبل ربما لا تجد من يعرف أيا من هذه الأسماء، بينما لو سألتهم عن اسم لاعب في الدوري الإنجليزي أو الأوروبي سوف يذكر لك عشرات الأسماء.

لقد انخرط كثير من شباب العالم في هذه الرياضة بعد أن تبين لهم أن هذا النشاط يتيح لمن يملك القدرة والمهارة على أن يكون واحدا من الأسماء المشهورة، وهو ما يحقق له مكانة اجتماعية ومالية كبيرة، ولذلك تسابق آلاف وربما الملايين من شباب العالم إلى الانخراط في هذه الرياضة التي ملكت مشاعر الجماهير.

اتسعت دائرة العناية بكرة القدم التي استهوت قلوب الشباب، بما يعكس العناية بالصحة وابتعاد الشباب والمراهقين عن السلوكيات الهدامة، وخصوصا المخدرات بكل أنواعها، لذا عُنيت دول العالم بهذه الرياضة الساحرة، في المدارس والجامعات والأندية والساحات، وقد قدم شهرة بعض الرياضيين منهم رسالة إيجابية تعد نموذجا لكل من يعتني بصحته ويمارس هوايته بكل جد ومهارة، يستوي في ذلك أبناء الدول الغنية والفقيرة على قدم وساق، ويعد اللاعب العربي محمد صلاح نموذجا لملايين الشباب، بعد أن كان يعيش في إحدى قرى مصر شابا مغمورا لم يحظ بالقدر المناسب من التعليم، لكن شغفه بكرة القدم وعنايته بصحته ومهارته وضعه في مكانة أصبح بعدها واحدا من بين أشهر الشخصيات في العالم، وتعد قصة نجاحه بمثابة درس للشباب الطامح في التقدم بصرف النظر عن مكانته الاجتماعية.

تابع الكثيرون الدورة الرياضية لكأس الخليج في كرة القدم وما صاحبها من ضجة إعلامية هائلة على المستويين الشعبي والرسمي، إلا أن ما صاحب هذه الدورة من تداعيات إيجابية وبعضها سلبية قد فاق كل التوقعات، فقد راح بعض المتابعين لفرق بلدهم ينزلقون إلى مهاترات خرجت من دائرة التشجيع الكروي إلى دائرة الإساءة والتلاسن للفريق الآخر، وحتى إلى البلد الذي يمثله، وهي تجاوزات قام بها قطاع من الجمهور وشاركهم فيه بعض الرياضيين والمسؤولين عن الرياضة، وتحولت عملية التلاسن إلى مشاحنات سياسية واجتماعية، وقد شاركت بعض القنوات التلفزيونية في هذه الإساءات حينما أتاحت لهؤلاء أن يلقوا بشتائمهم على مسامع الجماهير، وهكذا خرجت الرياضة عن وظيفتها الاجتماعية والإنسانية، لكي تصبح أداة للفرقة والتباعد بين الشعوب بدلا من أن تكون وسيلة للتواصل وشيوع ثقافة المحبة، وهي أمور سلبية لم نكن نأمل أن تحدث في الدورة الخليجية.

لفت نظري في هذه الدورة المستوى الفني والمهاري لفريقين أولهما الفريق العماني، الذي وصل إلى الدور النهائي وقد حظي باحترام وتقدير كل المتابعين بمهاراته الرياضية وسلوكيات لاعبيه وممارسته الرياضية كرياضة وليس مشاحنات وتلاسن، فضلا عن اعتماد الفريق على لاعبين جميعهم من الشباب العماني، والمدرب وكل الطاقم الفني المساعد جميعهم من العمانيين، وهي رسالة مهمة جدا لكل من يراهنون على إمكانياتهم المادية، أما الفريق الآخر فهو الفريق اليمني الذي فاجأنا بمستواه الفني والمهاري، رغم أن اليمن يعيش في ظروف استثنائية من الحروب والمشاكل الداخلية والصراعات الإقليمية والعالمية، لكن كان الفريق اليمني مفاجأة لكل المتابعين، لذا وجب توجيه التحية له ولكل القائمين على الرياضة في اليمن.

أعتقد أن ما يصاحب هذه المباريات التنافسية يحدث في كثير من دول العالم، والمتابع للدوري الإنجليزي أو الأوروبي يلحظ الكثير من التجاوزات من الجمهور والمتابعين، ولعل من المناسب أن أستعيد تجربة المباراة بين مصر والجزائر عام ٢٠٠٩، في الدورة الأفريقية المؤهلة لكأس العالم ٢٠١٠، حينما زار الرئيس المصري محمد حسني مبارك الفريق المصري في معسكر تدريبه قبيل المباراة وحثهم على ضرورة الفوز وإحراز النصر، وتمنيت وقتئذ لو أن الرئيس المصري خاطب الفريق طالبا منه أن يؤدي ما عليه وأن يحترم الفريق الآخر بحكم أنه فريق عربي شقيق، وأن الرياضة لا تعدو أن تكون وسيلة لتعميق روح المحبة مع الأشقاء، ولو حدث ذلك لتجنبنا المثير من المهاترات والضغائن التي حدثت بين البلدين الشقيقين، إلا أن ما حدث في هذه المباراة كان كارثيا، فقد امتدت الأزمة إلى العلاقات الكاملة بين البلدين، والتي أحدثت أزمة دبلوماسية وتصاعدت الخلافات إلى حد غير معقول، بعد أن انساق جمهور كرة القدم وراء الأحداث، وراح كل فريق يكيل الشتائم والاتهامات ليس للفريق الآخر فقط وإنما إلى البلد الآخر، وكانت أزمة دبلوماسية أخذت وقتا وجهدا من البلدين لتجاوز تداعياتها.

الرياضة وُجدت للتقريب بين الشعوب وليس إثارة الضغائن، الرياضة الحقيقية حينما تخدم السياسة وتتجاوزها إلى عالم من المحبة والمتعة والمشاهدة، وتشجيع الفريق الأكثر مهارة، بصرف النظر عن جنسه أو لغته أو دينه.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفریق الیمنی هذه الریاضة هذه الدورة بعد أن فی هذه

إقرأ أيضاً:

مدرب إيفرتون: الفريق مطالب أمام بورنموث غدا بتحسين سجله خارج الديار

أكد المدير الفني لإيفرتون ديفيد مويس أن فريقه بحاجة إلى تغيير الصورة التاريخية له أمام بورنموث، وذلك قبل المواجهة المرتقبة بين الفريقين مساء غد في الدوري الإنجليزي الممتاز على ملعب فيتاليتي.

وقال مويس في تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالمباراة اليوم "إن إيفرتون لا يملك سجلاً جيدًا أمام بورنموث، وهذا ما نحتاج إلى تغييره هناك. سبق أن تحدثنا عن ملاعب أخرى ونجحنا، وسنحاول أن نكرر الأمر. الملعب صغير، لكن بورنموث ومدربه يقومون بعمل استثنائي بما لديهم".

وتحدث المدرب عن الخسارة أمام نيوكاسل، مشيرًا إلى أن الفريق واجه صعوبات بدنية بسبب الإصابات: "حققنا نتيجة رائعة يوم الاثنين أمام مانشستر يونايتد، لكن السبت لم يكن جيدًا. بعض اللاعبين خاضوا المباراة وهم يعانون من إصابات طفيفة. في لحظات امتلكنا الكرة بشكل ممتاز، لكننا افتقدنا القوة البدنية في الكرات الثابتة، ومنها جاءت ثلاثة أهداف".

وأوضح مويس أن الفريق سيفتقد لعدة لاعبين في مواجهة بورنموث، بينهم ميرلين رول وشيموس كولمان وجارود برانثويت، مؤكداً: "لا أحد من المصابين لفترات طويلة سيكون متاحًا. نفتقد لاعب وسط إضافيًا، وغياب كولمان يؤثر على خيارات الظهير الأيمن. كما أن الإصابات في قلب الدفاع حدّت من خياراتنا، لكننا سنتخطى هذه الفترة".

وعلّق المدرب أيضًا على النجم الجديد تيرنو باري الذي لم يسجل بعد: "نمنحه الفرصة لإظهار قدراته، والجماهير دعمتـه كثيرًا وهذا يمنحه ثقة كبيرة. لكن كمهاجم، عليه أن يستغل أي فرصة للتسجيل. نحن راضون عن أدائه، وهو يتأقلم تدريجيًا مع أجواء الدوري الإنجليزي".

واختتم مويس حديثه بتفاؤل رغم ضغط المباريات والإصابات: "نحن بخير. هذه فترة مزدحمة بالمباريات والإيقافات، لكننا لا نبحث عن أعذار".

مقالات مشابهة

  • تتويج فريق تويوتا جازو للسباقات بلقب بطولة العالم وأوجييه يحصد لقبه العالمي التاسع مع الفريق
  • جائزة أبوظبي.. «رحلة العُمر» التي يُلاحقها «عُشّاق الفورمولا-1»
  • الحياري: الثقافة والسياسة رافعتان وطنيتان متلازمتان للتحديث السياسي
  • "آخر واحد" لكريم الرحباني يواصل رحلته حول العالم
  • تريزيجيه يشيد بدور قطر في تعزيز مكانة الرياضة العربية عالميًا قبيل انطلاق كأس العرب
  • من هوليوود إلى العالم العربي.. الجلد الأسود يتربّع على عرش صيحات الموضة
  • مدرب إيفرتون: الفريق مطالب أمام بورنموث غدا بتحسين سجله خارج الديار
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز.. ما هي المصاعب التي تواجه المرضى في العالم العربي؟
  • بث مباشر.. الرئيس السيسي يفتتح الدورة الرابعة من معرض إيديكس 2025
  • انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من المعرض الدولي للصناعات الدفاعية إيديكس 2025