معنى ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" عن قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ [النساء: 83]، ما معناه؟ ومَن هم المقصودون في الآية الكريمة؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: ان الله تعالى قال فى كتابه الكريم: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 83].
في هذه الآية الكريمة يُشير القرآن الكريم إلى أنَّ نشرَ الشائعات وإذاعة الأخبار الكاذبة من شأنِ المنافقين أو ضعاف النفوس؛ قال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل" (1/ 378، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف﴾ هم ناسٌ من ضعفة المسلمين الذين لم يكن فيهم خبرةٌ بالأحوال، أو المنافقون؛ كانوا إذا بلغهم خبر من سرايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمنٍ وسلامةٍ أو خوفٍ وخللٍ ﴿أَذَاعُواْ بِهِ﴾ أفشوه، وكانت إذاعتهم مفسدة، يقال: أذاع السرّ وأذاع به، والضمير يعود إلى الأمر أو إلى الأمن أو الخوف؛ لأنَّ ﴿أو﴾ تقتضي أحدهما، ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ﴾ أي: ذلك الخبر ﴿إِلَى الرسول﴾ أي: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ﴾ يعني: كبراء الصحابة البصراء بالأنور أو الذين كانوا يؤمّرون منهم ﴿لَعَلِمَهُ﴾ لَعَلِمَ تدبير ما أخبروا به ﴿الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها] اهـ.
فأمرنا الله عز وجل بِرَدِّ الأمور؛ سواء من الأمن أو الخوف إلى أولي الأمر والعِلم أولًا قبل إذاعتها والتكلم فيها، حتى يكون الكلام فيها وإذاعتها عن بينةٍ وتَثَبُّتٍ وتَحَقُّقٍ مِن شأنها، ونبَّهنا تعالى إلى أنه متى لم تَرِد الأمور قبل إذاعتها إلى الرسول وإلى أولي الأمر والعلم فإنَّ ذلك يكون اتباعًا للشيطان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء المنافقين ضعاف النفوس المزيد
إقرأ أيضاً:
السيرة النبوية والتأسيس الأخلاقي.. قراءة فلسفية جديدة في شخصية الرسول
يقدم الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن في كتابه "السيرة النبوية والتأسيس الأخلاقي"، قراءة متعمقة للسيرة النبوية من منظور فلسفي وأخلاقي، جامعًا بين دراسة حياة النبي محمد ﷺ وأثرها في بناء منظومة قيمية وأخلاقية راسخة.
يركز طه عبد الرحمن في هذا العمل على كيفية استمداد القيم الأخلاقية من حياة النبي وسيرته، ليس فقط كنموذج تاريخي، بل كمنبع أخلاقي حيوي قادر على تأسيس قواعد سلوكية للأفراد والمجتمعات في حاضرنا. يرى المؤلف أن السيرة ليست مجرد سرد أحداث أو وقائع تاريخية، بل هي نسيج أخلاقي متكامل يعكس أبعادًا فلسفية عميقة.
يعتمد عبد الرحمن على مقاربة فلسفية عقلانية تحاول الكشف عن المنطق الأخلاقي الكامن في الأفعال والسلوكيات النبوية، وكيف يمكن لهذه الأخلاق أن تتحول إلى قواعد مؤطرة للتصرفات الإنسانية في شتى المجالات. يربط بين التصرفات النبوية وبين بناء شخصية متزنة ومتكاملة أخلاقيًا.
يشدد الكاتب على أن السيرة النبوية تقدم نظامًا أخلاقيًا متكاملاً، يقوم على الفضائل الإنسانية مثل الصدق، العدل، الرحمة، التسامح، والشجاعة، والتي تتجلى عمليًا في مواقف النبي ﷺ مع نفسه ومع مجتمعه. ومن خلال هذه القيم، يعرض الكتاب نموذجًا عمليًا للأخلاق التطبيقية التي يمكن أن تشكل أساسًا للتربية الفردية والاجتماعية.
يتناول الكتاب أيضًا كيف تم تأسيس هذه القيم الأخلاقية في بيئة متغيرة وصعبة، وكيف استطاع النبي أن يكون قدوة عملية تلامس الواقع، مما يجعل الأخلاق النبوية ليست مثالية أو نظرية فقط، بل قابلة للتطبيق والاحتذاء في الظروف المعاصرة.
يسلط طه عبد الرحمن الضوء على دور السيرة في التربية وبناء المجتمعات، حيث يرى أن الأخلاق النبوية ليست مجرّد قواعد فردية بل منظومة اجتماعية تساهم في بناء مجتمع متماسك ومتوازن، مبني على المودة والرحمة والعدل.
يتميز الكتاب بأسلوبه الفلسفي العميق، مدعومًا بتحليل دقيق للنصوص والسير، مع طرح تساؤلات نقدية تهدف إلى تجديد فهمنا للسيرة وتوظيفها في مواجهة تحديات العصر الحديث.
كتاب "السيرة النبوية والتأسيس الأخلاقي" هو عمل فكري رائد يفتح آفاقًا جديدة لفهم شخصية النبي محمد ﷺ من زاوية فلسفية وأخلاقية، ويُبرز كيف يمكن للسيرة أن تكون مصدرًا حيًا وفعالًا لبناء منظومة أخلاقية متينة تسهم في تربية الأفراد وتشكيل المجتمعات. هو قراءة ضرورية لكل من يهتم بالفكر الإسلامي المعاصر، فلسفة الأخلاق، والتربية القيمية.