عبد الله علي إبراهيم
(تطرقت هنا قبل أسابيع في مقال عنوانه "الليبراليون: ماذا نفعل بهذا الإسلام؟" إلى حالة الإفحام التي تكتنف هذه الجماعة حيال هوية الدولة من جهة إسلامها. ولتفادي مواجهة المسألة وتبعاتها ارتكبوا في حيرتهم خطيئة أخذ حق التكفير بيدهم ومنعوا كل آخر عنه. فأخرجوا الكيزان من الملة في حين أحجموا هم عن دخولها.
ربما حمل بعضهم سؤالي إن كان السيد صديق يوسف من قال ما تواتر نشره عن نيتهم، ضمن أشياء أخرى، تطبيق الشريعة على الإنقاذيين محمل ما بيني وبين الشيوعيين من خصومة. غير إن لي ذاكرة أخرى عن نهج معارضي الإسلاميين في تطبيق الشريعة. سنأتي إليها. وهي ذاكرة لشيخ مثلي يسوئه أن يخوض بعض هؤلاء المعارضين في شأن الشريعة بإهمال. وهي ذاكرة من رأى الثورة التي أشرقت في روحه في أكتوبر 1964 تهدها معاول من خرجوا عليها باسم تحكيم الشريعة. ورأى الحزب الشيوعي الذي أعطاه جهده الخالص يُحل في 1965 باسم تحكيم الشريعة. فركب الحزب اليأس من الديمقراطية، واكتنفته انقلابات طوت صفحته. وكان، يا للحسرة، الحزب الوحيد الذي خرج لنصرة المستضعفين علناً كما لم يفعل حزب من قبله ولا من بعده. كان عنواناً للنبل سعياً وموئلاً للوسامة نساء ورجالا.
ولا يصح بعد هذا الخسران المبين لقضية التقدم والحداثة أن نرتجل الحديث عن الشريعة ارتجالاً، أو مواتاة، بطريقة قدر ظروفك. ومن ذلك أن موقف معارضي الدولة الدينية لم يتسم بالصمامة والاتساق. فلم يستقر رأيهم على رأي صديق من إقامة الحد على سارق المال العام بقطع الأيادي السافلة. إذ لم يكن هذا رأيهم خلال محاكم العدالة الناجزة على آخر عهد نميري (1983-1985). فاشتهرت آنذاك محاكمة صراف مدرسة ثانوية حكمت عليه محكمة من تلك المحاكم بقطع اليد حداً متهما باختلاس مبلغ من المال من خزينة المدرسة. وقامت قيامة المعارضة على الحكم والمحكمة، واستنكرته بحجة أنه لا عقوبة حدية على سارق المال العام لشبهة أنه طرف في تملكه. وعاد الدكتور عمر القراي منذ أيام إلى تلك الواقعة في معرض "نبيشته" للإسلاميين تاريخياً. فذكر من ضمن خراقتهم وجهلهم بالإسلام قيام محاكم العدالة الناجزة في 1984 بالحكم بقطع يد محاسب مدرسة مداناً بالاختلاس من مال في ذمته. وقال القراي إن المحكمة جرؤت على حده "مع أن الشريعة لا تقطع في الاختلاس من المال العام، لشبه مشاركة المختلس فيه".
لم أقبل بدفع المعارضين عن المحاسب من جهة استباحة المال العام دون المال الخاص. وبالطبع لم يكن مصير المحاسب شاغلي فيما انصرفت إلى الجدال فيه. وكتبت في وقتها أقول إن موقف المعارضين هو من باب مواتاة ساس يسوس للتنكيد على نظام يعارضونه. وعليه فهو قاصر دون تنمية شفافية في الثقافة والتشريع تصون المال العام من امتداد الأيدي. ومن ذلك الا نقبل بمبدأ استباحته هكذا للسارق بشرعة أنه جزء من ملاكه بينما الأقرب للرشد أن نغلظ له العقوبة لأن شراكته فيه موجبة للتعفف لا للتبذل. وقلت للشيوعيين بالذات إن عقوبة مختلس المال العام في الاتحاد السوفيتي كانت الشنق من خلاف.
هذه هي الذاكرة التي كانت من وراء سؤالي إن صح المنسوب لصديق عن إيقاع الحد بالإنقاذيين سراق المال العام. فاستغربت كيف صح عنده وخصوم الدولة الدينية، وفي وقت معاً، القول بأن لا حد في المال العام مرة وتطبيق الحد في مرة أخرى؟ ورأيت في هذا تشوشاً حول شأن دقيق في الدين والقانون والسياسة غير خليق بفكر محاصر واقف على أمشاطه الحداثية لنصف قرن وأكثر. وخصمنا فسل يا ناس ووجهه ناشف لا يتورع ما يزال عن وصمنا بعداء الإسلام الذي لم يحسن مثله في تهوينه ولا أجاد تبخيسه. إن أمرنا مع قضية الحرية والتغيير لعظيم ولا سانحة فيه للغفلة أو الارتجال.
ibrahima@missouri.edu
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المال العام
إقرأ أيضاً:
الحد الأقصى للسحب ورسوم ماكينات ATM وتطبيق إنستاباي
يبحث عدد كبير من المواطنين عن الحد الأقصى للسحب اليومي ورسوم المعاملات البنكية، خاصة مع تزايد الاعتماد على ماكينات الصراف الآلي وتطبيقات التحويل الإلكتروني مثل “إنستاباي”.
في خطوة تهدف إلى تسهيل التعاملات البنكية وتقليل الضغط على الفروع، قرر البنك المركزي المصري رفع الحد الأقصى للسحب النقدي اليومي من ماكينات الصراف الآلي ATM إلى 30 ألف جنيه بدلا من 20 ألفا.
ويتيح هذا التعديل للعملاء مرونة أكبر في الحصول على أموالهم، خاصة في فترات الإجازات والمناسبات، ودون الحاجة إلى زيارة الفروع البنكية.
حدد البنك المركزي رسوم السحب النقدي من ماكينات بنوك أخرى بقيمة 5 جنيهات للعملية الواحدة، بينما تبقى السحوبات مجانية من ماكينات البنك المصدر للبطاقة.
أما رسوم الاستعلام عن الرصيد فتختلف من بنك لآخر، وفيما يلي أبرز الأمثلة:
مصرف أبوظبي الإسلامي: 3 جنيهات
بنك الاستثمار العربي: جنيهين
بنك كريدي أجريكول: جنيهين
بنك أبوظبي الأول: 3 جنيهات
بنك الكويت الوطني: 4 جنيهات
حدود استخدام تطبيق Instapay
شهد تطبيق “إنستاباي” توسعا كبيرا في مصر كأداة مالية رقمية تتيح التحويل والسحب الفوري بين الحسابات البنكية.
ووفقا للضوابط الحالية، فإن الحد الأقصى للسحب في المعاملة الواحدة عبر التطبيق يبلغ 70 ألف جنيه، بينما يصل الحد اليومي إلى 120 ألف جنيه.
رسوم التحويل عبر تطبيق إنستاباي
أعلنت شبكة المدفوعات الوطنية عن تطبيق رسوم جديدة على التحويلات المالية عبر إنستاباي بنسبة 0.1% من قيمة المعاملة، بحد أدنى 50 قرشا وحد أقصى 20 جنيها.
ويحصل كل عميل على 10 عمليات استعلام أو كشف حساب مختصر مجانا شهريا، فيما يتم فرض رسوم قدرها 50 قرشا لكل استعلام إضافي.
أمثلة على رسوم التحويل:
تحويل 500 جنيه: 0.50 جنيه
تحويل 1000 جنيه: 1 جنيه
تحويل 5000 جنيه: 5 جنيهات
تحويل من 20 ألفا إلى 70 ألف جنيه: 20 جنيها (الحد الأقصى)
دعم الشمول المالي والتحول الرقمي
تأتي هذه القرارات في إطار خطة شاملة يتبناها البنك المركزي المصري لدعم التحول الرقمي والشمول المالي، من خلال تسهيل استخدام الخدمات البنكية الإلكترونية، وتقليل الاعتماد على النقد الورقي خارج النظام المصرفي، بما يتماشى مع أهداف الدولة في التحول نحو اقتصاد غير نقدي.