مليار دولار شهرياً.. خسائر كارثية في أمريكا مع حظر «تيك توك»
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
كشفت شركة “تيك توك”، عن “الخسائر الكبيرة التي ستتعرض لها الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة، التي تعتمد على التطبيق”.
وقالت الشركة إن “الشركات الصغيرة، ستتكبد خسائر تقدر بمليار دولار، في الشهر الأول من الحظر، فقط، وقدرت الشركة أيضا أن صناع المحتوى سيخسرون ما يقرب من 300 مليون دولار من الأرباح”.
وبحسب “تيك توك”، “أما الشركة الصينية، فستخسر الكثير هي أيضا، وتحديدا ثلث مستخدميها العالميين، مما يؤدي إلى خسارة 29 بالمئة من إيراداتها الإعلانية”.
“إستونيا” تدعو إلى النظر في حظر “تيك توك” في أوروبا
في أعقاب حظر الولايات المتحدة منصة “تيك توك” على أراضيها، دعا وزير خارجية إستونيا مارغوس تساخكنا، إلى النظر في حظرالمنصة في أوروبا أيضا.
وكتب تساخكنا على منصة “إكس”: “على مدى السنوات الماضية، شهدنا كيف قامت “تيك توك” بنشر المعلومات المضللة وتستخدم كمنصة للتلاعب بالانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، فإن جمعها الهائل للبيانات يشكل تهديدا خطيرا للأمن ويجب النظر في حظر “تيك توك” في أوروبا أيضا”.
وكان “أفاد الآلاف من مستخدمي موقع “تيك توك” الأمريكيين، بتوقف عمل المنصة في الولايات المتحدة، واختفاء تطبيقها من متجر التطبيقات “App Store”.
وجاء في الإشعار الذي تلقاه مستخدمو المنصة: “تم اعتماد قانون حظر استخدام منصة “تيك توك” في الولايات المتحدة، للأسف هذا يعني أنه لا يمكنك استخدام المنصة في الوقت الحالي، نحن محظوظون لأن الرئيس “دونالد ترامب” أوضح أنه سيعمل معنا لإيجاد حل لاستعادة عمل “تيك توك” بمجرد توليه منصبه”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الصين وأمريكا الولایات المتحدة تیک توک
إقرأ أيضاً:
التعددية القطبية الحضارية في عالم ما بعد أمريكا
في عام 2016، سئل وزير دفاع سنغافورة آنذاك (نج إنج هين) في البرلمان عن الكيفية التي سوف تأتي عليها استجابة سنغافورة إذا ما انسحبت الولايات المتحدة من التزاماتها الأمنية في آسيا. وفي ذلك الوقت كان السؤال افتراضيا.
واليوم، مع تولي دونالد ترامب ولايته الثانية، وتنحِّي (نج إنج هين) بعد أربعة عشر عاما صار بها أطول وزراء الدفاع خدمة في سنغافورة، أصبح السؤال الافتراضي واقعا. فها هي مظلة الأمن الأمريكية -التي اعتبرها حلفاء الولايات المتحدة طويلا أمرا مفروغا منه- قد أخذت في الاهتراء.
لم يعد نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، المكفول بالهيمنة العسكرية والمركزية المالية الأمريكية، مضمونا، وفي انتظار عالم ما بعد أمريكا، تتهيأ دول العالم وتتكيف مع النظام الجديد.
يتمثل خط الصدع الأول في الردع، لقد رضي حلفاء الولايات المتحدة على مدى قرون بالحماية الأمريكية بدلا من بناء قواتها المسلحة الخاصة بها. وانتهى هذا الزمن. فالتزمت ألمانيا بـ107 مليار دولار لتحديث دفاعها. وتنفق بولندا الآن 4% من إجمالي ناتجها المحلي على الجيش، وذلك أكثر من أي عضو آخر في الناتو.
وفي آسيا تروى قصة مماثلة. فاليابان تضاعف ميزانيتها العسكرية بحلول عام 2027، منقلبة بذلك على تراثها السلمي الراسخ، وفي كوريا الجنوبية، 76% من المواطنين الآن يدعمون تصنيع أسلحة نووية، وهي فكرة لم تكن واردة في ظل المظلة النووية الأمريكية. في كلتا المنطقتين، يتحسب حلفاء الولايات المتحدة لإمكانية تخليها عنهم.
الصدع الثاني مالي. لقد ظل نفوذ الجيش الأمريكي مدعوما منذ أمد بعيد بالطلب العالمي على سندات الخزانة الأمريكية. لكن أسس ذلك النظام آخذة في الوهن. ففي السنة المالية لعام 2023، واجهت الولايات المتحدة عجزا في الموازنة بلغ 1.7 تريليون دولار، منها 1.1 تريليون دولار للإنفاق الدفاعي ومصاريف المحاربين القدامى.
في الوقت نفسه تتقلص الرغبة في الدين الأمريكي. إذ انخفضت الملكية الخارجية لسندات الخزانة الأمريكية من 42% سنة 2013 إلى 31% سنة 2023. والصين وحدها قللت ممتلكاتها من هذه السندات بأكثر من 330 مليار دولار. ونصيب الدولار في الاحتياطي الأجنبي العالمي انخفض إلى 58% بعد أن كان قد بلغ 70% سنة 1999.
الأدهى من ذلك هو أن تسليح الدولار -من خلال العقوبات، وقيود التصدير والقيود المالية- دفع إلى إجراءات مضادة. فكتلة بريكس توسع التبادل التجاري غير الدولاري وتستكشف بدائل من قبيل عملات البنوك المركزية الرقمية. ويطلق عالم الاقتصاد يانيس فاروفاكيس على هذا الصعود مصطلح «رأس المال السحابي»، وهو هيكل مالي عالمي ينفك ببطء عن السيطرة الأمريكية.
خط الصدع الثالث مؤسسي. فشرعية القيادة الأمريكية كانت تتجذر ذات يوم في التزامها بالتعددية، لكن هذا الالتزام اليوم يبدو انتقائيا.
من الانسحاب من الشراكة العابرة للمحيط الهادئ ومن اتفاقية باريس للمناخ إلى الخروج الفوضوي من أفغانستان، بات حضور واشنطن العالمي أميل إلى طبيعة المعاملات والصفقات. فالدعم المشروط لأوكرانيا وتغير نبرة الخطاب في ما يتعلق بالناتو، قد عمَّقا الشكوك في إمكانية الاعتماد على أمريكا في دورها الجديد كقوة توازن خارجية.
وقد كشف الصراع الهندي الباكستاني الأخير -الذي أسفر عن مصرع خمسين مدنيا وخسائر اقتصادية بلغت تسعين مليار دولار وفق بعض التقديرات- عن مدى السرعة التي يمكن أن تتفاقم بها مواجهة بين قوات نووية دونما تدخل أمريكي في الوقت المناسب.
قد لا يتمثل التحدي الأكبر مع ذلك في انسحاب المظلة الأمريكية في ذاتها وإنما في ما ينشأ في غيابها، وهو التحول الذي أطلق عليه «التعددية القطبية الحضارية».
إن ما يميز هذه اللحظة عن غيرها في التاريخ لا يتمثل فقط في إعادة توزيع السلطة، وإنما في طبيعة الفاعلين الذين يؤكدون هذه السلطة الآن. فللمرة الأولى، تنهض دول حضارية متعددة -هي الصين والهند وروسيا وإيران- ضمن نظام عالمي مشترك.
وهذا ما يطلق عليه المؤرخ الأستاذ وانج جونج مصطلح عودة «الوعي الحضاري»، وهي ديناميكية تستمد فيها الدول شرعيتها لا من أعراف مطلقة وإنما من هياكل عميقة تخص اللغة والدين والذاكرة المؤسسية.
والصين نموذج لهذا التحول. فحسبما قال الباحث الدكتور مارتين جاك، ترى الصين نفسها لا بوصفها محض دولة قومية ولكن بوصفها «دولة حضارية» ذات تراث سياسي وفلسفة أخلاقية عمرهما خمسة آلاف عام. واضطلاع الحزب الشيوعي بالسلطة لا يقوم فقط على أعراف ليبرالية وإنما على استرداد ما يراه حقا طبيعيا للمملكة الوسطى في التاريخ.
وهذا أمر له عواقبه بعيدة المدى. إذ يحذر الأستاذ جراهام أليسون في «فخ ثوسيديدس» من صراع ينشأ حينما تمثل قوة صاعدة تهديدا لقوة حاكمة. ولكن في السياق الراهن، لا يقتصر التنافس على السلطة، بل يمتد إلى القيم ورؤى النظام العالمي.
ولقد ذهب الأستاذ جون ميرشايمر إلى أنه لا بقاء للأممية الليبرالية في عالم تحكمه القومية والواقعية. وتؤكد التعددية القطبية الحضارية هذا التوقع، إذ تقوم القوى حاليا بتصدير نماذج حكم ذات جذور ضاربة في تراثاتها أكثر مما هي متقاربة حول مجموعة معينة من المعايير.
يفترض الأستاذ صمويل هنتنجتن في «صِدام الحضارات» أن الهويات الثقافية والدينية سوف تفضي حتميا إلى صراع عالمي في حقبة ما بعد الحرب الباردة، إذ تصبح الفوارق الحضارية الجوهرية -ذات الجذور الضاربة في التاريخ والدين والقيم- خطوط صدع عنيدة بين الأمم والكتل.
ولكن لا تزال هناك قدرة كامنة في كيفية استجابة الدول. فالآسيان -رابطة دول جنوب شرق آسيا- على سبيل المثال تقدم نموذجا دالا من خلال مبدأ «التشابك الشامل» وهو نهج يجتنب التحالفات الثنائية ويشجع على التفاعل العابر للخطوط الحضارية.
فبدلا من الانحياز لطرف دون طرف، تنشئ دول الآسيان فضاء للحوار والتعاون، محافظة على الاستقلال الذاتي مع التشارك في الحكم العالمي. وفي حال تبني المجتمع الدولي لهذه الأخلاقيات، فلن يكون من داع للنظر إلى التعددية القطبية الحضارية باعتبارها خطرا، وإنما باعتبارها فرصة وأساسا لنظام أكثر تعددية قطبية ضمن إطار مشترك.
ولقد اقتنص وزير دفاع سنغافورة الجديد تشان تسون سينج هذه الرؤية ببراعة إذ أشار في محاضرة فوليرتون الحادية والأربعين للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في آسيا عام 2021 قائلا إن «القوى المتوسطة والدول الصغيرة يمكن أن تساعد في بناء جسور، وإنشاء منصات للحوار وإقامة النظام التعددي. وبالعمل سويا، يمكننا أن تقدم مسارات بديلة للتعاون، حتى عند اختلاف مع القوى الكبرى».
إذا ما أدير هذا الانتقال إدارة حكيمة، فلن تكون حقبة ما بعد أمريكا بالضرورة حقبة انحلال للنظام العالمي، ولكنها قد تكون بشارة بصعود نظام أكثر احتواء ومرونة وتوازنا، لا يقوم على الهيمنة، ولكن على التعايش السلمي والتفاعل البنّّاء بين الحضارات.
وسيكون ذلك هو المثال الأول في التاريخ البشري، ولعله يكون منجزنا الأكبر.
مراكوس لوه مدير في شركة تيموس، وهي شركة خدمات تحويل رقمي مقرها سنغافورة، حيث يقود الشؤون العامة والتسويق والاتصال الاستراتيجي. كان سابقا رئيسا لمعهد العلاقات العامة في سنغافورة.
عن آسيا تايمز