الانتصار شجع معظمهم على العودة.. 1500 وافد سوداني يغادرون مصر يوميا لوطنهم

مع توالي انتصارات الجيش السوادني على ميليشيات حميدتي، تواصلت رحلات عودة السودانيين لبلادهم بعد تحرير معظم الولايات السوادنية.

وقال فرح محمود، من مطارعابدين (موقف للنقل البري السوداني): منذ يوم السبت الماضي زادت حركة النقل العكسي للمدن السودانية خصوصا إلى واد مدني والجزيرة وزاد حجز تذاكر العودة أكثر من القادمين للعلاج أو الجالية بمصر.

أما منذرعابدين فقال:إنه عائد إلى السودان بعد أن علم بعدم وجود مهددات عسكرية في الدندر، وقد استعادها الجيش وسيطرعلى منطقة جنوب سنار. وقال نافع شندي (سائق سوادني): إن حوالي مائة أسرة تنتقل يوميا عبرنقل بري من القاهرة للسودان ومعظمهم من العائلات التي دخلت بدون ورق في بداية الحرب وعددهم كبير يبلغ حوالي 29 ألفا منهم عشرة آلاف وفّقوا أوضاعهم القانونية.

أضاف أن شقيقه وأسرته المكونة من سبعة أفراد فروا لأسوان عبرالتهريب عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ولاية سنار، وبتشجيع من أقربائه واليوم يري أكثر من 1500 سوداني يغادرون مصر يوميا.

فيما أعلن مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور أحمد المفتي أن المعابر السودانية مع مصر تستقبل يوميًا حوالي 1200 سوداني من العائدين، كما أن كثيرًا من الأسر تعجل بالعودة إلى البلاد، خاصةً بعد نفاد مدخراتها.

وأشار عبد الحي مصطفي - سوداني يقيم بمنطقة فيصل بالجيزة - إلى أنه قررالسفرالأسبوع القادم بسبب إيجار السكن المرتفع رغم نزول أسعارشقق الهرم لنصف السعر منذ يناير 2025 فكل شقة صارت بسعر عشرة آلاف جنيه بعد أن كانت ضعف السعر من قبل ويسكن فيها هو وعائلته منذ خمسة أشهر، وقد كان مستفيدا من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم. مشيرا إلى أن شقيقه كان يدفع 8000 جنيه والآن يدفع 5000 جنيه فقط في الشهر بدلا من 9 آلاف جنيه في بداية الحرب في الشقة المكونة من حجرة وصالة صغيرة وحمام، وهما في الحي وفي المستوى نفسه، ولا يبعدان عن بعضهما إلا بمسافة قصيرة فقط.

وفي سياق متصل خلال الأيام الماضية تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية بواد مدني ومناطق عديدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها محققا النصرعلى حساب ميليشيات قوات الدعم السريع، كما سيطر على مداخل الجسور الاستراتيجية في العاصمة المثلثة بالفتيحاب والنيل الأبيض وحلفايا وكل طرق الأبيض ومناطق أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، وسهلت الانتصارات عودة آلاف السودانيين، وأعلنت السفارة السودانية بالقاهرة عن استجابة السلطات السودانية لدعوة المواطنين إلى العودة للمناطق الآمنة وكانت من العوامل المحفزة صور أفراح السوادنيين بمصر، كما أطلقت السفارة برنامج العودة الطوعية بالتنسيق مع الجهات المختصة، مما سهل الإجراءات وأعطى الثقة للسودانيين للعودة بأعداد كبيرة من مصر إلى السودان.

وقال محمد فضل (كاتب سوداني): نحن لا نملك إحصائية دقيقة، لكن أستطيع أن أقول إنه منذ أربعة أشهر فالعائدون إلى السودان أضعاف النازحين من السودان لمصر. موضحا أن البنية التحتية تحسنت في بعض الولايات السودانية المحررة كما تشير التقارير إلى أن بعض المناطق التي كانت متأثرة بالنزاع قد شهدت تحسنًا في الخدمات الأساسية والاتصالات، مما ساعد على جعلها جاذبة للعائدين خاصة الذين كانوا في مناطق متضررة من القتال.

وتوقع فضل أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة قائلاً: كلما تقدم الجيش السوداني عاد مزيد من السودانيين، خصوصا مع حل مشكلة الدراسة للتلاميذ من المدارس المصرية للسوادنية في بداية العام المقبل، وبعد انتهاء امتحانات الشهادات السودانية بمصر والتي تستمر أسبوعين، فكثير من الأُسر كانت تنتظر إنهاء أبنائها الامتحانات للعودة للسودان.

وتابع: لا بد أن نعترف بعدم وجود حصر دقيق للأعداد التي تعود بدقة كما أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضا ( وضحك طبعا مصر تعلم ذلك )، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، ومنذ أول يناير 2025 وحتي اليوم وثقت الجمعية المصرية السوادنية طلبات عودة 29 ألف سوداني منهم في الفترة من يناير وحتى نهاية مارس.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر الماضي بـ 700000 و993 لاجئاً وهذا لا يعكس كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ يوجد آخرون غيرمسجلين في المفوضية.

وحول تراجع توافد السودانيين لمصر وتمركزهم بمناطق الجيزة يؤكد فضل أن أسعارالإيجارات سوف تنخفض في فيصل والهرم وأكتوبر، وفي مناطق تمركزالوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية عشرة آلاف جنيه، بعد ما كان 2000 جنيه قبل قدومهم وفعلا تراجعت أسعار الشقق المفروشة في الأبراج السكنية التي كان يسكنها السودانيون الأغنياء. مشيرا إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم وبعضهم كان يدفع في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعار إيجارها إلى 12 و10 آلاف جنيه.

فيما تشير التقديرات إلى أن عدد السودانيين في مصر تجاوز خمسة ملايين شخص يتوزع أكثر من نصفهم على محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية، وبلغ عدد الذين وصلوا إلى مصر عقب اندلاع الحرب أكثر من 1.2 مليون شخص فروا جراء الأوضاع الأمنية المتردية.

و يشيرواثق عدلي، باحث سوادني بمركز دعم الوافدين إلي برنامج تسهيل العودة الطوعية الذي دشنته السفارة السودانية فقد دفعت قضايا مثل تصاريح الإقامة وانعدام مصادر الدخل، وصعوبات المدارس والتعليم، كثيرين لاختيار العودة إلى السودان برا خاصة بعد دخول الجيش السوادني وطرد قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة.

وقال حسن عبد الله - سمسار شقق على جروب فيسبوك به آلاف السودانيين: إن الأسعارانخفضت إلى النصف تقريبا، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 4 و5 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه، والشقق متوفرة، وذلك بعدما تركها كثير من السودانيين وعادوا إلى وطنهم من أول يناير على حد وصفه.

وتوقّع أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبرالفترة المقبلة مستدلاً على ذلك بأن تحت يده شققا فاضية من شهر ولا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعرأكثر للعثور على مستأجرسوداني بفعل التضخم ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعا مؤثرا في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض عليها الطلب، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين.

أضاف: خلال فبرايرالقادم على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني ناصر عبد الحي للسودان بعد شفائه من جراحة الساق التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن كثيراً من الوافدين السودانيين في مصرعاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة.

وقال متوكل رشدان وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل عام ويستعد للمغادرة في غضون أيام: إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على عودة الأمن بمناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم بمصرمع زيادة نسبة بطالة الشباب المصري

المصدر: الأسبوع