موسكو- تنتهي غدًا الأحد عملية التصويت المبكر لانتخابات الرئاسة في بيلاروسيا، حيث من المتوقع أن يفوز فيها الرئيس الحالي ألكسندر لوكاشينكو الذي ينافسه 4 مرشحين هم: زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي أوليغ غايدوكيفيتش، والشيوعي سيرغي سيرانكوف، ورئيس الحزب الجمهوري للعمل والعدالة ألكسندر خيزنياك، والناشطة غير الحزبية آنا كانوباتسكايا.

وبدأت الثلاثاء الماضي عملية التصويت بمشاركة أكثر من 450 مراقبا دوليًا من 49 دولة، وسط غياب المراقبين الغربيين، وعلى أراضي الجمهورية فقط .

و لم تفتح السلطات مراكز اقتراع في الخارج، مبررة ذلك بعدم وجود تدابير أمنية في مراكز الاقتراع التي تم إنشاؤها سابقًا على أراضي دول أخرى وتقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين البيلاروسيين في بعض البلدان.

وكانت بيلاروسيا جزءًا من الاتحاد السوفياتي حتى انهياره في عام 1991. وتقع الدولة السلافية التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة بين روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، وكل الدول الثلاث الأخيرة أعضاء في حلف شمال الأطلسي.

 

يتنافس 5 مرشحين في الانتخابات الرئاسية المبكرة في بيلاروسيا (رويترز) استباق النتائج

وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي بأغلبية ساحقة على اعتماد قرار يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية البيلاروسية ومواصلة توسيع العقوبات ضد هذا البلد.

إعلان

وهو الموقف ذاته الذي اتخذه البرلمان الأوروبي تجاه الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا في عام 2020 والتي ترافقت مع اضطراب واحتجاجات جماهيرية انتهت ببعض المرشحين للرئاسة خلف القضبان أو هاربين إلى الخارج.

أما في هذه المرة، فقد أبدى لوكاشينكو استعداده لاستخدام الجيش إن اندلعت اضطرابات وقال إنه سيقوم بقطع الإنترنت إن حصلت "أعمال الشغب".

أعضاء لجنة الانتخابات ينتظرون الناخبين في مركز اقتراع أثناء التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا (رويترز)  عاصفة جيوسياسية

وتأتي الانتخابات في وقت أصبحت فيه البلاد هدفًا لأشد العقوبات الغربية صرامة في تاريخها، وقد تم فرضها في عدة موجات في أعقاب نتائج انتخابات عام 2020، والهبوط القسري لطائرة "رايان إير" في مينسك لاعتقال ناشط معارض، وأزمة الهجرة الناجمة عن حدود الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن الاتهامات بدعم روسيا في الحرب مع أوكرانيا.

ومع محاولات لوكاشينكو تأكيد شرعيته في الداخل والخارج، فإنه من غير المرجح أن تعود العلاقات بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي في الأفق المنظور إلى الوضع الذي كانت عليه قبل عام 2020 ، حسب مراقبين.

وتقع بيلاروسيا في مفترق تقاطع جيوسياسي بين روسيا والغرب، وترتبط باتفاقية اتحاد وعلاقات تحالف مع موسكو، وتوفر رابطا غير مباشر مع الجيب الروسي المهم إستراتيجيا في كالينينغراد.

في الوقت ذاته، تجد نفسها محصورة بين روسيا وأوكرانيا، وفي خضم أزمة تشمل أيضا الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وقد فرضت عليها المنظومة الغربية عقوبات، تقول مينسك إنها بسبب محاولتها تحقيق التوازن في العلاقات مع كل من موسكو والغرب.

آخر قلاع الحلفاء

برأي الكاتب في الشؤون الأوروبية، أندريه مامكين، فإن "كل المؤشرات" تدل على أنه سيتم إعادة انتخاب لوكاشينكو رئيسا للبلاد.

و يقول، في حديث للجزيرة نت، إن السلطات الحالية استفادت من تجربة الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2022 والتي كادت تشعل ثورة في البلاد. واستعدت لمواجهة أية تأثيرات خارجية، لكن بما يؤمّن أعلى مستويات التنظيم والشفافية لمنع التشكيك بنتائجها، رغم أن المنظومة الأوروبية كانت على عجلة من أمرها وأعلنت عدم شرعيتها قبل أن تبدأ رسميًا، حسب وصفه.

إعلان

ويوضح، المتحدث ذاته، بأن روسيا ترى في الانتخابات البيلاروسية حدثا له أهمية قصوى، لأن خسارة موسكو لأكثر حلفائها موثوقيةً من الممكن أن تشكل كارثة جيوسياسية، لا سيما في ظروف الحرب مع أوكرانيا والنزاع مع الغرب، وتآكل الحديقة الخلفية لروسيا في جنوب القوقاز.

بموازاة ذلك، يعتبر أن انتصار لوكاشينكو سيشكل نكسة جديدة من العيار الثقيل لبروكسل في محاولاتها لفصل بيلاروسيا إستراتيجيًا عن روسيا، فضلًا عن إقناع مينسك بتقليص علاقاتها مع الصين.

لكنه في الوقت ذاته، يقول إن الغرب سيلجأ، على الأرجح، إلى تغيير سياساته مع لوكاشينكو في محاولة جديدة لاحتواء النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، ولكن من خلال سياسة "القوة الناعمة" في التعامل مع مينسك.

تقع الدولة السلافية التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة بين روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا (الجزيرة) نقطة تحول

في المقابل، يرى المختص في شؤون بلدان رابطة الدول المستقلة، يفغيني إيسايف، أن المنظومة الغربية قد سلمت، منذ الانتخابات الرئاسية السابقة، بأن بيلاروسيا ستظل حليفة لروسيا وداخل نطاق نفوذها، وأن محاولات "قطع الاتصال" بين مينسك وموسكو خلال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أثبتت فشلها.

وحسب رأيه، فإن فوز دونالد ترامب الأخير في الانتخابات الرئاسية الأميركية قد يؤدي إلى تحولات معينة في العلاقات بين الولايات المتحدة وبيلاروسيا، وإنه من غير المرجح حدوث تحول دراماتيكي، على الأقل حتى تستقر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.

ويشير يفغيني إيسايف، إلى أن لوكاشينكو أيد ترامب في محاولته الوصول إلى البيت الأبيض ضد كامالا هاريس، على أمل تحسن العلاقات الثنائية بعد تغيير القيادة الأميركية، وتعهد بترشيحه لجائزة نوبل للسلام إذا نجح في إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

إعلان

ويضيف المختص نفسه، أن تجربة الرئيس البيلاروسي مع إدارة ترامب السابقة كانت إيجابية نسبيًا، وكانت قد شملت زيارات إلى مينسك من قبل مستشار الأمن القومي جون بولتون في أغسطس/آب 2019 ووزير الخارجية مايك بومبيو في فبراير/شباط  2020، لكن الحال انقلب مع تولي بايدن سدة الرئاسة في البيت الأبيض.

ويختم المتحدث بأن مستقبل العلاقات بين بيلاروسيا والمنظومة الغربية ما بعد الانتخابات سيتوقف على الخطوات الملموسة التي وعد بأن يتخذها الرئيس الأميركي الجديد لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك إعادة النظر في ملف الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

خيرها في غيرها يا ترامب

عبارة "خيرها في غيرها"، تقال من باب من لم ينل مراده، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحاجة إلى من يواسيه، لأنه ظل ينعق "ع المكشوف" معلنا أنه يستحق جائزة نوبل للسلام. وكانت عربي21 قد نشرت لي مقالا في 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2021، كان عنوانه "لماذا جائزة نوبل للسلام أي كلام"، وكنت أعني بذلك أن أشخاصا كثيرين نالوا تلك الجائزة، وبينهم وبين السلام، كالذي بين ترامب والحِكمة، وضربت مثلا لذلك الرئيس الإثيوبي آبي أحمد، بطل السلام النوبلي لعام 2019، الذي شن ما يشبه حرب الإبادة على بني قومه من إثنية التغراي، لأن غالبيتهم رفضوا الاندغام في حزب الازدهار الجديد الحاكم بأمره.

وفازت بجائزة نوبل للسلام لعام 1991، أونغ سان سو شي، زعيمة حزب الرابطة الوطنية في ميانمار، والتي ما أن نصبها العسكر رئيسة للحكومة في عام 2016، حتى أعملت حكومتها تلك سيوفها على مسلمي الروهينغا، وفاز بالجائزة رؤساء حكومات إسرائيلية ذوي سجلات ممعنة في الدموية، ظهروا على المسرح السياسي كزعماء عصابات دموية في أربعينات القرن الماضي، مارست أبشع صنوف التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، ثم شنوا الحروب على جيرانهم العرب وهم في كراسي الحكم، ثم كانت السقطة الأخلاقية للجنة جائزة نوبل للسلام عندما منحتها للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بعد أشهر قليلة من توليه لمنصبه، أي قبل أن ينجز شيئا على الصعيدين المحلي او الدولي، وكان ذلك من باب أن "الجوائز بالنيات"، لأن أوباما تعهد في اليوم الأول لحكمه، بوقف التدخل في العراق وأفغانستان وإغلاق معتقل غوانتنامو سيء السمعة.

وظنّي، أن ترامب يعاني اليوم من ارتفاع شديد في ضغط الدم الشرياني، بعد أن فازت أمس زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو باريسكا بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، وترامب هذا استعلائي عنصري نرجسي ظل يعاني من عقدة أوباما: كيف لهذا الأسود أن يحكم البلاد لولايتين متتاليتين، وأن يصبح بطلا للسلام العالمي، وأنا الأبيض صاحب السلطان والصولجان، أكون محروما من جائزة نوبل للسلام؟ ولهذا ظل طوال الأشهر الأخيرة يهذي على رؤوس الأشهاد، بأنه يستحق تلك الجائزة.

تثبت الوقائع أن ترامب خاض الانتخابات الرئاسية وعينه وقلبه على "نوبل للسلام"، ولهذا ظل يهذي مرددا أنه سيوقف الحرب بين أوكرانيا وروسيا بعد أداء القسم الرئاسي ب24 ساعة، ثم جاءت خطرفة وقف حرب إسرائيل على غزة، بتهجير أهل غزة إلى دول الجوار، وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي، ولما خذلته إسرائيل المرة تلو المرة، بعدم تنفيذ مقترحاته، جن جنونه، لأنه كان يريد أن تتضمن سيرته الذاتية المعروضة أمام لجنة نوبل للسلام أنه "بطل سلام الشرق الأوسط"، وهكذا دخل في سباق مع الزمن للحصول على توافق إسرائيلي ـ فلسطيني حول الخطة ذات العشرين نقطة، التي اقترحها مؤخرا لوقف الحرب في غزة، على أن يكون ذلك قبل التاسع من الشهر الجاري، المحدد لتحديد بطل السلام لعام 2025، ومن يعش سيرى كيف أنه وقد طارت جائزة السلام بعيدا عن ترامب، لن تنعم غزة بالسلام والأمان المنشودين، ولن "تفرِق" المسألة مع ترامب.

ترامب يعاني اليوم من ارتفاع شديد في ضغط الدم الشرياني، بعد أن فازت أمس زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو باريسكا بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، وترامب هذا استعلائي عنصري نرجسي ظل يعاني من عقدة أوباما: كيف لهذا الأسود أن يحكم البلاد لولايتين متتاليتين، وأن يصبح بطلا للسلام العالمي، وأنا الأبيض صاحب السلطان والصولجان، أكون محروما من جائزة نوبل للسلام؟ ولهذا ظل طوال الأشهر الأخيرة يهذي على رؤوس الأشهاد، بأنه يستحق تلك الجائزة.هذا الترامب الذي كان ينشد جائزة نوبل للسلام، هو نفس الرجل الذي سحب بلاده من منظمات ومعاهدات دولية، وأعلن أنه سينتزع جزيرة غرينلاند من الدنمارك، وشن حربا اقتصادية على جميع دول العالم، ثم أرسل قوات الجيش الى المدن الأمريكية التي يديرها غرماؤه في الحزب الديمقراطي. وظل يزعم كاذبا أنه أوقف العديد من الحروب هنا وهناك بعد أقل من ستة أشهر من جلوسه على كرسي الرئاسة، وهكذا تبجح بأنه أوقف حربا بين كمبوديا وتايلند، بينما كان الأمر يتعلق بمناوشات حدودية محدودة انتهت بتوافق الطرفين بوساطة أمريكية-ماليزية على إيقافها، دون حل النزاع الحدودي الذي قاد الى تلك المناوشات.

كما يحلو لترامب الزعم بأنه أوقف "حربا" بين إسرائيل وإيران، بينما واقع الأمر أنه صفق للعدوان الإسرائيلي على إيران، بل وشارك فيه، ولما ارتأى ترامب ان العدوان حقق معظم غاياته، لم يكن عسيرا عليه ان يقول لإسرائيل "كفى" وأن تجبر إسرائيل بخاطره، فرأى ترامب من ثم، أنه بطل إيقاف تلك "الحرب". وعندما حدثت مناوشات عنيفة بين الهند وباكستان في أيار/ مايو الماضي، لم تكن ثمة صعوبة في إقناع الدولتين بوقف القتال. وليس في هذا الأمر وقف لحرب، لأن وقف الحرب الحقيقي يعني إبرام معاهدة سلام، ولن يتعاهد الهنود والباكستانيون على ذلك حتى يشيب الغراب، بل إن الهند أعلنت صراحة ان المناوشات توقفت بالتفاوض بين الطرفين وليس نتيجة لوساطة دبلوماسية أمريكية. وعندما نجحت الوساطة الأفريقية في وقف القتال على الحدود بين رواندا وجمهورية الكنغو الديمقراطية، اعتلى ترامب المنابر وقال إنه "أوقف الحرب" بين البلدين. وعندما نجح الاتحاد الأوربي في وقف تصعيد العدائيات بين كوسوفو وصربيا، هرع ترامب الى المنصة وأعلن انه أوقف حربا بين البلدين، وعندما توصلت أذربيجان وأرمينيا الى توافق بشأن أيلولة إقليم ناغورنو كرباخ، وكان ذلك فعلا بوساطة أمريكية، أعلن ترامب أنه أوقف حربا بين البلدين، بينما لم يحدث اقتتال بين البلدين خلال السنوات التسع الأخيرة.

والشاهد هو أن ترامب ظل يوظف إمكانات الدولة الأمريكية لتسويق نفسه كبطل للسلام العالمي، وظل يتبجح بوقف حروب افتراضية، وفات عليه أن لجنة جائزة نوبل للسلام، تنظر إلى كامل ملف المرشح للجائزة، وعلى علاتها الكثيرة، فإن تلك اللجنة ملكت من الحياء ما عصمها عن منح الجائزة لترامب.

مقالات مشابهة

  • لوكاشينكو يعلّق على احتمال تسليم صواريخ توماهوك لأوكرانيا
  • نوفا: وفد ليبي موحد من الشرق والغرب يبحث في أوروبا ملف الهجرة والحدود
  • سيشيل.. زعيم المعارضة يفوز في الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على نسبة 52.7%
  • ضمن المبادرة الرئاسية.. وزارة الرياضة تنتهي من تدريب أكثر من 570 متدربا
  • سيشل.. فوز المعارض باتريك هيرمينى فى الانتخابات الرئاسية
  • فوز باتريك هيرميني في جولة الإعادة بانتخابات سيشل الرئاسية
  • خمسة أسئلة لفهم الانتخابات الرئاسية في الكاميرون
  • خيرها في غيرها يا ترامب
  • أين صمام الأمان من أزمة مؤسسات الإعلام الإلكتروني في الأردن ؟
  • روسيا تُرجئ قمة عربية روسية في موسكو بسبب اتفاق غزة