د. عمرو عبد العظيم

اليوم يتسارع تقدم الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا أساسيًا في تطوير مختلف المجالات، والتعليم ليس استثناءً، فعندما نتحدث عن تحليل البيانات التعليمية باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإننا لا نتحدث فقط عن أرقام وإحصائيات؛ بل عن استكشاف عوالم جديدة تُساعدنا في تحسين التجربة التعليمية لجميع الأطراف المعنية.

ما هو تحليل البيانات التعليمية؟

تحليل البيانات التعليمية هو عملية جمع وتنظيم وفهم البيانات المتعلقة بالطلاب والمعلمين والمؤسسات التعليمية بهدف تحسين الأداء واتخاذ قرارات مستنيرة، البيانات يمكن أن تشمل درجات الطلاب، نسب الحضور، سلوك التعلم، وأداء المعلمين. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان تحليل هذه البيانات بطريقة تفوق قدرات الإنسان التقليدية.

كيف يعمل الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التعليمية؟

الذكاء الاصطناعي يعتمد على تقنيات متقدمة مثل التعلم الآلي (Machine Learning) لتحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة،  وعلى سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأداء الطلاب بناءً على أدائهم السابق وسلوكهم التعليمي،  ومن خلال هذه التحليلات، يمكن الكشف عن نقاط القوة والضعف لدى الطلاب، مما يتيح للمعلمين فرصة تقديم دعم مخصص يلبي احتياجات كل طالب، وإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الأنظمة الذكية التعرف على الطلاب الذين قد يكونون معرضين لخطر التعثر الدراسي وتقديم إشعارات مبكرة للمعلمين والإداريين لتقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب.

أمثلة عملية على الاستخدام

من أبرز التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في التعليم هو تخصيص التعليم بما يتناسب مع احتياجات كل طالب، وذلك من خلال تحليل البيانات، يمكن تصميم خطط تعليمية فردية تسهم في تحسين تجربة التعلم. على سبيل المثال، إذا أظهرت البيانات أن أحد الطلاب يواجه صعوبة في مادة معينة، يمكن للنظام الذكي اقتراح موارد إضافية مثل مقاطع فيديو تعليمية أو اختبارات تدريبية لدعمه.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحليل أداء المعلمين باستخدام الذكاء الاصطناعي، عبر تقييم نتائج الطلاب وردود الفعل، يستطيع النظام تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، وهذا لا يرفع فقط من كفاءة التعليم، ولكنه أيضًا يدعم تطور المعلمين المهني، ولا يقتصر الأمر على الطلاب والمعلمين فحسب، بل يشمل أيضًا إدارة الوقت والموارد، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي الإدارات المدرسية في تحديد الأوقات المثلى لإجراء الاختبارات، وتحسين توزيع الموارد التعليمية، وحتى تنظيم جداول الحصص بطريقة أكثر فعالية.

فوائد تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي

تحليل البيانات التعليمية بالذكاء الاصطناعي يمنح المؤسسات التعليمية فرصة لاتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى بيانات دقيقة بدلاً من الاعتماد على التخمين. من خلال هذه القرارات، يمكن تحسين تجربة التعلم بشكل كبير لتكون أكثر جاذبية وفعالية، وعلاوة على ذلك، يسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الكفاءة من خلال تقليل الوقت المهدر في العمليات الإدارية وتحسين تخصيص الموارد بشكل أفضل.

التحديات وكيفية التغلب عليها

رغم الفوائد الهائلة، هناك تحديات تواجه تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي، مثل الخصوصية وأمن البيانات، وللتغلب على هذه التحديات، يجب الالتزام بالسياسات والقوانين المتعلقة بحماية البيانات، وضمان استخدام الأدوات الموثوقة والآمنة.

ومن هنا يمكننا القول إنَّ تحليل البيانات التعليمية بالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية؛ بل هو خطوة نحو تعليم أكثر ذكاءً وإنسانية، فمن خلال توظيف هذه التقنية، يمكننا تحسين جودة التعليم، وتعزيز التفاعل بين الطلاب والمعلمين، وخلق مستقبل أكثر إشراقًا للجميع، فلا شك أن هذا التحول الرقمي الذكي في التعليم يمثل بوابة لثورة تعليمية حقيقية، ونحن على أعتابها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مخاطر كبيرة للذكاء الاصطناعي.. كيف يمكن توظيفه لخدمة البشرية؟

أكد الدكتور أحمد حسن يوسف، رئيس جامعة السويدي، بوليتكنك مصر «SUTech»، أن الذكاء الاصطناعي والطاقة هما وجهان لعملة واحدة، فالذكاء الاصطناعي يُعد من أكبر المستهلكين للطاقة، خاصة في مراكز البيانات التي تعتمد عليه بشكل مكثف.

وقال يوسف، في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن جامعة السويدي، بوليتكنك مصر «SUTech»، تسعى إلى دمج الذكاء الاصطناعي في جميع مناحي التعليم داخل الجامعة، بغض النظر عن نوع البرنامج. حتى لو كان البرنامج فنيًا في مجالات الفنون والتصميم، فإنه أيضًا يستفيد من الذكاء الاصطناعي.

وحول مخاطر وسلبيات الذكاء الاصطناعي، أكد الدكتور أحمد يوسف أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، وبالتالي فإن سلبياته تتلخص في سلبيات المستخدم، فإذا استخدمه شخص ما لتعلّم كيفية صناعة قنبلة نيتروجينية، فسوف يقدّم له المعلومات، لأنه في النهاية أداة مثل كل الأدوات التي اخترعها الإنسان منذ أن استخدم الحجر لأول مرة لصيد الحيوانات.

وأشار إلى أن الخطر في الذكاء الاصطناعي يتمثل في جانبين، الأول: التصميم والتدريب، أي أن يتم تزويده ببيانات خاطئة أو تعليمه تعليمًا غير صحيح. فلو تم تدريبه مثلًا على أن علاج الصداع هو شرب السم، فإنه عندما يُستخدم كطبيب سيقترح شرب السم، وهنا تكمن الخطورة الكبرى في عملية التعليم، والثاني: الاستخدام، أي كيفية توظيفه لهدف يخدم البشرية. وهذا الجانب مهم للغاية، مثلما يُستخدم الديناميت في استخراج المواد الخام، أو يُستخدم في الحروب.

وحول رؤية الجامعة، أوضح أن الهدف هو تطوير الجامعة بشكل كامل. فالرؤية الأصلية للجامعة تقوم على تخريج طلاب تطبيقيين، قدراتهم العملية أكبر بكثير، ويكونون جاهزين للتوظيف بشكل أسرع من خريجي الجامعات التقليدية، هذه الرؤية نشأت من رجال الصناعة الذين كانوا يعانون من أن خريجي الجامعات التقليدية يحتاجون إلى سنة أو سنتين حتى يصبحوا منتجين في العمل.

وأضاف أن الغرض الرئيسي من الجامعة هو تخريج طالب جاهز للعمل مباشرة، مشيرا إلى أن الأهداف تتطور باستمرار، ومن ذلك إشراك الطالب في مراحل مبكرة جدًا مع جهات التوظيف المختلفة، والتعرف على المشكلات الحقيقية التي تواجه هذه الجهات والعمل على حلها بمشاركة الأساتذة والطلاب، إضافة إلى جعل الجامعة حلقة وصل بين الخبرات الدولية والمحلية لتلبية احتياجات الصناعة، سواء من خلال البحث العلمي أو التدريب الصناعي.

وأوضح أن الموظف الذي اعتاد أداء عمل معين بطريقة تقليدية لمدة خمسة عشر عامًا، أصبح الآن أمام تحدٍ جديد مع دخول الذكاء الاصطناعي الذي يؤدي نفس العمل بكفاءة أعلى وفي وقت أقل، وهنا يأتي دور أساتذة الجامعة لمساعدته في مواجهة هذه التحديات.

وبيّن أن الاتجاهات الأربعة للجامعة تتمثل في التعليم الذي يُجهّز الطالب بسرعة ويخرجه جاهزًا لسوق العمل.، البحث العلمي التطبيقي الذي لا يُترك في الأدراج بل يُوظف لحل المشكلات، الخدمات المجتمعية التي تهدف إلى تأهيل الصناعة والمجتمع للتعامل مع الذكاء الاصطناعي بطريقة سهلة وعملية، الإبداع والابتكار من خلال تأسيس شركات صغيرة وواعدة.

وأضاف: «نحلم أن يكون لدينا جوجل جديد، أو فيسبوك جديد، وإذا لم يكن لدينا جوجل أو فيسبوك، فليكن لدينا شركات صناعية مبتكرة صغيرة ينشئها الشباب، وتكون لها فروع في أنحاء العالم، وهذا ما نحاول تحقيقه في الجامعة».

وحول البرامج التعليمية الجديدة، أوضح الدكتور أحمد يوسف أن الجامعة بدأت بأكثر البرامج التقنية جذبًا، وهي: علوم الحاسب، الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، تكنولوجيا المعلومات، وأمن المعلومات «Cyber Security»، نظرًا لأهمية حماية مراكز البيانات العملاقة من الاختراقات الإلكترونية التي قد تصل إلى تعطيل الأجهزة المنزلية.

أما البرامج الإبداعية فتشمل تصميم المنتجات، مثل التغليف، حيث تمتلك مصر منتجات زراعية عالية الجودة لكنها لا تُغلف بشكل مثالي، الفنون البصرية والرسوم المتحركة، وهي صناعة كبيرة تخدم الهوية المصرية، متسائلًا: «لماذا لا يكون لدينا شخصية كرتونية مصرية مثل ميكي ماوس».

كما أطلقت الجامعة هذا العام برامج جديدة منها تطوير الألعاب وهو برنامج يجمع بين البرمجة والذكاء الاصطناعي والفنون، تكنولوجيا الإدارة الذكية للمياه بهدف الحفاظ على البيئة والمياه واستخدامها بكفاءة عالية، بما يتماشى مع خطط مصر للتوسع الزراعي وزيادة الرقعة الخضراء في الأراضي الصحراوية.

وأشار إلى أن الجامعة تعمل أيضًا على تطوير برامج في تكنولوجيا إدارة الأعمال، حيث أصبحت التحويلات المالية إلكترونية، وأصبح تحليل البيانات جزءًا أساسيًا من العمل، مثل معرفة عدد القراء لمقال صحفي أو مقابلة، وأماكنهم الجغرافية، ومن هنا تأتي أهمية برامج تحليل الأعمال، والتكنولوجيا المالية، والتي ستُدرّس في كلية جديدة لتكنولوجيا الأعمال.

أما في مجال الهندسة التقنية، فأوضح أن الجامعة تعمل على برنامج الهندسة الميكانيكية والميكاترونيكس والهندسة الطبية الحيوية بالتعاون مع جامعة ميونيخ التقنية وشركة فيليبس كشريك صناعي، وهذه من أبرز التوسعات الأكاديمية خلال العامين المقبلين.

وحول استفادة الطلاب من الشراكات الدولية، قال: «العالم أصبح قرية صغيرة، فإذا عمل الطالب في مصر لمؤسسة محلية يتقاضى راتبًا بالجنيه، بينما إذا عمل لنفس المؤسسة خارج مصر أو لمؤسسة دولية داخل مصر فسيتقاضى راتبًا بالدولار، وبالتالي فإن القيمة المتوقعة لمرتبات الطلاب الذين استفادوا من هذه الشراكات الدولية أعلى بكثير، كما أن قدرتهم على التعاون ضمن فرق عمل دولية أكبر بكثير».

وأضاف أن هذه قيمة لا يمكن قياسها، وهي قيمة عظيمة جدًا والطلاب أنفسهم سيؤكدون أنهم حققوا أكثر مما توقعنا كما أن بعض البرامج تمنح الطلاب درجات مزدوجة من جامعتين مختلفتين، ما يجعلهم مؤهلين لسوق العمل في الدول الأجنبية، حيث ترى الجامعات الأوروبية أن سوق العمل لديهم يحتاج إلى هذه المهارات، سواء عبر انتقال العامل أو عبر تصدير العمل نفسه.

واختتم قائلاً إن الطلاب أصبحوا جاهزين لهذه المرحلة، والأهم أنهم اكتسبوا الخبرة الدولية في سن مبكرة جدًا، وأدركوا أن تعلم اللغات أساس، وفهم الفروق الثقافية أساس، وأن التنوع ثراء، وهذه كلها قيم يعيشونها ويطبقونها بنجاح.

اقرأ أيضاً«تشاكي GPT».. دمية ذكاء اصطناعي تثير الذعر بين الأطفال

مزايا جديدة في خرائط «جوجل» مدعومة بالذكاء الاصطناعي.. تعرف عليها

المصرية للاتصالات تعلن اكتمال مشروع الكابل البحري 2Africa

مقالات مشابهة

  • مخاطر كبيرة للذكاء الاصطناعي.. كيف يمكن توظيفه لخدمة البشرية؟
  • وزير التعليم يزور مدارس البدرشين والصف ويتابع جودة العملية التعليمية
  • الأردن يطلق مشروع التوأمة مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز حماية البيانات والذكاء الاصطناعي
  • ورشة عمل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة
  • الأحساء تنتصر على «السكري» بالذكاء الاصطناعي وقصص الإلهام
  • طاهٍ بالذكاء الاصطناعي في دبي
  • مجموعة بلاتينيوم تستحوذ على حصة الأغلبية في “بريبير لابز” لإطلاق أول مصنع بيولوجي مدعوم بالذكاء الاصطناعي في أبوظبي
  • معايير جديدة لروبوتات دردشة آمنة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  • ليوناردو الإيطالية تكشف قبة ميكيلانجيلو المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز دفاع أوروبا
  • إيطاليا.. كشف خطط لبناء قبة دفاع جوي تعمل بالذكاء الاصطناعي