استعدادات رمضان تنعش صناعة الفواخير في ورشة «القط»«فن» من عجين
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
يُطوِّع بأنامله الطمى والطين، ويصنع منه أوانى فخارية بأشكال مختلفة. تلك المهنة التى ورثها الحاج محمد القط، وهو فى منتصف الخمسينات من عمره، عن أبيه وأجداده، وعلّمها للأجيال الجديدة، حتى أصبح عَلَماً من أعلام مدينة طنطا، يعمل فى واحدة من أقدم الحرف والمهن فى مصر، التى تعود إلى عهد الفراعنة والمصريين القدماء.
ينتج الحاج محمد القط يومياً آلاف القطع الساحرة من الأوانى الفخارية، مثل القلل والشقافات المستخدمة فى ديكورات العمارات وواجهات المنازل، إلى جانب الزير والطواجن المخصصة لصناعة القشدة الفلاحى.
وثَّقت عدسة «الوطن» مراحل تصنيع المنتجات الفخارية اليدوية المصنوعة من الطين والطمى، بدءاً من إعداد المواد الخام، وصولاً إلى تسليمها للعميل.
كشف محمد القط، فى الخمسينات من عمره، عن مراحل المهنة التى ورثها عن والده وأجداده، وسعى إلى تطويرها وتعليمها للأجيال الجديدة، إذ يقول: «أعمل فى هذه المهنة منذ أن كنت فى العاشرة من عمرى. إنها حرفة تتطلب مهارة ودقة وخيالاً وإبداعاً، فهى أشبه بفن الرسم بالريشة والقلم، كما أننا نحرص دائماً على مواكبة العصر والتكنولوجيا».
وعن مراحل التصنيع، أوضح: «نحضر الطين الناتج عن عمليات حفر العمارات باستخدام الجرارات، ثم نقوم بتنقيته من الشوائب، وتصفيته من الطوب، بعد ذلك ندخله فى أحواض لتجفيفه تماماً، ثم يبدأ التصنيع، وأخيراً يتم إدخاله إلى الأفران لحرقه».
تشتهر ورشة «القط» بصناعة القلل والأزيار وطواجن الطعام وأطباق الحمام والقصارى الخاصة بالمشاتل والأوانى الخزف والديكورات الخاصة للمنازل والعمارات، التى تضيف لمسة جمالية عليها: «أى صورة تجيلنا نقدر نعملها ونشكلها بسهولة ويسر».
تعتبر تلك المهنة من أكثر الحرف التى تتطلب وقتاً كبيراً للتمكن منها، حتى يستطيع العامل تقديم قطع مميزة تجعله يتميز عن غيره: «بنعلّم الطفل المهنة دى من وهو 5 سنين، ولما يكبر يكون صنايعى بريمو، قادر على تشكيل الطين بسهولة».
وعن المواسم التى يكثر فيها الطلب على تلك المنتجات، قال «القط»: «إحنا موسمنا بيبدأ من رجب، حتى شهر رمضان، خاصة على القلل والطواجن الفخارية، بنحاول طول الوقت نطور من الصناعة فى الصنع وعمليات الحرق والانتهاء من التصنيع بجودة وكفاءة عالية».
وصلت شهرة ورشة «القط» عالمياً، إذ يُصدر منتجاته للبلاد العربية والأوروبية، ليسطر اسمه بين أهل الفن والمبدعين، مضيفاً: «إحنا أصل المهنة وبنصدرها للسعودية وليبيا والكويت والإمارات وفرنسا وإيطاليا، والسعر بيختلف من كل قطعة لأخرى حسب السوق».
ربما يعتمد كثير من الأسر فى «طنطا» على تلك الحرفة لزيادة الدخل والمعيشة، إذ يعمل بها كثير من الأشخاص بمختلف الأعمار: «ربنا يكرم، والناس بتدور على الرزق الحلال، وشغلنا فاتح بيوت كتيرة، خاصة فى رمضان بنشتغل من بعد السحور، علشان نلاحق على طلبات العملاء».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صناعة الفخار ورشة صناعة الفخار صناعة الفواخير
إقرأ أيضاً:
كذبة صناعة الأعداء التحليل العميق
صراحة نيوز – كتب الدكتور عديل الشرمان
(اقرأ جيدا حتى النهاية إذا كنت تريد معرفة حقيقة ما يجري، وما ستؤول إليه الأحداث في المنطقة)
على مدى عقود مضت تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لسلسة من الاختبارات، وحرب الاستنزاف من قبل ايران، ومارست ايران أشد أنواع الاستفزاز ضدها، وكان الرد الأمريكي على كل هذه الاستفزازات خجولا، وأقل من مستوى الحدث، بالرغم من امتلاكها لأدوات الحسم، مما يجعلنا أمام مشهد مثير للاستفهام، وأمام حالة ظاهرية من الغموض.
في نهاية السبعينات من القرن الماضي احتجزت ايران عددا من الأمريكيين كرهائن، وقُتل ثمانية جنود أمريكان في سقوط مروحية أثناء عملية تحرير الرهائن، وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي قامت بتدبير التفجيرات التي استهدفت المصالح الأمريكية في الكويت، وتم تفجير مبنى قوات المارينز الأمريكية في لبنان أسفر عن مقتل أكثر من 240 جندي أمريكي واضطرها ذلك لسحب قواتها من لبنان.
وفي منتصف الثمانينات حصلت فضيحة (كونترا) عندما عُقدت صفقة تشتري بموجبها ايران السلاح من أمريكا مقابل إطلاق سراح الرهائن الغربيين المحتجزين في لبنان، وزرع الإيرانيون الألغام في مضيق هرمز، واستخدموا قوارب هجومية لإعاقة حركة السفن والناقلات الحربية الأمريكية، وأدى ذلك لإغراق واحدة من أكبر الناقلات الأمريكية عام 87 بعد اصطدامها بلغم ايراني، هذا بالإضافة إلى تعرض حلفاء أمريكيا في المنطقة لهجمات شبه يومية من خلال أذرع ايران وميليشياتها، وهناك الكثير من الاستفزازات التي تحتاج إلى بحث مطوّل.
أسئلة كثيرة يمكن أن تكون مثارا للجدل في هذا الصدد، فما هو سر الجرأة العالية، والتنمر الكبير الذي بات السلوك المميز لإيران في المنطقة، ولماذا لم تتعدى الولايات المتحدة حد التذمر من سياساتها، ومن هو الطرف الخاسر مما يحدث، ومن هو الرابح الأكبر مما يجري، وهل باتت إيران تملك عقولا بشرية خارقة تمكنها من إجادة فن اللعب على أوتار السياسة أكثر من غيرها، أم أنها صناعة العدو في الذهنية الأمريكية، تلك الصناعة التي تنعش الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الأمريكي، وهو سر الحياة والبقاء بالنسبة لأمريكا وإسرائيل.
بعد زوال خطر العدو اللدود للولايات المتحدة الأمريكية والمتمثل بالاتحاد السوفيتي والشيوعية، جاءت كذبة صناعة الإسلام كخطر قادم يهدد أمريكيا والعالم، لهذا برز مصطلح الإرهاب، وظهرت معه التنظيمات الإرهابية التي تبنت الأفكار المتطرفة كالقاعدة، وداعش، والنصرة وغيرها، وتحت ذريعة الخطر المتمثل بالتطرف الإسلامي تم احتلال أفغانستان، ومن ثم العراق، وتدمير سوريا.
وما أن ينتهي أو يضعف العدو المرعب والمخيف، حتى تبدأ صناعة عدو آخر، ولعل تهويل الخطر الإيراني والمد الشيعي هو الخصم والعدو البديل والمفترض، لكن ليس لأمريكا والعالم في المقام الأول هذه المرة، وإنما للمنطقة العربية على وجه الخصوص، وهذا الذي يجري تسويقه على هذا الأساس، وربما حصر خطر هذا العدو بالمنطقة على وجه التحديد يجعل الفوائد عظيمة للولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأن (البودي جارد) المعتمد والموثوق للدفاع عن المنطقة هو الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي يتقاضى أعلى الامتيازات والأجور مقابل عمله والتي تصل حد التريليونات.
هل وقعت إيران في الفخ، والذي تم استدراجها اليه، يتضح من مجريات الأمور أنها على الأغلب لن تنجو منه في الوقت القريب مهما حاولت القيام بأعمال تسعى من خلالها إلى تحسين صورتها الذهنية، ومهما نفذت من شروط أمريكية، ومهما التزمت بالقانون الدولي، حتى وإن وافقت على كل الشروط الأمريكية والاسرائيلية المتعلقة ببرنامجها النووي، لأن الأولويات باتت متعلقة ومرهونة بهدف أمريكي بالمقام الأول، وعالمي ثانيا، يتوافق مع نظريات صناعة الأعداء والخصوم في الفكر والذهنية الأمريكية ودوائر التخطيط فيها، ويلتقي مع أهداف إسرائيل الاستراتيجية في المنطقة.
والسؤال، لماذا يحتاج المرء إلى عدو أو خصم ظاهر في الوقت الذي يبحث فيه أو يدعي البحث عن السلم والسلام، ببساطة فإن وجود عدو بشكل دائم ومستمر يعني أن تكون يقظا ومتأهبا، ومستعدا، وتعمل على تطوير قدراتك والارتقاء بوسائلك، ويخلق لديك نوعا من التحدي يجنبك الانهيار، ويبعد الأنظار عن ما تعانيه من مشاكل داخلية، كما يقوي اللحمة بين أفراد المجتمع لمواجهة العدو المصطنع، وإليه أي للعدو المصطنع ممكن أن تعزو معاناتك وألَمك، وتجعله هدفا تنتقم منه في كل مرة تتعرض فيها لخيبات الأمل، كما أن وجود عدو مستمر يجعل الآخرين في حالة دائمة للبحث عن مضلة آمنة تحميهم مهما كلف ذلك من تريليونات ومن أثمان باهضة.
لذلك تجد أن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية عدم التوصل لأي اتفاق مع ايران بخصوص برنامجها النووي، فالمصلحة تكمن في بقاء خطر ايران لكن دون تمكنها من امتلاك السلاح النووي، وهذا يعني أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية من خلال يدها اللئيمة الوسخة في المنطقة بضرب المفاعلات النووية لإعادتها إلى الوراء خمس إلى عشر سنوات أو أكثر، وبمساعدة العملاء في إيران وبعضهم من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية، ثم ما أن تعيد ترميم ما خلفته الضربات، تبدأ معها جولة أخرى من الضغط والمفاوضات تفضي إلى ضربات أخرى متكررة بحيث يبقى الخطر الإيراني قائما ومستمرا، ومن ورائه تحقق الولايات المتحدة الأمريكية المكاسب.