تُعد الاتفاقيات التجارية ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد العماني وزيادة تنافسية المنتجات العمانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ووفقا لآراء الخبراء، فإن هذه الاتفاقيات تسهم في فتح أسواق جديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تحفيز القطاعات غير النفطية مثل الصناعات التحويلية، والزراعة، والطاقة.

ورغم الفوائد الكبيرة التي تقدمها الاتفاقيات التجارية، أشار خبراء في استطلاع مع "عُمان" إلى بعض التحديات التي تواجه سلطنة عمان في تطبيق هذه الاتفاقيات بشكل فعّال، والتي تتمثل في نقص تنوع الإنتاج المحلي، وضعف البنية الأساسية اللوجستية، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالمنافسة الخارجية، وأهمية تحسين الكفاءات الإدارية والقانونية، كما شددوا على ضرورة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ورفع جودة المنتجات المحلية، وتطوير البيئة القانونية والإدارية لتحقيق أقصى استفادة من هذه الاتفاقيات وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

تشجع حماية الاستثمارات

وقال الدكتور قيس السابعي، قانوني وخبير اقتصادي: إن الاتفاقيات التجارية تلعب دورا محوريا ومهما في تعزيز الاقتصاد العماني وزيادة تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق العالمية، وأوضح أن هذه الاتفاقيات توفر بيئة قانونية جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وتشجع على حماية الاستثمارات المشتركة، مما يسهم في انفتاح سلطنة عمان على الأسواق العالمية، كما تسهم الاتفاقيات في نقل التكنولوجيا واستثمار رأس المال البشري، مما يدعم قدرة سلطنة عمان على استقطاب المشاريع الكبرى، ومن أبرز فوائد هذه الاتفاقيات توفير الحماية للاستثمارات من المخاطر غير التجارية، مما يعزز ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية في البلاد.

ولفت السابعي إلى أن الاتفاقيات، إلى جانب المعاهدات ومذكرات التفاهم والصناديق المشتركة، تمثل ركيزة أساسية في الاستراتيجية الاقتصادية لسلطنة عمان، حيث تفتح آفاقا جديدة لتعزيز التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، وبالتالي تحقيق نمو اقتصادي مستدام ودعم "رؤية عُمان 2040".

وأشار إلى أن الاتفاقيات التجارية تفتح أسواقا جديدة للمنتجات والخدمات العمانية، حيث تؤدي إلى تحرير التجارة وزيادة التبادل التجاري مع الدول الشريكة، موضحا أن القطاعات الأكثر استفادة من هذه الفرص تشمل الصناعات التحويلية، التي تستفيد من التسهيلات الجمركية لدخول الأسواق الخارجية، وقطاع الخدمات الذي يزدهر من خلال تبادل الخبرات، بالإضافة إلى قطاع الطاقة والصناعات الثقيلة، الذي يجذب استثمارات جديدة، كما تسهم الاتفاقيات في دعم التنويع الاقتصادي وتعزيز سلاسل القيمة العالمية من خلال زيادة القيمة المضافة للصادرات العمانية، مما يساعد في تحويل سلطنة عمان من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة.

وفيما يتعلق بالتحديات، أكد السابعي أن سلطنة عمان تواجه بعض العقبات في تطبيق الاتفاقيات التجارية، من بينها التحفظات المجتمعية على تزايد الاستثمارات الأجنبية في بعض القطاعات، وذلك بسبب الحرص على الحفاظ على الطابع الثقافي التقليدي، كما أشار إلى أن غياب منصة إعلامية متخصصة تُعنى بجذب الاستثمارات والترويج للفرص الاقتصادية المتاحة يشكل عائقا أمام إبراز جاذبية سلطنة عمان للمستثمرين، وأضاف إن بعض الاتفاقيات التجارية تتطلب التفاوض مع الدول الشريكة على شروط قد تؤثر على بعض القطاعات المحلية، مما يستدعي تحقيق توازن دقيق بين المصالح الاقتصادية والسيادية.

وشدد السابعي على أهمية تعزيز الجهود الإعلامية لرفع الوعي بأهمية الاتفاقيات التجارية والاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى إنشاء منصات إلكترونية متخصصة توفر معلومات متكاملة للمستثمرين المحليين والدوليين، كما أوضح ضرورة تطوير الصناعات المحلية للاستفادة من المزايا التي توفرها هذه الاتفاقيات، مما يسهم في تنويع الاقتصاد العماني وتوسيع قاعدة الصادرات غير النفطية.

الحواجز التجارية

من جهتها، أوضحت الدكتورة شمسة بنت مسعود الشيبانية خبيرة اقتصادية، أن الاتفاقيات التجارية تتيح لسلطنة عمان الاستفادة من الإعفاءات الجمركية، وتسهيل حركة البضائع، وتقليل الحواجز التجارية، مما يعزز تنافسية المنتجات العمانية في الأسواق العالمية، كما تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تدعم تطوير البنية الأساسية وترفع جودة الإنتاج المحلي.

وأضافت إن هذه الاتفاقيات تلعب دورا محوريا في تسهيل الوصول إلى الأسواق الجديدة عبر إزالة القيود التجارية، الأمر الذي ينعكس إيجابا على القطاعات الإنتاجية، لا سيما الصناعات التحويلية، والمنتجات الزراعية والسمكية، وصناعات المعادن والطاقة المتجددة، كما تحفّز الاتفاقيات التجارية الشركات الصغيرة والمتوسطة على توسيع عملياتها وتعزيز حضورها في الأسواق الإقليمية والعالمية.

وأكدت الشيبانية أن الاتفاقيات التجارية تمثل أداة رئيسية لدعم التنويع الاقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية، إذ تفتح آفاقا واسعة لنمو قطاعات حيوية مثل الزراعة، والثروة السمكية، والسياحة، والصناعات التحويلية، كما تسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تدعم تطوير المشاريع المرتبطة بهذه القطاعات، وتعزز إقامة شراكات استراتيجية مع دول وشركات عالمية، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة الصادرات غير النفطية في الاقتصاد الوطني.

وفيما يتعلق بالتحديات، أشارت الشيبانية إلى أن سلطنة عمان تواجه مجموعة من التحديات في تطبيق الاتفاقيات التجارية وتعظيم الفوائد الاقتصادية، أبرزها ضعف البنية الأساسية اللوجستية، حيث إنه على الرغم من امتلاك سلطنة عمان موانئ ومناطق اقتصادية حرة متطورة، إلا أن هناك حاجة لتحسين شبكات النقل الداخلي، مثل الطرق والسكك الحديدية، وتعزيز كفاءة الموانئ في مناولة البضائع لمواكبة الطلبات المتزايدة نتيجة الاتفاقيات التجارية.

وأشارت إلى أن نقص التنوع في الإنتاج المحلي يمثل تحديا آخر، إذ يعتمد الاقتصاد العماني بشكل كبير على قطاع النفط والغاز، مما يحد من قدرة سلطنة عمان على الاستفادة الكاملة من هذه الاتفاقيات لتنويع صادراتها وتعزيز المنتجات غير النفطية، وأضافت إن عدم كفاية المعرفة بالأسواق الدولية يعد من العوامل المؤثرة، حيث تعاني العديد من الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، من نقص الخبرة في التعامل مع الأسواق العالمية، بما في ذلك فهم المعايير التجارية ومتطلبات التسويق والإجراءات الجمركية.

كما أوضحت أن المعايير والجودة تشكلان عائقا أمام القدرة التنافسية، إذ إن بعض المنتجات المحلية لا تتوافق مع المعايير العالمية المطلوبة في الأسواق المستهدفة، مما يقلل من فرص نفاذها إلى الأسواق ذات الطلب المرتفع على الجودة، ولفتت إلى أن المنتجات العمانية تواجه أيضا تحديات المنافسة الخارجية، حيث يؤدي دخول منتجات من دول أكثر تطورا أو ذات تكاليف إنتاج أقل إلى التأثير على قدرة المنتجات المحلية في المنافسة، سواء داخل سلطنة عمان أو في الأسواق الدولية.

التحديات الإدارية

مضيفة إن التحديات الإدارية والقانونية تشكل عاملا رئيسيا يؤثر على فعالية تنفيذ الاتفاقيات التجارية، إذ لا تزال بعض الإجراءات تعاني من التعقيد البيروقراطي، إلى جانب تأخر تحديث اللوائح والقوانين الداعمة لهذه الاتفاقيات، وأكدت أهمية تطوير بيئة تنظيمية أكثر مرونة وديناميكية لتعزيز الاستفادة من الفرص التجارية المتاحة.

وأكدت أنه لتجاوز التحديات وتعظيم الفوائد الاقتصادية، يجب تعزيز البنية الأساسية من خلال تطوير الموانئ والمطارات ورفع كفاءة شبكات النقل الداخلية لتسهيل حركة التجارة، كما يعد تنويع الاقتصاد المحلي خطوة أساسية عبر دعم القطاعات غير النفطية مثل السياحة، والثروة السمكية، والزراعة، والصناعات التحويلية، فضلا عن تشجيع الابتكار وريادة الأعمال.

كما أنه من الضروري رفع جودة المنتجات المحلية من خلال برامج تدريبية لتحسين الجودة وضمان توافقها مع المعايير العالمية، مما يعزز السمعة الدولية للمنتجات العمانية، أما على الصعيد الإداري، فيتطلب الأمر تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتطوير منظومة القوانين التجارية لتسهيل التعامل مع الاتفاقيات.

كما أن التوسع في المعرفة بالأسواق الدولية يساعد الشركات العمانية على دخول أسواق جديدة من خلال التدريب والبعثات التجارية، لافتة إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية سيسهمان في نقل التكنولوجيا وتطوير الصناعات المحلية، مما يرفع قدرة الاقتصاد العماني على المنافسة.

أسواق جديدة

من جهته، قال الشيخ راشد بن عامر المصلحي، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان: إن الاتفاقيات التجارية تعد أداة حيوية لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز حضور المنتجات العمانية في الأسواق العالمية، وأكد أن هذه الاتفاقيات تتيح فرصة مهمة لإزالة العوائق التجارية، مثل الرسوم الجمركية والقيود التقنية، مما يمكن الشركات العمانية من التوسع خارجيا والتنافس بمنتجات تتميز بالجودة العالية والأسعار التنافسية.

وأشار إلى أن تعزيز الصادرات العمانية من خلال هذه الاتفاقيات يسهم في استكشاف أسواق جديدة وتوسيع التعاون التجاري مع دول تتزايد فيها فرص الطلب على المنتجات العمانية، مثل الصناعات الغذائية، والمعادن، والزراعة، وبيّن أن قطاعات مثل الصناعات التحويلية، والأمن الغذائي، والخدمات اللوجستية يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة نتيجة للاستفادة من هذه الاتفاقيات.

منافسة المنتجات

وأوضح المصلحي أن هذه الاتفاقيات لا تخلو من تحديات، وأبرزها التكيف مع المعايير والمواصفات الدولية التي تفرضها بعض الأسواق، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة من المنتجات الأجنبي، لافتا إلى أنه لتجاوز هذه التحديات، ينبغي تكثيف الجهود لتعزيز جودة المنتجات العمانية وتطوير سلاسل الإمداد، إلى جانب تقديم الدعم الفني والمالي للشركات الصغيرة والمتوسطة لتمكينها من استغلال هذه الفرص بفعالية.

وفي ظل الجهود المبذولة لتطوير بيئة الاستثمار، يمكن للاتفاقيات التجارية أن تسهم بشكل كبير في دعم خطط التنويع الاقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية، إذ إن التوسع في الأسواق العالمية يعزز الطلب على المنتجات والخدمات العمانية، مما يسهم في إيجاد فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة.

ودعا إلى تنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية لتحقيق الاستفادة القصوى من الاتفاقيات التجارية، بما يسهم في تنويع مصادر الدخل، وزيادة الصادرات غير النفطية، وتحقيق التنمية المستدامة التي تواكب تطلعات سلطنة عمان المستقبلية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاستثمارات الأجنبیة الصادرات غیر النفطیة الاتفاقیات التجاریة فی الأسواق العالمیة الصناعات التحویلیة الصغیرة والمتوسطة التنویع الاقتصادی المنتجات العمانیة المنتجات المحلیة الاقتصاد العمانی البنیة الأساسیة هذه الاتفاقیات تنویع الاقتصاد أن الاتفاقیات بالإضافة إلى أسواق جدیدة مما یسهم فی سلطنة عمان کما تسهم من خلال إلى أن من هذه

إقرأ أيضاً:

أحلى من السكر بـ13 ألف مرة.. مادة خطيرة تتسلل إلى رئتيك عبر السجائر الإلكترونية

صورة تعبيرية (مواقع)

في اكتشاف صادم، كشفت دراسة علمية حديثة عن استخدام مادة صناعية فائقة الحلاوة تُدعى "النيوتام" في عشرات أنواع السجائر الإلكترونية المنكهة، دون أن يتم الإفصاح عنها في الملصقات أو مكونات المنتج، رغم أنها غير مرخصة للاستنشاق من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

الدراسة التي أجراها باحثون من جامعتي ييل وديوك، حلّلت 73 نوعًا من منتجات التدخين الإلكتروني المنكهة، ووجدت أن 57 منها – أي ما يقارب 80% – تحتوي على مادة النيوتام، وهي مادة تفوق السكر في الحلاوة بما يصل إلى 13,000 مرة.

اقرأ أيضاً شخص خطير أشعل الحرب بين ترامب وماسك.. وهكذا انهار التحالف الأقوى في أمريكا 8 يونيو، 2025 تحذير طبي صادم في العيد: "قطعة لحمة" قد تدمّر قلبك وتخرب دماغك وكبدك 7 يونيو، 2025

لكن الصدمة لم تقف هنا: فتركيز هذه المادة في بعض المنتجات جاء أعلى بخمسة أضعاف مما يوجد في حلوى النعناع التي تُستهلك غذائيًا.

النيوتام مصنّف من إدارة الغذاء والدواء كمُحلٍ آمن للاستخدام في الأطعمة فقط، لكن لم يُصرح باستخدامه في السجائر الإلكترونية، مما يفتح بابًا واسعًا للقلق حول السلامة التنفسية لهذه المادة عند تسخينها واستنشاقها.

 

علماء يدقّون ناقوس الخطر:

قال فريق البحث إن الآثار الصحية للنيوتام عند استنشاقها عبر التبخير لا تزال غير معروفة، ولا يُعرف بعد كيف تتحلل هذه المادة كيميائيًا عند تعرضها للحرارة. وقد تؤدي تفاعلاتها إلى تكوين مركّبات قد تكون ضارة أو حتى سامة على المدى البعيد.

اللافت أن هذه المنتجات غالبًا ما تُسوّق للأطفال والمراهقين بنكهات مغرية كالعلكة والفواكه، ما يثير تساؤلات خطيرة حول دوافع المصنعين ومدى الرقابة على تركيبة هذه المنتجات التي تدخل رئات ملايين المستخدمين يوميًا.

مقالات مشابهة

  • بنوك تنمية تعتزم ضخ 3 مليارات لمكافحة بلاستيك المحيطات
  • تعاون بين «الداخلية» وأكاديمية تنمية الطفولة
  • الأخلاق الناعمة في المجتمع العمانيّ
  • احتفاء بالمواسم العمانية
  • إشادة بجهود البعثة العمانية في تقديم الرعاية الصحية للحجاج
  • تباين في الأسواق العالمية وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين
  • خبير: أسعار النفط تتراوح بين 60 لـ 70 دولارًا للبرميل خلال الفترة المقبلة
  • "المطاحن العمانية" توظف الذكاء الاصطناعي  في إدارة الموارد البشرية
  • أحلى من السكر بـ13 ألف مرة.. مادة خطيرة تتسلل إلى رئتيك عبر السجائر الإلكترونية
  • تطوير شامل لـ 6 شوارع بحي المنيرة الغربية ضمن خطة تحسين تنمية الجيزة