في محراب القلوب.. رحلة الروح إلى بارئها
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
محمد حسين الواسطي **
في لحظات الصفاء حين تنجلي غشاوة المادة عن القلب، وتصفو المرآة من كدر الحياة اليومية، يجد المرء نفسه أمام حقيقة جوهرية: أن السعادة الحقيقية لا تكمن في تكديس المال، ولا في تحصيل المناصب، بل في ذلك الرباط الوثيق الذي يصل القلب بخالقه، والروح ببارئها.
إنها حالة من الأنس الإلهي، تتجلى في سلوك المؤمن وتعاملاته، فتراه يفيض رحمة على الخلق، ويشع نورًا في دروب الحياة.
وكما قال ابن الفارض (576 - 632هـ) في وصف العشق الإلهي الذي يسمو بالروح ويهذب القلب:
شَرِبْنا على ذِكْرِ الحَبيبِ مُدَامَةً
سَكِرْنا بِها مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ الكَرْمُ
ونحن اليوم، في رحاب شعبان، وعلى أعتاب شهر رمضان المبارك، أحوج ما نكون إلى هذا النوع من التربية الروحية التي تنعكس على سلوكنا اليومي، فالعبادة ليست مجرد طقوس وحركات، إنما هي روح تسري في جسد الحياة كلها، تهذب الأخلاق، وترقق الطباع، وتجعل الإنسان أكثر رحمة وتعاطفًا مع من حوله.
والعجيب أن هذا الارتباط الروحي بالخالق يجعل صاحبه في حالة دائمة من السكينة والطمأنينة، فكأنه يشرب من رحيق المحبة الإلهية كأسًا تسكر القلب قبل أن تسكر العقل، وتملأ الروح نشوة قبل خلق الوجود. كما قال الله تعالى في وصف الاطمئنان بذكره: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28).
إن هذا الحب المقدس، وهذا الارتباط الروحي، ليس ترفًا فكريًا أو حالة صوفية معزولة عن الواقع، بل هو منهج حياة متكامل. فمن صفا قلبه لله، صفت معاملاته مع خلق الله، ومن أحب الله حقًا، انعكس هذا الحب على تعامله مع أسرته ومجتمعه.
وفي زمن طغت فيه المادية، وكثرت فيه الضغوط النفسية، وتعقدت فيه العلاقات الاجتماعية، نحن بحاجة إلى العودة إلى هذا المنبع الصافي، منبع الحب الإلهي الذي يطهر النفوس من أدرانها، ويصقل الأرواح من صدئها، ويعيد للحياة بهجتها ومعناها، هو شراب روحاني طاهر يسكر القلوب بنشوة القرب الإلهي.
كما ورد في مناجاة الإمام علي -كرم الله وجهه- في شهر شعبان عن حب الله والخشوع له: "إلهي، هَبْ لي كمالَ الانقِطاعِ إلَيكَ، وأنِرْ أبصارَ قلوبِنا بضِياءِ نَظَرِها إلَيكَ، حتّى تَخرِقَ أبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ، فتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَةِ، وتَصيرَ أرواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدسِكَ".
فدعونا نجعل من هذه الأيام المباركة فرصة للعودة إلى الذات، وتجديد العهد مع الخالق، وترميم علاقتنا بمن حولنا، فالقلب حين يمتلئ بمحبة الله، لا يبقى فيه متسع للحقد أو الكراهية أو الأنانية، وحين تشرق شمس المعرفة الإلهية في القلب، تنجلي ظلمات النفس، وتتفتح براعم الرحمة والمحبة والإحسان.
** كاتب عراقي
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
واقعة تهز القلوب.. تفاصيل حادث كورنيش الشاطبي المروع
استيقظ سكان الإسكندرية على واقعة مؤسفة حيث لقي شخصين مصرعهما وأصيب 7 أخرين، جميعهم من اسرة واحدة، في حادث مروري مروع بكورنيش الشاطبي بالإسكندرية، حين اصطدمت سيارة بعدد من المارة بمنطقة الشاطبي وسط الاسكندرية.
ووفقا للتحريات الأولية فقد فقد السائق السيطرة على المركبة بشكل مفاجئ، ما أدى لانحرافها عن مسارها وانقلابها عقب صدمها للمارة وسط صرخات واستغاثات الأهالي الذين سارعوا لمحاولة إنقاذ الضحايا.
وعلى الفور، انتقلت 6 سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، حيث جرى نقل المصابين إلى المستشفى الميري لتلقي الإسعافات والعلاج اللازم، وتوفي شخصين في استقبال المستشفى.
كما هرعت قوات الأمن إلى الموقع، وفرضت كردون أمني لمنع اقتراب المارة، فيما قامت فرق المرور برفع آثار التصادم وإعادة حركة السير التي تعطلت بشكل جزئي.
وتم نقل الجثث قسم الاستقبال بالمستشفى الميري، وهم علي عبد الحليم عبد الحميد 50 سنة، توفي في قسم الاستقبال، وهيام صلاح مرسي السيد 47 سنة، وتوفيت في قسم الاستقبال.
وشملت حالات الإصابة نور علي عبد الحميد 12 سنة، اشتباه إصابة بالساق اليسرى والحوض، وهمس ممتاز حسين 12 سنة، كسر مضاعف بالقدم اليسرى والذراع اليسرى، وباسم حمدان حسين 19 سنة، واشتباه نزيف بالمخ والبطن، وممتاز حسين عواد 42 سنة، وكسر مضاعف بالساق اليمنى، وشيماء صلاح مرسي السيد 39 سنة، اشتباه كسر بالقدم اليسرى والذراع الأيمن، وملاك ممتاز حسين 18 سنة، اشتباه كسر بالقدم اليسرى وتسنيم علي عبد الحليم 30 سنة، جرح قطعي بالوجه واشتباه كسر بالفقرات الظهرية.
وباشرت النيابة العامة تحقيقاتها في الواقعة، إذ استمعت لأقوال السائق وعدد من الشهود، وطلبت تحريات المباحث حول ملابسات الحادث، كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
والقت قوات الأمن القبض على السائق المتسبب في الواقعة وامرت بحبسه على ذمة القضية.