سودانايل:
2025-11-04@18:00:14 GMT

وقف الحرب وسدا منيعا أمام تكرارها

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

بقلم: تاج السر عثمان

١
اشرنا سابقا إلى أن اندلاع الحرب في البلاد جاء امتدادا لمخططات إجهاض وتصفية ثورة ديسمبر بعد تجربة الشراكة الفاشلة مع العسكر والجنجويد،كما وضح من التجربة الماضية التي أكدت انها حرب ضد المواطن، حيث تم تدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك ومواقع الإنتاج الصناعي والزراعي، حتى أصبحت البلاد مهددة بالمجاعة، اضافة لقمع قوى الثورة كما في الاعتقالات والاغتيالات، والتعذيب الوحشي من طرفي الحرب ، اضافة للابادة الجماعية والتهجير القسري والعنف الجنسي من طرفي الحرب، واستمرار المأساة الإنسانية، وخطر تمزيق وحدة البلاد بتكوين الحكومة الموازية، وتحويل الحرب الي اثنية وعرقية أهلية تؤدي إلى إطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها ممما يهدد الأمن الإقليمي والدولي، فالحرب وسيلة لتحقيق أهداف سياسية بوسائل عسكرية، تم ذلك بعد خطوات التراجع عن الثورة ، كما في الآتي :
- خرق “الوثيقة الدستورية” الذي تجلى في : عدم القصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام وبقية الانتهاكات ، ونهج السلام في جوبا المخالف للوثيقة الدستورية في عدم تكوين المفوضية والاستعاضة عنها بمجلس السلام، نهج المحاصصات في اتفاق جوبا بدلا عن الحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، والبطء في تفكيك التمكين واستعادة الأموال والممتلكات المنهوبة، رغم الجزء الضئيل الذي تمّ استرداده، ، وتأخير تكوين التشريعي والمفوضيات.


- تدهور الأوضاع المعيشية مع تآكل الأجور، وعدم تركيز الأسعار حتى لايبتلع السوق الزيادات كما حدث سابقا ،وإصرار الحكومة على الاستمرار في الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي في رفع الدعم وتخفيض الجنية السوداني، بعد أن ضربت بعرض الحائط توصيات المؤتمر الاقتصادي ، مما ضاعف من معاناة الجماهير.
- انعدام الأمن ومصادرة حق الحياة ، واشتداد حدة الصراع القبلي ، وتعدد الجيوش بعد اتفاق جوبا في المدن الذي يهدد بتمزيق وحدة البلاد، وعدم الترتيبات الأمنية لحل الجنجويد ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية ، واستمرار التفريط في السيادة الوطنية.
- تصعيد مخطط الفلول لقلب نظام الحكم من خلال مواكبهم وتخريبهم للاقتصاد ، وإغلاق الشرق ، حتى تدبير اعتصام الموز مع حركات جوبا ، وتدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي أعلن البرهان في بيانه : حالة الطوارئ ، حل مجلسي السيادة والوزراء ، اقالة ولاة الولايات ووكلاء الوزارات ، إعادة التمكين في الخدمة المدنية. وتم القمع الوحشي للمواكب السلمية التي أدت لاستشهاد أكثر من (125) شهيد ، واصابة أكثر من 5 الف شخص، اضافة للمجازر التي حدثت في دارفور والشرق. الخ.
٢
الشاهد أن ما جاء في بيان الانقلاب نفس مطالب الفلول ،ودعوة محمد الأمين ترك للانقلاب العسكري ، واعتصام القصر المصنوع ،وما جاء في دعوات التدخل الخارجي ، بهدف قطع الطريق أمام التحول الديمقراطي ، وقيام نظام ديمقراطي يكون مؤثرا في المنطقة ، بهدف استمرار التبعية والخضوع لإملاءات الصندوق والبنك الدوليين و نهب موارد البلاد وتثبيت الاتفاقات التي تمت كما في القواعد العسكرية في البحر الأحمر ، والاستمرار في حلف اليمن وارسال المرتزقة لها ، والإبقاء على اتفاقات ايجارات الاراضي التي تصل عقودها لمدة 99 عاما ، والتعدين التي تنال فيها الشركات 70% من العائد ، والاستمرار في احتلال إثيوبيا للفشقة ، ومصر لحلايب وشلاتين. الخ ، والتطبيع مع الكيان العنصري الصهيوني الخ.
٣
بعد فشل الانقلاب والمقاومة الباسلة التي وجدها في الشارع ،جاءت التسوية على أساس الاتفاق الإطاري بتدخل خارجي التي طمست محاكمة المسؤولين عن جرائم مجزرة فض الاعتصام، ومابعد انقلاب 25 اكتوبر ، وجرائم الابادة الجماعية في دارفور ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية، وتفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ،والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع ، والمحاسبة على كل الجرائم ضد الانسانية والفساد التي ارتكبت بعد انقلاب يونيو 1989 كما في بعض القضايا المرفوعة في المحاكم ، والحل الشامل والعادل بعد إلغاء اتفاق جوبا ، كما تجاهلت حل جهاز الأمن وإعادة هيكلته ليكون لجمع المعلومات ، وحل الجنجويد ، وقوات الحركات المسلحة ، ومليشيات المؤتمر الوطني بمختلف مسمياتها المعروفة وجمع السلاح، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وضم كل شركات الجيش والأمن والجنجويد والشرطة والاتصالات والذهب لولاية وزارة المالية، وقيام المؤتمر الدستوري ، وانجاز مهام الفترة الانتقالية التي تضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهايتها.
بعد ذلك دار الصراع حول مدة دمج قوات الدعم السريع في الجيش الذي فجر الصراع المكتوم ، وأدي لانفجار الحرب التي في جوهرها صراع حول السلطة والثروة ، وبدعم محاور اقليمية ودولية تهدف لنهب ثروات البلاد كما اشرنا سابقا.
٤
واخيرا تكرار التجربة الفاشلة في الشراكة مع العسكر والدعم السريع، والافلات من العقاب لن يحل أزمة البلاد بل يزيدها تعقيدا، ويعيد إنتاج الحرب، فلا بديل غير مواصلة التصعيد الجماهيري وتقوية التحالفات القاعدية في الداخل والخارج لوقف الحرب ، ودرء آثارها ، واستعادة مسار الثورة، وخروج العسكر والجنجويد من السياسة والاقتصاد ، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب وبقية الانتهاكات ، والخروج من الحلقة الشريرة للانقلابات العسكرية باستدامة الحكم المدني الديمقراطي والتنمية ، والسلام الشامل والعادل ، والتحضير للمؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ، ويتم فيه التوافق على دستور ديمقراطي ، وقانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: کما فی

إقرأ أيضاً:

رسالة ونداء لقادة الجيش حول وقف إطلاق النار الإنساني

رسالة ونداء لقادة الجيش حول وقف إطلاق النار الإنساني

ياسر عرمان

بعد سنوات ليست بالقليلة شهدت فيها أكثر من ثلاث حروب، وشاركت في بعضها من مواقع رفيعة لم يتبق لي من وقت سوى أن امضيه في قول الحق ومناصرة شعبنا دون سواه ودون دوافع شخصية أو رغبة في سلطة أو مال أو محاباة لسلطان، لا نفرق بين احد من بنات وابناء شعبنا بسحناته وتنوعه البديع، ومن موقعي هذا أتقدم بهذا النداء لقادة القوات المسلحة السودانية وانا ثابت في موقفي وموقعي ضد هذه الحرب ومع اعتزالها والدعوة لوقفها وإنهائها، وان هذه الحرب كان من الأفضل ان تحل قضاياها المعقدة باللسان قبل السنان، والأهم اليوم هو كيفية وقفها قبل ان تقضي على ما تبقى من شعبنا وبلادنا، وإلى قادة القوات المسلحة السودانية أقول انكم لا شك تعلمون ان خوض الحرب أسهل من وقفها منذ حروب القبائل القديمة وداحس والغبراء ودموع الخنساء على صخر ومعاوية ووصايا زهير بن أبي سلمى العظيمة، ومخزون حكمة قبائلنا السودانية في انهاء الحروب، فأنتم اليوم في ظرف دقيق واستراتيجي لا تحكمه العواطف بل يحكمه برود العقل ومصلحة الشعب والوطن، وما هو في مصلحة الشعب والوطن يجب ان يكون منطقياً في مصلحة الجيش.

دعاة الحرب وسماسرتها وأساطين المكر الحالمين في الجلوس على الكراسي والإمساك بالصولجان هم من يعارضون الهدنة الانسانية، ولازلت أؤمن ان فضاء الجيش ومصلحته أوسع من ضيق أحذية الإسلاميين الذين يعارضون وقف الحرب ويدعون شعباً جائعاً انهكته الحروب وسكاكينهم الطوال وبنادقهم الصدئة التي لم تشرب إلا من دماء الشعب، يدعونه للتعبئة العامة.

لماذا أوجه هذا النداء؟

1/ الجيش يعاني من خلل بنيوي وتاريخي ويعاني من معضلات غير مسبوقة، ووقف إطلاق النار الانساني بقدر ما يخدم الشعب والنازحين والمشردين والجوعى وضحايا الانتهاكات ومن اخرجوا من بيوتهم يخدم الجيش استراتيجياً وتكتيكياً، فعلى المدى القصير الجيش يحتاج لاستراحة والأصح هو تطوير الهدنة الإنسانية لوقف وانهاء الحرب واستخدام اللسان عوضاً عن السنان فالحرب مكلفة وبلادنا العزيزة على المحك، والسلام العادل وحده يخدمها.

2/ الجيش لن ينصلح حاله إلا بخروج الاسلاميين وكل من له حزب سياسي يجب ان يخرج من صفوفه ويبنى على أساس المهنية والتوافق على مشروع وطني ديمقراطي والمصالحة وان يعكس التنوع السوداني ومصالح جميع الأقاليم.

3/ السودان محاط بأحزمة جيوسياسية عنوانها عدم الاستقرار في البحر الأحمر والقرن الأفريقي والساحل وهو اليوم محاط بالطامعين بارضه وثرواته وهم كُثر، وليس له بمنجاة إلا بإعادة اللحمة الوطنية والقدر الكافي من الإجماع وهو الطريق الذي يحمي ويصون، وقد كادت ثورة ديسمبر ان تحقق ذلك.

4/ الإسلاميون يدفعون الجيش نحو التفكك ودلت تجربتهم بعد أكثر من ثلاثة عقود انهم لا يملكون حلول وفاقد الشيء لا يعطيه، وشعبنا سيدعم الهدنة وسيدعم توقيع الجيش عليها، وفتح الطريق نحو حوار وطني حقيقي وبدلاً من الحرب يمكن للجيش ان يطرح رؤية واضحة لانهاء الحرب وبناء جيش وطني واحد يتوجه نحو السلام على أسس واضحة، إن الهدنة ستقرب الجيش من الشعب والمجتمع الاقليمي والدولي، وإن أُحسن استخدامها وحسنت النوايا ستدعم وحدة السودان وسيادته.

في الختام أتوجه لقادة الجيش وضباطه وضباط صفه وجنوده بهذا النداء ويدفعني إليه محبة شعبنا وأهلنا ولأن هذه البلاد تهمنا وكم حلمنا بأن تأخذ موقعها الريادي بين الأمم.

3 نوفمبر 2025

الوسومالإسلاميين البحر الأحمر الجيش الحروب القرن الأفريقي القوات المسلحة الهدنة ثورة ديسمبر ياسر عرمان

مقالات مشابهة

  • قطر تتضامن مع أفغانستان في مواجهة آثار الزلزال الذي وقع في شمال البلاد
  • رسالة ونداء لقادة الجيش حول وقف إطلاق النار الإنساني
  • الجيش اليمني يعلن مقتل قيادي ميداني بجماعة الحوثي جنوب غربي البلاد
  • الرئيس الإيراني يتعهد بإعادة بناء المنشآت النووية التي دمرتها الحرب
  • قرقاش يدعو إلى حلول تدعم السلام بالمنطقة وقيام «دولة فلسطينية»
  • الحرب التي أعادت تعريف الوعي.. من نصر غزّة إلى يقظة الأمة
  • خبير : الحرب على غزة قلبت معادلات جيش العدو التي اعتاد عليها في حروبه السابقة
  • أبو بكر سيد أحمد: أنا ضد الحرب و الصراع بين الجنجويد والكيزان الذين ورّطوا الجيش
  • انتحار أحد أقدم كبار ضباط الجيش الإسرائيلي بسبب الحرب
  • ترامب يهدد بتدخل عسكري في نيجيريا بسبب اضطهاد المسيحيين