صوت لا يموت .. معرض الكتاب يحتفل بذكرى أم كلثوم
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
احتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ56، بقاعة الصالون الثقافي، في ختام الفعاليات الفنية والثقافية بسلسلة "أرواح في المدينة" للكاتب الصحفي محمود التميمي، التي كانت مخصصة للاحتفاء بـ "البحث عن أم كلثوم"، وجاء هذا الحدث متزامنًا مع الذكرى الخمسين لرحيل أم كلثوم، حيث وافق موعده يوم 5 فبراير 1975، يوم تشييع جنازتها.
قال الكاتب الصحفي محمود التميمي إن سلسلة أمسيات "أرواح في المدينة" تستلهم الأرواح الجميلة والجليلة التي استقرت في فضاء القاهرة، مشيرًا إلى أن المشروع بالكامل يحمل اسم "القاهرة عنواني".
وأكد فخره بمصر وعاصمتها، وأضاف: "كل سنة ننظم ليلة خاصة بأم كلثوم، وهذا هو العام الثالث على التوالي الذي ننظم فيه أمسية لها".
وأوضح التميمي أن ما دفعه لهذه الفكرة هو الحنين إلى الماضي الجميل لهذه العاصمة، والبحث عن الأرواح النبيلة التي عاشت واستقرت فيها، مشيرًا إلى أن أم كلثوم كانت واحدة من أعظم هذه الأرواح وأكثرها تأثيرًا.
وقال: "الاحتفاء بمرور 50 عامًا على رحيل أم كلثوم ليس احتفالًا بغيابها، فهذا الأمر لا يدعو للاحتفال، وإنما هو احتفاء باستمرارها واستقرارها وتفوقها حتى اليوم، رغم رحيلها".
اعتمد التميمي في عرض مشروعه "أرواح في المدينة" على أسلوب شيق، حيث قدم فيلمًا نادرًا لحفل لأم كلثوم في طنطا بتاريخ 8 مايو 1968، قام بتصويره المخرج يوسف شاهين، ولم يظهر هذا التسجيل إلا في فيلمه "حدوتة مصرية". وكان هذا الحفل مميزًا، حيث غنّت فيه أم كلثوم "ألف ليلة وليلة"، وقدمه بصوته المذيع جلال معوض. كما كشف الفيلم أن إيرادات الحفل، والتي بلغت 268 ألف جنيه، تم تخصيصها لإعادة بناء مدن القناة، وتم تكريم أم كلثوم بإهدائها "مصحفًا".
أوضح أن إخراج هذا الحفل كان مختلفًا تمامًا، وذلك بفضل رؤية يوسف شاهين. فقد سمعت أم كلثوم عن شاهين بعد حصوله على وسام التفوق من الرئيس جمال عبد الناصر، وقررت التعاون معه لتصوير أغنيتها "طوف وشوف". لكن شاهين طلب منها أن يصور شيئًا عن حياتها، فوافقت ومنحته تصريحًا مفتوحًا لتصوير كل حفلاتها.
جمهور أم كلثوم والذكريات
استعرضت الأمسية أيضًا القصة الحقيقية لأشهر معجبي أم كلثوم، حافظ الطحان، الذي اشتهر بجملته الشهيرة: "عظمة على عظمة يا ست". ولم يفوّت الطحان أي حفل لأم كلثوم منذ عام 1935، أي منذ بداية بث حفلاتها الشهرية عبر الإذاعة، التي كانت قد افتتحت رسميًا عام 1934 بأول حفل لأم كلثوم. وظل الطحان يحضر حفلاتها حتى آخر حفل لها عام 1974. واستند التميمي في عرضه لهذه القصة إلى حوار أجراه الطحان مع مجلة الكواكب عام 1963. كما تحدث عن معجب آخر كان يعشق أم كلثوم، وهو فؤاد الأطرش، شقيق فريد الأطرش وأسمهان. وتطرق إلى الجمال الفريد الذي كانت تُبرزه عدسات المصورين في حفلات أم كلثوم، حيث التقطوا صورًا لا تُنسى لجمهورها المتفاعل معها.
**أم كلثوم.. صوت النضال**
لم تقتصر أم كلثوم على الغناء العاطفي، بل كان لأغانيها الوطنية دورٌ بارز في شحذ الهمم وبث الأمل. فقدمت أعمالًا خالدة مثل "أصبح عندي الآن بندقية"، "رافعين راية النصر"، و"إنا فدائيون". ولم تكن هذه الأغاني مجرد أناشيد حماسية، بل كانت تجسيدًا لمشاعر وطن بأكمله يسعى لاستعادة كرامته.
كان دعم أم كلثوم للمجهود الحربي جزءًا من التزامها العميق بقضايا الوطن. حتى أن أعلى أجر حصل عليه فنان عربي في باريس كان من نصيبها، حيث تقاضت 14 ألف جنيه إسترليني، لكنها تبرعت به بالكامل للمجهود الحربي، بكل محبة وإخلاص.
ورغم رحيلها، ظل صوتها رمزًا للصمود والإصرار، يذكّر المصريين والعرب جميعًا بأن الفن يمكن أن يكون سلاحًا قويًا في مواجهة التحديات. واليوم، لا تزال أغانيها الوطنية تُبث في كل مناسبة قومية، لتؤكد أن "الست" لم تكن مجرد مطربة، بل كانت روحًا نابضة بحب مصر، وسندًا للأمة في أشد لحظاتها احتياجًا لصوت يرفع راية الأمل.
وفي النهاية، كان الهدف من هذا المشروع هو البحث في ما حدث لهذا الجمهور، الذي كان يومًا ما يحتشد لحضور حفلات أم كلثوم، وكيف تغيرت علاقة الناس بالفن مع مرور الزمن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: معرض الكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب ام كلثوم ذكرى رحيل ام كلثوم أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
إذا كانت الحروب تُقاس بخواتيمها
الحرب التي شنّها التحالف الإسرائيلي الأميركي على إيران، واستمرت 12 يوماً، لم تكن حرباً انتقامية، وهي ليست حرباً ذات أبعاد تكتيكية، كما أن التخطيط لها استغرق سنوات من التحضير، لم تتوقف خلالها الاغتيالات، وحرب الاستخبارات، والرصد وحروب الظلّ.
بنيامين نتنياهو وضع لهذه الحرب، عنوان «الحرب الوجودية»، وكذلك فعل الإيرانيون الذين اتسم خطابهم بالتهديد لإنهاء وجود الدولة العبرية.
نتنياهو أعلن مراراً أنّ هدف الحرب التي شنّها على ما يقول إنّها رأس محور الشرّ، التخلّص نهائياً من المشروع النووي الإيراني، وتدمير قدراتها الصاروخية والتسليحية، وعدم تمكينها من معاودة بناء ترسانتها الصاروخية والمسيّرات، غير أن الهدف الرئيس تغيير النظام القائم.
تغيير النظام، استدعى اغتيال عدد كبير من قيادات الجيش و»الحرس الثوري» و»الباسيج»، وعدد كبير من العلماء، فضلاً عن محاولة تأجيج المجتمع الإيراني الذي يئنّ تحت وطأة العقوبات الاقتصادية والحصار المديد، والعقوبات المتزايدة من قبل الدول الغربية.
الضربة الاستهلالية كانت واسعة، وصعبة جدّاً على إيران، وأدّت إلى تعطيل شبه كلّ الدفاعات الجوية، وفتح الأجواء أمام تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي الذي لم يغادر سماءها من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها.
القيادة الإيرانية، التي انطلت عليها عملية التضليل الواسعة والمُحكَمة التي نظّمتها الإدارة الأميركية مع الإسرائيليين، استعادت بسرعة تنظيم صفوفها واستيعاب الضربة، وتعويض مواقع المسؤولية والدخول في مرحلة الردّ، وكما أنّ القيادة الإيرانية وقعت في فخّ الخديعة، فإن نظيرتها الإسرائيلية على الأرجح، لم تكن قد توقّعت حجم ونوع القدرة الإيرانية على خوض مواجهة مؤلمة لدولة الاحتلال لم تعهدها منذ تأسيسها العام 1948.
هدأت جولة ولم يهدأ الصراع، فلا دولة الاحتلال انهارت كما كان يهدّد الإيرانيون، ولا النظام الإيراني سقط، أو حتى لم يعد تهديداً إستراتيجياً للكيان كما يدّعي نتنياهو وفريقه.
إذا كانت الحروب تُقاس بخواتيمها، فإن النتائج التي تحقّقت حتى الآن لا تعطي لأيّ طرفٍ أفضلية إعلان الانتصار.
الإسرائيليون في حكومتهم الفاشية و»المعارضة»، أعلنوا الانتصار مبكراً إذ ادّعى نتنياهو أنّه حقّق انتصاراً ساحقاً وإستراتيجياً على إيران، وطمأن الإسرائيليين أنه أنهى التهديد الإيراني.
نتنياهو فعل ذلك مراراً، بعدما جرى على الجبهة اللبنانية، وحين توقّفت المقاومة العراقية عن الإسناد، وأعلن أنّه سيواصل حربه على غزّة، لتحقيق الانتصار الحاسم، وإنهاء كل بؤر التهديد الذي يواصل القول إنه يستهدف وجود كيانه الكولونيالي.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الآخر، احتفل على طريقته بالقدرات التي تمتلكها بلاده، وتفوّق الأسلحة الأميركية.
بين الحين والآخر، يدّعي نتنياهو أنه لم يكن ليوقف الحرب لولا الضغط الأميركي، خصوصاً بعدما اعتقد أنّ الطائرات الأميركية العملاقة قد قضت تماماً على المنشآت الخاصّة بالبرنامج النووي بعد اغتيال نحو 15 عالماً إيرانياً.
في الواقع فإنه هو من أراد وقف الحرب فهو كان قد أعلن بعد ضرب المنشآت النووية الإيرانية، أنّه مستعدّ لوقف الحرب، على اعتبار أن ما قامت به الطائرات الأميركية يشكّل المشهد الأخير الذي يمكنه من إعلان النصر.
وفي ذات السياق، طالب ترامب من إيران إعلان الاستسلام، والإذعان، لكن لا ما أراده ولا ما أراده نتنياهو قد حصل.
في الواقع فإنّ ترامب أظهر بصيرة، لا تتفق مع الهوس الإسرائيلي للحرب، التي أصبحت الملاذ الوحيد لنجاة نتنياهو لأطول فترة ممكنة.
يدرك ترامب، التداعيات المترتّبة على استمرار الحرب، في الموقع الإستراتيجي الذي تحظى به إيران، ذلك أنّ سقوط الأخيرة من شأنه أن يقلب المنطقة، ووسط آسيا وشرقها رأساً على عقب، ما تحرّكت معه مؤشّرات دخول حلفائها على الخطّ ابتداءً من باكستان، إلى الصين وروسيا وكوريا الشمالية الذين ستكون لنهاية الحرب، أبعاد إستراتيجية خطيرة على بلدانهم ومصالحهم ونفوذهم.
أن تسقط إيران، فإنّ تأثير ذلك له أبعاد هائلة على أميركا وحلفائها، وعلى مجرى الصراع الجاري بشأن النظام العالمي.
الحروب لا تُقاس بحجم الخسائر، ولكن بمآلاتها وتداعياتها اللاحقة. أحد المسؤولين الإيرانيين كان مُحقّاً حين قال بعد توقّف القتال، إن الحرب قد بدأت للتوّ.
باعتراف معظم المراقبين، فإنّ المشروع النووي الإيراني لم ينتهِ، وأنّ بالإمكان استعادة ما تمّ تدميره. فالعلماء موجودون والخبرة موجودة والإمكانيات كذلك والأمر يتعلّق بالإرادة، وهي أشدّ صلابة ممّا مضى.
إيران ستحاول التقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم صفوفها، وقدراتها، وتمكين نظامها السياسي، وتنظيف ساحتها الداخلية من الاختراقات الأمنية، وستجد من حلفائها المساعدة والدعم.
دولة الاحتلال ومعها أميركا، ستواصلان تخريب البنية الداخلية للنظام السياسي الإيراني، بهدف إسقاطه في الأساس من الداخل. ولكن إذا كانت إيران بحاجة إلى فترة التقاط الأنفاس وهي قادرة على إعادة بناء الذات، فهل ينطبق الأمر على الدولة العبرية؟
ما تعرّضت له الدولة العبرية كلها، من شأنه أن يقوّض الأمن ويدفع الكثيرين للمغادرة، هذا عدا الخسائر المادية والاقتصادية، والمكانة.
ستتفرّغ إيران لمداواة جراحها، وستمتلئ شوارع دولة الاحتلال بالاحتجاجات والصراعات والتناقضات، فجرح غزّة لا يزال غائراً بينما يواصل نتنياهو حروبه على المنطقة.
الأيام الفلسطينية