تجمع الحرب في شرق أوكرانيا بين حرب الخنادق والتكنولوجيا العالية، حيث القتال يدور بلا رحمة على الخطوط الأمامية، ويواصل الجنود الأوكرانيون عملهم ويحسنون آلاتهم ويجعلونها أكثر قوة بدأب ومثابرة.

هكذا افتتحت صحيفة لوفيغارو تقريرا من الخطوط الأمامية لمبعوثها الخاص من بوكروفسك لوران لارشر ، قال فيه إن الأوامر "احفر.

ادفن نفسك. افعل ذلك جيدا، لا تنتظر. اختفِ. احمِ نفسك. راقب. انتظر"، تتواصل إلى الجنود في بوكروفسك، حيث قيل منذ أسابيع إن هذه المدينة توشك أن تسقط.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف فرنسية: الاستيطان الأميركي في غزة فكرة شنيعةlist 2 of 2صحف إسرائيلية: هل ترامب صاحب رؤية أم بائع وهم؟end of list

ويروي جندي المشاة إيغور من تحت أكوام الأرض المقلوبة والأغصان والأخشاب، متباهيا بشبكات التمويه، قائلا إن "روسيين ظهرا أمام موقعنا، توقفا دون رؤيتنا، وكنا ثلاثة. أفرغنا مخازننا، وقطعتهم رصاصاتنا. ذكرى لا تنسى".

ويتابع إيفان أنه لا شيء أصعب من العيش ملتصقا بالوحل بعد المطر أو ذوبان الثلج، عندما تنخفض درجة الحرارة إلى أقل من صفر مئوية، وربما حتى -30 درجة، حيث "أقمنا دفاعاتنا ونقطة المراقبة والخنادق.

وسط الخنادق

ويختبئ هؤلاء الجنود تحت المباني وفي شقق معتمة، ومن هناك يراقبون على الشاشة الصور التي تنقلها الطائرات المسيرة، ويقومون بالأعمال القتالية، ويحتفلون بالانتصارات ويندبون النكسات في ظل الضجيج المستمر للقذائف التي تغادر مواقعهم أو تسقط عليها.

إعلان

هذه الطلقات القوية والانفجارات الخافتة هي علامة الجبهة وترنيمتها المرعبة -كما يقول المراسل- ويجب أن تعتاد على ذلك، يقول الجوكر، وهو أحد أبطال الفيلق 68 إن "الحمقى وحدهم هم الذين لا يخافون في بوكروفسك"، رغم أنه جمع ميداليات الأسلحة، ويقول أحد رفاقه إن "الروس حاصروه وتمكن من عبور خطوطهم والعودة إلى خطوطنا".

وأوضح المراسل أن حياة هؤلاء جولة مأساوية يتكرر فيها كل شيء، سبعة أيام من الوقوف في الموقع وسبعة أيام من الراحة في منازل فارغة على بعد بضعة كيلومترات، عبارة عن أكواخ ريفية من بداية القرن الماضي تتم تدفئتها بمواقد الحطب، يقول الجوكر "في أسبوع الراحة ننام لمدة 48 ساعة ثم نبدأ بالتدريب".

وشبه الكاتب الحرب في دونباس بالحرب العالمية الأولى بخنادقها وأجوائها، ولكن في زمن الطائرات المسيرة والمراقبة والتكنولوجيا العالية، مشيرا إلى أن الحفاظ على بوكروفسك، والحفاظ على الرجال والنفس والموقع أمر صعب، خاصة أن الأوكرانيين أصبحوا يعانون من نقص الرجال، كما أن العقلية لم تعد كما كانت في البداية بسبب التعب.

الجبهة الأخرى

وعلى جبهة كراماتورسك، على بعد نحو 80 كيلومترا شمال بوكروفسك، يواصل الروس الضغط والتقدم أيضا، وهم يحاولون محاصرة المدينة الصناعية الكبيرة بحركتين شموليتين، أو ما يسمى "تأثير الكماشة" لقطع محاورها اللوجستية، وفي مواجهتهم تحصن اللواء 63 في غابة سيريبريانسكي، المعروفة باسم "غابة المعجزات".

تستمر طائرات الروس المسيرة في الهجوم، والمدفعية الأوكرانية ترد عليها، ويبقى الرجال في المخابئ، والدبابات تستمر في القصف والقذائف في السقوط، وتتوالى الانفجارات، ثم يتوقف ذلك، ثم يتكرر، والفرقة 63 مسيطرة على الغابة التي تغطي مدينة ليمان، القفل الإستراتيجي الذي يحمي كراماتورسك وسلوفينسك.

في أعماق هذه المدينة يقع مستشفى ميداني يعالج فيه الجرحى من خطوط المواجهة قبل إجلائهم إلى مرافق مجهزة بشكل أفضل، وهو المكان الأخير في المدينة الذي لا تزال فيه الحياة، بعد أن أصبحت ليمان مدينة أشباح.

إعلان

يقول فولوديمير، أحد الجراحين الأربعة المخصصين في هذا القبو الضيق مبتهجا "الوضع اليوم هادئ، لم نتدخل إلا حوالي عشر مرات، أقل بكثير من إصابة المئات في بعض الأيام"، ويدعي هذا الطبيب أنه عالج وأنقذ آلاف الجنود ويقول " سعداء حتى لو لم نحي الأرواح التي فقدناها". ويضيف أنه عالج 10 من الروس.

ومنذ صيف عام 2024، تواصل القوات الروسية التقدم بعنف نحو جنوب كراماتورسك، ويواجهها جنود اللواء الخامس بالكر والفر، يقول الملازم الثاني روبين "قبل أمس هاجمونا 40 مرة، وأمس 27 مرة، واليوم أطلقوا العنان لأنفسهم. إنهم أكثر عددا ولديهم موارد أكبر، وهم غير مبالين بحياة جنودهم"، إلا الأوكرانيين يستمر في القتال بالوسائل المتاحة للتعويض عن نقاط ضعفه.

وعندهم هناك -كما يقول المراسل- ثلاثة رجال يعيشون في منزل مختبئين في عزلة تامة على مشارف كراماتورسك، وهم يقومون بإعداد الآلات قبل إرسالها إلى جنود المشاة، ويقومون باللحام والتجميع وتركيب المعدات، ويقول تح قائدهم الملازم سيرج (30 عاما) إن "طائراتنا المسيرة تعمل العجائب، ينقذون الأرواح من خلال جلب الغذاء والدواء والمياه والذخيرة إلى مواقع القتال. وتعيد الجرحى تحت نيران العدو، وتطلقون النار على من يقترب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

من الملاجئ إلى قبرص: شبان يروون لحظات الخوف في إسرائيل

روى شبان تم إجلاؤهم من إسرائيل إلى قبرص بسبب التصعيد العسكري، تجاربهم القاسية مع القصف واللجوء إلى الملاجئ، مشيرين إلى شعور بالخوف والذنب لتركهم البلاد. اعلان

تجمع عدد من الشبان والشابات في ميناء ليماسول القبرصي بعد إجلائهم من إسرائيل، حيث رووا لوكالة "أسوشيتد برس" تفاصيل تجاربهم الصادمة خلال أيام من القصف والهرب إلى الملاجئ.

معظم هؤلاء كانوا يشاركون في برنامج "بيرثرايت" (Birthright)، وهو رحلة مجانية تستمر عشرة أيام مخصصة للشباب. آخرون كانوا ضمن برامج "بيرثرايت أونوارد" (Birthright Onward) التي توفر تدريبات مهنية في إسرائيل.

نوح بايج، مواطن أميركي شارك في أحد برامج "بيرثرايت"، عبّر عن دهشته من طبيعة التجربة التي تحوّلت من نشاط ثقافي إلى واقع أمني مرعب، قائلاً: "كنت أتابع الأخبار من قبل، لكنك لا تشعر بحقيقة الأمر إلا حين تكون هناك. عندما ذهبنا إلى الملاجئ للمرة الأولى، شعرت بالخوف".

Related حيفا في مرمى صواريخ إيران.. ماذا نعرف عن مركز الثقل الاقتصادي والعسكري لإسرائيل؟إسرائيل تحذّر من مخاطر كاميرات المراقبة المنزلية وسط تصاعد الحرب السيبرانيةسفن متقدمة وأنظمة إعتراض.. كيف تساعد واشنطن إسرائيل في صدّ هجمات إيران؟

ومع استمرار إغلاق الأجواء الإسرائيلية وتأجيل الرحلات الجوية، جرت عمليات الإجلاء باستخدام سفن ركّاب أبحرت من موانئ إسرائيل نحو قبرص، التي تحولت إلى نقطة عبور أساسية للمواطنين الأجانب والإسرائيليين الراغبين في العودة إلى بلدانهم.

وقال الحاخام الأكبر لقبرص، آري زئيف راسكين، لوكالة "أسوشيتد برس"، إن نحو 6,500 إسرائيلي يتواجدون حالياً في الجزيرة بعد أن تم تحويل وجهتهم إليها أو لجأوا إليها طوعاً بانتظار وسيلة سفر إلى ديارهم، نظراً لقربها الجغرافي من إسرائيل وكونها أقرب نقطة أوروبية شرقية.

من جهة أخرى، اجتمع وزراء أوروبيون مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الجمعة في جنيف، في محادثات استمرت أربع ساعات، بينما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب دراسة خيار الانخراط العسكري الأميركي في ظل تنامي المخاوف من احتمال استهداف منشآت نووية إيرانية.

وقد أبدى المسؤولون الأوروبيون تفاؤلاً حذراً بإمكانية فتح باب التفاوض، فيما أكد عراقجي انفتاح طهران على الحوار، مشدداً في الوقت ذاته على أن بلاده "لن تدخل في أي تفاوض مع واشنطن ما دامت إسرائيل تواصل هجماتها".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • ما هي القاذفات الشبحية «بي-2» التي استخدمتها أمريكا في قصف إيران؟
  • الإستخبارات الإيرانية تضبط عددا كبيرا من الطائرات المسيرة في بوشهر
  • من الملاجئ إلى قبرص: شبان يروون لحظات الخوف في إسرائيل
  • طفلة لا تعرف الخوف
  • رقم لم يكن في الحسبان.. الكشف عن عدد العقول النووية الإيرانية التي اغتالتها إسرائيل
  • تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنود
  • ترامب يقول إنه قد يعود عن قراره إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي
  • في ختام زيارته الى لبنان... اليكم ما قاله لاكروا
  • أوكرانيا وروسيا تتبادلان مجموعة جديدة من الأسرى
  • إيران.. اعتقال شبكة إسرائيلية لتشغيل الطائرات المسيرة