الخارجية الفلسطينية: حقوقنا ليست للبيع أو المساومة
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
الثورة / متابعة / محمد هاشم
يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة الترويج لمخططه القاضي بتهجير سكان غزة فيما يرى محللون أن التناقض الواضح في تصريحات ترامب الذي يؤكد تارة بانه ماض في المخطط وتارة أخرى يشير إلى أنها مجرد أفكار وان الأوان لم يحن بعد لتنفيذها يندرج في إطار محاولات سيد البيت الأبيض إنقاذ حكومة اليمين المتطرف في كيان الاحتلال من الانهيار وإسداء خدمة سياسية لحليفه الإرهابي بنيامين نتنياهو.
وأكد الرئيس ترامب في آخر تصريحاته بهذا الخصوص أن الفلسطينيين لن يحظوا بحق العودة إلى غزة بموجب خطته للسيطرة على القطاع، وذلك في مقتطفات من مقابلة أجريت معه ونُشرت أمس.
وقال ترامب لشبكة “فوكس نيوز”: الفلسطينيون لن يعودوا إلى غزة وسيحصلون على مساكن أفضل بكثير. وأضاف “بعبارة أخرى، أتحدث عن بناء مكان دائم لهم”.
وأضاف “بعبارة أخرى، أتحدث عن بناء مكان دائم لهم”، مشيرا إلى أن العيش في القطاع لن يكون ممكنا قبل سنوات.
وكشف الرئيس المثير للجدل عن خطة غزة الصادمة للمرة الأولى في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء حكومة الاحتلال نتنياهو مؤخرا، ما أثار غضب عارم في أوساط المجتمع الفلسطيني واستهجان ورفض غالبية دول العالم.
وشدد الرئيس الأمريكي على وجوب نقل الفلسطينيين من قطاع غزة الذي دمرته الة الحرب الصهيونية، داعيا مصر والأردن إلى استقبالهم.
وقال في مقابلة “فوكس نيوز” إنه سيبني “مجتمعات رائعة” لأكثر من مليوني فلسطيني يقطنون غزة. وهو الأمر الذي كان محل ترحيب واستبشار كبيرين من قبل الداخل الصهيوني المتطرف الذي أكد على لسان أكثر من سياسي صهيوني على ضرورة البدء في إعداد خطة تنفيذية لمشروع ترمب معتبرين أن رئاسة ترامب بمثابة الفرصة التاريخية للكيان للقضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية
وكان ترامب قد اقترح سابقاً، أن تتولى الولايات المتحدة الأميركية “إدارة” غزة، وأن تنشئ ما سمّاه “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد تهجير سكان القطاع إلى دول أخرى، بما في ذلك مصر والأردن.
وتكرر طرح ترامب لهذه الفكرة ، التي قوبلت برفض قاطع من الدول العربية والفلسطينيين، وأيضاً من مختلف دول العالم
وردا على تصريحات ترامب المتكررة .. طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن يأخذ مجلس الأمن الدولي دوره الطبيعي في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مشيرةً إلى أنّ الأمر يحتاج “جرأة دولية عالمية في مواجهة السياسة الاستعمارية العنصرية الإسرائيلية”.
وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيان امس إنّ “حقوق شعبنا في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة ليست للبيع أو المساومة أو المقايضة”.
وأشارت إلى أنّ “أيّ أفكار من هذا القبيل هدفها إطالة أمد الصراع وبقاء رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في سدّة الحكم بكيان الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني ومعاناته والمنطقة واستقرارها”.
كما لفتت إلى ما يفعله نتنياهو وحكومته من “محاولة التغطية على جرائم الإبادة والتهجير والضم التي ارتكبتها ضد شعبنا، وفي مقدّمتها جرائم التطهير العرقي وتدمير كامل قطاع غزة”.
ونبّهت إلى أنّ “السياسة الإسرائيلية الحالية تهدف لتطبيق نسخة الدمار على الضفة الغربية، ولهذا الغرض تواصل الترويج لشعارات ومواقف منفصلة عن الواقع السياسي وبعيدة عن استحقاقات الحلول السياسية للصراع”.
وأردفت قائلة: “الحكومة الإسرائيلية تلقّفت فكرة التهجير وتسعى لتنفيذها بقوة الاحتلال، ضاربة بعرض الحائط أمن واستقرار دول المنطقة والعالم”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة
الانتظار ولا شيء غيره أمام الفلسطينيين لاستشراف مستقبلهم، ففي حالة التأمل العميق لواقعهم المعقد والقاسي، في ظل التشتت وانعدام المواقف والقرارات والخطوات اللازمة لمواجهة هذه الحالة، يجد الشعب الفلسطيني نفسه في مواجهة عارية لصد العدوان عليه وعلى أرضه. ومما يزيد من شهية المؤسسة الصهيونية التكريس الفعلي لنظام الفصل العنصري، افتقار السياسة الفلسطينية لعوامل الكبح والمواجهة بالمعنى السياسي والنضالي المطلوب، رغم المعرفة بضرورات كثيرة، أصبح تكرارها ممجوجا، وبلا أثر وفعل وصدى في الشارع الفلسطيني المثقل بعوامل حرب الإبادة الجماعية في غزة وفي مدن الضفة الفلسطينية والقدس.
فقد أصبحت أفكار ودعوات إنهاء الانقسام الفلسطيني، أو التفكير والعمل خارج بوتقة مؤسسات السلطة المشلولة، رنانة في إطلاقها ومعيبة ومخزية في الفشل الذي تصاب به، من كثرة إعادة صياغتها وترويجها. ولأن السلطة الفلسطينية منشغلة بشكل أبدي بإدارة ذاتها، للحفاظ على نفسها ودورها ومهامها، ومشلولة بالاهتمام بمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، ولا يمكن لها أن تكون كذلك بحكم الدور والوظيفة، فهي تبقى مسئولة عن تعطيل كافة برامج حشد الطاقات والمواجهة لترتيب الأوضاع الداخلية، لأن منظومة المبادئ المتعلقة بذلك قائمة على عدم المساومة على مواجهة عدوان المستوطنين، وقضم مزيد من الأراضي وخطط بناء جدران عزل وفصل عنصري، والتفرج اليومي على جرائم الإبادة الجماعية والعدوان والقتل والتهجير ونسف المنازل وغيرها، وهي مسائل يفترض أنه لا مساومة فيها ولا تقصير.
كل ذلك وغيره، خلق حالة من الشعور بالسلبية والهزيمة في الشارع الفلسطيني، والذي تساهم السلطة مع الاحتلال في فرضه كأمرٍ واقع يفرض على الفلسطينيين خضوعا للإملاءات الأمريكية الغربية والإسرائيلية، فلا خيارات ولا بدائل أمامه سوى ما تنتجه آلة العجز الفلسطيني في الرد على الاحتلال وعدوانه نيابة عن الشعب.
الجميع يترقب الآن تنفيذ الاحتلال للمرحلة الثانية في غزة، ويراهن على الكلام الأمريكي ورغبته بأن تلتزم الحكومة الإسرائيلية ذلك، مع أنها مستمرة في جرائم الإبادة ومواقف رسم حدود جديدة لخنق القطاع وتهجير سكانه، فضلا عن المضي المتسارع في إجراءات الضم للأرض في الضفة، أي أنه لا يمكن الادعاء أن هناك التزاما إسرائيليا بأي بند أو شرط أو قانون يلجم الهجمة الصهيونية، ولا يمكن الادعاء بأن وقف إطلاق النار المزعوم في غزة وتنفيذ "المقاومة" فيها لتعهدات الخطة الأمريكية سيبني مستقبلا أفضل لغزة، أو للقضية الفلسطينية ومشروع السلام وحل الدولتين، وهذا أصبح عرفا ثابتا في المراوغات الأمريكية الإسرائيلية وبديهيا بعدم التعويل عليه.
ما يحيط بالفلسطينيين وقضيتهم، وعلى مدار الوقت، كان يشير دوما على تصاعد العدوان، وتآكل فرص وتبديد كل الأوهام لعقود طويلة، مع اتضاح استراتيجية إسرائيلية لتعزيز السيطرة على الأرض، تمنع قيام أي كيان فلسطيني جغرافي وديمغرافي متصل أو متحد، وتفشل معه سياسة النفاق الغربي الأمريكي وردود فعلها في ثني حكومة فاشية ويمينية متطرفة عن الالتزام بأي معيار أخلاقي وسياسي وقانوني، بينما يتلقى الفلسطينيون وسلطتهم قائمة لا تنتهي من الاشتراطات الإسرائيلية والغربية، والتجاوب معها لتلبية احتياجات تؤمن المضي الإسرائيلي بسياسات الفصل العنصري.
هذه الحقائق شكلت واقعا مختلف تماما عن الافتراض السائد بمسؤولية "عنف" شعب واقع تحت الاحتلال ومسؤوليته عن تدهور أوضاع عملية "السلام" التي يتشدق بها للآن معظم ساسة الغرب والولايات المتحدة، وباعتبار الشعب الفلسطيني هو الجانب الأضعف ضمن هذه الحقائق، ومطلوب منه افتراضا استغلال مهارات مختلفة عما ظهر عليه أداء قيادته في السلطة طيلة المرحلة الماضية، واستغلال كل الفرص والتجربة مع جملة الإخفاقات التي مني بها رهانهم الخاسر على أدوار غربية ونيات أمريكية ودور عربي عاجز ومفضوح حتى العظم، والميل إلى افتراضات بالغة السخف والتضخيم؛ إذا تخلى شعب تحت الاحتلال عن مجابهة محتله وعن كل وسائله النضالية بما فيها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
النتيجة التي حصل عليها الشعب الفلسطيني، بهذه التجربة القاسية، لم تقتصر فقط على تقزيم الحالة الفلسطينية لمستويات الانحدار الكلي فقط أمام المحتل، ولا في تغول وعربدة قادة الفاشية في حكومة نتنياهو، لكن في الهوس في إبقاء العطب متسيّدا ساحة العمل الوطني الفلسطيني، وتعطيل كل المهام العاجلة التي تتطلبها مخاطر تعج بها القضية الفلسطينية من كل جوانبها، فالانسياق المستمر إلى أحابيل الكذب الصهيوني الأمريكي بتشجيع عربي، نتائجه هذا الخنوع السائد الذي يراد تعميمه وتكريسه كبديل يُسقط كل البدائل التي يطالب بها الشعب الفلسطيني في وطنه ومنافيه.
المهانة المستمرة في تعطيل دور الشارع الفلسطيني ودور كل مؤسساته الوطنية، فيها من التخاذل واللا مسؤولية الأخلاقية، بحيث تُبقي حالة الإذعان الرسمي الفلسطيني والعربي للعدوان أمرا بديهيا، يزوّر بديهيات إرادة شعب، ولا يمكن مواجهة هذه المهمة الصعبة والملحة بتحدٍ كلامي مستمر عنها لا يسمن ولا يغني من جوع، وما لم يحدث تغيير في ما هو سائد من عطب، وما لم يكن هناك حيز من فعلٍ حقيقي تبادر له كل القوى الفلسطينية مجتمعة، للخروج من خندق الخطاب والشعارات والعجز ولوم الظروف الى رحاب فعلٍ وممارسة يتلمسها الشارع الفلسطيني، فإننا سنبقى نتداول أخبار ومشاهد بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ونتنياهو وبقية الطبقة الفاشية في إسرائيل تبرهن لنا بطريقة أكثر شدة وإرهابا وسفكا للدماء لتحجيم حقوقنا. فالحاجة الملحة المؤجلة بشكل كارثي للقيام بالتغيير المطلوب على الساحة الفلسطينية، هي آخر الأسلحة المتبقية لدى الفلسطينيين، ويجب استعمالها الآن وعلى نطاق واسع، من قبل من بقي يؤمن ويعتقد بضرورة إنجاز مهام وأجندة فلسطينية عاجلة.
x.com/nizar_sahli