تهجير الفلسطينيين والموقف العربي
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
أكدت ست دول عربية خلال اجتماع عقد في القاهرة في الأول من شهر فبراير/ شباط الجاري رفضها أطروحات ومشاريع تستهدف "تهجير الفلسطينيين" إلى خارج أراضيهم وتحت أي ظرفٍ كان.
وجاء اجتماع وزراء خارجية كل من مصر، والأردن، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ردًا على دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان قطاع غزة الفلسطيني إلى مصر، والأردن.
وفي رسالة واضحة من الدول العربية الست، حث البيان المعلن في ختام اجتماع القاهرة إدارة ترامب على السعي لتحقيق الحل النهائي للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وَفقًًا لمبدأ "حل الدولتين" الذي يمكن أن يتحقق من خلاله السلام الدائم والعادل في الشرق الأوسط.
موضوع الدعوة "لتهجير الفلسطينيين" ليس بالجديد في سجل الصراع الممتد لأكثر من سبعة عقود بين الجانب العربي- الفلسطيني وإسرائيل؛ التي تحتل كلّ الأراضي الفلسطينية، وهضبة الجولان، وجبل الشيخ، ومناطق عديدة أخرى من سوريا.
فمنذ عام 1948 ومحاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء من قبل دولة الاحتلال، أو من قبل دول أخرى مستمرة، وكل مرحلة من مراحل الصراع كانت تستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه، وكانت تؤطر بواجهات يهيئ لها وسائل الحضور الدولي والإقليمي إعلاميًا وسياسيًا؛ فتارةً تكون طلبات التهجير بدوافع أمنية أو سياسية، أو سواهما، ودائمًا كان الموقف الفلسطيني والعربي والدولي هو الرفض.
إعلانورغم محاولات إسرائيل خلال حرب 1948 تهجير حوالي 750.000 فلسطيني من ديارهم نتيجة العمليات العسكرية للعصابات المرتبطة بالحركة الصهيونية آنذاك والتي تسببت بتدمير مئات القرى الفلسطينية وإجبار أهلها على النزوح منها، كانت ومنذ ذلك التاريخ قضية اللاجئين الفلسطينيين مشكلة إنسانية وسياسية دولية كبيرة رفضها المجتمع الدولي، رغم الضغوط التي مارستها قيادات في الحركة الصهيونية حينها لعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، فأصدرت الأمم المتحدة القرار 194 الذي يؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، والذي لم ينفذ حتى الآن.
بعد حرب الأيام الستة عام 1967، التي احتلت إسرائيل فيها الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، فقد أدت إلى تهجير نحو 245 ألف فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن، ونحو 11 ألفًا من قطاع غزة إلى مصر، و116 ألف فلسطيني وسوري من مرتفعات الجولان إلى سوريا ، باعتبار هذه الدول تشكل امتدادًا جغرافيًا للمناطق المشار إليها.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، ظهرت دعوات من بعض السياسيين الإسرائيليين لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، كان من أبرز الداعين إلى ذلك السياسي الإسرائيلي رحبعام زئيفي، الذي اقترح "ترحيل" الفلسطينيين إلى دول عربية أخرى.
هذه الدعوات واجهت انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، وتم رفضها من قبل الدول العربية. ثم جاءت اتفاقيات أوسلو الموقعة في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، لتؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية عبر المفاوضات وليس عبر "التهجير".
وتبنت القمة العربية في بيروت عام 2002، مبادرة السلام العربية التي طرحت من قبل عاهل المملكة العربية السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، عندما كان وليًا للعهد، والتي تضمن تحقيق السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين كل الدول العربية مع إسرائيل.
إعلانوكان الرد الإسرائيلي على هذه المبادرة بلسان أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، هو رفض الاقتراح رفضًا قاطعًا على أساس أنه يتطلب من إسرائيل قبول عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، وأنه يتجاوز "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية.
إن موضوع التهجير القسري للفلسطينيين من ديارهم ووطنهم امتد منذ عام 1948 حتى اليوم؛ وغالبًا ما تصدر دعوات التهجير من قبل سياسيين إسرائيليين وأميركيين.
ورغم أن اللاجئين الفلسطينيين يتمتعون بحق العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها بموجب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وأيضًا ميثاق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لعام 1950، ومعاهدة أوضاع اللاجئين عام 1951، فإن دولة الاحتلال تتجاهل كل ذلك تمامًا عند تعاملها من أبناء الشعب الفلسطيني، وتسعى دائمًا لتحقيق هدفها في إخلاء أرض فلسطين من الفلسطينيين.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى 2017-2021 حاول أن يحقق الهجرة المطلوبة إسرائيليًا للفلسطينيين من خلال ما سمي بـ"صفقة القرن"، لكن لم يتحقق له ذلك خلال سِنِي رئاسته الأولى.
لكن حرب غزّة التي استمرت 15 شهرًا وضعت هذا الموضوع في سُلم أولوياته للفترة الرئاسية الحالية، فأطلق مقترحه بنقل الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية المحتلة إلى مصر والأردن المجاورتين تحت أي ظرف من الظروف، في سلوك خلا تمامًا من أية صيغة من صيغ التعامل الدولي والأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها والمعتمدة في كل أنحاء العالم بين الدول.
وهو ما تطلب رد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبدالله بن الحسين، حيث قال الرئيس المصري خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ضيفه الرئيس الكيني وليام روتو: "إن مصر لن تشارك في تهجير الشعب الفلسطيني بوصفه "ظلمًا تاريخيًا، وأضاف: "لا يمكن التساهل أو السماح بتهجير الفلسطينيين نظرًا لتأثيره على الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي"، مشيرًا الى أن "ما حدث منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وحتى الآن هو نتيجة لتداعيات عدم التوصل إلى حل القضية الفلسطينية".
إعلانبدوره، أكد الأردن على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي أن "موقف الأردن من تهجير الفلسطينيين "ثابت لا يتغير وضروري لتحقيق الاستقرار والسلام الذي نريده جميعًا". وأضاف أن "تثبيت الفلسطينيين على أرضهم موقف أردني ثابت لم ولن يتغير، وأن حل القضية الفلسطينية هو في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين".
قد يذهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التهديد بعقوبات اقتصادية بحق الدول التي ترفض مقترحه وخاصة مصر والأردن اللتين تعانيان من أوضاع اقتصادية صعبة، لكن قوة الموقف لدول حليفة لواشنطن وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، ستبقي أبواب الحوار والتواصل مفتوحة مع البيت الأبيض.
وبالتالي فإن لغة المصالح إذا ما أحسن استخدامها مع كَمّ المطالب الدولية الداعمة لحل الصراع العربي الإسرائيلي عبر بوابة (حل الدولتين) يمكن أن تمنح ترامب رؤية أفضل للتراجع عن مقترحه واستبداله بدعوة لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة.
إن مواقف الدول العربية الرافضة فكرةَ تهجير الفلسطينيين التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير أهالي قطاع غزة إلى مصر والأردن، تشير إلى وحدة هذا الموقف المستند إلى مرجعيات قانونية وسياسية وأكاديمية، كما تؤكد أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يتم عبر المفاوضات، ووفقًا للقرارات الدولية، مع احترام حق الفلسطينيين في العودة والعيش على أرضهم، وقد وصل هذا الموقف بوضوح تام إلى البيت الأبيض، وإلى رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
واللافت في الموقف العربي أيضًا أن بعض الدول العربية غير المطبعة مع إسرائيل عرضت قيام دولة فلسطينية مقابل التطبيع معها، كالجزائر، مثلًا، التي قال رئيسها عبدالمجيد تبون: إن بلاده مستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم الذي تقوم فيه دولة فلسطينية كاملة.
إعلانفيما تتراجع فرص التطبيع بين الرياض وتل أبيب التي سعى لها ترامب في ولايته الأولى لعدم تحقّق ما طلبته المملكة بخصوص حلّ الدولتين وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
إن الموقف العربي يدفع باتجاهين: الأول رفض موضوع تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع، والثاني فتح آفاق السلام والسلم العالمي والإقليمي من خلال إقامة دولة فلسطينية على كامل ترابها بحدود ما قبل حرب الأيام الستة عام 1967، وتطبيع عربي كامل مع إسرائيل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی دونالد ترامب اللاجئین الفلسطینیین حل القضیة الفلسطینیة تهجیر الفلسطینیین الدول العربیة دولة فلسطینیة مع إسرائیل إلى دیارهم العربیة ا إلى مصر من قبل عام 1948
إقرأ أيضاً:
أبرزها البوزلوف والمجدرة .. أشهر أكلات عيد الأضحى في الدول العربية
عيد الأضحى المبارك من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تجمع العائلات في العالم العربي حول موائد عامرة بأشهى الأطباق التقليدية، وبينما يتوحّد المسلمون في أداء شعائر الأضحية، تتنوّع العادات الغذائية من دولة إلى أخرى، بما يعكس التراث الثقافي والمذاق المحلي لكل دولة، وسنستعرض خلال السكور التالية أبرز الأكلات التي تُحضّر خصيصاً خلال أيام عيد الأضحى في عدد من الدول العربية.
في مصر، تُعد "الفتة" الطبق الأبرز على مائدة عيد الأضحى، وتتكوّن من أرز وخبز محمص مغموس بمرق اللحم، وتُغمر بصلصة الطماطم الغنية، إلى جانبها، تُقدم "الكوارع" وهي أرجل الأبقار أو الأغنام المطهية ببطء حتى تصبح طرية وغنية بالنكهات. كما تتفنن الأسر المصرية في إعداد أصناف مختلفة من "المحاشي" مثل الكوسا، الباذنجان، وورق العنب المحشوة بالأرز واللحم.
السعودية: الكبسة والمندي ونكهات الصحراءتتميّز المملكة العربية السعودية بتنوّع أطباقها في العيد، وعلى رأسها "المندي"، الذي يُطهى فيه اللحم والأرز داخل حفرة في الأرض، ما يمنحه نكهة مدخنة مميزة، كما تحضر "الكبسة" كطبق رئيسي، وهي أرز متبّل يُقدّم مع اللحم أو الدجاج ويزيّن بالمكسرات، ومن الأطباق الشهيرة أيضاً "المظبي" و"حميس اللحم"، بالإضافة إلى "المرقوق" الذي يُعد من الدقيق المعجون مع اللحم والخضروات، ويقدّم مع الخبز أو الأرز.
لبنان: نكهات شامية أصيلةيُقبل اللبنانيون في عيد الأضحى على تحضير أطباق غنية بنكهات الشام مثل "المجدّرة"، وهي مزيج من العدس والأرز والبصل المقلي، وكذلك "الكبة" المقلية أو المشوية المحشوة باللحم والبرغل، ولا تكتمل المائدة دون المشاوي المتنوعة، مثل الكباب وشيش طاووق، التي تُطهى على الفحم.
اليمن: بهارات قوية وأصالة جنوبيةفي اليمن، يحضر "المندي" بنكهات تختلف قليلاً عن نظيره السعودي، ويُضاف إليه لمسات يمنية خاصة من البهارات، أما "الفحسة"، فهي طبق شعبي يُطهى فيه اللحم مع بهارات حارة وصلصة الطماطم، ويُقدّم غالباً في الأعياد والمناسبات.
الجزائر: الكبدة والعصبان وأكلات تقليديةيتميّز المطبخ الجزائري في العيد بتحضير طبق "البوزلوف"، وهو رأس الخروف يُحمّر ويُتبّل بتوابل محلية، أما "الملفوف"، فهو الكبدة تُشوى نصف استواء، ثم تُقطّع وتُلف بالشحم وتُشوى مجدداً، وتُعد "العصبان" من أبرز الأطباق، وهي أحشاء الذبيحة محشوة بالأرز والبهارات وتُخاط ثم تُطهى في مرق غني بالحمص.
تونس: العصبان بنكهات مغاربيةيشترك المطبخ التونسي مع الجزائري في تقديم "العصبان"، ويُعرف أيضاً في بعض الدول العربية باسم "الممبار"، يتكوّن من الأمعاء المحشوة بخليط من الأرز والكبد والبهارات، ويُطهى بطريقة تقليدية تضفي عليه طابعاً مميزاً.
الإمارات: الهريس والثريد وأصالة الضيافةتحضر المائدة الإماراتية أطباقاً عريقة في عيد الأضحى مثل "الهريس"، وهو مزيج من اللحم والقمح يُطهى لساعات طويلة حتى يذوب القمح تماماً، أما "الثريد"، فهو طبق تقليدي يتكوّن من خبز مفتّت يُغمر باللحم والمرق، ويُعد من أقدم الأطباق في المنطقة، بالإضافة إلى "المندي" الذي يحظى بشعبية واسعة.
سوريا: فتة اللحمة والشاكريةيفتتح السوريون يومهم في العيد بـ"فتة اللحمة" على الإفطار، فيما يُقدّم على الغداء طبق "الشاكرية"، وهو مزيج من اللحم المطهو باللبن والنشاء، ويُقدّم مع الأرز، وتشمل المائدة أيضاً أطباق "التسقية" والفتة السورية التقليدية.
فلسطين والأردن: تشابه في الأطباق وتنوع في النكهاتتتشابه الأكلات المقدمة في عيد الأضحى بين فلسطين والأردن، إذ تُحضّر الكبدة الضاني المحشوة بالبقدونس والثوم، وتُقطع شرائح وتُطهى في الفرن، كما تُقدّم المشاوي بتتبيلات مميزة تعكس النكهات الشرقية الأصيلة.
المغرب: البولفاف والكسكسي التقليديفي المغرب، يُعد طبق "البولفاف" هو نجم العيد، ويتكوّن من كبد الخروف الملفوف بشرائح اللحم المشوي، ويُقدّم إلى جانب "الكسكسي المغربي" الذي يُحضّر بمكونات غنية مثل الخضروات واللحم والحمص.
البحرين: الأرز المكلف بنكهات فاخرةفي البحرين، يتميز طبق "الأرز باللحم" بتفرده في أيام العيد، ويُعرف باسم "مكلف"، أي غني بالمكونات مثل الحبهان، الزعفران، المكسرات، الليمون الأسود، والزبيب، وفي بعض الأحيان يُطهى اللحم على الفحم لإضفاء نكهة مميزة.
عُمان: المقلاي والقديد من التراث العريقتحضر الأسر العمانية في عيد الأضحى طبق "المقلاي"، المصنوع من كبد الغنم واللحم والبهارات المحلية، كما يُحضّر "القديد"، وهو اللحم المُجفف والمُتبل، ويُخزّن لاستخدامه لاحقًا، ويُعد "الشواء" العماني أيضاً من الطقوس الأساسية في العيد.