تواجه محافظة الظاهرة مشكلة متكررة تتعلق بتزايد أعداد الجمال السائبة على الشوارع الرئيسية، وخاصة طريق عبري - ضنك - حفيت، مما يعرض حياة المواطنين والممتلكات للخطر، وتمثل هذه الظاهرة تهديدًا كبيرًا، خاصة للمسافرين المتجهين إلى محافظتي الظاهرة والبريمي، حيث تتغذى الجمال على النباتات والحشائش التي تنمو على جوانب الطرق، مما يزيد من احتمال وقوع حوادث مرورية.

وتنتشر هذه الجمال السائبة بشكل واسع في القرى والبلدات مثل وادي ضنك، والمعمور، والملازم، والصبيخي، إلى جانب الطرق الرئيسية مثل طريق السنينة، حيث توجد بكثرة في المساحات الواسعة من الصحراء المعشبة والأراضي الرعوية، وتعود هذه الظاهرة جزئيًا إلى هطول الأمطار الأخيرة وجريان الأودية، مما جعل مناطق عديدة أكثر جذبًا لهذه الحيوانات.

وتسبب هذه الجمال السائبة العديد من الحوادث المميتة، كما أن اقتحامها للأحياء السكنية يؤدي إلى تدمير الأشجار المزروعة أمام المنازل، وفي حادثة مؤلمة في منطقة الصبيخي، لقي مواطن حتفه إثر حادث مروري ناجم عن عبور جمل على الطريق، كما وقع حادث آخر مؤخرًا أسفر عن إصابة سائق بجروح بليغة، إضافة إلى أضرار كبيرة في سيارته نتيجة اصطدامه بجمل.

تتفاقم المشكلة بسبب بعض الجمال التي أصبحت بلا رعاة، مما يزيد من المخاطر، خاصة في ساعات المساء والصباح، حيث تصبح هذه الحيوانات مصدرًا حقيقيًا للخطر على الطرق العامة، ورغم محاولات السائقين التركيز أثناء القيادة، إلا أن وجود هذه الجمال السائبة يبقى تهديدًا دائمًا.

من جانبها، تبذل بلدية محافظة الظاهرة جهودًا كبيرة للحد من هذه الظاهرة من خلال ضبط الجمال السائبة والحفاظ عليها في الأماكن المخصصة لها، كما تدعو البلدية مربي الإبل إلى ضرورة الحفاظ على حيواناتهم وعدم تركها تجوب الطرقات، وذلك حفاظًا على سلامة المجتمع والممتلكات.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

كن جميلاً ترى الوجود جميلاً

د. إبراهيم بن سالم السيابي

 

قال الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي ذات يوم: "كن جميلًا ترَى الوجودَ جميلًا"، وكأنه بهذه العبارة قد لخَّص فلسفة حياة كاملة في بيت من الشعر. دعوة بسيطة في ظاهرها، لكنها عميقة في دلالتها، فهي لا تطلب منك أن تُزيِّن العالم، بل أن تبدأ بتزيين قلبك، وتجميل نظرتك، وإحسان تعاملك، فالجمال الحقيقي ليس لون العين، ولا تناسق الملامح، بل هو ذاك النور الذي يسكن الروح، ويهذب السلوك، ويلطف الكلمات، ويمنح من حولك شعورًا بالسكينة.

فما أجمل أن يكون الإنسان جميلًا في داخله، نقيًا في نيّته، صادقًا في تعامله. حينها، يصبح كل شيء حوله جميلًا: الناس، الأيام، حتى الصعاب. لأن الجمال الذي في القلب يفيض على العين، ويُحوّل النظرة العابرة إلى تأملٍ ممتن، والكلمة المعتادة إلى همسة حب، والموقف البسيط إلى قصة طيبة. ومن كان جميلًا في نفسه، أصبح جاذبًا للقلوب دون أن يتكلف، محبوبًا دون أن يسعى، لأن الطيبة تشبه الضوء، لا يحتاج إلى من يدلّ عليه، فهو يُرى ويُحسّ.

أن تكون جميلًا، يعني أن تبدأ بمن هم حولك، وفي مقدمتهم أهل بيتك وأسرتك، أولئك الذين يشاركونك أنفاس الحياة، فكن جميلًا في بيتك، لا ترفع صوتك إلا في الضحك، ولا يدك إلا في العطاء، ولا وجهك إلا في البشر. كن جميلًا في حديثك مع والديك، في حنانك على إخوتك، في احتوائك لأبنائك، في دعمك لزوجتك أو زوجك. فالجمال في البيت لا تصنعه الأرائك اللامعة، بل تصنعه المودة، والتغاضي، وكرم الروح، فحين يكون البيت واحة دفء وراحة، تنشأ أجيال أقوى، وأرواح أكثر اتزانًا وسكينة.

ثم كن جميلًا مع أصدقائك، الذين يرافقونك في دروب الحياة، وتأنس بهم النفس، ولا تبخل عليهم بكلمة طيبة، ولا تبنِ جسور العلاقة على المصلحة، بل على الصدق والوفاء. فكن ذاك الصديق الذي يُؤنس ولا يُثقل، يُنصت ولا يُقاطع، يُحب ولا يُحاسب على الهفوات، فالصداقة الجميلة هي التي تعبر الزمن، وتظل رغم المسافات، لأنها بُنيت على خلقٍ لا يتغير. وفي زمنٍ طغت فيه العلاقات السريعة والهشة القائمة على المصالح، تصبح الصداقة الحقيقية كنزًا ثمينًا لا يُقدّر بثمن.

وإذا ما ذهبت إلى عملك، فخذ معك شيئًا من هذا الجمال، واجعل منه سلوكًا يوميًا. كن جميلًا في تعاملك مع الزملاء، في احترامك للجميع، في تقديرك لجهود من حولك. واجعل من عملك رسالة، لا عبئًا. ولا تنتظر الشكر لتكون مخلصًا، ولا الترقية لتكون منصفًا. فالجمال في بيئة العمل يخلق جوًا من الألفة، ويُضاعف من قيمة الإنجاز، ويجعل اليوم المهني تجربة إنسانية، لا مجرد ساعات تمضي. وما أجمل أن تكون سببًا في راحة زميل، أو دفعة أمل في يوم أحدهم، دون أن تنتظر المقابل.

كن جميلًا أيضًا في مجتمعك، في الشارع الذي تمشي فيه، في الجار الذي تقابله، مع الناس الذي يقدمون لك خدمة. فالمجتمع ليس كيانًا غريبًا، بل هو نحن، أفرادًا وأرواحًا متجاورة. إذا ألقيت التحية، فابتسم. وإذا رأيت محتاجًا، فأعن. وإذا وقعت عيناك على خطأ، فاصلح بلطف. فالجمال في المجتمع يبدأ من مبادرات صغيرة، لكنه يصنع فرقًا كبيرًا. وإنّ من أعظم مظاهر الجمال الاجتماعي أن نُشعر الآخر بأنه محترم، مقدّر، حتى وإن لم نكن نعرفه.

كن جميلًا في دينك، فإن الدين ليس طقوسًا جامدة، بل هو روح تفيض رحمةً ورفقًا وجمالًا. كن جميلًا في صلاتك، فلا تؤدِّها على عجل، بل اجعلها لحظة صفاء بينك وبين خالقك. كن جميلًا في ألفاظك حين تختلف، وفي خُلقك حين تُخاصم، وفي عفوك حين تُؤذى. الدين الجميل هو الذي ينعكس على الخُلق، ويجعل من الإنسان مرآة للرحمة، لا سوطًا للتوبيخ. وما أجمل أن نكون دعاة للخير بأفعالنا قبل أقوالنا.

ثم كن جميلًا في وطنك. أحبب ترابه، واحفظ نظامه، واصنع فيه أثرًا طيبًا. لا يكن حبك لوطنك مجرد شعار، بل سلوكًا يظهر في التزامك، في إخلاصك، في مساهمتك في بنائه. فإذا رأيت خللًا، فكن أنت اليد التي تصلح، لا التي تُشير فقط. وإذا رأيت فرصة لتحسين شيء، فبادر. الجمال في الوطن أن نكون مصلحين بخلقنا، مخلصين في أدائنا، محبين لكل ذرة من ترابه. فالوطن لا يقوم بالهتاف، بل بالعمل، ولا يرتقي بالنقد وحده، بل بالإصلاح الصادق.

في نهاية المطاف، الجمال ليس شيئًا عابرًا، بل قرارٌ داخلي أن تكون رحيمًا، متسامحًا، لطيفًا، حريصًا على أن تترك أثرًا طيبًا في نفوس من حولك. الجمال الحقيقي لا يُقاس بالمظاهر، بل بما تتركه في القلوب من راحة، وفي الأرواح من نور. وإذا أضاء كلّ منا شمعة صغيرة من الجمال في محيطه، أشرق الوجود كله بنورها. فاختر أن تكون جميلًا في نيتك، في كلمتك، في فعلك، وسينعكس هذا الجمال على كل من تراه، بل وحتى على من لا تراه.

فكن جميلًا... ترَى الوجود كله جميلًا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • كن جميلاً ترى الوجود جميلاً
  • سوق الأدوية الموازية في غزة.. ظاهرة البسطات تهدد حياة المواطنين
  • مواطنو السامراب يستغيثون،ظهور عصابات ليلية تقطع الطرق على المواطنين
  • محافظ القليوبية يتابع رصف الطرق بقرى شبين القناطر ضمن حياة كريمة
  • تدهور شوارع إربد يهدد سلامة المواطنين والمركبات
  • محافظ القليوبية يتابع رصف الطرق الداخلية بقرى شبين القناطر ضمن "حياة كريمة"
  • 17 مليون يمني يعانون الجوع.. خطر داهم يهدد حياة الأطفال
  • الصحة الفلسطينية: توقف الكهرباء يهدد حياة المرضى وينذر بانهيار كامل
  • تحذير .. الجفاف في الصيف قاتـ ل صامت يهدد حياة الملايين
  • أطفال غزة الخدّج على حافة الموت.. نقص الحاضنات والوقود يهدد حياة المواليد الجدد (شاهد)