لا يزال الفساد متجذرا بعمق في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا تزال بعض الدول العربية متذيلة قائمة الدول المشمولة في تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2024 (مؤشر الفساد)، رغم التحسن الضئيل الذي رصده التقرير الصادر منذ أيام.

وقالت المنظمة -في تقريرها- إن أكثر من ثلثي بلدان العالم المشمولة بمؤشر مدركات الفساد سجلت درجات أقل من 50 من أصل 100 درجة على المؤشر، في حين ظل المتوسط العالمي للمؤشر دون تغيير عند 43.

ويشمل تقرير مدركات الفساد الذي تصدره المنظمة سنويا 180 بلدا وإقليما، ويرصد مستويات الفساد في القطاع العام تحديدا باستخدام بيانات من 13 مصدرًا خارجيًا، بما في ذلك البنك الدولي، والمنتدى الاقتصادي العالمي، والشركات الخاصة للاستشارات وحساب المخاطر، وتمثّل درجات المؤشر آراء الخبراء ورجال الأعمال.

معايير التقييم

وتعد معايير التقييم التي تعتمدها المنظمة مهمة في فهم طبيعة النتائج الصادرة في تقاريرها السنوية، ولذلك تقول المستشارة الإقليمية في المنطقة العربية لمنظمة الشفافية الدولية كندة حتّر إن المنظمة تعتمد على 7 مصادر أساسية في المنطقة العربية، وقد تزيد أحيانا أو تنقص، ونستند إلى نتائجها في تقريرنا السنوي.

إعلان

وأضافت المستشارة الإقليمية -في تصريحات للجزيرة نت- أن هذه المصادر تقوم بأبحاث شهرية أو سنوية، وتعنى بدراسة مواطن الفساد، وتطرح أسئلة متخصصة عن حجمه وطرق مكافحته، وتعمل على تحديث بياناتها باستمرار، وبالتالي نحن نعتمد عليها كمصدر أساسي في تقريرنا.

ويحدد الباحث والخبير في منظمة الشفافية الدولية روبيرتو كوكوشكا 13 مصدرا تعتمد عليها المنظمة في إصدار تقاريرها، و"جميع هذه المصادر التي نعتمد عليها جزء لا يتجزأ من المنهجية التي نتبعها في تحليل البيانات واعتمادها استنادا إلى منهجية علمية قوية".

ويضيف كوكوشكا -في تصريحات للجزيرة نت- أن هذه الدراسات الدولية لا تعتمد على منطقة واحدة، بل تشمل أكبر عدد ممكن من الدول والأقاليم، ولذلك تكون مرجعية للكثير من الأبحاث والدراسات العلمية، وتقوم هذه المؤسسات بتحليل الشفافية ومعرفة مدى الفساد في تلك الدول على نحو شهري أو سنوي.

الفساد في الدول العربية

تذيلت دول عربية مثل سوريا واليمن وليبيا قائمة الدول المشمولة بتقرير منظمة الشفافية الدولية، وكذلك سُجل تحسن ملحوظ في بعض الدول الخليجية، حيث تتجه دول مجلس التعاون الخليجي نحو مزيد من الحوكمة الرقمية، مما يعالج بعض جوانب الفساد.

وتعليقا على ذلك، تقول كندة حتر إن "المنطقة العربية متفاوتة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وحتى في وضع الاستقرار الداخلي، وبالتالي يصعب وضعها في جعبة واحدة لأن التحليل يعتمد أيضا على هذه الفروق".

وتضيف المستشارة الإقليمية في منظمة الشفافية "للأسف كنا نتطلع إلى أن يكون هناك تغيير إيجابي في بعض الدول العربية فيما يتعلق بمؤشر مدركات الفساد".

وتضرب مثالا على ذلك بالحالة التونسية، قائلة "عقدنا آمالا كبيرة على تونس بأن تصعد على مؤشر الفساد لوضعها كثيرا من القوانين والأطر القانونية ومحاولات إنفاذها وإيجاد بيئة سليمة لمكافحة الفساد، لكن ما حصل هو العكس" من إغلاق هيئة مكافحة الفساد وتعطيل بعض القوانين وتسريح موظفين عموميين، الأمر الذي أدى إلى هبوط تونس على المؤشر.

إعلان

وترى كندة أن الدول التي انجرت إلى صراعات وانقسامات داخلية شهدت تراجعا ملحوظا على المؤشر، و"لدينا 4 دول من أصل أسوأ 10 دول -منها اليمن وسوريا وليبيا وحتى لبنان- في ذيل المؤشر، ولن تصعد إلا بعد حل هذه النزاعات. وفي المقابل، نرى أن العراق شهد تقدما نتيجة المحاولات القائمة التي ستكون لها آثار على المدى البعيد".

الأهمية

وتعتمد تقارير منظمة الشفافية على دراسة مؤشرات الفساد في القطاع العام وحده، وذلك لأن ذلك القطاع يعتمد على الأتمتة والتكنولوجيا الرقمية، وهذا يعد عاملا مهما في الحد من انتشار بعض أنواع الفساد، خاصة في المناقصات العامة والخدمات المقدمة للمواطنين.

ومن هنا تأتي أهمية تقارير مكافحة الفساد، "فمن المفترض أن تساعد الدول على تحديد النقاط والقضايا التي يمكن التركيز عليها لمعرفة مدى الفساد، وأي الدول التي تحتاج إلى تغيير أو إصلاحات، والوقوف على القواعد المهمة من أجل إحداث هذا التغيير"، حسب كوكوشكا.

وأضاف الخبير في مكافحة الفساد أن منظمة الشفافية لاحظت تغيرا في 24 دولة على الأقل، وكانت تشترك في عدة نقاط أهمها العمل على إدخال إصلاحات هيكلية وبناء المؤسسات والتغيير في الهيكلية الحكومية، وإدخال الأتمتة والتكنولوجيا ورقمنة الأنظمة.

أما كندة حتّر فتقول إن أهم معايير التقدم في مكافحة الفساد هي حرية المجتمع المدني ووجود إعلام حر وحماية المبلِّغين عن الفساد، وهذا يعني مشاركة الجميع في عملية محاربة الفساد، وأن تكون هناك مساءلة مجتمعية وليست فقط المساءلة المؤسسية".

تقرير منظمة الشفافية: دولة الكويت شهدت تحسنا ملحوظا في مكافحة الفساد (موقع الهيئة العامة لمكافحة الفساد) نتائج بارزة

ويصنف مؤشر مدركات الفساد الذي تشرف عليه منظمة الشفافية الدولية حجم الفساد في 180 بلدا وإقليما، من خلال المستويات المدرَكة لفساد القطاع العام على مقياس من صفر (شديد الفساد) إلى 100 (شديد النزاهة).

إعلان

وانخفض متوسط المنطقة العربية هذا العام إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وهو (34)، وجاءت النتائج في بعض الدول العربية على النحو التالي:

من بين الدول العربية، سجلت الإمارات (68) وقطر والسعودية (59) أعلى الدرجات. بينما سجلت ليبيا واليمن (13)، وسوريا التي مزقتها الحروب (12) أسوأ الدرجات. شمل التحسن الملحوظ: البحرين (53) بزيادة 17 نقطة في عام 2017، والكويت (46) بزيادة 7 نقاط. شهد لبنان الانخفاض الأكبر (22) بخسارة 6 نقاط عن عام 2019.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات منظمة الشفافیة الدولیة المنطقة العربیة مدرکات الفساد مکافحة الفساد الدول العربیة بعض الدول الفساد فی

إقرأ أيضاً:

"Startup Power".. تعلن انطلاق الموسم الرابع تحت رعاية منظمة العمل الدولية

شهد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، والمهندسة غادة لبيب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والنائب أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ ومؤسس المسابقة، والمهندس خالد عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، وال باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وأشرف عبد الفتاح، الرئيس التنفيذي لشركة بلتون لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأريك أوشلين، مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وشخصيات عامة، فعاليات الحفل الختامي للموسم الثالث من مسابقة "Startup Power" لدعم المشروعات الناشئة، في احتفالية كبرى شارك فيها مئات الشباب أصحاب الأفكار الابتكارية من مختلف محافظات الجمهورية.
تكريم 50 فائزًا وجوائز تميز في قطاعات المستقبل
شهد الحفل تكريم 50 فائزًا من أصل 80 متسابقًا وصلوا إلى المرحلة النهائية، والذين قدموا مشروعات متميزة قابلة للتنفيذ في قطاعات متنوعة، كما تم منح جوائز تميز استثنائية لمشروعات تخصصت في مجالات التكنولوجيا الزراعية، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الأخضر، وذلك تقديرًا لأهميتها في دعم الاقتصاد الوطني واستشراف مستقبل التنمية المستدامة.
ولم يغفل الحفل تكريم المحكمين والمدربين الذين ساهموا بخبراتهم في بناء قدرات المتسابقين على مدار أشهر من العمل، في مشهد يؤكد أن نجاح أي مبادرة جادة يبدأ من تكامل كل عناصر المنظومة.
وأشاد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بالمسابقة ودورها في دعم ريادة الأعمال في مصر، مثنيًا على دور مؤسسة أبو هشيمة الخير في دعم الشباب وتنمية قدراتهم، قائلًا: "الأهم من الجائزة هو التدريب وصناعة العقول المبشرة.. ونحن لسنا أقل من من الشباب الذين أسسوا تطبيقات غيّرت التاريخ."
وأضاف: "أحمد أبو هشيمة له باع طويل في هذا المجال، وهو رائد أعمال متميز ومعطاء، ولا يتوانى عن دعم المبادرات التي تصب في مصلحة الوطن."
أحمد أبو هشيمة: المستقبل يبدأ من هنا
وفي كلمته، قال النائب أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ ومؤسس المسابقة: "هذه المسابقة بدأت من خمس سنين، برؤية واضحة جدًا: تمكين شبابنا الطموح، تحويل أفكارهم المبدعة لمشروعات حقيقية، ومنح الاقتصاد الوطني روح جديدة.. روح فيها ابتكار، وحلم، وطموح".
وأشار "أبو هشيمة" إلى أن الموسم الثالث شهد توسعًا كبيرًا من حيث النطاق وعدد المشاركين وجودة المشروعات، حيث تم تغطية جميع محافظات الجمهورية الـ27، كما تم مضاعفة قيمة الجوائز، وفتح مجالات جديدة تواكب مستقبل الاقتصاد مثل الاقتصاد الأخضر، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الزراعية.
كما استعرض أبرز الأرقام التي حققتها المسابقة على مدار مواسمها الثلاثة:
•  13،258 شابًا تقدموا للمشاركة من مختلف أنحاء الجمهورية
•  تم تحويل أكثر من 14 ألف فكرة ريادية إلى 130 مشروعًا قائمًا
•  إجمالي الدعم المالي المقدم عبر 3 مواسم أكثر من 30 مليون جنيه
•  تم تقديم أكثر من 30،000 ساعة تدريب وإرشاد وتوجيه
• شارك في دعم المتسابقين 115 مدربًا و30 محكمًا
وأعلن " أبو هشيمة" أن الموسم الرابع من المسابقة سيكون برعاية منظمة العمل الدولية  (ILO)، واصفًا ذلك بأنه "خطوة كبيرة تؤكد الثقة الدولية في المسابقة، وتفتح أمام شبابنا أبوابًا جديدة نحو العالمية، والتطوير، والدعم الدولي الحقيقي."
باسل رحمي: المسابقة نموذج لما يجب أن تكون عليه ريادة الأعمال في مصر
من جانبه، قال الدكتور باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات، إن "Startup Power" أصبحت تمثل نموذجًا عمليًا ناجحًا لريادة الأعمال في مصر، وأضاف: "نحن في الجهاز نعتز بشراكتنا في هذه المبادرة التي أصبحت حاضنة حقيقية لأفكار الشباب، ونؤمن بأن الاستثمار في العقول الشابة هو الركيزة الأولى لبناء اقتصاد تنافسي شامل".
وتابع: "ما لمسناه من التزام وجدية في تنفيذ هذا البرنامج يجعلنا أكثر إصرارًا على توسيع التعاون وتوفير المزيد من أدوات التمويل والتدريب للمشروعات الواعدة التي تخرج من رحم هذه المسابقة".

أشرف عبد الفتاح: 50 مليون جنيه لتمويل المشروعات الفائزة
وفي هذا السياق، صرّح أشرف عبد الفتاح، الرئيس التنفيذي لشركة بلتون لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قائلًا: "نحن نؤمن بأن دعم ريادة الأعمال هو الاستثمار الحقيقي في مستقبل الاقتصاد المصري، ولذلك حرصنا على أن نكون شريكًا فعّالًا في جميع مراحل مسابقة Startup Power، من مرحلة التقييم وحتى التمويل، سعداء بتمويل مجموعة من المشروعات الواعدة بقيمة تصل إلى 50 مليون جنيه، وملتزمون بمواصلة دعم رواد الأعمال وتمكينهم من تحقيق نمو حقيقي ومستدام".
شراكة دولية للموسم الرابع
وقد شهد الحفل توقيع بروتوكول تعاون جديد بين مؤسسة أبو هشيمة الخير، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومنظمة العمل الدولية (ILO)، لرعاية الموسم الرابع من المسابقة، في خطوة نوعية تؤكد على البعد الدولي للمبادرة، وتعزز حضورها كمنصة متكاملة للابتكار وريادة الأعمال في مصر، تمهيدًا لانطلاقها عربيًا وعالميًا.

مقالات مشابهة

  • العفو الدولية: الناجون من سجون الأسد يعانون في ظل غياب شبه تام للدعم
  • وزير الداخلية السوداني الجديد.. عمل عضواً بمنظمة الشرطة الدولية “الإنتربول”
  • خلال لقاء مع شكشك.. لونغدن: بريطانيا مستعدة لدعم جهود الشفافية ومكافحة الفساد في ليبيا
  • “شكشك” يبحث مع السفير البريطاني آليات التعاون في مجال الشفافية ومكافحة الفساد
  • صحيفة إسرائيلية: ما الرؤوس الحربية التي ما زالت تملكها إيران وقدراتها التدميرية؟
  • "Startup Power".. تعلن انطلاق الموسم الرابع تحت رعاية منظمة العمل الدولية
  • عطاف يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية لدى الجزائر
  • صندوق النقد الدولي: تقدم في تعزيز امتثال المصارف لمتطلبات الشفافية الدولية
  • إيران تعلق على مواقف دول عربية وإسلامية متفاوتة بالشدة واللهجة
  • تاريخ الإنجاز!!