الجزيرة:
2025-06-24@09:23:07 GMT

هل خان ترامب أوكرانيا؟

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

هل خان ترامب أوكرانيا؟

لم يوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة من تنصيبه، كما وعد خلال حملته الانتخابية العام الماضي.

ولكن بعد ثلاثة أسابيع فقط من توليه المنصب، بدأت الأمور تتحرك بسرعة نحو ذلك. ففي 12 فبراير/شباط، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم نشر على منصته Truth Social أنهما اتفقا على العمل سويًا لوضع حد لما وصفه بـ"ملايين الوفيات" الناجمة عن الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

وبعد ذلك، أُعلن عن قمة محتملة بين الزعيمين في السعودية.

في 13 فبراير/ شباط، تحدث وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مقر الناتو في بروكسل، كاشفًا عن بعض تفاصيل الخطة الأميركية لإنهاء الحرب. في تحول كبير عن سياسات الإدارة الأميركية السابقة، صرح بأن أوكرانيا لا يمكنها استعادة سيادتها على كامل أراضيها، وأن الحديث عن عضويتها في الناتو يجب أن يكون خارج الطاولة لبدء المفاوضات.

بهذه التصريحات، أسقطت إدارة ترامب فعليًا ميثاق الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، الذي كان يؤكد التزام واشنطن بوحدة الأراضي الأوكرانية، ويدعم اندماج كييف في المؤسسات الأوروبية الأطلسية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي.

إعلان

سرعان ما وصفت بعض وسائل الإعلام الغربية هذا التطور بأنه "خيانة لأوكرانيا". وبالفعل، واشنطن تتخلى عن كييف، لكن هذا لم يكن مفاجئًا. كان هذا المصير دائمًا نتيجة محتملة للنهج الذي تبنته الولايات المتحدة في علاقتها مع أوكرانيا.

ولكن ترامب ليس هو من وضع أوكرانيا في هذا الموقف. من خانها حقًا هم أولئك الذين وعدوها بعضوية الناتو والاتحاد الأوروبي، ثم دفعوها إلى مواجهة روسيا ورفض أي حلول وسط في حرب لا يمكنها الانتصار فيها.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، وصل الدعم الغربي لأوكرانيا إلى أقصى حدوده الممكنة من حيث تزويدها بالأسلحة وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، دون المخاطرة بإشعال حرب عالمية ثالثة أو إلحاق ضرر جسيم بالاقتصاد العالمي.

استمرار هذا الدعم لم يكن ليغير الواقع: روسيا أكبر وأغنى من أوكرانيا، وقادرة على الاحتفاظ بجيش متكيف مع الحرب الحديثة، لا يمكن هزيمته بمجرد إمدادها بكميات هائلة من الأسلحة المتطورة.

إضافة إلى ذلك، روسيا، باعتبارها قوة نووية كبرى، تمتلك دائمًا الكلمة الأخيرة في أي حرب إقليمية، وهو عامل حدّ من قدرة الغرب على التدخل المباشر. عاجلًا أم آجلًا، كانت إدارة أميركية ما ستتخذ قرارًا بخفض الدعم لأوكرانيا، لأن استمراره لم يكن مستدامًا.

وتصادف أن يكون من اتخذ هذا القرار إدارة جمهورية. الديمقراطيون محظوظون لأنهم لم يضطروا إلى فعل ذلك بأنفسهم، والآن يمكنهم استغلال الموقف في معاركهم السياسية الداخلية ضد الحزب الجمهوري.

على الرغم من ردود الفعل الغاضبة الأولية، يبدو أن الشركاء الأوروبيين لأوكرانيا قد يبدؤون في التماشي مع الموقف الأميركي الجديد. ففي 14 فبراير/ شباط، صرح الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، بأنه لم يكن هناك يومًا ضمان أكيد بأن أوكرانيا ستنضم إلى الحلف كجزء من أي اتفاق سلام مع روسيا. هذا التصريح يتناقض مع وعوده السابقة. ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، قال روته في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إن "مسار أوكرانيا نحو عضوية الناتو لا رجعة فيه"، وإنها "أقرب إلى الحلف من أي وقت مضى".

إعلان

والآن، مع استبعاد فكرة عضوية أوكرانيا في الناتو، لا يبدو أن إدارة ترامب تتجاهل كييف بالكامل. فإشارة وزير الدفاع هيغسيث إلى احتمال نشر قوات حفظ سلام أوروبية وغير أوروبية لمراقبة وقف إطلاق النار جاءت كمحاولة لتلبية بعض المطالب الأوكرانية بالحصول على ضمانات أمنية من الغرب. لكنه استبعد نشر قوات أميركية، وأكد أن قوات حفظ السلام من دول الناتو لن تكون مشمولة بالمادة الخامسة للحلف، والتي تنص على الرد المشترك ضد أي هجوم على أحد الأعضاء.

لكن هذه الأطروحات لن تكون كافية لطمأنة الأوكرانيين. زيلينسكي أكد مرارًا أن أي ضمانات أمنية من الغرب لا معنى لها دون مشاركة الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن ترى موسكو أي وجود لقوات الناتو على الأراضي الأوكرانية على أنه "حصان طروادة"، مما يجعل الفكرة غير قابلة للتطبيق عمليًا. أما إرسال قوات أوروبية غير تابعة للناتو، فقد لا يمثل مشكلة بالنسبة لموسكو، لكن الدول الأوروبية غير المنضوية في الحلف، مثل النمسا وصربيا، قد لا تملك سوى بضعة آلاف من الجنود، ما يعني أن معظم القوات يجب أن تأتي من دول الجنوب العالمي.

لكن في النهاية، مسألة قوات حفظ السلام تبدو وكأنها مبالغ فيها. الطريقة الوحيدة لضمان سلام دائم هي أن تتبنى أوكرانيا سياسة عدم الانحياز الحقيقي، وأن يتم تحقيق تقارب بين روسيا والغرب. نعم، هذا التطور يمثل انتصارًا للكرملين، لكنه كان النتيجة الواقعية الوحيدة منذ أن أُلقيت أوكرانيا تحت جرافة بوتين.

على عكس التوقعات الغربية بانهيار الاقتصاد الروسي وسقوط النظام تحت ضغط الحرب، تمكنت روسيا من الصمود، بل وازدهر اقتصادها بفضل الإنفاق الدفاعي الضخم. وعلى عكس الأوكرانيين، لم يتأثر المواطن الروسي العادي بالحرب لدرجة تجعلها عاملًا رئيسيًا في حياته اليومية.

إعلان

لا يمكن هزيمة بوتين عسكريًا، لكن يمكن إسقاطه إذا ثار عليه الشعب الروسي. بيد أن الغرب وأوكرانيا فعلا كل ما من شأنه تنفير حتى الروس الأكثر عداءً لبوتين، عبر الخطاب المعادي والتمييز الممنهج ضدهم. يبدو أن النخب المتشددة في الغرب لم تكن ترغب في سلام عادل، بل في حرب دائمة.

الخيارات المتبقية أمام أوكرانيا قاتمة. هذا كان واضحًا في خطاب زيلينسكي خلال مؤتمر ميونخ للأمن، حيث كان من المفترض أن يظهر متحديًا، لكنه بدا أقرب إلى شخص يائس. اقترح أن يشكل الجيش الأوكراني نواة لقوة عسكرية أوروبية جديدة، وهو اقتراح غير واقعي؛ لأنه سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا. كما حاول استمالة ترامب عبر الإشارة إلى ثروات أوكرانيا المعدنية، لكنه تلقى ردًا أقرب إلى إنذار نهائي، أشبه بمصادرة استعمارية للموارد الأوكرانية.

لكن هذه التحركات موجهة بالأساس للداخل الأوكراني. زيلينسكي بحاجة لإقناع شعبه بأنه جرب كل الحلول، حتى الأكثر استحالة، وأن الغرب قد خانه في النهاية. وعندها فقط، سيتمكن من الإذعان للحتمية التي لا مفرّ منها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات لم یکن

إقرأ أيضاً:

الغرب يبحث عن وطن بديل لليهود!

 

 

علي بن سالم كفيتان

لم يعُد سرًا أنَّ الحديث عن البحث عن وطن بديل لليهود خارج فلسطين، بات يُتداوَل في أروقة مراكز البحث ودهاليز صُنع القرار في الغرب بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وتعمُّق الحالة بعد اعتداء الكيان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية والرد غير المتوقع منها؛ مما عمَّق الحديث ووطد الفكرة مدعومًا برغبة مئات الآلاف من الصهاينة في الفرار من فلسطين المحتلة إلى وجهات في الغالب هي دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأمريكا وروسيا، هذه الدول استشعرت خطر الهجرة المُعاكِسة للصهاينة وبدأت في دراسة الخيارات منذ وقت مبكر ومنها إيجاد وطن آخر لهم.

قد يكون هذا الحديث سابقاً لأوانه كما يرى البعض، لكنه بات حقيقة واقعة وأزمة تنتظر العالم الغربي يبحث لها عن حل؛ حيث إنَّ فلسطين لم تمنحهم حق العيش ورغد الحياة التي كانوا موعودين بها؛ بل قادتهم إلى القلق الوجودي الدائم والخوف من المجهول قرابة قرن من الزمن. فما لم يتحقق في قرابة 100 عام يعد فكرة غير قابلة للحياة من الناحية السياسية على الأقل. فأين ستكون وجهة اليهود هذه المرة؟

أعتقد أنَّ فكرة الاتفاقيات الإبراهيمية كانت إحدى تلك البدائل التي فهُمت من وجهها البسيط كتطبيع للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين الكيان المحتل والدول العربية، بينما يمكن بموجبها توزيع الجالية اليهودية إلى الدول المُطبِّعة التي ترغب في استضافتهم والاندماج معهم، عبر منح الجنسيات والسماح بالزواج والتملُّك، وهذا سيكون عوضًا عن رحيلهم إلى الغرب المسيحي الذي أحرقهم في أفران الغاز يومًا ما، ولا يرغب في عودتهم إليه؛ فهل تعي الدول السائرة في هذا الركب هذه الحقيقة؟

أكتب مقالي الأسبوعي وأنا على اطلاع بالضربات الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية واعتقد أنه نوع من المساندة الشكلية للكيان المُنهار لا غير، وإرضاءً للوبي اليهودي في أمريكا؛ فالمواقع التي ضربتها أمريكا فجر الأحد، تعرَّضت لعشرات الضربات من الطيران الإسرائيلي طوال أسبوع، وفي كل مرة تُعلن إيران أن الأضرار بسيطة ولم تعطل الأجزاء الحساسة في تلك المواقع. والأمر نفسه حدث بعد القصف الأمريكي؛ حيث صرَّح الإيرانيون أنه لا توجد بواعث قلق من تسرُّبات نووية، وأن الأمر تحت السيطرة، وأنه آمن حتى على السكان المجاورين للمناطق المُستهدفة، ولم يُرصد أي تسرُّب للإشعاعات النووية إلى المحيط. وقد أعلن مسؤولون إيرانيون أن طهران أعدت العُدة لمثل هكذا أحداث، بنقل مخزونها من اليورانيوم المخصب لمواقع آمنة وإغلاق مولدات الطاقة والعمليات الفنية في تلك المواقع، وهذا ما أكده المتحدث باسم الحكومة الإيرانية بعد الضربة الأمريكية؛ أي أن طهران امتصَّت الضربة الأمريكية بنجاح، كما فعلت مع إسرائيل، ولم ترد طهران مستهدفة القواعد الأمريكية في المنطقة؛ بل دكَّت تل أبيب بصواريخ "خيبر" من الجيل الأحدث والأكثر قوة وقدرة على التدمير. هذا يعني أن التدخل الأمريكي جلب المزيد من الدمار لإسرائيل، وسوف يدعم فكرة الفرار من الجحيم في فلسطين، وهذا ما تخشاه أوروبا بالذات؛ فموجات هجرة اليهود بدأت تتدفق إلى مُدنها وآلاف العالقين فيها رفضوا العودة.

من جهة ثانية، ينمو حديث آخر عن عودة حُكم الشاه إلى طهران، وهو في الحقيقة ضمن الخارطة التي رسمها الغرب للشرق الأوسط الجديد؛ فبعد لبنان وسوريا لا بُد من عودة نظام ملكي في العراق وإيران يتواءم مع الأنظمة في المنطقة، ويتقبل السياسات الغربية ويدور في فلكها. أما وزير خارجية إيران فقد أعلن من موسكو- بعد القصف الأمريكي الأخير- أنه على واشنطن عدم تخطِّي "الخطوط الحمراء"؛ مما يعني أنه ما زالت هناك "خطوط حمراء"، ومنها طبعًا استهداف المرشد الأعلى للثورة، ونظامه، وهذا ما أكَّده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم أنه لا يمكن الاعتماد على تصريحاته؛ فقد يفعل عكسها، مثلما حدث في هذه الضربة؛ إذ بعد أن أمهل إيران أسبوعين للتفاوض، ضَرَبَ المواقع الإيرانية. وهنا نتساءل: هل غياب إيران المُشاكِسة للغرب والمُزعِجة للعرب أفضل، أم هيمنة إسرائيل على مفاصل الشرق الأوسط كذراع أمريكية متقدمة؟

أعتقدُ أن غياب الردع الإيراني سيُضعِف النُظم العربية أكثر، وسيسمح بتغوُّل صهيوني غير مسبوق، ولهذا ربما روح المناكفة بينهما رحمة للعرب، في ظل ضعفهم وعدم قدرتهم على إيجاد قُطب فعَّال في المنطقة.

إن استمرار إيران في ضرب إسرائيل يصُب في مصلحة العرب ويزيد المتاعب التي يتعرض لها نتنياهو، ويدعم فكرة الهجرة المعاكسة والبحث عن وطن بديل لليهود؛ بعيدًا عن فلسطين. ويجب على العرب قراءة المشهد من الجانب الذي يدعم قوى المقاومة الفلسطينية وتقوية الجبهة الداخلية للفلسطينيين، بحيث يكونوا مستعدين لاستلام وطنهم، عندما يرحل اليهود؛ فالأمر قادم لا محالة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الناتو يحتفي بتركيا
  • روته: زيادة إنفاق الناتو إلى 5% من الناتج المحلي قفزة نوعية لتعزيز الردع ضد روسيا
  • في التقييم.. جبهة المقاومة منذ طوفان الأقصى
  • مدير مكتب الجزيرة بطهران: إيران طلبت إمدادات من روسيا وهذا هو ردها المتوقع
  • الغرب يبحث عن وطن بديل لليهود!
  • الكرملين مؤيدا ترامب: أوكرانيا خسرت القرم منذ سنوات
  • مراسل الجزيرة بواشنطن: رسائل مهمة من ترامب إلى طهران
  • هل تدخل روسيا على سكة الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟ كاتب صحفي يفسر
  • وراء الحدث
  • تايمز: قمة الناتو ستكون قصيرة وممتعة لتناسب تركيز ترامب