جبال زاغروس العراقية تعيد حاليا تشكيل الشرق الأوسط بالكامل
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
لم تنتهِ بعد قصة تشكل جبال زاغروس في كردستان العراق، فالعوامل والعمليات الجيولوجية التي أدت إلى نشوئها ما زالت تحدث حتى اليوم، وفق دراسة لفريق بحثي دولي يقوده باحثون من جامعة غوتنغن الألمانية.
ووفقا للدراسة المنشورة في دورية "سوليد إيرث"، درس الفريق البحثي تأثير القوى التي تمارسها عملية تشكل جبال زاغروس على سطح الأرض في منطقة كردستان العراق، وخلصوا إلى نتائج مثيرة حول دور هذه العملية في إعادة تشكيل تضاريس منطقة الشرق الأوسط.
وتعود بداية الأحداث، وفقا للدراسة، إلى ملايين السنين عندما كانت الجزيرة العربية وأوراسيا مفصولة بمحيط يُسمى "نيوتيثيس". ومع مرور الزمن، تحركت كتل الصخور باتجاه بعضها بعضا، وعندما اصطدمت، بدأ قاع المحيط (اللوح المحيطي) ينزلق إلى أعماق الأرض بفعل الضغط الناتج عن التصادم، مما أدى إلى تشكل جبال ضخمة مثل جبال زاغروس.
وبعد تشكل الجبال، تأخذ أحداث القصة منعطفا آخر، فبسبب الوزن الهائل لهذه الجبال بدأ سطح الأرض في المنطقة المحيطة بها ينحني تدريجيا للأسفل، وبمرور الوقت تراكمت الصخور والرواسب المتآكلة من الجبال في هذه المناطق المنخفضة، مما شكل سهولا وأحواضا مثل منطقة وادي الرافدين.
إعلانوالمفاجأة التي رصدتها الدراسة في سردها لهذه القصة الجيولوجية، أن الأحداث لم تنته بعد، فالعملية التكتونية ما زالت مستمرة حتى اليوم، حيث يتمزق اللوح المحيطي القديم "نيوتيثيس" أفقيا تحت سطح الأرض في المنطقة الممتدة من جنوب شرق تركيا إلى شمال غرب إيران، مما يؤثر في تطور تضاريس الأرض بشكل مستمر.
وفي تعليق على هذه الأحداث، يوضح الدكتور ريناس كوشناو، الباحث الرئيسي في الدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في قسم الجيولوجيا الهيكلية وعلوم الحرارة الأرضية بجامعة غوتنغن، في تصريحات للجزيرة نت أن هناك نوعين من الصفائح التكتونية، المحيطية والقارية. ويشير إلى أن "اللوح المحيطي أكثر كثافة من اللوح القاري، لكنْ كلاهما يطفو على الوشاح الأرضي، واللوح المحيطي ينغمس في الوشاح بسبب كثافته، أما اللوح القاري فلا يغرق".
وأضاف "عندما تغوص الصفائح المحيطية بالكامل، يتم سحب اللوح القاري المجاور إلى الأسفل بفعل وزن اللوح المحيطي، لكن اللوح القاري أكثر طفوا، لذا لا يغرق في الوشاح، ونتيجة لهذه العملية، ينفصل اللوح المحيطي عن نظيره القاري، مما يؤدي إلى رفع سطح الأرض وتكوين الجبال، مثل جبال زاغروس".
ولتبسيط هذه الفكرة المعقدة، يقارن كوشناو العملية التكتونية برفع لوح خشبي تحت سجادة، قائلا "تخيل أنك تدفع قطعة خشبية مسطحة تحت سجادة كبيرة، ستبدأ السجادة في الانتفاخ في المناطق القريبة من مكان دفع اللوح، وهذه الانتفاخات تشبه كيفية تشكل الجبال عندما ينزلق اللوح المحيطي القديم أسفل القارتين العربية وأوراسيا".
والمعروف أن الوزن الهائل للجبال يتسبب في انحناء سطح الأرض في المنطقة المحيطة بها تدريجيا، لتتراكم بمرور الوقت الصخور والرواسب المتآكلة من الجبال في هذه المناطق المنخفضة، مما يشكل سهولا ومنخفضات.
إعلانوأظهرت النماذج التي طورها الباحثون أن وزن جبال زاغروس وحده لا يمكن أن يفسر عمق المنخفض الذي تشكل في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة الدراسة، والذي يصل إلى 3-4 كيلومترات.
ويشرح كوشناو "كان من المفاجئ أن نجد هذا العمق الهائل من تراكم الرواسب في المنطقة التي درسناها، خاصة في ظل وجود تضاريس معتدلة الارتفاع في شمال غرب منطقة زاغروس".
وأشار كوشناو إلى أن هذا العمق الزائد يعود إلى اللوح المحيطي القديم "نيوتيثيس" الذي لا يزال مرتبطا باللوح العربي، حيث يسحب هذا اللوح المنطقة نحو الأسفل من تحت الأرض، مما يفسح المجال لتراكم المزيد من الرواسب، وعندما يتحرك اللوح نحو تركيا يصبح المنخفض الرسوبي أقل عمقا، مما يشير إلى أن اللوح المحيطي قد انفصل في تلك المنطقة، الأمر الذي أوقف السحب نحو الأسفل.
نماذج تشبه الأشعة السينيةوفيما يتعلق بدقة النماذج الجيوفيزيائية المستخدمة في الدراسة، أوضح الدكتور كوشناو أن هذه النماذج تعتمد على بيانات تم جمعها من نقاط مكشوفة وأعماق الآبار، والتي استخدمت لبناء خرائط سماكة الرواسب.
وقال "هذه النماذج تشبه الأشعة السينية التي تتيح للباحثين رؤية التغيرات تحت سطح الأرض". وأكد أن دقة الصور المقطعية الزلزالية المستخدمة في التفسير تقاس بمئات الكيلومترات، حيث اعتمد الباحثون على نموذج شذوذ سرعة الموجة (بي) العالمي، والمعروف باسم " يو يو- بي 07″، وهو نموذج جيوفيزيائي يستخدم في علم الزلازل لتمثيل التغيرات في سرعة الموجات الزلزالية عبر الأرض، وخاصة الموجة بي (الموجة الأولية).
والموجات الزلزالية من نوع "بي" هي أسرع الموجات التي تنتقل عبر الأرض بعد الزلازل أو الانفجارات، وتُعد الموجة الأولى التي يتم اكتشافها بواسطة محطات رصد الزلازل.
ويوضح كوشناو أن "هذه الصور المقطعية ساعدت في تحديد أماكن انفصال أو ارتباط اللوح المحيطي الغارق"، ويضيف "السمك الأكبر للرواسب ظهر في المناطق التي تم فيها انفصال اللوح المحيطي، وفقما أظهرت الصور المقطعية".
توقعات مستقبلية للتطبيقاتورغم أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل بدقة حتى اليوم، فإن الدراسة تقدم معلومات تساعد في تقدير المناطق التي تكون عرضة لمخاطر زلزالية أعلى. وقال كوشناو إن فهم البنية الجيولوجية الكبيرة للمنطقة يمكن أن يساهم في تحسين معرفة المواقع المحتملة لحدوث الزلازل في المستقبل.
وتحدث الزلازل نتيجة كسور في طبقات الصخور مع إزاحات (فوالق)، وهذه العملية يمكن أن تحدث على أي عمق أو مقياس، ولفهم هذه الفوالق بشكل أفضل، يجب أن نفهم تكوين الصخور وهيكلها الجيولوجي، كما يوضح كوشناو.
إعلانويضيف "يقدم النموذج الذي استنتجاه تقديرا للتكتونيات على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط، مما يوفر بيانات قيمة لصنع خرائط الزلازل المستقبلية".
وبجانب تحسين فهم الزلازل، تقدم الدراسة فرصا لتطبيقات عملية في مجال استكشاف الموارد الطبيعية مثل الطاقة الحرارية الأرضية، إذ إن فهم آليات تكوين المنخفضات الرسوبية وعمق الرواسب يمكن أن يساعد في تحديد المواقع المثلى للاستثمار في الطاقة الحرارية الأرضية أو مواقع ترسب الخامات.
ويقول كوشناو "فهم هندسة الأحواض الرسوبية يمكن أن يساعد في تقدير العمق الذي يمكن أن يكون فيه التدرج الحراري الأرضي عاليا بما يكفي لإنتاج حرارة كافية لتوليد الكهرباء".
وأكد أن الاستثمار في المناطق ذات السماكة الرسوبية الأكبر يمكن أن يكون واعدا أكثر، بالإضافة إلى أن معرفة اتجاه حركة المواد ومواقع ترسبها سيساعدان في تحسين استكشاف الموارد الطبيعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سطح الأرض فی فی المنطقة یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
العاصفة”بايرون” تضرب عدة دول في الشرق الأوسط بينها الاردن
صراحة نيوز- وكالات
حذرت هيئات الأرصاد الجوية من اقتراب العاصفة العنيفة “بايرون” من الشرق الأوسط، بعد أن خلفت أضرارا كبيرة في اليونان وقبرص.
وأكدت هيئات الأرصاد أن تأثيرات العاصقة قد تستمر لعدة أيام وسط مخاوف من كارثة جوية في بعض المناطق.
من المتوقع أن تصل بقايا العاصفة “بايرون” إلى منطقة شرق البحر المتوسط، بما في ذلك الأردن ودول أخرى، اعتباراً من اليوم الأربعاء حاملةً معها أمطاراً غزيرة ورياحاً قوية واحتمال حدوث سيول.
مسار العاصفة.. التأثير المتوقع في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان
ضربت العاصفة “بايرون” اليونان وقبرص في البداية، متسببة في فيضانات مدمرة وأضرار في البنية التحتية، وهي الآن تتحرك شرقا نحو منطقة المشرق العربي.
الأردن: تتأثر المملكة تدريجيا بامتداد منخفض جوي اعتبارا من يوم الأربعاء، مما يؤدي إلى أجواء باردة وغائمة جزئيا إلى غائمة أحيانا. من المحتمل أن تكون الأمطار غزيرة على فترات ومصحوبة بالرعد وتساقط حبات البرد، مما قد يؤدي إلى جريان السيول في الأودية والمناطق المنخفضة، بما في ذلك الأغوار والبحر الميت.
فلسطين: تستعد سلطات الطوارئ والإنقاذ لموجة الأمطار المتوقعة يوم الأربعاء، مع تحذيرات من فيضانات مفاجئة ورياح قوية في عدة مناطق
سوريا ولبنان: من المتوقع أن تؤثر العاصفة على مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك أجزاء من سوريا ولبنان.
وأصدرت الجهات المعنية تحذيرات مشددة بشأن مخاطر السيول المفاجئة، خاصة في مناطق الأودية والمناطق الصحراوية.
وبحسب التوقعات، تبدأ تأثيرات العاصفة اعتبارا من يوم الأربعاء، على أن تبلغ ذروتها يوم الخميس، مع استمرار أجواء عاصفة وماطرة حتى نهاية الأسبوع. وتشمل التحذيرات أمطارا غزيرة، رياحا قوية، انخفاضا حادا في درجات الحرارة، واحتمال تشكل فيضانات وسيول في مناطق واسعة.
وتستند التحذيرات في الشرق الأوسط إلى ما خلفته “بايرون” من دمار واضح في اليونان وقبرص خلال الأيام الماضية. ففي اليونان، تسببت الأمطار الغزيرة بفيضانات أغرقت قاعدة الجناح القتالي 112 الجوية في إليفسينا، حيث غمرت المياه حظائر طائرات حساسة تستخدم لصيانة طائرات رسمية، بينها طائرات رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ما استدعى إجراءات طارئة لحماية المعدات.
كما أعادت العاصفة إلى الأذهان سيناريو عام 2023، حين تسببت عاصفة “دانيال” بإغراق قاعدة ستيفانوفيكيو الجوية قرب فولوس، وظهرت آنذاك مروحيات عسكرية غارقة في المياه، بعد أن ارتفع منسوبها داخل بعض الحظائر إلى نحو خمسة أمتار، ما فتح تحقيقات حول قصور الإجراءات الوقائية.
وفي ضوء هذه السوابق، يتوقع رفع مستوى الجاهزية في دول الشرق الأوسط، وتنظيف مجاري السيول، وتأمين البنية التحتية الحيوية، تحسبا لفيضانات مفاجئة وانقطاع محتمل في الكهرباء والطرقات.
وأكد خبراء طقس أن ما شهدته اليونان وقبرص قد يتكرر بنسب متفاوتة في المنطقة، مشددين على أن الاستعداد المبكر هو العامل الحاسم لتقليل الخسائر البشرية والمادية