الجزيرة:
2025-06-23@21:14:48 GMT

لماذا اختار نتنياهو ديرمر لقيادة المفاوضات؟

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

لماذا اختار نتنياهو ديرمر لقيادة المفاوضات؟

ما إن نشر خبر موافقة مكتب نتنياهو على بدء المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، حتى قفز إلى الواجهة اسم المستشار السياسي الأكثر قربًا من بنيامين نتنياهو، وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر. إذ أعلن مكتب نتنياهو تسليم ديرمر مسؤولية قيادة وفد التفاوض الإسرائيلي في هذه المرحلة بدلًا من رئيسَي جهاز الموساد ديدي برناع، وجهاز الشين بيت رونين بار.

هذا التعيين يثير أسئلةً كثيرةً حول خلفيات هذا الاختيار لهذه الشخصية بالذات، واستبعاد قادة الأجهزة الأمنية بالمقابل. ولكن للحق، فإن نتنياهو قد ضرب بهذا التعيين أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحد.

رون ديرمر ينحدر من أصلٍ ألماني من جهة أبيه المحامي الذي كان قد ولد في نيويورك لعائلةٍ هاجرت قديمًا إلى الولايات المتحدة، ومن أصلٍ ألماني وبولندي من جهة أمه التي ولدت في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني لأبوين مهاجرين من ألمانيا وبولندا قبل الحرب العالمية الثانية، وبعد النكبة الفلسطينية هاجرت عائلة أمه بالكامل إلى ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، حيث التقى والده بوالدته وتزوجا، ثم ولد رون في فلوريدا عام 1971، وعاش طفولته وشبابه هناك.

ودرس ديرمر في صباه في مدرسةٍ دينيةٍ يهودية متشددة في مدينته ميامي بيتش، ونشأ فيها متعصبًا لإسرائيل التي تعلم في تلك المدرسة أنها هي التي تمثل طموحات الشعب اليهودي وآماله، بما شده للسفر إلى إسرائيل أكثر من مرة، ودرس الاقتصاد والإدارة في جامعة بنسلفانيا، ثم الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة عام 1993، وكان يرأس جمعيةً طلابيةً يهودية باسم (لخايم) خلال دراسته هناك، ويبدو أن سنوات دراسته ونشاطه في أكسفورد هي التي أدخلته في عالم السياسة الإسرائيلية، حيث نشط من بريطانيا في حزب (يسرائيل بعاليا) الإسرائيلي اليميني القومي الذي رأسه في ذلك الوقت نتان شيرانسكي (وهذا الحزب اندمج في حزب الليكود عام 2006).

إعلان

وبرز اسم ديرمر في ذلك الوقت بين الناشطين في هذا الحزب خاصةً في انتخابات عام 1996 في إسرائيل التي فاز فيها نتنياهو لأول مرةٍ برئاسة الحكومة، ليهاجر بعد تخرجه إلى إسرائيل عام 1997 ويكتسب الجنسية الإسرائيلية ويتزوج هناك، ويقال إن شيرانسكي هو الذي قدّم ديرمر لنتنياهو في ذلك الوقت المبكر من مسيرة نتنياهو السياسية، وبالتالي فإن علاقة نتنياهو وديرمر قديمة ومرافقة لكافة مراحل حياة نتنياهو في دهاليز السياسة الإسرائيلية، وما لبث أن أصبح أحد أقرب الشخصيات لنتنياهو على الإطلاق، حتى بات البعض يطلق عليه لقب (ظل نتنياهو).

هذا الشخص المتشدد بلغ به التعصب لدولة الاحتلال لدرجة أنه تنازل بلا تردد عن جنسيته الأميركية الأصلية عام 2005 ليتمكن من شغل منصب الملحق الاقتصادي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، الذي رشحه له بنيامين نتنياهو الذي كان يشغل منصب وزير المالية في حكومة أرييل شارون آنذاك.

وبعد عودته إلى إسرائيل عام 2008 ساهم بفاعلية في نجاح حملة نتنياهو الانتخابية وحصوله على رئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 2009، ليعينه نتنياهو مستشاره الخاص، ويتحول إلى رجل في غاية القوة والنفوذ، حتى إنه كان يكتب خطابات بنيامين نتنياهو، وهذا ما جعل نتنياهو يسلمه ملفًا حساسًا هو منصب سفير إسرائيل في واشنطن، وهو الملف الذي برع ديرمر في إدارته بسبب علاقاته الواسعة في الأوساط الأميركية.

وهنا برزت علاقاته مع التيار المحافظ في الولايات المتحدة، حيث نجح في بناء شبكة علاقات واسعةٍ مع شخصياتٍ محسوبة على الحزب الجمهوري، وهي التي ستقدمه في وقتٍ لاحقٍ للرئيس دونالد ترامب في فترته الأولى، حيث أعجب به ترامب بعد أن علم بدوره الكبير في توجيه وتحريك دفة السياسة الإسرائيلية تجاه الولايات المتحدة، ولا سيما دوره في كتابة الخطاب الأشهر لبنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي في عهد إدارة أوباما عام 2015، والذي أثار أزمةً دبلوماسيةً حينها بين إدارة أوباما وإسرائيل بعد تحريض نتنياهو في خطابه على عدم المضي قدمًا في خطة أوباما لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما كان يتفق تمامًا مع أهواء الجمهوريين، ولا سيما دونالد ترامب.

وهذا المدخل جعل من ديرمر مفتاحًا أساسيًا من مفاتيح السياسة الإسرائيلية في الولايات المتحدة في عهد ترامب، فمن خلال علاقاته التجارية والسياسية والاجتماعية المتعددة، لعب دورًا مركزيًا في تسهيل عدد من المشروعات الخطيرة، وعلى رأسها اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها عام 2017، وكذلك اعترافها بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل رسميًا، وساهم بفاعليةٍ كبيرةٍ في عقد اتفاقيات أبراهام مع عدد من الدول العربية عام 2020، وهو ما جعل وجوده في واشنطن مفتاح نجاحٍ مبدئيٍّ لطموحات نتنياهو.

إعلان

ومع قدوم حكومة نتنياهو الثانية، قرر نتنياهو تسليم حقيبة وزارة الشؤون الإستراتيجية لصديقه الوفي ديرمر، وهذه الوزارة التي أنشئت عام 2006 في عهد حكومة إيهود أولمرت كوزارةٍ شكليةٍ لإرضاء أفيغدور ليبرمان زعيم حزب (إسرائيل بيتنا)، تحولت إلى أداةٍ مهمةٍ بيد حكومات الليكود المتعاقبة، ويدٍ ناعمة خفية تعمل على ملفات تبدو صغيرةً ولكنها حساسة، مثل ملف ملاحقة أعضاء حركة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل (BDS)، والعلاقات العامة مع مؤسسات المجتمع المدني وما شابهها.

وفي عهد ديرمر تحوَّلت هذه الوزارة إلى أداةٍ فعالةٍ في دبلوماسية الأبواب المغلقة ومحادثات ما تحت الطاولة، ويبدو أن نتنياهو بات يعتمد على ديرمر في هذه الوزارة – التي كان يفترض قديمًا أنها هامشية – لدرجة أنه خصص لديرمر مقعدًا دائمًا في كابينت الحرب الذي يدير الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الأمر الذي لم يكن نتنياهو يتيحه لوزراء في وزاراتٍ مركزيةٍ حيويةٍ، مثل وزارة الأمن القومي التي كان يرأسها إيتمار بن غفير.

من خلال النظر في هذه الحقائق، تتكشف لنا أسرار اختيار نتنياهو لديرمر ليرأس وفد المفاوضات في مرحلتها الثانية المفصلية على حساب رئيسَي جهاز الموساد والشين بيت.

فنتنياهو في مفاوضات المرحلة الأولى التي كان يرأس وفد إسرائيل فيها رئيس الموساد وجد نفسه مضطرًا تحت ضغط مبعوث ترامب ستيفن ويتكوف للنزول عن الشجرة والموافقة على الصفقة في مرحلتها الأولى. وهو يأمل بتعيينه ديرمر أن يكون قد أعاد لنفسه السيطرة الكاملة على ملف المفاوضات في مرحلتها الثانية.

اختيار ديرمر يعني أن نتنياهو يريد السيطرة على مفاتيح المفاوضات، ذلك أن ديرمر يمكن أن نعتبره نسخةً من نتنياهو، وهو ما جعل عائلات الأسرى الإسرائيليين تعبر عن خوفها من هذا الاختيار، فديرمر قال لهم في أحد اللقاءات إنه لن يؤيد أي اتفاق يوصل إلى إنهاء الحرب دون ضمان القضاء الكامل على حماس، في تكرارٍ حرفي لكلام نتنياهو.

إعلان

من ناحيةٍ أخرى، فإن نتنياهو بهذا التعيين يرجو أن يتخلص من ضغوط ترامب، حيث يرى نتنياهو أن ديرمر شخصية محببة لترامب، وهذا أمر حقيقي، فديرمر كان قد صرح في أحد لقاءاته العامة أنه يعتبر ترامب ملهمًا له لدراسة الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا في شبابه بعد أن قرأ أحد كتبه حول إدارة الأعمال.

كما أن علاقاته السياسية بترامب في فترة رئاسته الأولى كانت نتائجها كبيرة كما أسلفنا. ومن هنا فإن نتنياهو يرى أن وجود ديرمر على رأس الوفد المفاوض قد يساهم في تخفيف الضغوط الأميركية عليه؛ لأن ديرمر حلقةُ وصلٍ مقربةٌ لكلا الطرفين: نتنياهو وترامب.

وفي نفس الوقت، فإن تعيين ديرمر يعتبر محطةً أساسيةً ضمن محطات الحرب الدائرة في الأروقة بين نتنياهو وأجهزة الأمن الإسرائيلية وانقلابه عليها، فهي تعتبر أن تهور نتنياهو قد يودي بمشروع دولة الاحتلال كله إلى المجهول، ونتنياهو يعتبر أن نجاحه في وضع رَجُلِه المقرّب على رأس الوفد المفاوض بمباركة ترامب يجعله يكسب نقاطًا كثيرةً في وجه الأجهزة الأمنية، ويكون بذلك قد نجح في تحييدها عن أروقة اتخاذ قرارات الحرب الحالية، حتى إنه اتخذ قرارًا بمنع قادتها من حضور الاجتماعات الأمنية، وهو ما سيسهل عليه التخلص منهم لاحقًا دون إزعاج من الإدارة الأميركية التي لطالما كانت حليفًا وثيقًا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتثق تمامًا في تقديراتها المختلفة.

التخوف هنا في الحقيقة يكمن في أن تعيين ديرمر يعني أن نتنياهو يريد أن يكون هو نفسه الذي يقود المفاوضات، وهو الذي في نفس الوقت لا يريدها أن تنجح، وإن نجحت فبناءً على رؤيته الخاصة دون تنازلات مؤذية، لأنه يثق في قدرة ديرمر على تخفيف الضغوط الأميركية مع إبقاء مصلحة نتنياهو في مقدمة اهتماماته، وخاصة بسبب حماسة ديرمر نفسه للحرب.

ينبغي ألا ننسى هنا أيضًا أن ديرمر هو مهندس أوّل فكرة طرحت للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة برًا وبحرًا في بداية الحرب مباشرةً، بل إنه حاول تسويق التهجير أكثر من مرةٍ لإدارة بايدن، واختياره يدل على أن نتنياهو يريد تطبيق خطة التهجير بأي ثمنٍ.

إعلان

وهذا ما يرتب على المفاوض الفلسطيني أن يتمتع بصلابةٍ مضاعفةٍ في المرحلة الثانية من المفاوضات مهما كانت الضغوط؛ لأنه هذه المرة لن يواجه جهةً واحدةً، بل جهتين متفقتين على خطة فرض الاستسلام عليه بالقوة، وتهجيره خارج القطاع نهائيًا ودون رجعة.

ويجب أن يعيَ المفاوض الفلسطيني أبعاد ما يريده نتنياهو وظلُّه ديرمر، أو ترامب وشركاؤه، ويثقَ في نفس الوقت أنه يملك من الأوراق ما يجعله قادرًا على فرض رؤيته.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیاسة الإسرائیلیة الولایات المتحدة نتنیاهو فی أن نتنیاهو دیرمر فی وهو ما فی عهد

إقرأ أيضاً:

رغم انقسام الاستخبارات الأميركية.. لماذا قرر ترامب ضرب إيران؟

واشنطن- لم يكن من المألوف أن يجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسط عطلة نهاية الأسبوع أمس السبت، في غرفة العمليات بالبيت الأبيض مع مجلس الأمن القومي، للمرة الرابعة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، إلا إذا كانت هناك حاجة استثنائية.

وهذا ما كان، إذ كانت قاذفات "بي 2" على بعد أقل من ساعة من أهدافها المختارة بدقة في إيران، حيث حملت هذه القاذفات 6 قنابل من نوع "جي بي يو 57" التي يتخطى وزن كل منها 30 ألف رطل، ويقدر خبراء عسكريون أن لديها أفضل فرصة لإلحاق الضرر بمنشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو.

ورغم تأكيد ترامب النجاح في استهدف 3 مواقع نووية في إيران، بما في ذلك فوردو ونطنز وأصفهان، فإنه من المبكر الحكم على تأثير الهجمات على المنشآت الإيرانية.

تخبط استخباراتي

خلال الأيام الماضية، كان ترامب قد تواصل مع كبار معاونيه لاستشارتهم حول الانضمام والمشاركة بالهجمات الإسرائيلية على إيران، لكن دون حسم قراره، إذ قال يوم الخميس الماضي إنه "سيقرر في غضون أسبوعين ما الخطوة الأميركية القادمة".

ورغم مطالبة ترامب إيران بالاستسلام الكامل والتخلي عن البرنامج النووي، لم تظهر إيران إلا التحدي، وفشلت مباحثاتها مع وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا على حلحلة الوضع، بعد تأكيد إيران أنها لن تنهي تخصيبها من الوقود النووي، وأنها لن تدخل في محادثات مع الولايات المتحدة ما لم توقف إسرائيل هجماتها.

ثم جاءت الهجمات الأميركية، رغم الانقسام الكبير في تقديرات أجهزة الاستخبارات الأميركية حول قدرات ونوايا إيران النووية، إذ ظهرت إلى السطح -خلال الأيام الماضية- عمق الاختلافات الحادة بين التقييمات الإسرائيلية والأميركية حول القدرات النووية الإيرانية.

كما أظهر ترامب أيضا عدم الثقة في مجتمع الاستخبارات الخاص به، بما في ذلك مديرة المخابرات الوطنية الخاصة به تولسي غابارد، حيث غابت أكبر مسؤولة استخباراتية أميركية عن اجتماعات غرفة العمليات في البيت الأبيض، وهو ما يمثل استثناء لمنصب يشرف على 22 جهازا استخباريا ومؤسسات أمنية أميركية منها "إف بي آي" و "سي آي إيه".

إعلان

وعندما سُئل ترامب عن شهادة غابارد أمام الكونغرس، والتي ذكرت فيها أن الولايات المتحدة قيّمت أن إيران لا تتجه لتصنيع سلاح نووي، قال ترامب بشكل قاطع إنها "مخطئة".

وعلى النقيض، أشارت تقارير إلى تأكيد مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف لعدد من كبار معاونيه، أنه يعتقد أن إيران تعمل بنشاط من أجل بناء سلاح نووي بشكل سريع جدا.

وأرجع راتكليف تقديره إلى ما اعتبره جهودا إيرانية متسارعة لتكديس مخزونات من اليورانيوم عالي التخصيب، وتصنيع صواريخ باليستية يمكن من خلالها إطلاق سلاح نووي.

وبعد فترة وجيزة من حديث ترامب، انقلب موقف غابارد، وانتقدت وسائل الإعلام، ونشرت على موقع "إكس" تغريدة قالت فيها "لدى أميركا معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران في نقطة يمكنها فيها إنتاج سلاح نووي في غضون أسابيع إلى أشهر" وأضافت "لقد كان الرئيس ترامب واضحا أن هذا لا يمكن أن يحدث، وأنا أتفق معه".

طائرات "بي-2" التي استخدمتها الولايات المتحدة في قصف مفاعل فوردو (رويترز) ترامب خدع الإيرانيين

وأثناء إفادة بالبيت الأبيض حضرتها الجزيرة نت، مررت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت رسالة مباشرة من الرئيس الأميركي، جاء فيها "بناء على حقيقة أن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تحدث أو لا تحدث مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري بشأن إيران خلال الأسبوعين المقبلين".

وفي الوقت ذاته، لم تتوقف الدوائر الإسرائيلية واليهودية في واشنطن للترويج لسرديتين على مدار الأسبوع الأخير منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على إيران:

أولهما: أن الحملة الإسرائيلية والهجمات الجوية والصاروخية على إيران مبنية على حقيقة غالبا ما يغفلهما تيار "ماغا" الانعزالي -حسب وصفهم- وهي أن الحكومة الإيرانية مصممة على امتلاك أسلحة نووية ولا يمكن ردعها أو إقناعها بفعل خلاف ذلك. والثانية: أن على إدارة ترامب وجوب مساعدة إسرائيل على تدمير منشأة فوردو النووية، من أجل "تقصير الحرب، ومنع التصعيد الأوسع نطاقا، وإنهاء التهديد الرئيسي لاستقرار الشرق الأوسط" الذي تشكله إيران، وأن إيران المسلحة نوويا ستشكل أكثر من مجرد تهديد للشعب الإسرائيلي ودولته، ويمكن أن تصل صواريخها إلى عواصم الخليج وأوروبا.

ودفعت هذه السردية للتأكيد على أنه بتدمير منشأة فوردو، سيخلق الرئيس ترامب توازنا جديدا في الشرق الأوسط، ويعيد تأسيس القيادة الأميركية، وستركز الضربة فقط على القضاء على برنامج الأسلحة النووية الإيراني، ولكن يجب أن تكون مصحوبة برسالة واضحة: أنه إذا حاولت إيران استهداف الولايات المتحدة أو حلفائها الخليجيين، فإنها ستخاطر بالقضاء على نظامها.

ونجحت إسرائيل في إقناع ترامب بنقطة غيرت مسار حساباته، ودفعته لتبني الخط الأحمر الإسرائيلي ذاته بشأن التخصيب الصفري لليورانيوم الإيراني، حيث كان السبب الوحيد وراء انطلاق الدبلوماسية مع إيران في البداية هو أن الخط الأحمر الأصلي لترامب كان عدم التسلح، مما يعني أن إيران يمكن أن تستمر في تشغيل برنامج نووي مدني، لكن طرقها نحو التسلح سيتم عرقلتها.

إعلان

لكن ترامب غير الأهداف في منتصف المحادثات التي مثله فيها المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واعتمد الخط الأحمر الإسرائيلي الذي صممته إسرائيل لخلق مأزق في المحادثات وتمهيد الطريق للعمل العسكري.

وكان الرئيس ترامب قد أبلغ سرا عن قراره بقصف المواقع النووية الإيرانية بعد اجتماعه مع مستشاري الأمن القومي يوم الأربعاء الماضي، ثم أشار البيت الأبيض يوم الخميس إلى نافذة مدتها أسبوعان و"فرصة كبيرة للتفاوض" مع إيران، والتي يبدو أنها كانت خدعة تهدف إلى طمأنة الإيرانيين.

ففي فجر اليوم الأحد، قال ترامب للشعب الأميركي بعد قصف الأهداف النووية داخل إيران "لقد أتممنا هجوما ناجحا جدا استهدف 3 مواقع نووية في إيران، بما في ذلك في فوردو ونطنز وأصفهان، لقد باتت الطائرات كلها خارج المجال الجوي الإيراني".

وأضاف "تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسي في فوردو، والطائرات في طريق عودتها إلى الوطن بأمان الآن، نهنئ محاربينا الأميركيين العظماء، إذ ما كان أي جيش آخر في العالم ليتمكن من إتمام هذه المهمة. حان وقت السلام الآن! شكرا لاهتمامكم بهذه المسألة".

مقالات مشابهة

  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية
  • لماذا رشّحت باكستان ترامب لجائزة نوبل للسلام؟
  • خريطة تكشف المواقع التي تعرضت للضربات الإسرائيلية والأمريكية في إيران منذ 13 يونيو
  • ترامب يضيّع ثمار عشر سنوات من المفاوضات النووية
  • رغم انقسام الاستخبارات الأميركية.. لماذا قرر ترامب ضرب إيران؟
  • القناة 14 الإسرائيلية: ترامب أبلغ نتنياهو بتوقيت الهجوم على إيران
  • البث الإسرائيلية: نتنياهو يقيّم الوضع الليلة مع كبار مسؤولي الدفاع
  • إثم ينشر موعظه
  • إيران ترفض المفاوضات مع أميركا قبل وقف الهجمات الإسرائيلية
  • ترامب يحدد المهلة الأخيرة لإيران بشأن المفاوضات.. لا أعرف كيف أوقف القتال