أحمد نجم يكتب: الطفل العنيد صناعة أسرية
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
من الخطأ تجاهل الدور الأسري لصناعة الطفل العنيد، أحيانا بدون قصد يداعب الوالدين أو أحد أفراد الأسرة الطفل الصغير بأن يمنع عنه شئ يحبه، ويتلذذ البعض بمحاولات الطفل الصراخ للتوصل للشئ الممنوع عنه، وتزداد الضحكات عليه في الوقت الذي يشعر الطفل بالرغبة الشديدة للوصول وتقليد مافعله الٱخر معه.
يتصور البعض بأن الطفل لا يدرك الأمر لكن في الحقيقة تتولد مظاهر العناد لدي الطفل إبتداء من بلوغه العامين والنصف، فقد قسم علماء الاجتماع العناد عند الأطفال إلى:
أولا عناد مرضي: يكون علي صورة مرض عصبي ونفسي يصيب الطفل ويكون علاجه لدي طبيب مختص .
ثانيا عناد عرضي: هو عناد مؤقت غير دائم يكون رد فعل للطفل بسبب إكراهه علي فعل شى لا يحبه فلا يجب التعامل بحده مع الطفل لتنفيذ الأوامر .
ثالثا عناد متكرر: هو شائع عند الأطفال برفض الأوامر فيغضب الوالدين لأنه يمس حرج إجتماعي وتربوي، فلا يجب أن يتشدد الوالدين في رد الفعل ولكن التعامل يكون بإسلوب الترغيب والمكافأت لتغيير تشبث الطفل برأيه .
الطفل يصبح عنيداً لأنه يطلب منه تنفيذ الأوامر بدعوي التربية الصحيحة ، وكلها أفعال أمر و إذا قام بكسر الأشياء يعاقب و الأفضل للأم إبعاد الأشياء المعرضه للكسر من أمامه لأنه في هذه المرحلة العمرية لا يعرف قيمة الحفاظ علي الأشياء ويجب تدريبه علي ذلك بعد عمر العامين ونصف .
يبدأ العناد عند الأطفال في سن مبكر، يبدو في صورة سلوك سلبي ، برفض ما يطلبه الآخرون. ويكون بين سنة إلى ثلاث سنوات طبيعي جدا ، ويصبح مشكلة سلوكية عند النمو .
حين تنشغل الأسرة عن الطفل يحاول أن يفعل ٱي شى لمحاولة لفت الإنتباه له خاصة عند وجود أطفال ٱخرين هو يحاول أن يكون محور الإهتمام به، وقد يتعرض الطفل للعقاب لشئ فعله، فيحاول غاضبا أن يكرر مافعله إنتقاما ممن عاقبه، مثل أن يلقي أشياء علي الأرض، فيتم ضربه علي يده، وبرغم تألمه من العقوبة إلا إنه يكرر إلقاء الأشياء محاولا أن يثير غضب من عاقبه .
قد تظهر مظاهر عناد الطفل عند عدم إشباع رغباته فيصاب بالتوتر وفعل ٱي شئ لعدم تلبية رغباته، أحيانا مثلا يحاول النوم، فتظل الأم تداعبه لكي يستيقظ لينام ليلا وتأخذ هي راحتها، ومع إصراره ورغبتها في إيقاظه يتولد إصرار الطفل علي موقفه ولا تعلم الأم أنها تصنع أولي مظاهر العناد لدي طفلها .و أحيانا يكون العناد وراثيا لذلك يجب علينا مراعاة تصرفاتنا أمام الأطفال .
قد يختلف تفسير الأبوين لتصرفات الطفل، ومن الأفضل التأكد من سلوكياته لوضع أسس العلاج، فهناك فرق بين الطفل العنيد وقوي الشخصية حر الإرادة، الطفل العنيد يتمسك برأيه ولا يتقبل آراء الٱخر، ويصر علي تنفيذ ما يفعله بجانب ميله للإستقلالية واعتماده علي نفسه فقط، وأحيانا يصاب بنوبة صراخ لكي يلفت أنظار الٱخرين له .
قد تكون المرونة والدلع الزائد وتلبية رغباته الكثيرة وعدم المنع، مثلا يصرخ فتتم الإستجابة لطلباته فورا لمنع بكائه، من أهم أسباب ظهور ظاهرة العناد لدي الطفل لأنه يعرف كيف يتم تنفيذ طلباته، وقد يكون عناد الوالدين حين يصرا على تنفيذه الأوامر دون إقناعه.
وتبدو رغبة الطفل في تأكيد ذاته خاصة أمام الآخرين برفض الأوامر وتنفيذ مايحلو له نوعا من العناد العمدي، لشعوره بالظلم عندما يتلقي أمر بعمل شئ مع راحة أخيه ، أو محاولة كبت حركته ونشاطه ، وأحيانا شعور الطفل بالضعف يدفعه للعناد لإثبات ذاته أو شعوره بالغيرة بسبب التفرقة في المعاملة بين الأخوات، مما يصببه بالتوتر النفسي فيقوم بعمل كل شئ عكسي
هنا لابد من تدريب الطفل علي تبادل الأشياء، الأخذ والعطاء والتعاون في أعمال البيت الخفيفة لتقليل حدة الأنانية فجميع الأطفال يكتسبون صفات وراثية وجينات تحمل في بعضها سلوك العناد وخاصة في إبداء الرأي لذلك تنتشر مقولة ( الواد طالع لابوه دماغه ناشفة) لذلك يجب أن يتجنب الوالدين معاقبة الطفل أمام الأخرين كي لا يشعر بالحرج ويحاول إثبات ذاته، وهنا لا يجب أن نقول الواد صغير ولا يفهم، فمرحلة الإدراك لدي الطفل تبدأ مبكرا جدا .
يجب علي الآباء التحلي بالصبر وعدم الغضب من التصرفات الطبيعية لسن الطفل ولا يجب إخراج شحنة التعب من متطلبات الحياة والعمل في الطفل، والتحدث معه بلغته والنزول لمستوي عقله وتفكيره .
من المهم أن يكون هناك حوار بين الطفل ومعطي الأوامر وإحترام رأي الطفل فحين يصر الطفل علي إرتداء ملابس معينة يجب تلبيه رغبته وإحترام مشاعره، والإستماع جيدا لطلباته ويمكن بعد تلبيه طلبه إقناعه بأن يرتدي الملابس الأخري ونجعله ينظر للمرٱة ونستدرجه للموافقه علي ما نريده .
يجب أيضا عدم الإنفعال علي تصرفاته وإخراج حاله الضيق من إرهاق اليوم عليه، والصبر علي تصرفاته وتوضيح الصواب له بطريقة فكاهية ليتقبلها .
جميل جدا أن يقوم الوالدين بمدح سلوكياته الإيجابية والتقليل من رفض طلباته بلفظ لا، لأنه يرددها دون أن يدرك نتيجتها، ويتم ذلك بألفاظ سهلة مرنة، ويمكن قبل النوم أن يقوم أحد الوالدين بإلقاء حدوتة قبل النوم يطرح فيها تصرف خاطئ قام به الطفل وطرح الصواب وجعل الطفل يردده في دعابة للاستفادة.
أيضا يجب عدم إجبار الطفل علي تنفيذ أمر هو لا يرغبه و يكرهه، مثل تناول طعام معين أو الجلوس في مكان محدد أو عدم الخروج، وأن نحترم في سلوكيات الطفل الإرادة المعاكسة، ونتقن إسلوب التفاوض والحوار مع سنه .
فقد يبدو سبب عناده مضحكا، فإذا رفض مثلا الإستحمام قد يكون بسبب خشيته من المياه أو الغرق في البانيو أو خلع الملابس، لذا يجب إبراز الجوانب الإيجابية في المكان لجذب إنتباهه وحبه في التصرف.
من الخطأ الصراخ في وجهه، فهو يتعلم العصبية وأحيانا يقلد الوالدين مع الأخرين حين يراهما يتشاجران أمامه، يقلد بدون وعي، وأحيانا يقوم بضرب من حوله وإهانتهم وبذلك نكون ساهمنا في صنع طفل عدواني .
من الأفضل عدم عقاب الطفل العنيد بقسوة والتجاوز عن الأخطاء البسيطة التي يفعلها لأنه سوف يكررها بدافع استحباب رد فعلك كأنك تداعبه، ويمكن معاقبته بحرمانه من اللعب بألعابه المفضلة وإخفائها عنه، أو تقليل وقت لعبه لفترة بسيطة، أيضا بث روح الإعتذار عند قيامه بسلوك خاطئ، بإسلوب إيضاحي يناسب عمره .
طفلك بذرة نقية طاهرة، لابد أن توفر لها مناخ تربوي مناسب لتكسب أنت حياتك قبل أن يكسب هو حياته .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الطفل العنيد رأي الطفل المزيد الطفل العنید الطفل علی لا یجب
إقرأ أيضاً:
محمد دياب يكتب: «إسرائيل ذئب الخراب»
كيانٌ طفيليّ دموي، لا يعرف من أبجديات الدولة سوى آلة القتل، ولا يزدهر إلا وسط الخراب، ولا يعلو إلا فوق جثث الأطفال، ولا يتنفس إلا من رئات الجرحى. هو جريمةٌ مغروسة في الجغرافيا، لا يحتمل صمود الضمير العالمي، فيبادر إلى ذبحه كلما تنفّس
منذ لحظة اغتصابها للوجود، ما أنبتت سوى القبور، وما مدت يومًا يدًا للتعايش، كانت خنجرًا في خاصرة كل جار. هي سرطان في جسد الشرق، لا يتوقف عن النمو إلا عندما يتوقف القلب النابض بالحياة في غزة، أو حين تجف دماء الأبرياء في جنوب لبنان، أو حين تفرغ شرايين سوريا من أنفاسها.
عندما يصبح القصف ضرورة وجودية للكيان المحتلهل سمعتم عن دولةٍ تعيش على الحرب؟ إسرائيل تفعل
هل قرأتم عن "جيش" يُغتصب فيه اسم الدفاع وهو يطارد الأجنة في الأرحام؟ إسرائيل تجيده.
وهل عرفتم عن كيان يحتاج إلى قصف حتى يحافظ على توازنه الوجودي؟ هذا بالضبط ما تمارسه إسرائيل، كما تتنفس
أجنحتها لا تعرف الحدود، إنما تحفظ خريطة الموت العربي عن ظهر قلب.
من غزة إلى دمشق، ومن بيروت إلى طهران، تتجول الطائرات الإسرائيلية بحثًا عن لذة القتل، عن مشهد طفلٍ يرتعش تحت الأنقاض، وعن نحيب أمٍ تختنق تحت الركام.
عداوتها لا تقف عند حدود، فخصومتها مع فكرة الحياة ذاتها. حتى حين تسكت البنادق، تزرع ألغامًا في العقل والذاكرة، تشوه الوجدان العربي كي لا يعود سويًّا. هي الكيان الوحيد الذي يرى في كل عربي "مشروع قبر" مؤجل
كيان يرى ان التنفس مقاومة، ويرى ان الوجود جريمة تستحق الإعدام.
تصرخ إسرائيل كلما قاومها أحد: "أنا في خطر"، ثم تذبح ألفًا لتشعر بالأمان. تبتز العالم بندوبها، لكنها تُخفي آلاف الجثث التي صنعتها.
إنها الوحش الوحيد الذي يطلب من ضحيته الاعتذار لأنه ما زال يتنفس.من يزرع النار في صدور الأمهات، لن يحصد الأمن ولو أقام ألف قبةٍ حديدية.
أما غزة، فهي المعجزة الأخيرة في زمن الانكسارات؛ مدينةٌ يرضع أطفالها الكرامة مع الحليب، ويشبّون على عزة النفس قبل أن يلفظو اولى كلمات الوطن. تُقصف ثم تقف، تُجَوَّع ثم تُكَبِّر، تُذبح ثم تُنجب ألف مقاوم من دمها
وإذا كانت إسرائيل تعتقد أنها قادرة على وأد ذاكرة الأمة، فلتنظر إلى وجوه الشهداء، ستراها محفوظة على جدران القلب العربي، محفورة في سجلات التاريخ الذي لا يرحم.
ذاكرة الأمة لا تموت.. والاحتلال زائلإن هذه الأرض التي شربت دم الأبرياء لن تنبت لهم سلامًا، ولن تسمح لهم بأن يناموا آمنين فوق رماد أحلامنا
ولن يكون للكيان المأجور وطن هنا، مهما تواطأ العالم أو تواطأت خرائط القوة، لأن فلسطين وُجدت للمقاومة، خُلقت للنزال، ومفاتيحها محفوظة ليدٍ عربية لا تُصافح المحتل ولا تُفرّط في الحلم، ومن يظن أن الدم يُقنع الأرض بالتنازل، لم يفهم بعد لغة الشرق.