العراق والوقاية من تداعيات الأزمة السورية
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
23 فبراير، 2025
بغداد/المسلة:
علي المؤمن
بعد احتلال الجماعات الطائفية والتكفيرية الأممية العابرة للحدود، أجزاء واسعة من سوريا خلال العامين 2011 و2012، استشعر جزء من الحكومة العراقية الخطر الداهم على الأمن القومي العراقي مما يحدث في سوريا، ولذلك غض النظر عن مشاركة بعض الفصائل العراقية في جهود الوقاية، إلّا أن أصواتاً في المقابل، كانت ترتفع بقوة لمنع الحكومة العراقية من أي تدخل في سوريا، بذريعة النأي بالنفس عن المشاكل الداخلية في دول الجوار، والتي لا ناقة فيها للعراق ولا جمل، وكذلك لكي لا يظهر العراق بمظهر المدافع عن نظام بشار الأسد، وللحيلولة دون استفزاز المليشيات المسلحة في سوريا، ودفعها للانتقام مستقبلاً من العراق فيما لو سيطرت على السلطة في دمشق.
وغاب عن هؤلاء، وتحديداً الغافلين، وليس المغرضين الطائفيين، بأنّ خرق الأمن القومي في سوريا، وهيمنة الجماعات الطائفية والتكفيرية العابرة للحدود، لا يرتبط بالنظام السوري وحسب؛ إنما يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي العراقي، خاصة وأن تدخل أنظمة تركيا والسعودية وقطر والإمارات والأردن ومصر، بكل ثقلها، في تمويل المليشيات التكفيرية والطائفية في سوريا وتجهيزها وتمويلها ودعمها بالمستشارين العسكريين والمخابراتيين، كان كله يستند إلى دوافع طائفية معلنة، بكل وقاحة ووضوح، وهي دوافع تمس الواقع العراقي بشكل مباشر.
فضلاً عن أن هذه الجماعات الطائفية والتكفيرية ليست جماعات سورية محلية، وليست لديها أهدافاً سياسية داخلية؛ إنما هي، كما تعلن بصراحة، جماعات مسلحة أممية عابرة للحدود، وتضم عناصر إرهابية من كل الكرة الأرضية، وتعلن جهاراً نهاراً بأنها لا تعترف بالحدود، وأن مساراتها لا تتوقف عند دمشق، بل إنها ستسيطر على دمشق وعينها على لبنان والعراق، وهو الهدف الذي ظلت تسعى إليه، وحققت جزءاً مهماً منه، ولو لا تدخل إيران وحز ب الله والمقاومة العراقية عسكرياً، ثم روسيا، لما توقف عدوان هذه الجماعات عند حدود إدلب والرقة ودير الزور.
ولو كان الجيش العراقي قد عمل حينها بحكمة الإمام علي الاستراتيجية الاستشرافية: ((العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس))، واتخذ طريق الوقاية، وشارك بكل قوة في دحر الجماعات الطائفية والتكفيرية داخل سوريا؛ لما زحفت باتجاه العراق، والتحمت بمنصات الفتنة وما سمي ب(ثوار العشائر) واحتلت المحافظات الغربية، ووصلت إلى مشارف بغداد، ولما احتاج العراق إلى أربع سنوات صعاب لعلاج الأزمة الأمنية العميقة التي ضربته.
وقد أثبتت الوقائع حينها، وفق المعايير الاستراتيجيّة، أن مسك الحدود العراقية السورية لا ينفع لوحده في صد الزحف الإرهابي، خاصة وأنه يحظى بضوء أخضر أمريكي ودعم تركي وخاصرة رخوة في إقليم كردستان ومنصات حاضنة جاهزة في المنطقة الغربية.
واليوم يتكرر المشهد نفسه؛ إذ لا يزال هناك من غير الطائفيين والمغرضين، من لم يع الدرس القاسي، ويتغافل عن الأخطار القديمة – الجديدة نفسها، ويرفع شعار النأي بالنفس أيضاً، ويطالب بالاكتفاء بمسك الحدود، ورفض تدخل العراق في دحر المليشيات المسلحة في سوريا، رغم أنها تقف على أبواب العراق، وخاصة في مناطق الحسكة ودير الزور، وصولاً إلى القامشلي شمالاً والرقة غرباً، فضلاً عن المليشيات في إدلب وحلب وحماه، والتي تطمح إلى عبورها باتجاه حمص ثم دمشق، وكأنّ سقوط دمشق بيد المليشيات الطائفية والتكفيرية سيكون شأناً داخلياً سوريّاً لا أكثر، ولا صلة له بالأمن القومي العراقي واللبناني!!.
أما الطائفيين الذين يرفضون بشدة تدخل العراق لحماية نفسه والوقاية من أخطار التحول في سوريا؛ فإنهم يعون تماماً ما يحدث، وينتظرون عودة المنصات ليلتحم (ثوار العشائر) بالقاعدة وداعش مرة أخرى، لعلهم يصلون هذه المرة إلى بغداد، ويحققون حلم ((قادمون يا بغداد لنطهرك من رجس الصفويين)).
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
خنادق وأبراج وأسلاك وكاميرات.. العراق يكشف تفاصيل الجدار الخراساني على حدوده مع سوريا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلنت قيادة قوات الحدود العراقية التابعة للجيش العراقي، السبت، إنجاز ما وصفته بـ"شبكة دفاعية متكاملة" على الشريط الحدودي للعراق مع كل جيرانه، وأهمها الجدار الخراساني "شديد التحصين" على الحدود مع سوريا.
وذكرت قيادة قوات الحدود العراقية في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "أعمال إنشاء التحصينات على الحدود العراقية – السورية انطلقت عام 2022، على امتداد شريط حدودي يبلغ طوله أكثر من 618 كيلومترًا".
وأوضحت قوات الحدود العراقية أنه "تم إكمال نحو 350 كيلومترًا من الجدار الأمني الخرساني حتى الآن، فيما تتواصل الجهود لإغلاق جميع الثغرات المتبقية منعًا للتسلل والتهريب".
وأضافت قوات الحدود العراقية، أن "الجدار الخراساني يتم تدعيمه بمنظومة موانع متعددة، تشمل خندقًا شقيًا بعرض 3 أمتار وعمق 3 أمتار، وساترًا ترابيًا بارتفاع 3 أمتار، ومانعًا منفاخيًا رباعي الطبقات، وسياج (BRC) معدنيًا، إضافة إلى أبراج مراقبة يبعد كل منها 1 كيلومتر عن الآخر، مجهزة بكاميرات حرارية متطورة مرتبطة بمنظومة مراقبة مركزية"، بحسب واع.
وقالت إن "التحصين الحدودي لا يعتمد على السور الخرساني فقط، بل يشمل شبكة دفاعية متكاملة تتضمن خنادق، وأسلاكًا شائكة، ومنظومات إنذار مبكر، فضلاً عن استخدام كاميرات حرارية عالية الدقة وأجهزة مراقبة ليلية ونهارية تعمل على مدار الساعة".
وأوضحت قيادة قوات الحدود العراقية أن "التحصينات تنفذ أيضًا على الحدود مع إيران والأردن والسعودية والكويت وتركيا، ولكن بدرجات متفاوتة تبعًا للتهديدات الأمنية في كل منطقة"، وأردفت: "فمع إيران، توجد في بعض المناطق خنادق شقية، وموانع منفاخية، وسياج BRC، فيما تستمر أعمال التحصين وفق الحاجة الميدانية".
وأكدت قيادة قوات الحدود العراقية أن "الحدود العراقية مزودة حاليًا بـ975 كاميرا حرارية يتم ربط بثها مباشرة بالمركز الرئيسي في بغداد، الذي يمتلك القدرة على التحكم بالكاميرات عن بعد، من حيث التوجيه والتسجيل وإدارة الذاكرة، فضلاً عن وجود أفواج فنية مختصة بالكاميرات في كل لواء حدودي"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية.