بغداد اليوم- بغداد

مع تصاعد سياسة "الضغط الأقصى" التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد النظام الإيراني، تبرز تساؤلات حول مدى شمول العراق بهذه العقوبات، لا سيما في ظل اتهامات أمريكية بوجود صلات وثيقة بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة المرتبطة بطهران.

تصريحات حديثة للمسؤول الأمريكي ديفيد شينكر، المستشار السابق لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، تكشف عن توجه جديد في سياسة إدارة ترامب قد يستهدف مؤسسة الحشد الشعبي، ضمن استراتيجية تهدف إلى إعادة ترتيب النفوذ الأمريكي في المنطقة، والضغط على بغداد لإعادة ضبط علاقاتها بين واشنطن وطهران.


استراتيجية ترامب: تقليص التورط العسكري مقابل الصفقات السياسية

أوضح ديفيد شينكر، خلال حديثه في مؤتمر أربيل الاقتصادي، تابعته "بغداد اليوم"، أن سياسة الرئيس الأمريكي الجديد تتمحور حول "الانتقالية"، أي تقليل التدخلات العسكرية المباشرة في الشرق الأوسط، والتركيز على العقوبات الاقتصادية والنفوذ السياسي.

وقال شينكر: "ترامب يحاول تقليل تورط القوات الأمريكية العسكرية في قضايا الشرق الأوسط، ويتجه نحو عقد الصفقات وتأمين مصالح الولايات المتحدة عبر النفوذ السياسي بدلاً من التدخل المباشر".

ويأتي هذا التوجه في إطار مراجعة واسعة لاستراتيجية واشنطن، حيث تشير التسريبات إلى أن الإدارة الأمريكية قد تتبنى المقترحات التركية بشأن سوريا، والتي تتضمن انسحاب القوات الأمريكية من هناك وتسليم إدارة المناطق الشمالية لأنقرة. كما تشمل الاستراتيجية إمكانية سحب القوات الأمريكية من العراق، ضمن خطة لإنهاء ما يسميه ترامب "الحروب الأبدية" في المنطقة.


الحشد الشعبي في دائرة الاستهداف الأمريكي

رجح شينكر أن تشمل العقوبات الأمريكية الجديدة الحكومة العراقية ومؤسسة الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أن واشنطن تعتبر دعم بغداد لهذه الفصائل عقبة رئيسية أمام تنفيذ سياساتها في الشرق الأوسط.

وقال شينكر: "ترامب قد يشمل العراق بالعقوبات في سبيل الضغط على الحكومة العراقية لإيقاف تعاونها مع النظام الإيراني، ومنع توفير ملاذ آمن للفصائل المرتبطة بطهران، وخصوصًا قوات الحشد الشعبي."

كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ترى في تمويل الحكومة العراقية للحشد الشعبي دليلًا على ضعف استقلالية القرار العراقي. وأضاف أن عدد الفصائل المسلحة داخل الحشد يتجاوز 70 فصيلًا، ويضم 338 ألف عنصر، "جزء كبير منهم موصومون بالإرهاب من قبل الإدارة الأمريكية".


أهداف العقوبات الأمريكية على العراق

وفقًا لشينكر، فإن العقوبات المحتملة على العراق تهدف إلى معالجة ملف الحشد الشعبي والحد من نفوذ طهران في بغداد، وذلك عبر، منع تهريب الدولار إلى إيران، الذي ترى واشنطن أنه يتم عبر المصارف العراقية، وتقويض الوجود الإيراني داخل العراق، من خلال تضييق الخناق على الفصائل المسلحة التي تتلقى دعمًا من طهران، مع الضغط على الحكومة العراقية لإعادة هيكلة الحشد الشعبي بما يتوافق مع الرؤية الأمريكية.

وأكد شينكر أن واشنطن ترفض استمرار الحشد الشعبي بشكله الحالي، معتبرًا أن دمجه في القوات النظامية أو تقليص نفوذه العسكري هو جزء من الشروط الأمريكية لاستمرار التعاون مع بغداد.


كردستان تحت الضغط: المساعدات الأمريكية مشروطة 

لم تقتصر التهديدات الأمريكية على الحكومة الاتحادية فقط، بل شملت أيضًا إقليم كردستان. حيث أشار شينكر إلى أن الدعم الأمريكي لحكومة الإقليم سيكون مشروطًا بتوحيد قوات البيشمركة تحت قيادة مركزية واحدة.

وقال شينكر: "انقسام قيادة البيشمركة الكردية بين الحزبين الرئيسين لم يعد أمرًا توافق عليه واشنطن، والدعم الأمريكي سيعتمد على مدى التزام كردستان بإعادة هيكلة قواتها."

هذا التصريح يعكس تغيرًا في موقف واشنطن تجاه إقليم كردستان، الذي كان يتمتع في السابق بدعم أمريكي غير مشروط، لكنه الآن يخضع لضغوطات مماثلة لما تتعرض له بغداد، في محاولة أمريكية لإعادة ترتيب موازين القوى داخل العراق.


العراق بين طهران وواشنطن

مع تزايد الضغط الأمريكي، يجد العراق نفسه في موقف معقد، حيث يواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران. فمن جهة، تعتمد بغداد على الدعم الأمريكي في التسليح والتدريب والدعم الدبلوماسي، لكنها في المقابل تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع طهران، التي تتمتع بنفوذ قوي داخل المؤسسات العراقية، لا سيما في ملف الحشد الشعبي.

وهذا التوازن الهش يضع الحكومة العراقية أمام خيارين أحلاهما مرّ:

1. الاستجابة للمطالب الأمريكية، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع الفصائل المسلحة القريبة من إيران، وزيادة حدة الانقسام الداخلي.

2. رفض الضغوط الأمريكية، وهو ما قد يعرض العراق لعقوبات اقتصادية قاسية، تؤثر على استقراره المالي والسياسي.


هل تتجه واشنطن إلى فرض عقوبات على العراق؟

في ظل هذه التطورات، تبقى الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستنفذ تهديداتها بفرض عقوبات على العراق، وإلى أي مدى يمكن لبغداد المناورة لتجنب هذا السيناريو؟

حاليا، العراق يواجه مفترق طرق استراتيجي، فإما أن ينجح في تحقيق توازن دبلوماسي يحميه من التصعيد، أو يجد نفسه في مواجهة ضغوط اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، قد تؤثر على استقراره الداخلي ومستقبله في المنطقة.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الحکومة العراقیة الفصائل المسلحة الحشد الشعبی على العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

بغداد تعتبر الإخلاء الجزئي المحتمل لسفارة واشنطن إجراءً إقليميا

 

بغداد - اعتبر مسؤول عراقي، مساء الأربعاء، أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية المحتمل بإخلاء جزئي لسفارتها في بغداد، إجراء إقليمي ولا يخص بلاده فقط.

جاء ذلك وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر حكومي وصفته بـ"المسؤول" ولم تسمه.

وذكرت الوكالة أن حديث المصدر جاء "تعقيبا على ما تم تداوله من أخبار تتعلق بخطوة إخلاء لبعض العاملين غير الأساسيين في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد".

المصدر قال إن "هذه الخطوات تتعلق بإجراءات تخص الوجود الدبلوماسي الأمريكي في عدد من بلدان الشرق الأوسط، ولا يخص العراق فقط، إذ لم يسجل لدى الجانب العراقي أي مؤشر أمني يستدعي هذا الاخلاء".

وأضاف أن "كل المؤشرات والإيجازات الأمنية تدعم تصاعد قراءات الاستقرار واستتباب الأمن الداخلي".

وأردف المصدر، أن "جميع البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية العاملة في العراق تتمتع بأوسع مديات العمل الآمن وحرية التواصل والفاعلية وبمختلف النشاطات وعلى مستوى جميع أنحاء العراق، وليس في العاصمة بغداد فقط".

والأربعاء، نقلت وكالة أسوشييتد برس، عن مسؤولين أمريكيين لم تسمهما إن الخارجية الأمريكية تستعد لإصدار أمر بمغادرة موظفيها غير الأساسيين من سفارتها ببغداد.

كما تُجيز الخارجية الأمريكية مغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من البحرين والكويت، ما يمنحهم خيار مغادرة البلدين، حسب الوكالة.

وأرجع المصدران الخطوة المرتقبة إلى وصول مفاوضات الولايات المتحدة مع إيران (جارة العراق) إلى طريق مسدود، واحتمالية حدوث اضطرابات في المنطقة.

وتصاعدت التوترات في المنطقة في الأيام الأخيرة، إذ يبدو أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي وصلت إلى طريق مسدود، ما قد ينذر باللجوء إلى الخيار العسكري.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة مع بودكاست "بود فورس وان" أُذيعت الأربعاء، إن ثقته قلت في أن إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم ضمن اتفاق نووي مع الولايات المتحدة.

وتابع: "لا أرى نفس الحماسة لدى الإيرانيين لإبرام اتفاق وأعتقد أنهم سيرتكبون خطأ لكن سنرى".

والاثنين الماضي، أعلنت الخارجية الإيرانية أن الجولة السادسة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستُعقد في 15 يونيو/ حزيران الجاري، بالعاصمة العُمانية مسقط.

وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.

وتسعى إيران إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، مقابل الحد من بعض أنشطتها النووية، بما لا يمس حقها في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.

مقالات مشابهة

  • العراق يطلب من إيران عدم استهداف المصالح الأمريكية على أراضيه
  • التوتر الأمريكي-الإيراني يستنهض الاستعدادات الأمنية العراقية
  • الخارجية الأمريكية تحذر رعاياها من السفر إلى العراق
  • مصدر أمني:أكثر من (700) شخصا تم إخلائهم من السفارة الأمريكية في بغداد
  • مصدر حكومي:سمعنا بإخلاء السفارة الأمريكية في بغداد من الإعلام!
  • السفارة الأمريكية في بغداد تقرر تقليل حجم بعثتها لسوء الوضع الأمني
  • البنتاغون:إخلاء السفارات الأمريكية في العراق وبعض دول الخليج العربي لسلامة أفرادها
  • بغداد تعتبر الإخلاء الجزئي المحتمل لسفارة واشنطن إجراءً إقليميا
  • السفارة الأمريكية ببغداد تنصح مواطنيها بعدم السفر إلى العراق
  • السوداني لسفراء دول الاتحاد الأوروبي:الحشد الشعبي تحت سيطرتي والعراق مستقر أمنيا!!