أيوب طارش والتواشيح الدينية في اليمن
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
مع دخول شهر رمضان، تتحول مجالس اليمنيين خلال ليالي هذا الشهر إلى مجالس للذكر وترديد التواشيح والابتهالات.
يحتل التوشيح أو الغناء الديني في اليمن مكانةً نتيجة عاملين: أصالة وتفوق وتنوع مدارس الغناء اليمني، إضافةً إلى مكانة الدين لدى اليمنيين. يحضر هذا الفن في مجالس الذكر والمناسبات الاجتماعية أيضاً، كالأعراس، والعزاءات، والمناسبات الدينية، ويؤدى فردياً أو جماعياً.
يمثل التصوف في حياة الفنان اليمني أيوب طارش عبسي، وفي مسيرته الغنائية، قيمة ثرية، تضاف إلى رصيده فناناً ملتزماً. أيوب طارش من أبرز الفنانين الذين مثلوا إضافة للتوشيح الديني اليمني من خلال الجمع بين الموروث والتجديد، فأنتج عدداً من التواشيح على شكل غناء مصحوب بالموسيقى، ما يمثل إضافة نوعية وتجديداً للتوشيح. أكثر القصائد الدينية التي أدّاها طارش هي من ألحانه وكلمات شعراء معاصرين، إضافة إلى غنائه قصائد تعود إلى شيوخ الصوفية، مثل الشيخ أحمد بن علوان، والشيخ عبد الرحيم البرعي، والشيخ عبد الهادي السودي، والإمام أبي حامد الغزالي.
استعان الفنان اليمني في بعض تواشيحه بالكلمات المتداولة من التراث، واستعان أيضاً ببعض الألحان التراثية في القليل من التواشيح التي غناها، وهي تواشيح متداولة ومتناقلة شفاهياً عبر الأجيال، تستخدم للتضرع والتوسل في المناسبات الدينية المختلفة.
يتربع توشيح "جلاء القلب" (كتب كلماته الشيخ محمد عبد المعطي الجنيد) على رأس التواشيح الدينية لطارش بلحنه الشجي الخاشع. يقول مطلعه: "يا نبياً ما له في الكون مثلُ/ يا حبيباً لي به همٌّ وشغلُ/ عين ذاتٍ عينها روحٌ وعقلُ/ أنت نوري وضيائي/ لك حبي وولائي/ في فنائي وبقائي".
من التواشيح الدينية التي غناها طارش، نذكر "يا رب بهم وبآلائهم" و"ألا يا الله بنظرة" و"يا الله يا رب لاطف عبدك الحائر" و"يا نور برهاني" و"يا رب صل على محمد" و"أنت العزيز" و"يا رب أسألك بالجلالة وصاد" و"لك الحمد" و"أنت العزيز مدد مدد".
وتبرز رمضانيات أيوب، وهي التواشيح المخصصة لشهر رمضان، ويتربع على قائمتها "رمضان يا شهر الصيام الأوحدِ" من كلمات الشاعر أحمد الجابري. وضمن رمضانياته تبرز أيضاً تواشيح "رمضان هلَّ على الدنيا" و"ثغر الصيام" و"رمضان يا صائمينا".
الباحث والمحقق الصوفي عبد العزيز سلطان المنصوب، يقول لـ"العربي الجديد": "إن طارش يحرص على اختيار النصوص الصوفية المميزة التي كتبها الشيوخ الصوفية، حتى يستطيع دمج الكلمة المعرفية الهادفة مع اللحن الإيقاعي الذي يستوحيه من مجالس السماع الصوفي".
يشير الباحث إلى أن اليمن يحتضن ذخائر متنوعة ومكتنزات فنية هائلة، صاغها شيوخ كتبوا وألّفوا وأبدعوا دواوين الشعر والأدب الصوفي، وشاركهم صانعو الألحان في إبراز أنغام تهفو إليها القلوب. ونجح الحداة في نشر ونقل هذه المعارف والأنغام إلى مساحات واسعة سارت فيها رحالهم، وكانت الزوايا الصوفية قد أثْرَت هذا الجانب، وحافظت على موروث تراثي كبير جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، وجغرافيته ممتدة على طول وعرض مساحة اليمن.
يوضح المنصوب أن هناك تحديات يواجهها التوشيح الديني في اليمن تبدو في الظروف غير المستقرة التي تعيشها البلاد أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، لا تمكّن من التوثيق الجيد والمحافظة على هذا التراث: "صار همُّ الناس مرتكزاً في البحث عن توفير لقمة العيش الضرورية والهجرة من البلاد، ما لا يتيح الفرصة للاهتمام بهذا الجانب وجعلِه معرّضاً للضياع".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن ثقافة أيوب طارش توشيح رمضان
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: مكانة دير سانت كاترين الدينية فريدة ومقدسة
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة، وهو ما يرسخه الحكم القضائي الصادر مؤخرا في هذا الصدد، والذي جاء ليتسق مع حرص مصر على قدسية الأماكن الدينية والكنسية، وتأكيد القيمة التراثية والروحية والمكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه الرئيس السيسي من رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي بأن الجانبين أكدا حرصهما على الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات بين البلدين الصديقين، والتزامهما بالاستمرار في دفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات بما يتفق مع طابعها التاريخي ويحقق مصالح الشعبين الصديقين.