هل انسحاب أمريكا من صندوق النقد والبنك الدولي سيغير قواعد اللعبة؟
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "ال باييس" تقريرا حول تأثير انسحاب الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، موضحة أن "ذلك سيجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاجزا عن التأثير في النظام الاقتصادي العالمي".
وأشارت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إلى أنه "بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس ومنظمة الصحة العالمية، قد يتخذ ترامب خطوة مماثلة بسحب بلاده من مؤسسات دولية أخرى في الأشهر المقبلة، وعلى وجه الخصوص يروج مشروع 2025، لخروج الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي".
واستدركت: "مع ذلك، بدلاً من الاستجابة لمطالب ترامب، يجب على الدول الأعضاء في هذه المؤسسات أن تدرك أن الخاسر الأكبر من هذا الانسحاب المحتمل سيكون الولايات المتحدة نفسها، ويجب عليها استغلال هذه الفرصة للتفاوض بما يخدم مصالحها الخاصة".
وذكرت أن "ترامب أمر في 4 شباط/ فبراير الماضي، بمراجعة شاملة لجميع المنظمات الدولية التي تنتمي إليها وتدعمها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي هي جزء منها".
وتابعت: "يتماشى هذا التوجيه مع أهداف مشروع 2025، الذي يعتبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي "وسيطين مكلِّفين" يتدخلان في التمويل الأمريكي قبل أن يصل إلى المشاريع في الخارج. وإذا اتبع ترامب هذا النهج، فإن انسحاب الولايات المتحدة من هاتين المؤسستين سيكون أمراً وشيكاً".
وبينت الصحيفة أن مؤلفي مشروع 2025 لا يبدو أنهم يدركون كيفية تمويل هذه المؤسسات وإدارتها. فبانسحاب الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، سيجعلها تفقد أحد أبرز مصادر قوتها العالمية ونفوذها الاقتصادي، وستتنازل عن أدوات حيوية يمكنها استخدامها لدعم شركائها وحرمان خصومها من التمويل.
وأفادت الصحيفة بأن وجود مقرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالقرب من وزارة الخارجية ووزارة الخزانة والكونغرس الأمريكي ليس من قبيل المصادفة. فقد حافظت الولايات المتحدة على سيطرة محكمة على هاتين المؤسستين، موجهة سياساتهما وقيادتهما لخدمة مصالحها الوطنية. فقد تمكنت دائماً من تعيين رئيس البنك الدولي، والموافقة على اختيار الأوروبيين لقيادة صندوق النقد الدولي، واختيار نائبه الإداري. ولا تزال الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على تعطيل القرارات المهمة بشكل أحادي، حيث يتطلب كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي 85 بالمئة من الأصوات لإقرار هذه القرارات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس من المفاجئ أن العديد من الدراسات أظهرت وجود علاقة وثيقة بين سياسات منح القروض من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمصالح الوطنية للولايات المتحدة. فمن الشائع أن تستفيد الولايات المتحدة من دور صندوق النقد الدولي كمنقذ للاقتصادات، مما يحمي الاقتصاد الأمريكي، وترامب على دراية تامة بذلك. ففي ولايته الأولى، أطلق برنامجاً بقيمة 57 مليار دولار (وهو الأكبر من نوعه في تاريخ الصندوق، وقد مولته جميع الدول الأعضاء) لصديقه القديم، الرئيس الأرجنتيني آنذاك ماوريسيو ماكري. كما استخدم البنك الدولي لتعزيز الأمن والتحالفات الاقتصادية، لمواجهة التهديدات الإرهابية، ولدعم إعادة إعمار الدول بعد الحروب مثل العراق وأفغانستان بعد الغزوات التي قادتها الولايات المتحدة.
وبيّنت الصحيفة أن الأهم من ذلك هو أن التكلفة الفعلية لمشاركة الولايات المتحدة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أقل بكثير مما يعتقده البعض. إذ تقوم وزارة الخزانة الأمريكية بتقييم التأثير المالي لمساهمات البلاد في صندوق النقد الدولي سنوياً، وفي السنة المالية 2023 تم تسجيل زيادة رأسمالية غير محققة بلغت 407 ملايين دولار.
وذكرت الصحيفة أن البنك الدولي يوفر فرصاً مشابهة للاستفادة من الموارد الأمريكية. من بين خمس مؤسسات تابعة للمجموعة، يُعتبر البنك الدولي للإنشاء والتعمير الأكثر أهمية. ورغم أن الولايات المتحدة لا تتحمل عبء تكاليف تشغيل البنك، فإن كبار متلقي قروضه مثل الهند وتركيا وإندونيسيا والأرجنتين والفلبين هم من يتحملون هذه النفقات. تموَّل المقرات، ورواتب الموظفين، والنفقات التشغيلية الأخرى (التي تتدفق في الغالب مباشرة إلى الاقتصاد الأمريكي) في المقام الأول من العوائد الناتجة عن تلك القروض، إضافة إلى الإيرادات الصافية من سنوات سابقة.
وأضافت الصحيفة أن البنك الدولي للإنشاء والتعمير لا يعتمد على التبرعات المباشرة من الدول الأعضاء، بل يصدر سندات لتمويل مشاريعه الاقتصادية في الدول النامية. في عام 2024، أصدر البنك سندات بقيمة 52.4 مليار دولار، وهو يمول نفسه بالكامل. رغم أن هذه السندات مدعومة بضمانات من الدول الأعضاء، إلا أن البنك لم يطلب رأس المال المستحق، حيث يساهم كل عضو بجزء صغير من التزامه. وفي حالة الولايات المتحدة، تعادل مساهمتها 3.7 مليارات دولار، وهو ما يمثل نحو 19 بالمئة من الـ 20 مليار دولار التي قدمتها الحكومة الأمريكية لشركة "سبيس إكس" في الـ 15 عاماً الماضية.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تساهم في البنك الدولي بطرق أخرى، مثل موافقتها في عام 2018 على زيادة رأس مال البنك الدولي للإنشاء والتعمير بمقدار 7.5 مليارات دولار، دون الحاجة لزيادة المساهمات الأمريكية، مما يحقق فوائد كبيرة للولايات المتحدة. كما أن مساهمات الولايات المتحدة في الهيئة الدولية للتنمية هي طوعية ويتم إعادة التفاوض عليها كل ثلاث سنوات، مما يمنحها نفوذاً كبيراً على القروض التي تقدمها. الانسحاب من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي سيكون خطوة كارثية للولايات المتحدة؛ حيث سيفقدها القدرة على التأثير في النظام الاقتصادي والنقدي الدولي، رغم أن بعض المسؤولين في إدارة ترامب قد يكونون متجهين نحو اتخاذ هذه الخطوة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا توقفت الولايات المتحدة عن تمويل البنك الدولي دون الانسحاب منه، يمكن لدول تمثل 70 بالمئة من الأصوات تعليق حق التصويت لها بسبب عدم الوفاء بالتزاماتها المالية. في هذه الحالة؛ ستفقد الولايات المتحدة حقوقها بموجب لوائح البنك، باستثناء حق الانسحاب، وستظل ملزمة بالتزاماتها الحالية. وإذا استمر تعليق العضوية أكثر من عام، ستفقد الولايات المتحدة عضويتها تلقائياً، إلا إذا صوتت نفس الأغلبية لصالح إعادة انضمامها.
وفي الختام؛ ذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت قال في سياق السياسة الخارجية: "تحدث بلطف وامسك بعصا غليظة". لكن إدارة ترامب تتبع نهجاً مختلفاً، إذ تفضل الخطاب الحاد وتترك "العصا" لإيلون ماسك ليتسبب في الفوضى. ورغم صدمة العالم، إلا أن هناك أملاً في التصدي لهذا التحدي، وذلك إذا حافظت الدول الأخرى على تركيزها وتعاونت بحسم، فلا يزال بإمكانها إنقاذ النظام المتعدد الأطراف.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي صندوق النقد ترامب البنك الدولي امريكا صندوق النقد البنك الدولي ترامب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من صندوق النقد الدولی والبنک الدولی انسحاب الولایات المتحدة من الدول الأعضاء البنک الدولی الصحیفة أن
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي يقرض المغرب 250 مليون دولار لتعزيز فعالية نظام الحماية الاجتماعية
زنقة20ا الرباط
وافق البنك الدولي على حزمة تمويلية بقيمة 250 مليون دولار لدعم إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في المغرب، في إطار مشروع دعم تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي من أجل التنمية البشرية.
وأوضحت المؤسسة المالية الدولية، في بلاغ أمس الخميس، أن “هذه المبادرة تهدف إلى المساهمة في تعزيز فعالية نظام الحماية الاجتماعية في المغرب من خلال تحسين إمكانية الحصول على التحويلات النقدية وتقديمها، فضلا عن توسيع حزمة الخدمات الاجتماعية للأسر الأكثر هشاشة”.
وأبرز المصدر ذاته أن المغرب حقق على مدى العقدين الماضيين تقدما اقتصاديا وتنمويا كبيرا، من خلال إصلاحات الحماية الاجتماعية التي ساهمت في الارتقاء بمستويات العيش وتوسيع نطاق الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وأضاف البلاغ أنه “على الرغم من استمرار التحديات، من قبيل ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة، لا تزال المملكة ملتزمة بتعزيز النمو الشامل للجميع. وعلى الرغم من التحديات الخارجية الأخيرة مثل الجفاف والتضخم، فإن المغرب يركز على التغلب على هذه العقبات لمواصلة الحد من الفقر وتعزيز القدرة على الصمود، لا سيما في المناطق القروية”.
وذكر أن الحكومة أطلقت في دجنبر 2023 برنامج المساعدة الاجتماعية المباشرة، باعتباره مكونا رئيسيا ضمن الإصلاح الوطني للحماية الاجتماعية، والذي استفادت منه أزيد من 3.9 ملايين أسرة إلى غاية مارس 2025.
ويهدف مشروع البنك الدولي إلى دعم قدرات الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي في تنفيذ برنامج المساعدة الاجتماعية المباشرة، الذي يركز على تعزيز إمكانية حصول الأسر الفقيرة والأكثر هشاشة على المساعدات النقدية وتسهيل الإدماج السوسيو-اقتصادي من خلال تحسين فرص الولوج إلى الخدمات الاجتماعية وبرامج الإدماج الاقتصادي المنتجة.
ومن خلال تبني مقاربة قائمة على النتائج وتتمحور حول المواطنين، يضيف البلاغ، سيسعى البرنامج إلى تقديم دعم اقتصادي فوري مع تمكين بناء القدرة على الصمود والاستثمار في الرأسمال البشري على المدى الطويل، وترشيد النفقات العمومية، وتعزيز المشاركة في سوق الشغل.
وقال أحمدو مصطفى ندياي، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، إن “المغرب أظهر قدرته على الصمود في مواجهة العديد من التحديات، حيث بلغ معدل الفقر الوطني 3.8 بالمائة في 2022. وعلى الرغم من تزايد التفاوت في الدخل والهشاشة المستمرة، هناك فرصة قوية لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي المندمجة من خلال تمكين الأسر من الاستثمار في الرأسمال البشري، واغتنام الفرص الاقتصادية، وتحمل الصدمات الاقتصادية، لاسيما في المناطق القروية والمناطق التي تعاني من ضغوط مناخية”.
وأضاف أن “المشروع، ومن خلال الاستفادة من الخصائص المبتكرة لبرنامج المساعدة الاجتماعية المباشرة، يهدف إلى النهوض بفرص العمل وخدمات الرعاية لتطوير مشاركة النساء والشباب في القوى العاملة”.