يمانيون../
في الوقت الذي يرفع فيه كيان العدو الإسرائيلي قميص الدروز في سوريا أتت عملية حيفا النوعية واللافتة ببطلها الدرزي لتوجه ضربة معنوية كبيرة لهذا المسار بما في ذلك داخل الطائفة نفسها.
عملية الطعن الجديدة في موقف عام بحيفا شمال فلسطين المحتلة تتشابه مع عمليات الطعن السابقة من حيث نتائج عداد القتلى والجرحى فقط، وتختلف بشكل كبير جدا من حيث الدلالات والتوابع، بالنظر إلى طبيعة المنفذ وهويته الطائفية.


ووفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية فإن منفذ عملية الطعن التي وقعت في مدينة حيفا في وقت سابق أمس الاثنين، هو شاب درزي من مدينة شفا عمرو يدعى يثرو شاهين ينتمي للطائفة الدرزية في داخل فلسطين المحتلة.
يبلغ تعداد الطائفة الدرزية داخل فلسطين المحتلة نحو 150 الف نسمة ويشكلون نحو 1،6 % من السكان ويتوزعون في مناطق داخل فلسطين المحتلة، وانخرط العديد منهم في قطاعات صهيونية بما في ذلك جيش العدو الإسرائيلي..
عملت الدولة الصهيونية على فصل الدروز عن الهوية الفلسطينية من خلال الاعتراف بديانتهم ومنحهم امتيازات، وتم دعم برامج تعليمية خاصة بهم وحصلوا على وظائف في مؤسسات الأمن والجيش، وعلى الرغم ما قدمه الدروز للمشروع الصهيوني فإن السياسات التمييزية التي قامت بها إسرائيل استهدفت أيضًا أراضيهم لصالح التجمعات الاستيطانية اليهودية، وجرى إلى مرتزقة داخل كتائب الجيش الإسرائيلي.
وما يشار هنا إلى أن جنديين من بين من أسرهم حزب الله في عملية مزارع شبعا عام 2003م كانا درزيين، وتتحدث التقارير الإخبارية عن مشاركة العديد من الدروز بصفتهم مجندين في الجيش الإسرائيلي في القتال داخل غزة،
وهذا الانصهار المقرون بالتمييز في المجتمع الصهيوني وضع الطائفة الدرزية في خلاف مع ذاتها حيث تتوزع الطائفة الدرزية جغرافيا على 3 دول هي سوريا وفلسطين ولبنان، حيث يحافظ الدروز في الجولان السوري المحتل رغم منحهم جنسية الإسرائيلية، على هويتهم السورية ويذهبون للتعلم في جامعاتها ويتمسكون بهويتهم العروبية ويرفضون اشكال الاندماج مع المجتمع الصهيوني، وكذلك الحال في لبنان اذ تقف الطائفة الدرزية في موقف العداء للكيان الإسرائيلي، لكن الصلات لم تنقطع، وبقي الجدل قائما بسبب الخيارات المتباعدة وإلى أتت نتيجة خيارات رجال الدين الدروز .
وقبل أيام اطلق نتيناهو تصريحا لافتا قال فيه انه امر جيشه بالاستعداد للدفاع عن الدروز في مواجهة الجماعات المسلحة .
ومنذ سقوط سوريا بيد ما يسمى هيئة تحرير الشام والمكونة من أربعين فصيلا مسلحا ينتمي اغلبهم للقاعدة وداعش والسلفية الجهادية، وهؤلاء يرون في الطوائف الأخرى بينها الشيعة والدروز والعلويين كفارا، ويرون إبادتهم أولوية على قتال اليهود الذين لم يسنوا باتجاههم القتال وفق ثقافتهم رغم مئات الغارات على سوريا واحتلال العدو الإسرائيلي نحو 600 كيلو مترا من الأراضي السورية
منذ سقوط نظام الأسد شرع العدو الإسرائيلي في احتلال الأراضي السورية جنوب البلاد حيث تقطن هناك غالبية درزية، وصولا إلى جرمانا على بعد 5 كيلو مترات من العاصمة السورية دمشق، والتي تشدق بالدفاع عنها نتنياهو «مقتديا فعل معاوية حين رفع قميص عثمان».
يبلغ عدد الدروز في سوريا نحو مليون نسمة ويشكلون نحو 3.2% من السكان. ويتركز الدروز في المناطق الريفية والجبلية في شرق وجنوب دمشق، ويشكلون الغالبية في محافظة السويداء في المنطقة المعروفة رسمياً باسم جبل الدروز. وتُشير التقديرات أن سوريا تضم بين 40 % إلى 50 % من مجمل الدروز البالغ عددهم حوالي 1.5 مليون في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى اعتبارًا من عام 2010، يشكل الدروز حوالي 90 % من السكان في محافظة السويداء، ويقيم حوالي 250,000 من الدروز في دمشق وضواحيها (جرمانا وصحنايا وجديدة عرطوز)، إلى جانب 30,000 آخرين يعيشون على الجانب الشرقي من جبل الشيخ والذي احتله جيش العدو الإسرائيلي بعيد سقوط نظام الأسد بايام، وهناك حوالي 25,000 درزي يعيشون في أربع عشرة قرية في جبل السماق شمال شرق إدلب
كما أن صمت الجماعات المسلحة أمام الانتهاكات الإسرائيلية شجع قادة الصهاينة على الحلم بالوصول إلى دمشق، وهو ترى القيادة انه يحتاج فقط لذريعة لا غير.
وإذا ما اعتبرت تصريحات وليد جنبلاط الزعيم البارز للطائفة الدرزية في لبنان بالحذر من المكائد الإسرائيلية ردا على نتيناهو، فقد أتت عملية حيفا لتقلب الطاولة رأسا على عقب من حيث إعادة تموضع الطائفة خصوصا داخل فلسطين.
ودعوة للطائفة خصوصا داخل فلسطين لمراجعة مواقفها وإعادة تموضعها في الجانب الصحيح المنسجم مع عروبتها وقوميتها، ينظر هؤلاء إلى أن التموضع مع المشروع الصهيوني يحمل الخطر على بقاء الطائفة، فالمشروع الصهيوني مهما طل أمده فهو مندثر لعوامل عديدة العامل العسكري احدها والعامل الديمغرافي أيضا واحد منها، ناهيك عن كون المشروع الصهيوني هشاً كما اثبت طوفان الأقصى، ومن يسنده اليوم الغرب منقسم على حاله ومفكك، كما ان نجم زعامة أمريكا على العالم يوشك على الأفول .
ويمكن اعتبار عملية حيفا ردا وردعا لأحلام العدو الصهيوني باستخدام الدروز مطية لبلوغ دباباته أبواب دمشق، أو الركون إلى أن دروز فلسطين باتوا في الحضن الصهيوني.
وبالتالي فعملية حيفا تخلق قلقا صهيونيا جديدا لا يمكن التغاضي عنه، وان يكون تصنيف العملية فردية، فالدروز يتواجدون في داخل الجيش الصهيوني بأعداد ليست قليلة وهذا سيطرح مخاوف جدية ويعزز من الانقسام داخل الجيش الصهيوني، وقد نرى قتلا على الهوية أو نتيجة خطأ.
تطرح عملية حيفا ببطلها الدرزي مزيدا من الضغط على شيوخ الطائفة الدينيين في إعادة التفكير بتموضع الدروز داخل فلسطين المحتلة بعيدا عن المشروع الصهيوني وإعادة الالتحام مع هويتهم الجغرافية والقومية.
وللدروز تاريخ مضيء من العمليات البطولية ضد الكيان الإسرائيلي حتى سبعينيات القرن الماضي تحت رايات الحركات القومية واليسارية، يذكر منهم سمير القنطار والذي هاجم نهاريا عبر البحر رفقة مجموعة فدائية، وحكم عليه بعدد من المؤبدات، وحرره حزب الله بصفقة تبادل للأسرى عقب حرب تموز 2006م .
يمكن القول ان عملية حيفا هي احدى ارتدادات زلزال طوفان الأقصى والذي عصف بأساسات المشروع الصهيوني في المنطقة، وهي ارتدادات لم تظهر جميعها بعد، لكن ما ظهر منها ان أطراف ظن العدو انها أخمدت أو دجنت، استدارت عائدة إلى حيث تنسجم مع هويتها الجغرافية والقومية بعيدا عن المشروع الطارئ..
عمر طوفان الأقصى لايزال أشهر.. وبالتالي فارتداداته الكبيرة لاتزال في الطريق بعد مخاض الولادة الذي شهدناه في السابع من أكتوبر، وانتهاء جولة بالشكل الذي شهدته المنطقة لا تحكم على عمل جبار كهذا ..
.. عملية حيفا لن تكون معزولة، وايا تكن فهي تضيف عدوا إلى قائمة التصنيف داخل أراضي الـ48م، بما يزيد من عزلة المشروع الصهيوني داخل فلسطين، ويسحب من وهج قطار التطبيع مع الطرف البعيد جغرافيا، ناهيك عن تحويل سوريا إلى جبهة ساخنة تستنزف الكيان الإسرائيلي، بما يجعل ما طرحه قائد الثورة الإسلامية عن تحول سوريا إلى جبهة مقاومة مشتعلة بعد ان كانت ممرا، واكد ذلك بوضوح القيادي في حركة حماس أسامة حمدان بأن مؤشرات ذلك ستكون واضحة في القريب العاجل .
الارتدادات الكبرى لطوفان الأقصى لاتزال في الطريق.. فلننتظر وليس إلى أمد طويل .. فقد دخلنا زمن السرعة في كل شيء، وزمن المفاجآت الكبرى..

تقرير/ إبراهيم الوادعي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: داخل فلسطین المحتلة العدو الإسرائیلی المشروع الصهیونی الطائفة الدرزیة الدرزیة فی عملیة حیفا الدروز فی

إقرأ أيضاً:

عاجل. وزير الدفاع الإسرائيلي: قتلنا قائد فيلق فلسطين في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني

دخلت الحرب بين إسرائيل وإيران يومها التاسع وسط تصاعد المواجهات وتريّث أميركي، إذ منح الرئيس ترامب طهران مهلة أسبوعين قبل اتخاذ قرار بشأن التدخل. اعلان

مع دخول الحرب الإسرائيلية الإيرانية يومها التاسع، يواصل الغموض خيمته على الموقف الأميركي، إذ صرّح الرئيس دونالد ترامب بأنه "لا يستطيع حسم قراره بشأن إيران حالياً"، مانحاً طهران مهلة أسبوعين كحد أقصى قبل اتخاذ موقف نهائي. وفي السياق نفسه، أفاد مسؤول غربي بأن طهران ترفض أي تواصل مباشر مع واشنطن في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية.

وفي جنيف، اختُتمت جولة جديدة من المحادثات بين إيران ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بحضور مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وسط أجواء مشحونة نتيجة التصعيد العسكري. وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، استعداد بلاده لمواصلة المسار الدبلوماسي، مع التشديد على حصر النقاش في الملف النووي، ورفض أي تفاوض بشأن قدرات إيران العسكرية أو أنظمتها الدفاعية.

ميدانيًا، توقّع رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير "أيامًا صعبة"، مشيراً إلى استعداد الجيش لحرب طويلة. فيما أعربت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن قلق في أوساط الأمن الإسرائيلي من الوقوع في حرب استنزاف دون غطاء دبلوماسي، في حين حذر مسؤول أميركي من احتمال استنزاف إسرائيل لمخزونها من صواريخ "آرو-3" إذا استمر القصف الإيراني.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني تنفيذ "الموجة الصاروخية الـ18"، مؤكداً استهداف مطار بن غوريون وعدد من المراكز العسكرية باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة انتحارية من طراز "شاهد 136".

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن سلاح الجو شنّ هجمات على مواقع لتخزين وإطلاق الصواريخ في وسط إيران. كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس عن مقتل سعيد إيزادي، قائد "فيلق فلسطين" في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، مؤكداً أنه كان على صلة وثيقة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وشارك في تمويل وتسليح الهجوم الذي نُفذ في السابع من أكتوبر، وقد قُتل ليل أمس في شقة بمدينة قم.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةأخباراعلاناعلاناخترنا لك بين الجاهزية والعواقب.. هل ينخرط حزب الله في الحرب بين إيران وإسرائيل؟ مهلة الأسبوعين والحرب الإسرائيلية الإيرانية.. هل يمكن الوثوق بترامب؟ شاهد اللحظات الأولى لآثار القصف الإسرائيلي لمقرّ التلفزيون الرسمي في طهران سفير إيران لدى الأمم المتحدة ليورونيوز: أوروبا مسؤولة جزئياً عن الصراع الإيراني-الإسرائيلي هل يُشعل استهداف منشأة "فوردو" الإيرانية فتيل كارثة نووية؟ اعلاناعلانالاكثر قراءة1مباشر. استمرار تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران.. عراقجي: قلقون من الصمت الدولي 2 حرب الأرقام الثقيلة بين إيران وإسرائيل: حين تفوق كلفة الدفاع ثمن الهجوم 3 انفجار صاروخ "ستارشيب" بتكساس في انتكاسة جديدة لطموحات إيلون ماسك 4 "أسطول الظل" الروسي تحت المجهر.. كارثة بيئية وشيكة في خليج عُمان 5 إسرائيل تستأنف صادرات الغاز بشكل محدود وسط النزاع المستمر... ومصر لا تزال تنتظر اعلاناعلان

LoaderSearch

ابحث مفاتيح اليوم

النزاع الإيراني الإسرائيليإسرائيلإيرانالبرنامج الايراني النوويالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرس الثوري الإيرانيصواريخ باليستيةسورياالطائرات الصغيرة بدون طيارقطاع غزةغزةهجمات عسكريةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلالأدوات والخدماتAfricanewsعرض المزيدحول يورونيوزالخدمات التجاريةالشروط والأحكامسياسة الكوكيزسياسة الخصوصيةاتصلالعمل في يورونيوزصحفيوناتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةحقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • سوريا.. القبض على ابن عم الأسد في عملية "أمنية محكمة"
  • وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد فيلق فلسطين التابع للحرس الثوري الإيراني
  • عاجل. وزير الدفاع الإسرائيلي: قتلنا قائد فيلق فلسطين في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني
  • نجاح الموجة الـ 18 من عملية الوعد الصادق داخل الكيان
  • شاهد| قبل قليل.. إصابة أهداف حساسة بصواريخ إيرانية داخل حيفا المحتلة
  • شركة ميرسك للشحن تعلق الرسو في ميناء حيفا الإسرائيلي
  • كيف تحاول إسرائيل استغلال الملف الدرزي لتقسيم سوريا؟
  • إيران تفرض قواعد اشتباك جديدة وتسقط احتكار التفوق الصهيوني..
  • سوريا تجري أول عملية تحويل مصرفي دولي عبر نظام سويفت منذ اندلاع الحرب الأهلية
  • حصريًا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية