دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- صعد الإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي سلمًا مائلًا لافتتاح قاعة إفريقيا في أديس أبابا خلال فبراير/شباط عام 1961، والتي أهداها كمقر جديد للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة.

هذا المبنى، الذي يتمتع بحضور مهيمن في قلب العاصمة الإثيوبية، والمزين بنافذة زجاجية ملونة تبلغ مساحتها 150 مترًا مربعًا، وصمم من قبل المعماري الإيطالي أرتورو ميزيديمي، استغرق عملية بنائه 18 شهرًا فقط.

 

وسرعان ما أصبح المبنى موقعًا لحدث بارز في تاريخ إفريقيا الحديثة.

قدمت قاعة أفريقيا إلى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا كهدية من الإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي (وسط الصورة).Credit: ECA

بعد أكثر من عامين بقليل، صعد الإمبراطور هيلا سيلاسي مرة أخرى للترحيب بالأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية التي شكّلت حديثًا في بلادهم، وهو مكان لقاء يهدف إلى تعزيز التعاون، ودفع التقدم الاقتصادي، والقضاء على الاستعمار في جميع أنحاء القارة.

في كلمته أمام ممثلي الدول الإفريقية المستقلة البالغ عددها 32 دولة آنذاك، أعلن سيلاسي أن القارة "في منتصف الطريق خلال مرحلة انتقالية من إفريقيا الأمس إلى إفريقيا الغد".

وتابع: "يتعين علينا أن نعمل على تشكيل المستقبل وترك بصمتنا على الأحداث وهي تتسلل إلى التاريخ".

بعد مرور أكثر من 60 عامًا، أصبحت رسالة سيلاسي واقعا، إذ تم تشكيل قاعة إفريقيا من جديد.

تجميع المبنى في الأصل خلال 18 شهرًا فقط ليتم افتتاحه في فبراير/ شباط عام 1961Credit: ECA

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم الانتهاء من تجديد دام عقدًا من الزمان في جميع أنحاء الموقع الذي تبلغ مساحته 12،800 متر مربع، بتكليف من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا في عام 2013 بميزانية 57 مليون دولار لإحياء المعلم كمكان عالمي للمؤتمرات والثقافة.

وتم تكليف شركة التصميم الأسترالية "Architectus Conrad Gargett" بقيادة مشروع إعادة التصميم، ما أعطى المهندس المعماري للمشروع سيمون باوندي مهمة ذات موضوعين، التحديث والحفظ.

في عام 1969، استضافت قاعة إفريقيا الدورة التاسعة للجنة الاقتصادية لإفريقياCredit: MEZZ Archive

وقال باوندي لـ CNN: "يسير الموضوعان جنبًا إلى جنب مع هذا المشروع، حيث لديك أصل قديم، ولكن إذا لم يتم استخدامه، فإنه يقع في حالة سيئة".

وتابع: "يتعلق الأمر بإعادة المبنى إلى الحياة، وجعله في متناول الجمهور والاحتفال بقصة المبنى للأجيال القادمة".

بناء التوازن تم تنفيذ مشروع الترميم، الذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014 وأشرفت عليه اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، بقيادة شركة التصميم الأسترالية Architectus Conrad GargettCredit: Rory Gardiner

وكانت المعضلة التي واجهت باوندي وفريقه مفادها أن هذين الهدفين يهددان بتقويض الأهمية التاريخية لقاعة إفريقيا. كيف يمكن تحديث معلم تاريخي من دون فقدان بعضًا من روحه؟

وبصفته مهندسًا معماريًا للتراث، وهو مكلف بانتظام في إجراء تغييرات حساسة على المباني ذات الأهمية التاريخية أو الثقافية، فإن باوندي على دراية جيدة بالإجابة على هذا السؤال.

وتمثلت الخطوة الأولى في فهم أهمية وتاريخ قاعة إفريقيا، وساعد في ذلك توظيف مهندسين ومعماريين محليين للعمل على عملية التجديد. ومن بينهم ميوديد وولدي، التي وجدت نفسها قبل يوم واحد من تخرجها الجامعي في عام 2014 على سطح قاعة إفريقيا تأخذ القياسات.

تم تصنيع أكثر من 500 قطعة أثاث مخصصة للترميم، كل منها صمم وفقًا للرسومات الأصلية.Credit: Rory Gardiner

ولفتت وولدي، التي ولدت ونشأت في أديس أبابا، إلى أن المبنى، الذي استضاف اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية حتى تم استبدال المنظمة بالاتحاد الإفريقي في عام 2002، والذي انتقل في النهاية إلى مقر جديد في أديس أبابا، يُعد مصدر فخر لها وللكثيرين غيرها نظرًا لدوره بمساعدة البلدان في جميع أنحاء القارة على تحقيق الاستقلال من الحكم الاستعماري.

وقالت وولدي لـ CNN: "هذا المبنى، الذي لا يزال مخصصًا للاتحاد الإفريقي، يُعد رمزا"، موضحة أنه عمل فني في حد ذاته يرمز إلى النضال الذي خضناه على مدار الستين أو السبعين عامًا الماضية للوصول إلى الوحدة الإفريقية".

وقد ساهمت معرفتها المحلية في التعامل مع "عملية الموازنة" المتمثلة في تحديث قاعة إفريقيا من دون التقليل من قيمة إرثها. 

مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقياCredit: Rory Gardiner

جرت عملية تصنيع وإعادة تركيب نحو 13 مليون بلاطة جديدة لتناسب المادة الأصلية، مع الحفاظ على ألوان البني، والبرتقالي، والأبيض العاجي الخاص بالتصميم الحديث من قبل المعماري الإيطالي ميزيديمي.

وتوجد شاشة رقمية مخفية في كل مكتب، إلى جانب وصول شاشة "LED" بعرض 13 مترًا، ما يجعل قاعة إفريقيا مناسبة تمامًا لتلبية المتطلبات التكنولوجية لاستضافة المؤتمرات الحديثة، والحفاظ على نهج العمارة الأصلية.

وأوضح باوندي قائلا: "لا نريد ترك بصمتنا على المبنى. نريد فقط إعادة إحياء التصميم الأصلي ونأمل أن يكون كل ما نقوم به خلف الكواليس، مخفيًا في الأسقف وليس ظاهرا".

مع ذلك، تطلبت بعض الجوانب تغييرًا أكثر جذرية، وخاصة تلك المتعلقة بإمكانية الوصول والسلامة. 

ولفت باوندي إلى أن المبنى "المتهالك تمامًا" جرى تجريده من جوهره الهيكلي وتقويته بألياف الكربون والصلب قبل إعادة بنائه مرة أخرى، وذلك بهدف حماية الخرسانة من الأضرار الناجمة عن صدأ الفولاذ وتهديد النشاط الزلزالي.

وتضمنت التدابير الوقائية أيضًا إطارًا معززًا لجوهرة التاج في قاعة إفريقيا، أي نافذة الزجاج الملون التي تتكونّ من طابقين وتزين الردهة منذ عام 1961.

يحظى العمل الفني الخاص بشكله بشهرة واسعة في جميع أنحاء أديس أبابا وخارجها.Credit: Rory Gardiner

وقُسمت قطعة مميزة من أنامل الفنان الإثيوبي أفورق تيكلي بعنوان "التحرير الكامل لإفريقيا" إلى ثلاث لوحات، إفريقيا الماضي، وإفريقيا الماضي والحاضر، وإفريقيا الحاضر والمستقبل.

وقال باوندي إن هذه القطعة تروي حقًا قصة ما تحاول قاعة إفريقيا تمثيله، وهو أفضل ما يمكن لإفريقيا فعله، حيث تتخلص حرفيًا من التاريخ الحديث وتنظر إلى المستقبل بشكل كبير..

إثيوبياأفريقياعمارةنشر الاثنين، 10 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أفريقيا عمارة الاقتصادیة لإفریقیا الوحدة الإفریقیة فی جمیع أنحاء أدیس أبابا فی عام

إقرأ أيضاً:

الإعلان عن تكلفة بناء قاعة ترامب للاحتفالات في البيت الأبيض

(CNN)--   يحلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عقد ونصف ببناء قاعة احتفالات جديدة في حرم البيت الأبيض، ويبدو أن حلمه على وشك أن يصبح حقيقة.

وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الخميس، أن بناء قاعة الاحتفالات تبلغ مساحتها 90 ألف قدم مربع، بتكلفة 200 مليون دولار، سيبدأ في سبتمبر/ أيلول، محققًا بذلك طموحًا لترامب استمر 15 عامًا لبناء مساحة مخصصة للفعاليات على أرض البيت الأبيض، مما يزيد من سعة المبنى الترفيهية، ويشبه في الوقت نفسه مساحات مشابه في نواديه الخاصة.

وتُظهر الرسومات التي قدمها البيت الأبيض مساحة واسعة بثريات ذهبية وكريستالية، وأعمدة مذهبة، وسقف مُزخرف بتطعيمات ذهبية، ومصابيح أرضية ذهبية، وأرضية رخامية مربعة الشكل.

وتُطل 3 جدران من النوافذ المقوسة على الساحة الجنوبية للبيت الأبيض، بما في ذلك سارية علم جديدة ضخمة كانت من إضافات ترامب الأخرى للمجمع التاريخي.

وقال ترامب للصحفيين، الخميس: "لطالما قلت إنني سأفعل شيئًا حيال قاعة الاحتفالات، لأنهم يستحقون واحدة"، وأضاف: "سيكون مشروعًا رائعًا، وأعتقد أنه سيكون مميزًا".

وذكرت ليفيت بأن "القاعة الجديدة ستشغل المساحة التي تضم حاليًا الجناح الشرقي للقصر الرئاسي، حيث كانت السيدات الأوائل يشغلن مكاتبهن تقليديًا، وسيتم نقل الموظفين العاملين من الموقع مؤقتًا".

وتُظهر الرسومات التصميمية الجزء الخارجي من قاعة الاحتفالات بارزًا على الحديقة الجنوبية، مع صف أعمدة يمتد على طول أحد الجدران.

ويُحاكي التصميم الذهبي والأبيض إلى حد كبير قاعة الفعاليات الرئيسية على طراز لويس الـ14 في منتجع ترامب "مار إيه لاغو" في بالم بيتش، ولم يتردد ترامب في استلهام أفكاره من نواديه.

وقال ترامب في نهاية الأسبوع الماضي، خلال لقائه رئيس المفوضية الأوروبية في إحدى قاعاته المزينة بالكريستال، هذه المرة في منتجع تيرنبيري للغولف في اسكتلندا: "لم يكن أي رئيس يعرف كيف يبني قاعة الاحتفالات، يمكنني أن آخذ هذه القاعة وأضعها هناك، وستكون رائعة الجمال".

وقال البيت الأبيض إن قاعة الاحتفالات الجديدة - التي ستحافظ على "طابع وتراث" القصر ذي الطراز الكلاسيكي الجديد - ستتسع لـ 650 شخصًا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة الغرفة الشرقية، التي تُعد حاليًا أكبر قاعة للفعاليات في البيت الأبيض.

وقالت سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، في بيان: "الرئيس ترامب بانيٌّ بطبعه، ويتمتع بنظرة استثنائية للتفاصيل"ـ وأضافت: "الرئيس والبيت الأبيض ملتزمان تمامًا بالعمل مع الجهات المعنية للحفاظ على التاريخ المميز للبيت الأبيض، مع بناء قاعة الاحتفالات جميلة يمكن للإدارات القادمة والأجيال القادمة الاستمتاع بها".

ووصفت ليفيت البناء الجديد - الذي قالت إنه سيُموّل من قِبل ترامب ومتبرعين آخرين من القطاع الخاص - بأنه إضافة ضرورية بعد أن اضطر البيت الأبيض إلى استضافة فعاليات كبرى في خيمة مؤقتة شُيّدت في الحديقة الجنوبية، والتي وصفتها بأنها "قبيحة المنظر".

وقالت: "على مدى 150 عامًا، تمنى الرؤساء والإدارات وموظفو البيت الأبيض وجود مساحة واسعة للفعاليات في مجمع البيت الأبيض تتسع لعدد أكبر بكثير من الضيوف مما هو مسموح به حاليًا".

 وأضافت: "أعرب الرئيس ترامب عن التزامه بحل هذه المشكلة نيابةً عن الإدارات المستقبلية والشعب الأمريكي".

وتابعت أن ترامب عقد اجتماعات مؤخرًا مع مسؤولين من إدارة المتنزهات الوطنية، والمكتب العسكري للبيت الأبيض، وجهاز الخدمة السرية الأمريكي لـ"مناقشة ميزات التصميم والتخطيط".

وتم اختيار شركة ماكري للهندسة المعمارية، وهي شركة معمارية معروفة بـ"تصميمها المعماري الكلاسيكي"، لقيادة المشروع.

وقال جيم ماكري، الرئيس التنفيذي للشركة، في بيان: "يشرفني أن الرئيس ترامب قد عهد إليّ بالمساعدة في إنجاز هذا التجديد الجميل والضروري لبيت الشعب، مع الحفاظ على أناقة تصميمه الكلاسيكي وأهميته التاريخية".

وكانت رؤية بناء قاعة الاحتفالات جديدة في البيت الأبيض تراود ترامب منذ عام 2010 على الأقل، عندما اتصل بالبيت الأبيض في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما وعرض عليه بناء واحدة، ولكن رُفض عرضه.

وقال ترامب خلال ولايته الأولى: "كانت التكلفة حوالي 100 مليون دولار، عرضتُ القيام بذلك، ولم أتلقَّ أي رد".

أمريكاالبيت الأبيضباراك أوبامادونالد ترامبنشر الجمعة، 01 اغسطس / آب 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • رغم التحديات… ليبيا في قائمة الدول الإفريقية الأغنى لعام 2025
  • للإبادة وجوه كثيرة .. التجويع سلاح حرب فعال في إثيوبيا وغزة
  • ب200 مليون دولار .. ترامب يعتزم بناء قاعة رقص في البيت الأبيض
  • الإعلان عن تكلفة بناء قاعة ترامب للاحتفالات في البيت الأبيض
  • لجنة 6+6.. من قاعة أبوزنيقة إلى حضن تيته: كفى عبثًا!
  • بسمة وهبة: مجلس الشيوخ يشهد مراحل تاريخية هامة تعكس إرادة الشعب
  • غزة: حطام المعنى وركام المبنى
  • عطاف يستقبل وزير خارجية إثيوبيا
  • انطلاق البطولة الإفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026
  • برنامج الأغذية العالمي: كارثة غزة تُذكر بالمجاعة في إثيوبيا ونيجيريا