عربي21:
2025-08-12@14:49:41 GMT

هل انتهى التمرد في سوريا؟

تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT

أسبوع ساخن مرت به سوريا مؤخرا، كادت أحداثه أن تعصف بالقلوب خصوصا مع استدعاء ما جرى مع الثورة المصرية من ثورة مضادة وانقلاب دموي لا تزال مصر تعاني من آثاره، ولعلي لا أبالغ إن قلت إنها سوف تعاني لعقود بسبب التمرد الذي مهد للانقلاب في 2013.

ولأنني كواحد من بين ملايين عايشوا التمرد المصنوع على أيدي جهاز المخابرات في عام 2012 ثم الانقلاب العسكري الذي أجهز على ما تبقى من الثورة المصرية العظيمة يوم الثالث من تموز/ يوليو 2013، فقد وضعت يدي على قلبي ولا زلت خوفا وقلقا على التجربة السورية في ظل مخاطر عديدة وتحديات جسام؛ لعل أخطرها استعادة الأمن والقضاء على فلول النظام الدموي القاتل.



عبر برنامجي اليومي (التعليق السياسي) على قناتي على يوتيوب ومنذ هروب بشار الأسد ورفاقه، علقت محذرا من تكرار التجربة المصرية، فلا يصح أن نترك سوريا تواجه نفس المصير الذي لاقيناه من قبل، بعض الأشقاء في سوريا كتبوا إليّ معاتبين أن سوريا ليست مصر وأن الأوضاع مختلفة. ومرت الأيام وثبت أن الثورة المضادة لا دين لها ولا ملة، وأنها صُنعت لتواجه ثورات الشعوب الحرة، وهي عملية ديناميكية تحدث وستحدث في أي مكان قامت فيه ثورة في عالمنا العربي المنكوب.

التمرد الذي وقع وتمت السيطرة عليه ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عملية تحريض مستمرة منذ سقوط المجرم بشار سواء من جهة فلول النظام أو من دولة إيران التي خسرت سوريا وأظنها خسرتها للأبد، أو من بعض متطرفي الحكم في العراق، ناهيك عن الدعم السياسي من دولة الكيان الصهيوني
فرضت الثورة السورية كلمتها في بداية الأمر وكنت أحذر، وكان البعض يقول ما لهذا الرجل يتحدث في أمر من المستحيل أن يحدث، وكيف يحدث وقد سيطرت الثورة وقدمت دول الجوار الدعم وعاد المهاجرون وكل شيء على ما يرام؟ لكن شيئا ما كان يؤرقني ولا يزال.

قلت مناشدا منذ الأسبوع الأول للثورة أن يضرب الثوار بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه بالخروج على النظام الجديد، وعلى الجميع احترام الثورة وأن تُحكم الثورة قبضتها على مقاليد الأمور في البلاد، وأن يشعر المتآمرون بالخطر قبل أن يفكروا في التحرك ضد الثورة، البعض راهن على أن شيئا من هذا لن يحدث، ولكن للأسف حدث ويمكن أن يحدث لأن الثورات لها أعداء ومتضررين كثر، والثورة السورية ليست استثناء.

حدث التمرد في محافظات الساحل التي يصفها البعض بأنها مناطق العلويين من أتباع النظام، ونجح المتمردون في إشعال النيران وكادوا أن يجروا الثورة إلى ما لا تحمد عقباه، كان كل شيء مرتبا وجاهزا؛ بداية من الاعتداء وقتل جنود الأمن والشرطة وبالتالي توسيع دائرة الاشتباك، ثم تصوير بعض الأحداث ونشرها لتتحرك الكتائب الإلكترونية بالأخبار الكاذبة مطعمة ببعض الأخبار الصحيحة؛ من سقوط مدنيين بطريقة أو بأخرى، وهو أمر مرفوض بالكلية، ثم عقب ذلك تتحرك دكاكين حقوق الإنسان في الخارج وهي تحمل أخبارا مفبركة عن مقتل امرأة ثبت أنها لم تمت وأعلنت ذلك بنفسها، ثم تتحرك القنوات العربية والعبرية ثم يتم تصعيد الأمور ليدلي وزير خارجية أمريكا بتصريح ومسئولون في الاتحاد الأوروبي بتصريح آخر، ثم تنطلق كتائب التمرد المصرية المدعومة عربيا في شن حملة تشويه الثورة السورية عربيا وعالميا باعتبار أنها ثورة مجموعة من القتلة والمجرمين والإرهابيين المسلحين.

التمرد الذي وقع وتمت السيطرة عليه ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج عملية تحريض مستمرة منذ سقوط المجرم بشار سواء من جهة فلول النظام أو من دولة إيران التي خسرت سوريا وأظنها خسرتها للأبد، أو من بعض متطرفي الحكم في العراق، ناهيك عن الدعم السياسي من دولة الكيان الصهيوني.

تحالف المتضررين من الثورة السورية والثورات العربية عموما يضم دولا عربية لها ثأر مع الشعوب الحرة التي تسعى للتعبير عن إرادتها واختيار من يحكمها عبر الصناديق، ويضم إيران الحالمة باستمرار الوضع الذي كانت عليه قبل الثورة السورية من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان وتهديد دول الجوار، ودولة الكيان التي ترى في الثورة السورية تحديا جديدا لها في ظل التقارب السوري التركي، ودولة الإمارات التي ترى في الثورات وفي الاسلاميين عموما تحديا وجوديا، والنظام المصري الذي جاء على ظهر دبابة موّلتها دول الخليج ودعمتها دبلوماسيا وسياسيا دولة الكيان الصهيوني.

لست متشائما ولكنني واقعي للغاية، فطموحات إيران لا تزال قائمة، وأحلام الكيان الصهيوني لا تزال مستمرة، ورغبات دولة الإمارات والنظام في مصر هي رغبات محمومة ومسمومة ومشئومة، ويجب التعامل مع كل هذه الأمور باليقظة والحذر
وقعت الواقعة وحدث الاشتباك الدموي الذي راح ضحيته بعض الأبرياء، ما استوجب فتح تحقيق واسع من أجل الوقوف على الأسباب والنتائج بدقة ومحاسبة المخطئين. وهنا لا بد من توجيه التحية للرئيس أحمد الشرع على تحركاته الواعية والمنضبطة والقوية في آن معا، فقد أمر بالقضاء على التمرد والتحقيق في المخالفات واستمرار التواصل مع الفرقاء في "قسد"، ومحاولة احتواء غضب أو تمرد الدروز في الجنوب، وأرسل وزير خارجيته ليشارك في اجتماع دول الجوار السوري في الأردن ليضمن دعمهم للموقف الرسمي السوري، وتحدث إلى الشعب بخطاب مسئول ومتزن وقوي، وخطب في الناس يعد صلاة الفجر في أحد مساجد دمشق ليكون قريبا من الشعب متحاورا معه ومتضامنا مع أحزانه بسبب سقوط بعض الأبرياء.

الأخبار الجيدة ليست فقط في القضاء شبه المبرم على تمرد محافظات الساحل الغربي للبلاد، بل في توقيع اتفاق بين الدولة ومظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية المعروفة باسم "قسد"، اتفاق يسمح باندماج جنود "قسد" في الجيش السوري الجديد، وبذلك تكون الثورة السورية قد استعادت بالسلم حوالي 27 في المئة من مساحة سوريا، وهي مساحة غنية بالنفط والزراعة كانت تدعمها أمريكا بأموال طائلة وصل مجموعها إلى ما يزيد عن نصف مليار دولار. إن توقيع هذا الاتفاق بعد أحداث التمرد يعطي رسالة للجميع في الداخل والخارج أن الثورة تمضي في طريقها بقوة وثبات، وهي قادرة على مواجهة التمرد بالقوة إن تطلب الأمر، وقادرة أيضا على مد يد السلام والتعاون مع الشركاء الذين يريدون العودة إلى جادة الصواب. ومن بين الأخبار الجيدة أيضا أن اجتماعا عقد بين قيادة الدولة والدروز في جنوب سوريا. على الدولة العادلة أن تبسط "سيطرتها" وليس "بطشها" على جميع الأراضي السورية.

لست متشائما ولكنني واقعي للغاية، فطموحات إيران لا تزال قائمة، وأحلام الكيان الصهيوني لا تزال مستمرة، ورغبات دولة الإمارات والنظام في مصر هي رغبات محمومة ومسمومة ومشئومة، ويجب التعامل مع كل هذه الأمور باليقظة والحذر، فلا وقت للنوم حتى لا تتحول الثورة إلى كابوس لا قدر الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الثورة التمرد سوريا تمرد تحديات ثورة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی الثورة السوریة دولة الکیان لا تزال من دولة

إقرأ أيضاً:

إيزاك.. «المعشوق الخائن» بين التمرد والإصلاح!

معتز الشامي (أبوظبي)
قبل وقت قصير، كان ألكسندر إسحاق رمزاً في نيوكاسل يونايتد، بطلاً في أعين جماهيره، وصاحب دور بارز في حصد الألقاب، وأفضل مهاجم يرتدي القميص الأسود والأبيض منذ أسطورة النادي آلان شيرر، وكان بإمكانه الحفاظ على إرثه لسنوات طويلة، لولا ما يحدث الآن.
إيزاك الذي يرتبط بعقد مع النادي يمتد لثلاث سنوات أخرى، يحاول علناً الضغط للانتقال إلى ليفربول هذا الصيف، رغم أن الإدارة أخبرته بشكل مباشر ومتكرر أنه ليس للبيع، وهذه الخطوة فجرت غضب الجماهير، وأثارت استياء المدير الفني إيدي هاو، الرجل الذي أصر على ضمه من ريال سوسيداد في 2022، وساهم في تطويره ليصبح من أبرز مهاجمي أوروبا.
هاو، رغم إحباطه، حاول احتواء الأزمة ومدّ يد العون للاعب، لكنه لا يقبل بأي حال خروج إسحاق عن المعايير المهنية التي يفرضها، لكنه شدد على أن الالتزام بالمعايير المهنية أمر غير قابل للتفاوض، ومع استمرار غياب إسحاق، أصبح من المستحيل دمجه مع المجموعة في الوقت الحالي.
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة لإيزاك على جماهير «تينيسايد»، بل امتدت لوسائل الإعلام التي وصفت سلوكه بـ«المشين»، الصورة التي يرسمها الآن قد تدفع أي نادٍ للتساؤل عن طريقة تعامله مستقبلاً إذا لم يحصل على ما يريد.
ويعد تاريخ كرة القدم حافلاً بأمثلة مشابهة، يوهان كاباي عاد للتألق بعد تمرد قصير، وكيرون داير تجاوز أزمة كبرى مع الجماهير بعد رفضه اللعب في مركز الجناح، حتى نجوم الدوري الإنجليزي مثل هاري كين ولويس سواريز، مروا بفترات صراع مع أنديتهم، لكنهم أنهوا تلك الفصول بأداء مميز قبل الرحيل.
ولا تزال إدارة نيوكاسل تحاول إنقاذ العلاقة عبر عرض عقد جديد براتب أكبر وشرط جزائي يسمح بالرحيل في صيف 2026، وهو ما يمنح النادي الوقت الكافي لإيجاد بديل، ويتيح للاعب تحكماً أكبر في مستقبله، مع احتمالية انفتاح خيارات كبرى أمامه مثل بايرن ميونيخ، برشلونة، ريال مدريد أو باريس سان جيرمان، إضافة إلى ليفربول.
ويركز النادي على بقاء اللاعب لموسم إضافي يمنح الجميع فرصة لتقييم الطموحات في المقابل، ويحتاج إسحاق إلى تقديم اعتذار علني، والتخلص من إحباطه، والعودة للالتزام والانضباط، ليعيد تقديم الأداء الذي جعله محبوباً في الأساس.
وإذا عاد للتسجيل وقيادة الفريق للانتصارات، ستغفر له الجماهير كما فعلت مع آخرين، أما إذا واصل العناد و«التصرف كطفل مدلل»، فسوف يظل في نظرهم اللاعب الذي كسر قلوبهم وخذل مدربه، وعندها، حتى لو حقق نجاحات فردية لاحقاً، سيبقى وصفه في نيوكاسل بـ«الخائن» وفق تقرير لصحيفة تليجراف، بدلاً من أن يُخلَّد اسمه في قائمة أبطال النادي.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه في النهاية سيكون القرار بيد اللاعب، إما أن يسلك طريق الإصلاح ليبقى في قلوب مشجعي تينيسايد، أو يواصل الانحدار نحو صورة اللاعب المتمرد الذي أضاع مجده بيده.

أخبار ذات صلة أتلتيكو مدريد تؤكد أزمة نيوكاسل في «الوديات»! جاكسون يرحل عن تشيلسي

مقالات مشابهة

  • إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لـ سانا: تؤكد وزارة الدفاع ضرورة التزام “قسد” بالاتفاقات الموقّعة مع الدولة السورية، والتوقف عن عمليات التسلل والقصف والاستفزاز التي تستهدف عناصر الجيش والأهالي في مدينة حلب وريفها الشرقي، وأن استمرار هذه
  • انطلاق اجتماعات اللجنة الثلاثية الأردنية-السورية-الأمريكية لبحث استقرار سوريا وإعادة البناء
  • وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني يلتقي نظيره الأردني السيد أيمن الصفدي في العاصمة عمان قبيل الاجتماع الثلاثي الذي يجمعهما مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا السيد توماس باراك
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • جبهة أقليات جديدة تواجه الحكومة السورية بزعامة قسد
  • هل يتكرر السيناريو الليبي الكارثي في السودان؟
  • حفل زفاف انتهى في قسم الشرطة.. ضبط سائقين عرضوا حياة المواطنين للخطر بكفر الشيخ
  • إيزاك.. «المعشوق الخائن» بين التمرد والإصلاح!
  • شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية “دسيس مان” يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)
  • وقفتان لهيئة مستشفيي الثورة والسحول بإب تنديدًا بجرائم الكيان الصهيوني في غزة