لجريدة عمان:
2025-10-15@14:27:57 GMT

لنتوقف عن تسميتهم عمالا!

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

كثير منا يتغرب للعمل، للدراسة، أو غيرها من الأسباب. يجد المرء نفسه -بطبيعة الحال- في مواجهة قضايا تخص الهجرة، حقوق الأجانب وما شاكلها. إلا أننا -كأشخاص قادمين من الخليج يعيشون في أوروبا- قليلا ما نلمس الارتباط بين قضايانا، وقضايا المهاجرين في الخليج. يُفترض أن عُمانيا يعيش في ألمانيا، يواجه التحديات التي يُواجهها هندي يعيش في عُمان، وإن بدرجات مختلفة.

مع هذا، فدائما ما يبدو أن القضيتان تقعان في بُعدين مختلفين تماما، وأن نوع القضايا مختلف اختلافا جوهريا. يُهمني اليوم في هذا المقال أن أضع يدي على أصل هذا الاختلاف.

يُمكن تتبع التاريخ الحديث للهجرة في ألمانيا وإليها خلال القرن الماضي، عبر مراقبة تغير المصطلح. يُعطيك المصطلح بحد ذاته دلالات حول حقوق المُهاجرين ووضعهم. حلّت -مع انقضاء نُظم العبودية، والنظم الإقطاعية التي كانت اليد المحركة للنظام الزراعي- بالتزامن مع الثورة الصناعية أنظمة بديلة. ثمة الأنظمة المعتمدة على استثمار القوى العاملة المحلية، وأخرى على استجلاب القوى العاملة. تم في ألمانيا -وخلال الحرب العالمية- إجبار العُمّال الأجانب (Fremdarbeiter) خصوصا من أوروبا الغربية على العمل تحت حكم النظام النازي. تغير المصطلح مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وبحكم ما فيه من دلالات سلبية تُشير إلى العمل الإجباري، تم اصطلاح مفهوم جديد، ألا وهو العمال الزائرين (Gastarbeiter)، وهم من الأتراك، الإيطاليين، وغيرها من الجنسيات. يُشير المصطلح إلى أن وجود العمال في البلد المستضيف على نحو مؤقت. يعني هذا أن البلد المستضيف يُحل نفسه من الالتزامات الاجتماعية، وأي التزامات طويلة الأمد (مثل أنظمة التقاعد) تجاه العمال الزائرين. لكن هؤلاء العمال -بطبيعة الحال- استقروا في بلد الهجرة، وكونوا عائلات، وأنجبوا جيلا جديدا. مما جعل المصطلح قاصرا، فحل محله اليوم (Ausländer) الذي يُترجم للعربية إلى "أجنبي". لاحظ أنه رغم عدم دقة الترجمة العربية إلا أنها تنجح في التفريق بين الأجنبي (التسمية المعاصرة)، والعُمال الأجانب (التسمية خلال الفترة النازية). وبالرغم من أن هذه هي التسمية القانونية، إلا أن الكثيرين -سواء في الحياة اليومية، أو القطاعات الإعلامية والسياسية- يُشيرون إليهم بالأشخاص من ذوي الخلفيات المهاجرة (Menschen mit Migrationshintergrund).

أضع هذه المقدمة لأُسائل النظام الإنتاجي في الخليج، والذي يشترك في كثير من سماته مع النظام الإقطاعي. تتمثل هذه السمات والملامح في: الاستجلاب الكثيف للعمالة، التحلل من الالتزامات الاجتماعية تجاههم، والنظرة الفوقية (حيث يُنظر إليهم باعتبارهم أدنى منزلة فكرية/وإنسانية، النظرة التي تُحدد وفقها - حقوقهم).

يُفضل صاحب العمل توظيف العمالة الأجنبية المؤقتة لأنها رخيصة وقابلة للاستغلال، شبكة الوسطاء التي تتكفل باستجلاب العمالة والظروف التي تكتنف عملية الاستجلاب قليلا ما تُساءل، ثمة أيضا سرديات تُعزز الخوف من الأجانب، مثل الخوف من إفساد الأجانب للقيم المحلية، أو سرقة الأجانب لفرص العمل من أصحاب الأرض، والتي عندما يتم التحدث عنها في سياق نسب "العطالة" المحلية تعني شغل الأجانب لمناصب رفيعة. لهذا دعونا وحتى لا يتشعب الموضوع، ويخرج النقاش عن السيطرة - دعونا نتفق أن الأجانب الذين نُعنى بشأنهم اليوم هم من المشتغلين في الوظائف والأعمال الدنيا مثل: عمال البناء، عمال التنظيف، عاملات المنازل، الكوادر العاملة في المطاعم، الفنادق والمستشفيات.

أُجادل أن أحد أسباب نُدرة النقاشات الحقيقية حول حقوقهم المغيبة (الأجور العادلة، أوضاع المعيشة الكريمة، حرية الحركة والتنقل، لم الشمل العائلي، الحماية من الانتهاكات والاستغلال)، قادم من أنه أُصطلح على تسميتهم عُمالا أو أجانب عوضا عن مهاجرين أو القادمين من خلفيات مهاجرة. فمتى ما تمت تسميتهم عُمالا يسقط من وعينا الكثير من حقوقهم الإنسانية، خصوصا تلك المتعلقة باستقرارهم في البلد الجديد. لأنهم ليسوا أكثر من مجرد قوة عاملة.

ثمة مثال حديث صغير لكن نموذجي لقضيتنا. أحد أسباب ملائمته، هو اتضاح أنه مجرد إشاعة في النهاية، لكنه قدم لنا تجربة اجتماعية مثيرة. أُشيع الشهر الماضي حضر الأجانب من امتلاك سيارات الدفع الرباعي، ما لم تبرر طبيعة عملهم (أو وضعهم العائلي) ذلك. أعترض -بالطبع- من اعتراض. جُل الاعتراضات كانت قائمة على أن سن مثل هذه القوانين يجعل البلد أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب، أو الحديث عن عدم وجود نظام نقل عام يُغني الأجانب عن امتلاك مركبات خاصة، أو كيف أن القانون يصب في صالح سائقي سيارات الأجرة، أو لماذا يؤخذ جميع الأجانب بذنب القلة التي تستغل النظام لصالحها، لكني وجدت في النهاية التعليق الذي خطر ببالي أول اطلاعي على الخبر (قبل نفيه). يتساءل المعلق إلى متى يستمر سن القوانين بناء على الجنسية، المهنة، والوضع العائلي؟ وهي تماما الزاوية التي أنطلق منها اليوم. أعني أنه، يسهل إهمال عدم العدالة والتمييز الذي تنطلي عليه مثل هذه القوانين عندما نرى العامل باعتباره عاملا (فحق امتلاك السيارة أو نوع السيارة التي يمتلك مرتبطٌ بمهنته)، أما عندما نراه باعتباره إنسانًا يتبين لنا أن هذا المنع غير مبرر أو على الأقل تمييزي.

قد يُجادل أحدهم، أن الأجدى هو مناقشة التنظيمات التي تُحسن حياة المهاجرين على نحو عملي، عوضا عن الالتفات للتغييرات الشكلية التي تُوحي بتحسينات، بينما يمضي الواقع كما هو دون تغيير ملموس. لا أدعي أن تغيير المصطلح بحد ذاته سيغير واقع المُهاجرين بطريقة سحرية، ولكن قيمته تأتي من أنه سيدفع للتفكير في حقوقهم المغيبة، وسيضيف إلى النقاش (غير الموجود تقريبا)، حول حقوقهم كعمال، حقوقهم كبشر. وسيُسهل على المهتمين والدارسين والناس بشكل عام - إسقاط قضايا المهاجرين حول العالم (مثل الإدماج) على الواقع المحلي.

تغيرت التسمية التي تُشير للمهاجرين عدة مرات خلال العقود الماضية في ألمانيا. كل مرة جلبت معها حزمة كاملة من التصورات الذهنية، التوقعات، -والأهم- الحقوق. درس تاريخي مثل هذا حري بأن يُلفت اهتمام صناع القرار إلى أحد جوانب النقاش المتعلق بواحدة من أهم القضايا الحقوقية اليوم، ويدفع بها نحو دائرة الاهتمام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی ألمانیا التی ت

إقرأ أيضاً:

وزارة العمل: تفتيش 587 محطة وقود في يوم واحد.. وضبط مئات المخالفات للأجور وتراخيص الأجانب

 أعلنت اللجنة المركزية للتفتيش بوزارة العمل، في بيان رسمي صدر اليوم الأربعاء، عن تنفيذ حملات تفتيش مكثفة شملت 587 محطة وقود في مختلف محافظات الجمهورية، وذلك خلال يوم واحد فقط، أمس الثلاثاء، في إطار متابعة تطبيق القانون الجديد للعمل.

مخالفات الأجور وعقود العمل

وقد أسفرت الحملة عن تحرير:

416 محضرًا لعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور.

منح 511 منشأة مهلة لمدة 10 أيام لتوفيق أوضاع عقود العمل بما يتماشى مع القوانين السارية.

12 محضرًا ضد محطات وقود يعمل بها أجانب بدون تراخيص عمل قانونية.

سلامة وصحة مهنية تحت المجهر

وفي سياق متصل، كشفت الإدارة المركزية للسلامة والصحة المهنية عن:

تحرير 430 محضرًا ضد محطات لم تلتزم باشتراطات السلامة.

منح 70 محطة مهلة لتوفيق أوضاعها وتلافي المخالفات.

تأكيد التزام 87 محطة بالكامل باشتراطات السلامة والصحة المهنية.

تصريحات اللجنة والوزارة

وأوضحت اللجنة أن الحملات ستستمر خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن الوزارة ماضية في تطبيق القانون بشكل عملي، مع تشديد العقوبات على المخالفين، والتي يتم مضاعفتها بحسب عدد العمال وتكرار المخالفة.

كما جدّدت دعوتها لكافة المنشآت بضرورة الالتزام الكامل بالقانون، مؤكدة أن المخالفات لن تمر دون محاسبة.

توجيهات الوزير وتشديد الرقابة

وكان وزير العمل حسن جبران قد أصدر توجيهات صارمة لمفتشي العمل بتنظيم حملات تفتيش مرحلية ومكثفة منذ بدء تطبيق القانون في سبتمبر 2025.

وأوضح الوزير أن المرحلة الأولى من التفتيش ركّزت على تراخيص عمل الأجانب، فيما شهدت الأيام الأخيرة توسّعًا في رقعة الحملات لتشمل مراجعة:

عقود العمل

الحد الأدنى للأجور

السلامة والصحة المهنية

التوعية مستمرة

وفي ختام البيان، شدد الوزير على أهمية توفير بيئة عمل لائقة وآمنة تحقّق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، مشيرًا إلى أن الوزارة تُواصل عقد ندوات توعوية في مختلف المحافظات لشرح مواد القانون الجديد وأهدافه.

مقالات مشابهة

  • «الحماية المدنية بالقاهرة» تستقبل زيارة لعدد من الأطفال الأجانب
  • شوبير يكشف عن أزمة في الكرة السعودية بسبب زيادة عدد الأجانب
  • 416 مخالفة على محطات البنزين لعدم الالتزام تطبيق الحد الأدنى للأجور
  • وزارة العمل: تفتيش 587 محطة وقود في يوم واحد.. وضبط مئات المخالفات للأجور وتراخيص الأجانب
  • مستحقات الأجانب صداع فى رأس مجلس الزمالك
  • لحماية حقوقهم من البداية حتى التقاضي.. ضوابط صارمة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج
  • 16.37 مليون دولار.. صافي مشتريات الأجانب لأذون الخزانة عبر البورصة اليوم
  • الزمالك يسابق الزمن لتسوية مستحقات الأجانب قبل مهلة 15 أكتوبر
  • الزمالك في ورطة بسبب مستحقات لاعبيه الأجانب المتأخرة.. شوبير يكشف
  • منظم anyma أمام الأهرامات: الحفل شهد إقبال غير مسبوق من الأجانب