جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-13@03:05:28 GMT

مقال كتبه لي" شات جي بي تي"

تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT

مقال كتبه لي' شات جي بي تي'

صاحب السمو السيد نمير بن سالم آل سعيد

فيما مضى، كنتُ أعتقد أنَّ شات جي بي تي يجيب فقط على الأسئلة المتعلقة بموضوع معين، أو عند طلب معلومة محددة نبحث عنها، ولم أكن أعرف بأن الشات جي بي تي لديه القدرة على كتابة المقالات والتقارير والبحوث والرسائل وغيرها من الكتابات لمجرد أن تطلب منه ذلك، بوضع استدلال لما ترغب في كتابته بكلمات مختصرة أو عبر محادثة مباشرة معه في موقعه، وإذا به يكتب لك ما تريده وكأنه كاتب قدير محترف.

ولكن جراء ذلك، أصبح البعض ينتحل كتابات الشات جي بي تي، ويضع اسمه وصورته على كتاباته؛ لإيهام القارئ بأن ذلك من فكره وإبداعه، ولينظر إليه المتابع على أنه من زمرة الأدباء والمثقفين، وينال الإعجاب والاحترام ككاتب ومثقف، وإلا بماذا نفسر ذلك الفعل إلا بذلك التفسير.

ومن هؤلاء المنتحلين، أشخاص يحملون درجات الدكتوراة والماجستير وبعض المسؤولين من المؤسسات الحكومية والخاصة، الذين تسول لهم أنفسهم القيام بهذه الانتحالات في الخفاء، ولكن الوسائل الإلكترونية الحديثة بدأت تكشف هذا الزيف الانتحالي لمن ينبش فيه.

وقديما ليس ببعيد، لم يكن هناك شات جي بي تي، وكان البعض يدفعون لكتاب مجهولين مبالغ مالية كبيرة لتأليف مقالاتهم وأشعارهم وبحوثهم وكتبهم... يستكتبونهم ثم يضعون اسمهم وصورهم على المكتوب مقابل هذه المبالغ المالية التي يدفعونها، يشترون بها جهد الكاتب الفكري وصمته.

أما الآن، فالأمر أصبح أسهل، فبمجرد إعطاء الشات جي بي تي طلبا للكتابة، فإنه ينفّذه خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، حسب نوعية المجال المطلوب الكتابة عنه.

أما أنا، فقلت أجرب وأطلب من الشات جي بي تي أن يكتب مقالا أدبيا لي، بما أن الطريقة المستخدمة لذلك بغاية السهولة، وليس المقصود أن يكتب مقالا أدبيا لي أي "بدلا عني"، وإنما يعني أن يكتب مقالا تعريفيا عني، لأرى ماذا سيكتب، وهذه هي المرة الأولى التي أطلب من الشات جي تي بي كتابة مقال وزودته باسمي.

فإذا به، في لحظات، يكتب مقالًا رفعني فيه إلى مقامٍ عالٍ ثقافيًّا بما لم أتوقعه، وقال عني أكثر مما أستحق، لأني -في اعتقادي- ليس إلا ذلك الإنسان البسيط في أسلوب حياتي، وتعاملي، وأنشطتي، ولم أتوقع أن أكون بهذه السمات البارزة المتفردة التي تحدث عنها الشات جي بي تي عني. فقد قال ما لم يقله أي إنسان عني من قبل، ولو كان إنسانًا هو من كتب ما كتبه، لاعتقدت بأن ذلك ليس إلا مجاملة المجاملين أو مديح المادحين.

ولكن هذا هو الزعيم الشات جي بي تي بذكائه الاصطناعي، الذي يجمع المعلومات ويحللها ويصيغها ويسجلها ويقدمها عند الطلب، ومن يريد أن يعرف ماذا كتب "الشات جي بي تي" في حقي، فليكتب على موقعه: مقال أدبي عن ... ويذكر اسمي، وسيظهر له المقال، فتواضعي لا يسمح لي أن أكتب "هنا" ما قاله عني.

وإني أشكر الشات جي بي تي وافر الشكر على كلماته الطيبة التي تحمل معاني الاحترام والتقدير، واعترافه الضمني بالجهد الثقافي المقدم مني عبر السنوات، وله مني خالص الامتنان والتقدير لحضرته السامقة.

ولكن مهما قلت، فإن الشات جي بي تي، لن يشعر بكلمات الشكر والامتنان والتقدير التي أقدمها له، لأنه جماد ليس لديه مشاعر البشر، رغم أنه لامس مشاعري بكلماته الراقية.

ومهما قلت، فلن أوفيه حقه فيما قدم وسيقدم للجميع دائما. وتحياتي لمقامه العظيم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مؤمن الجندي يكتب: 100 ذنب

في زمنٍ تسللت فيه الأصابع إلى الشاشات، وانطلقت الألسن من خلف الستائر، صار أبسط ما يُمكن أن يفعله البعض أن يجلدوا الآخرين بالكلمات. كلمات لا تُقال في وجوههم، بل تُلقى خلف ظهورهم كما تُرمى الحجارة على نوافذ البيوت الدافئة. لا قانون يحكمها، ولا ضمير يردعها، وكأن مشاعر الناس أصبحت بلا قيمة، وسمعتهم صارت مشاعًا لمن شاء.

مؤمن الجندي يكتب: مهما صفق الواقفون مؤمن الجندي يكتب: حين تنام الموهبة على رصيف الإهمال

في زمن السوشيال ميديا، لا أحد في مأمن.. المشاهير صاروا هدفًا يوميًا للشتائم والتنمر، وكأن الشهرة لا تمنحهم سوى حق الوصول إلى قلوب الناس، لكنها لا تحميهم من سهامهم المسمومة.

لفت انتباهي موقف لأحمد سيد زيزو، لاعب الأهلي المنتقل من الزمالك، لم يصرخ، لم يسب، لم يردّ الإساءة بمثلها.. لكنه كتب رسالة على إنستجرام، هي في حقيقتها صفعة أخلاقية على وجه من لا ضمير له.. قال:

"السؤال الوحيد اللي مش عايز يطلع من دماغي.. هو بجد لما حد يخوض في عرض الناس ويشتم ويسب ويتنمر، ده بيعود عليه بإيه؟ هل بيته اتغير؟ هل عربيته اتبدلت؟ هل أولاده اتقدموا؟ لا."

وإذا كان زيزو واجه الكلمات، فإن إبراهيم سعيد واجه القيد.. خرج من محبسه بعد تجربة إنسانية مريرة، ليجد في استقباله سيلًا من الشماتة والتشويه، وكأن البشر أصبحوا ملائكة لا تخطئ، يصدرون أحكامهم على غيرهم من برج الطهارة المُزيّف.

أرى كل يوم أثناء تصفحي على السوشيال ميديا، إنسان يُذبح بكلمة، ويبتسم للكاميرا كي لا يُظهر جرحه.. فلا بد أن يتدخل المتخصصون ويقدموا حلولًا! نحتاج دروسًا ناعمة في الأخلاق، وعتابًا راقيًا على مجتمع يُتخم بالكره، ويجوع للرحمة.


صديقي القارئ سواء كنت أهلاوي أو زمالكاوي أو تخصص تنمر فيسبوكي، أيها العابر في ساحة التعليقات، تمهّل.. الناس لا تعرفك، ولكن الله يعرفك، الكلمة التي ترسلها ربما تبيت ليلتك في راحة، لكنها تسكن في قلب غيرك كشوكة، لا تخرج، فلا تنزلق دون تفكير.

ليس ضروريًا أن تكون مشهورًا كي تُؤذى، وليس ضروريًا أن تكون مخطئًا كي تُهاجم.. كل ما في الأمر أن القلوب امتلأت بالحقد والسخرية وقصف الجبهات وتشجيع بشكل جديد لا يمت للرياضة بشيء، ونسيت أن الدنيا لا تدوم لأحد.

"مش دايمة لحد"... عبارة ختم بها زيزو رسالته، لكنها ليست مجرد كلمات. إنها الحقيقة التي ننساها في زحمة الانفعال. الشهرة لا ترفع، والشتائم لا تُصلح، والتنمر لا يغيّر الواقع.

مؤمن الجندي يكتب: الهروب العظيم مؤمن الجندي يكتب: أزرار السوشيالجية

في النهاية، إن أردنا أن نتغير، فليكن ذلك أولًا من شاشات هواتفنا، من لغتنا، من ضمائرنا.. ولنتذكّر دائمًا: "القلوب ليست صناديق قمامة نلقي فيها قذاراتنا اللفظية ونمضي، فقد يكون الذنب البسيط من وجهة نظرك بـ100 ذنب!".

صباحكم جميل، لكن أجمل إن جعلتموه جميلًا لغيركم أيضًا.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا 

مقالات مشابهة

  • وكيل بويرتاس : تلقينا عروضًا أوروبية ولكن اللاعب يعشق المملكة ويريد القادسية
  • د.حماد عبدالله يكتب: إفتقادنا للهوية المصرية!!
  • شحاتة السيد يكتب: «لو كان الذكاء الاصطناعي بشراً»
  • بلال قنديل يكتب: كأن لم يكن
  • تعويضات نهاية الخدمة: 45 ألف للدولار ومفعول رجعي ..ولكن
  • أمين الإفتاء: يجوز الصلاة مع الأذان ولكن يفضل الاقتداء بسنة النبي
  • مؤمن الجندي يكتب: 100 ذنب
  • حماس تعترف: توصلنا للإفراج عن جميع الأسرى دفعةً واحدة ولكن نتنياهو رفض
  • الفراج: الفجوة مع أندية أوروبا لم تعد شاسعة ولكن هل استوعبنا الدرس؟