مقال كتبه لي" شات جي بي تي"
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
صاحب السمو السيد نمير بن سالم آل سعيد
فيما مضى، كنتُ أعتقد أنَّ شات جي بي تي يجيب فقط على الأسئلة المتعلقة بموضوع معين، أو عند طلب معلومة محددة نبحث عنها، ولم أكن أعرف بأن الشات جي بي تي لديه القدرة على كتابة المقالات والتقارير والبحوث والرسائل وغيرها من الكتابات لمجرد أن تطلب منه ذلك، بوضع استدلال لما ترغب في كتابته بكلمات مختصرة أو عبر محادثة مباشرة معه في موقعه، وإذا به يكتب لك ما تريده وكأنه كاتب قدير محترف.
ولكن جراء ذلك، أصبح البعض ينتحل كتابات الشات جي بي تي، ويضع اسمه وصورته على كتاباته؛ لإيهام القارئ بأن ذلك من فكره وإبداعه، ولينظر إليه المتابع على أنه من زمرة الأدباء والمثقفين، وينال الإعجاب والاحترام ككاتب ومثقف، وإلا بماذا نفسر ذلك الفعل إلا بذلك التفسير.
ومن هؤلاء المنتحلين، أشخاص يحملون درجات الدكتوراة والماجستير وبعض المسؤولين من المؤسسات الحكومية والخاصة، الذين تسول لهم أنفسهم القيام بهذه الانتحالات في الخفاء، ولكن الوسائل الإلكترونية الحديثة بدأت تكشف هذا الزيف الانتحالي لمن ينبش فيه.
وقديما ليس ببعيد، لم يكن هناك شات جي بي تي، وكان البعض يدفعون لكتاب مجهولين مبالغ مالية كبيرة لتأليف مقالاتهم وأشعارهم وبحوثهم وكتبهم... يستكتبونهم ثم يضعون اسمهم وصورهم على المكتوب مقابل هذه المبالغ المالية التي يدفعونها، يشترون بها جهد الكاتب الفكري وصمته.
أما الآن، فالأمر أصبح أسهل، فبمجرد إعطاء الشات جي بي تي طلبا للكتابة، فإنه ينفّذه خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، حسب نوعية المجال المطلوب الكتابة عنه.
أما أنا، فقلت أجرب وأطلب من الشات جي بي تي أن يكتب مقالا أدبيا لي، بما أن الطريقة المستخدمة لذلك بغاية السهولة، وليس المقصود أن يكتب مقالا أدبيا لي أي "بدلا عني"، وإنما يعني أن يكتب مقالا تعريفيا عني، لأرى ماذا سيكتب، وهذه هي المرة الأولى التي أطلب من الشات جي تي بي كتابة مقال وزودته باسمي.
فإذا به، في لحظات، يكتب مقالًا رفعني فيه إلى مقامٍ عالٍ ثقافيًّا بما لم أتوقعه، وقال عني أكثر مما أستحق، لأني -في اعتقادي- ليس إلا ذلك الإنسان البسيط في أسلوب حياتي، وتعاملي، وأنشطتي، ولم أتوقع أن أكون بهذه السمات البارزة المتفردة التي تحدث عنها الشات جي بي تي عني. فقد قال ما لم يقله أي إنسان عني من قبل، ولو كان إنسانًا هو من كتب ما كتبه، لاعتقدت بأن ذلك ليس إلا مجاملة المجاملين أو مديح المادحين.
ولكن هذا هو الزعيم الشات جي بي تي بذكائه الاصطناعي، الذي يجمع المعلومات ويحللها ويصيغها ويسجلها ويقدمها عند الطلب، ومن يريد أن يعرف ماذا كتب "الشات جي بي تي" في حقي، فليكتب على موقعه: مقال أدبي عن ... ويذكر اسمي، وسيظهر له المقال، فتواضعي لا يسمح لي أن أكتب "هنا" ما قاله عني.
وإني أشكر الشات جي بي تي وافر الشكر على كلماته الطيبة التي تحمل معاني الاحترام والتقدير، واعترافه الضمني بالجهد الثقافي المقدم مني عبر السنوات، وله مني خالص الامتنان والتقدير لحضرته السامقة.
ولكن مهما قلت، فإن الشات جي بي تي، لن يشعر بكلمات الشكر والامتنان والتقدير التي أقدمها له، لأنه جماد ليس لديه مشاعر البشر، رغم أنه لامس مشاعري بكلماته الراقية.
ومهما قلت، فلن أوفيه حقه فيما قدم وسيقدم للجميع دائما. وتحياتي لمقامه العظيم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الفريق العدوان يكتب : القفز الخاطئ بالمظلة . . !
صراحة نيوز- كتب الفريق المتقاعد موسى العدوان
في أوائل عقد الثمانينات الماضي، كنت أتولى منصب قائد القوات الخاصة برتبة عميد. وكان قرار القائد العام للقوات المسلحة آنذاك الشريف زيد بن شاكر – عليه رحمة الله – أن يتم تدريب جنود وضباط لواء الحرس الملكي بدورة مظليين، وتمرينهم على القفز بالمظلات. وفي أحد تمارين القفز للمتدربين، وهم شباب تقل أعمارهم عن العشرين عاما، رغبت أن أقفز قبلهم لأشجعهم على القفز.
ففي الصباح الباكر لأحد أيام تموز عام 1981، كان الطقس حارا والهواء ساكنا، لا تثور به أية نسمة هواء حتى وإن كانت خفيفة، والتي تساعد القافز على توجيه وتحريك المظلة ( T – 10 ) لبضع خطوات.
صعدت إلى طائرة ال ( C130 ) التي كانت تحمل الجنود في مطار ماركا، مرتديا مهمات القفز، والتي تتكون من مظلة رئيسية تحمل على الظهر، مربوط بها حبل مع شنكل لتعليقه في حبل الطائرة من الداخل قبل القفز.
كما أن هناك مظلة أخرى احتياطية أصغر حجما معلقة على الصدر، لاستعمالها إذا فشلت المظلة الرئيسية في الفتح، إضافة لخوذة حماية للرأس عند الارتطام بالأرض.
وهناك المشرف على التدريب ويطلق عليه إسم المقفز ( Jump Master )، الذي يقف عند باب الطائرة، ويأمر الركاب المتدربين بالوقوف وتعليق حبل المظلة في حبل الطائرة الداخلي، استعدادا للقفز، ثم يقوم بالتأكد من صحة تعليق الحبال بصورة جيدة.
مهمة هذا المقفز أن يعطي الإشارة للمتدرب بالقفز من باب الطائرة في المكان والوقت المناسبين للهبوط في منطقة الإنزال المحددة، بعد أن يتلقى الإشارة من الطيار بواسطة الضوء الأخضر على بجانب باب الطائرة.
أقلعت بنا الطائرة من مطار ماركا، متجهة نحو منطقة الإنزال قرب قرية الطنيب جنوب العاصمة عمان، والتي لاتستغرق اكثر من 20 دقيقة طيران.
ومنطقة الإنزال تكون عادة مؤشرة بعلامات واضحة للطيار، وفيها مجموعة إنزال صغيرة، مزودة بجهاز إتصال لاسلكي مع الطائرة.
كان القفز من الطائرة يتم على ارتفاع 1000 – 1200 قدما من سطح الأرض. واعتدت ان أقف دائما على باب الطائرة كأول قافز منها. وبينما الطائرة تحلق وتدور فوق المنطقة، لتأخذ الاتجاه الصحيح، كنت أشاهد الآليات وبعض البشر والدواب، يتحركون على الأرض كادمى الصغيرة.
فأقول في نفسي كما يقول أي إنسان في مثل هذا الموقف : هل يمكن أن أهبط سليما على الأرض، وأسير عليها كما يسير هؤلاء ؟ أم ستفشل مظلتي لسبب ما في الاستجابة، والفتح على اتساعهما وأواجه حتفي ؟ ولكنني أصر على على مواصلة مهمتي.
وصلنا في تلك الرحلة فوق قرية الطنيب، وراحت الطائرة تحوم فوق المنطقة لتأخذ الاتجاه والارتفاع الصحيحين، وأنا واقف على باب الطائرة ومثبتا كلتا يدي على حافتي الباب، ولا أعرف هل أخطأ الطيار في أعطاء الضوء الأخضر أم أن المقفز استعجل وأعطاني إشارة القفز.
قفزت من باب الطائرة، وعندما نظرت تحتي وجدت أنني قفزت في المكان الخطأ، إذ كانت تظهر من تحتي بنايات القرية بأعمدة التلفزيون وأسلاك الكهرباء والآليات، ولم يكن خلفي أي قافز.
حاولت أن أسحب حبال المظلة من ناحية معينة لمواجهة الهواء لعلها تبعدني عن الخطر الذي ينتظرني على الأرض. ولكن لعدم وجود أية نسمة هواء في صباح ذلك اليوم، أخذت المظلة تنطوي على بعضها وتزيد من سرعة هبوطي نحو الأرض، مما يشكل خطر الارتطام العنيف على أحد المنازل أو على أعمدة وأسلاك الكهرباء.
حاولت بكل جهد أن أحرك ساقي، محاولا الابتعاد عن مواقع الخطر، فأستطعت ان ابتعد عنها مسافة قصيرة، ولكنني سقطت على ظهري فوق كومة كبيرة من الحجارة يزيد ارتفاعها عن المتر.
هرع إلي بعض الضباط والجنود المتواجدين في المنطقة لإنقاذي، ولكنني نهضت سريعا معلنا انني لم أصب بأذى، رغم أنني في الحقيقة كنت أعاني من آلام شديدة. راجعت المستشفى بعد ذلك، ولكن لم يظهر أي كسر في العمود الفقري أو غيرة، وأعطيت بعض العلاجات حيث امضيت أكثر من شهرين، وأنا لا استطيع الجلوس على الكرسي أو في السيارة إلاّ بصعوبة، بسبب الألم الذي أصابني من تلك القفزة. وكانت النتيجة أن تسبب لي هذا الحادث في وقت لاحق، بعملية ديسك ناجحة، فشكرت الله تعالى على ما قدر ولطف.