لجريدة عمان:
2025-06-08@06:25:38 GMT

استعادة أسامة أنور عكاشة

تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT

استعادة أسامة أنور عكاشة

في كل عام، وفي الأيام الأولى من الشهر الفضيل، أتصفح الفضائيات، لعلي أعثر على مسلسل أتابعه أو مسلسلين، لكنني للأسف أعود بخفيّ حنين. وبالرغم من ذلك أجدني أتابع هنا وهناك، لعلي أرى مواضيع المسلسلات، بحثا وراء مضامين ميلودراما عربية تتعلق بقضايا الإنسان العربي، وتحولات الأوطان، باتجاه الخلاص الجمعي.

ونحن نشاهد هذه الأعمال، نجد أنفسنا منشدين لحنين العقود الثلاثة آخر القرن العشرين، ولربما جزء من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وهكذا فقد وجدت نفسي، في رمضان هذا، أمام السيناريست العربي أسامة أنور عكاشة، ابن مصر الثقافة والفنون، الذي عشنا معه معظم سنوات عمرنا، والذي، رحمه الله، كان جزءا غاليا ومهما من تكويننا الفكري والثقافي.

كنت طالبا في مصر أوائل التسعينيات، وكانت القناة الأولى تبث مسلسل ليالي الحلمية، وكنا نحن الطلبة غالبا ما نلتقي لنشاهد الحلقات. وكنت أستغرب، كيف كانت تخف بشكل ملحوظ حركة السيارات والناس في الشوارع، حتى لكأن هناك ما يشبه منع التجول. حدث ذلك في أكثر من مدينة في مصر، مثل طنطا والإسكندرية، والقاهرة. لم يكن صعبا تفسير ذلك، فقك كان الناس أمام شاشات التلفزيون، خاصة بعد تأدية صلاة التراويح. بادرت السائق الذي أقلنا إلى بيت أحد الأصدقاء:

- وأنت ألا تتابع ليالي الحلمية؟

- إنها هنا؟

وأشار إلى جهاز تلفزيون صغير، ثبته السائق في التكسي. وقتها عرفت أن سحر عكاشة قد بلغ مبلغه، خاصة وأنا أشاهد المارة، وقد وقفوا أو جلسوا يتابعون الحلقات على جانبي الشوارع، من خلال تلفزيونات الباعة والمحلات.

ترى ما الذي شدّ الملايين في مصر والعالم العربي لهذه الأعمال الدرامية، والتي صارت تعيش معنا في البيوت، وظلت كذلك تعيش في وجداننا. ترى كيف استطاع هذا الكاتب جذب الملايين؟

كتب عكاشة القصة، والرواية، وقصص الأفلام ومسرحيات، ومقالات رأي، لكن الذي اشتهر به أنور عكاشة هو كتابة سيناريو أهم المسلسلات العربية، حيث اعتبر واحد من أهم كتابا الدراما في الشرق الأوسط، ما يعني العالم أيضا. كان أربعينيا، عندما بدأت رحلته في كتابة الدراما التلفزيونية، كواحد من أشهر الكتاب العرب؛ فقد بدأ رحلته قويا ناضجا، وصاحب رؤية حتى وإن كان ناقدا حادا أحيان.

لقد عشنا ذلك الزمن أطفالا وفتيانا وشبابا، وصولا الى زمن ابيضت به مفارقنا. وهكذا يصعب ألا يحضر أنور عكاشة، وتلك الطواقم الفنية من إخراج وتمثيل وموسيقى وغناء، و"منين يجينا الشجن من اختلاف الزمن".

لماذا نجح أنور عكاشة وانتشر في مصر والعالم العربي الى درجة أنه نافس باسمه أسماء كبار النجوم؟

هي منظومة الإبداع معا، من إتقان اختيار القصة، والتعبير الحقيقي غير المتكلف، وبناء الشخصيات بناء ناضجا، وإظهار أثر التحولات الاجتماعية عليها، كذلك والعلاقات بينها، مع إظهار الدوافع النفسية المرتبطة بالتاريخ الشخص لها، واشتباكها مع التاريخين الاجتماعي والسياسي.

وهنا يحضر الصدق الفني، النفسي والاجتماعي والسياسي في إطار تاريخي، بحيث يقدم الشخصيات والتاريخ الذي كان ويكون، تاركا مسافة بينه وبينها، بما يتيح الشرط الموضوعي، وهكذا نجح عكاشة، ربما باستثناء جلده الزائد لعصر الانفتاح الذي حملّه معظم الإفرازات السلبية للمجتمع.

إنا رحلته الفكرية من خلال الدراما التلفزيونية، ورحلتنا حسب أعمارنا، على مدار أربعة عقود حتى رحيله عام 2010.

على أبواب المدينة، الشهد والدموع، بوابة الحلواني، رحلة أبو العلاء البشري، الراية البيضا، ليالي الحلمية، أرابيسك، ضمير أبله حكمت، زيزينيا، وما زال النيل يجري....كل واحد من تلك الأعمال يحتاج وقفة. والمثير بالأمر أننا حين نعود اليوم الى هذه الأعمال، خصوصا التي شاهدناها في مراحل تكون الفكر والوعي، نكتشف أننا كأننا نراها من جديد، حيث نتجاوز الآن متعة المشاهدة الى إغراء التفكير وربما الكتابة أيضا. كل عمل من تلك الأعمال له تاريخ معنا حسب عمرنا حين شاهدناه أول مرة، وحين تكررت المشاهدة في مراحل عمرية مختلفة.

كان الجامع الناظم في الأعمال التلفزيونية هو رصد أثر التحولات على الشخصيات، ثم اختبار العلاقة بين الشخصية المصرية (العربية) الأصيلة وتلك المنفتحة على العصر.

لقد الكاتب مرّ نفسه في تحولات، من خلال ما مرّت به بلده مصر، والعالم العربي؛ فقد كان ابن 7 سنوات حين حدثت حرب عام 1948، و26 عاما حين حدثت الهزيمة عام 1967، و32 في حرب رمضان أكتوبر عام 1973، ثم ما كان من تحولات سياسية واقتصادية ما بعد ذلك. لذلك فقد عاصر عكاشة تلك الأحداث فكان شاهدا بصدق، كذلك حين عاد الى ما قبل ذلك، منذ ثورة عام 1919، مرورا بالواقع السياسي والاجتماعي في مصر وصولا الى ثورة عام 1952. لذلك كانت آخر أعماله التليفزيونية مسلسل المصراوية، الذي عُرض في أيلول من عام 2007، والذي جسّد من خلاله تاريخ الشعب المصري منذ العام 1914.

كان يحيا ويصغي لما يعيشه، وحين عاد الى ومن لم يعشه، فقد استقصى ما أمكنه من واقع حقيقي، دون تحيّز، وبذلك فقد وصلت أعماله الى قلوبنا وعقولنا، حتى مع الذين اختلفوا بالرؤية الفكرية معه.

كان التلفزيون جهازا سحريا وصل من خلاله الكاتب الى الملايين، ممن يقرؤون ولا يقرؤون، على اختلاف مستوياتهم، مقدما رسالته الفكرية من جهة، ودافعا لنا للتأمل بما كان ويكون، باتجاه مستقبل أكثر وعيا وعدالة.

إن تأمل سيرة أنور عكاشة، يجد أنه تأثر بدراسته وسياق حياته كمواطن مصري وعربي، فقد حصل على ليسانس الآداب من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس عام 1962. ثم عمل بعد تخرجه أخصائيًا اجتماعيًا في مؤسسة لرعاية الأحداث، كما عمل مدرسًا في مدرسة بمحافظة أسيوط وذلك بالفترة من عام 1963 إلى عام 1964، ثم انتقل للعمل بإدارة العلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ وذلك بالفترة من عام 1964 إلى عام 1966، ثم انتقل بعدها للعمل كأخصائي اجتماعي في رعاية الشباب بجامعة الأزهر وذلك من عام 1966 إلى عام 1982 عندما قدم استقالته ليتفرغ للكتابة والتأليف.

مرة أخرى. لماذا نستعيد أسامة أنور عكاشة اليوم بعد 18 عاما على آخر عمل إبداعيّ له؟ وبعد 15 عاما على رحيله؟

في ظل غياب قضايا الإنسان المصيرية التي تتعلق بالخلاص العام والفردي، فإننا نتذكر الأعمال الفنية الدرامية، سواء أكانت تلفزيونية أو سينمائية أو مسرحية؛ فحين نستعيد مثلا مسلسلات عكاشة، نجد كيف سبر الكاتب عمق التحولات بين الريف والمدينة في "على أبواب المدينة" كمقاربة رمزية للمجتمع على أبواب الحداثة، وتلك التحديات الاجتماعية ومسؤولية المجتمع. في "الشهد والدموع" نجد كيف أثرت التحولات على الأسر وما ظهر من ظلم لذوي القربى، منتقدا بذلك ما ظهر من تمايزات. كذلك كان مسلسل "الراية البيضا" من أكثر الأعمال الفنية نقدا لعصر الانفتاح الذي كانت "فضة المعداوي" ممثلة له، أما مسلسل "ليالي الحلمية"، بأجزائه الأربعة فكان بحق خير مصور للمجتمع على مدار عقود، في حين طرح مسلسل "ضمير أبله حكمت"، دور الوعي في مناهضة الآثار السلبية لرأس المال غير المنتمي. في حين كان مسلسل "زيزينيا"، خير عمل عبر عن التعددية التي شهدتها مدينة الإسكندرية، كمدينة كوزموبوليتانية.

نحن نستعيد زمن عكاشة وإبداع لأننا نفتقد الجدية والمسؤولية والرسالة، على أمل أن تتجدد الميلودراما العربية باتجاهات أكثر مسؤولية باتجاه التحرر والعدالة والارتقاء والتغيير الإيجابي لحياتنا معا.

ورمضان كريم، يجمعنا على الخير والوعي معا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لیالی الحلمیة أنور عکاشة فی مصر من عام

إقرأ أيضاً:

أسامة عطا المنان يسخر من اتهامات الجهوية والقبلية في انتخابات اتحاد الكرة السوداني

 

تحدث المرشح لمنصب النائب الأول في مجموعة التغيير، الدكتور أسامة عطا المنان، وعرج على رؤية مجموعته للانتخابات القادمة في الاتحاد السوداني لكرة القدم.
وأكد أسامة أن مجموعة التغيير جاهزة لاكتساح الانتخابات بفضل رصيدها الزاخر بالإنجازات، مستندة على استمرار المشاركات الخارجية للمنتخبات الوطنية والأندية السودانية رغم ظروف الحرب.

لا جهوية ولا قبلية في كرة القدم

سخر أسامة عطا المنان من محاولات إقحام القبلية والجهوية في كرة القدم، مؤكدًا أن كرة القدم لا تعرف الجهوية ولا القبلية ولا التهميش.
وقال إن كل السودان مشارك في الجمعية العمومية، وهناك نائبان من دارفور وآخر من كردفان غير عضوية المجلس، فكيف نستهدف دارفور؟! وتعهد عطا المنان بأن يبقى الوسط الرياضي ساحة للتسامح وقبول الآخر ومحاربة خطاب الكراهية، وأن يلعب الدور الأكبر في ترميم المجتمع السوداني في فترة ما بعد الحرب.

وذكر عطا المنان أن مجموعة التغيير جاهزة لاكتساح الانتخابات بفضل رصيدها الزاخر بالإنجازات، مستندة على استمرار المشاركات الخارجية للمنتخبات الوطنية والأندية السودانية رغم ظروف الحرب. وأكد أسامة أن مجموعة التغيير جاهزة لاكتساح الانتخابات في أي زمان ومكان، وأنها تثق في قواعدها وفي برنامجها الانتخابي الذي يمكنها من حسم السباق في مواجهة جميع المنافسين.

ودافع أسامة عن نفسه ضد الاتهامات بالديكتاتورية والتسلط، مؤكدًا أن الاتحاد يعمل بالحد الأعلى من المؤسسية وكل قراراته تُتخذ عبر مجلس الإدارة أو اللجان المختصة.
وأضاف أن مجموعته محصنة ضد الاختراق والوقيعة بين أفرادها بفضل العلاقات القوية التي تربط بين أعضائها، وقطع باستحالة تحقيق مخطط الوقيعة بينه وبين مجموعته.

وأضاف: لم تحدث أي خلافات حول القائمة المرشحة، مؤكدًا أن القائمة تم الاتفاق عليها عبر الزونات المختلفة بتوافق تام. وأشار إلى أن كل منطقة قدمت مرشحيها باتفاق وحوار بينهم، دون تدخل منه، وقال “لم أدعم مرشحا على حساب الآخر”.

وأعلن أسامة استعداده التام للتنحي متى ما طلبت منه المجموعة ذلك، مؤكدًا زهده في المناصب واستعداده للابتعاد عنها إذا طلبت المجموعة ذلك. كما راهن على قدرة مجموعة التغيير على قيادة الكرة السودانية وتحقيق المزيد من الإنجازات.
وقال: “مجموعة التغيير تضم أفضل الكوادر في السودان وأي مجموعة تدفع بها بمقدورها قيادة الاتحاد بصورة مميزة”.

وكشف أسامة عطا المنان عن طريقة تعامله مع حملات الاستهداف، مؤكدًا أنها لا تحرك ساكنًا لديه، لأنه أصبح محصنًا تمامًا ضد حملات الاستهداف والترصد.
وقال: “أعرف كيف أتعامل مع الحملات الموجهة، نعم لديّ برود انجليزي ولا اشغل نفسي بحملات الاستهداف وثقتي في نفسي لم ولن تهتز”.

وتعهّد أسامة بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وطالب كل من يأنس في نفسه أن يتقدم الصفوف ويخوض المنافسة، وقال “لم نقص اي جهة أو مكون من الانتخابات ومن يريد المنافسة، الميدان يا حميدان”. وأكد أن ماعون الاتحاد يسع الجميع، وأنهم يعملون لأن يكون العمل في اللجان لا يقل عن العمل في المجلس.

الوسومالجهوية الدكتور أسامة عطا المنان العنصرية المرشح لمنصب النائب الأول في مجموعة التغيير انتخابات اتحاد كرة القدم السوداني برنامج انتخابي

مقالات مشابهة

  • أسامة عطا المنان يسخر من اتهامات الجهوية والقبلية في انتخابات اتحاد الكرة السوداني
  • «هيموتوك يا غبي اهرب».. محمد أنور يحتفل بعيد الأضحى على طريقته
  • بطريقة كوميدية.. محمد أنور يهنئ جمهوره بالعيد
  • محمد أنور يهنئ جمهوره بالعيد بطريقة كوميدية
  • طيب الزمالك: 3 لاعبين استكملوا مباراة نهائي الكأس مصابين
  • محمد أسامة: ثلاثي الزمالك استكمل المباراة مُصابين ونهدي اللقب لجمهورنا
  • لا أصدّق أنها اقتربت.. جميلة عوض تحتفل بذكرى زواجها الأولى
  • طواحين الذهب.. إزالة 12 حالة تعدٍ على أراضي أملاك دولة بقرية الأشراف في قنا
  • أهالي قنا يحتفون بتجهيزات ساحة مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي لصلاة عيد الأضحى "صور"
  • أسامة عبد الحي يشارك في المؤتمر العشرين لعمادة الأطباء الجزائريين