إلهام أبو الفتح تكتب: صواريخ رمضان
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
آدم، طفل في الرابعة عشرة من عمره، يجتمع مع أصدقائه بعد الإفطار، يلعبون ويضحكون ويطلقون الصواريخ في السماء، وفجأة انفجر الصاروخ في وجهه قبل أن يطلقه، وفقد إحدى عينيه إلى الأبد.
قصة آدم ليست الوحيدة، فرغم أنه لا توجد إحصائية حتى الآن، إلا أن هناك العديد من الحوادث التي أوجعت قلوبنا.
في الإسكندرية، فقد طفل إصبعه بسبب صاروخ.
وفي كرداسة، أصيب شاب بكسر في الجمجمة ونزيف حاد بعدما حاول منع مجموعة من الشباب من إشعال الصواريخ التي أرعبت الجيران، لكنهم اشتبكوا معه، وانتهى الأمر بمأساة.
وفي القليوبية والفيوم، أصيبت طفلتان بحروق خطيرة في الوجه بسبب تلك الألعاب الخطيرة.
وفي الإسماعيلية، توفيت فتاة، وأصيبت أسرتها بأكملها بحروق خطيرة، بعد أن اشتعلت النيران في شقتهم بسبب "صاروخ رمضاني"، أطلقه أحد الأطفال داخل المنزل.
وقام شابان بتحويل منزل إلى ورشة لتصنيع الصواريخ والمفرقعات، فانفجر المنزل فجأة، وانهار، وتوفي أحد الأشخاص، وتضررت المنازل المجاورة واحترق بعضها.
حوادث الصواريخ أو المفرقعات كثرت في الفترة الأخيرة منذ بداية رمضان وما زلنا في انتظار العيد.
هذه ليست احتفالات بريئة ولا علاقة لها بفرحة رمضان أو الأعياد، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال: “لا ضرر ولا ضرار”، فلا يجوز أن نفرح على حساب سلامة الناس أو راحتهم.
في رمضان، نبحث عن السكينة والطمأنينة، والتقرب إلى خالقنا سبحانه وتعالى.
أذكر أن هناك قانون منع إنتاج أو استخدام أو تداول هذه المفرقعات، ولا بد أن تكون هناك رقابة على تنفيذه، فقد شدد قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، عقوبات حائزي وبائعي الألعاب النارية "البمب والصواريخ"، والتى تنتشر بشكل كبير فى شهر رمضان لتصل إلى السجن المؤبد أو المشدد.
من المسئول عن تطبيق هذا القانون؟ لا بد أن يكون هناك حملات دعائية وتركيز على مخاطر مثل هذه الألعاب في وسائل الإعلام في السوشيال ميديا.
رمضان هو فرصة لنفرح معًا، ولكن بطرق آمنة لا تؤذي أحدًا، لا نريد أن نرى طفلاً يفقد عينه، أو شابًا يفقد حياته، أو عائلة تعيش مأساة.
اللهم ابعد عنا كل شر وأذى وارحمنا يا أرحم الراحمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رمضان شهر رمضان الألعاب النارية المزيد
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 53
تناولت خلال المقالات السابقة من طرف خفي 49, 50, 52 موضوع تابوت العهد، حيث قدمت خلال تلك المقالات المشار إليها تحليلاً تاريخيًا وسياسيًا حول رمزية التابوت وأهميته في الصراع العربي الإسرائيلي.
أبرز النقاط التي جاءت بهذه المقالات قبل الخوض في عِلاقة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة، بتابوت العهد و اليهود:
أولا الرمزية الدينية والسياسية للتابوت:
أشرت خلال المقالات السابقة إلى أن تابوت العهد، وفقًا للتوراة، كان يحتوي على ألواح الشريعة التي تلقاها النبي موسى عليه السلام.
تحدثت عن إصرار الصهاينة على الاستحواذ على التابوت، وأن ذلك جزءًا من مشروعهم للسيطرة على المنطقة.
ثانيا : تحدثت عن الموقع المحتمل للتابوت، و ناقشت النظريات التي تزعم أن التابوت موجودا بسيناء، و استندت إلى الروايات التوراتية التي تشير إلى جبل سيناء كموقع لتلقي الوحي، و أوضحت أن هذه المزاعم تُستخدم لتبرير الأطماع الصهيونية في سيناء.
و حذرت من أن البحث عن تابوت العهد هو ذريعة لتنفيذ مخططات تهدف إلى تهويد مناطق معينة، خاصةً في سيناء.
و اليوم أستكمل حديثي حول أسطورة تابوت العهد و عِلاقة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة ابنة بطليموس الثاني عشر الملقب بالزمار.
بالرغم من المزاعم الصهيونية حول عِلاقة كليوباترا السابعة بـ تابوت العهد إلا أن تلك العِلاقة ليست واضحة أو مثبتة تاريخيًا، و لا تستند إلى دليل مادي، لكنها من المواضيع التي أثارت خيال الباحثين والمؤرخين الصهاينة، بسبب الصلات بين مصر القديمة والتقاليد اليهودية.، و من الأسباب التي أستند إليها بني صهيون و باحثيهم قيام الملكة البطلمية باستخدام بعض الرموز الدينية.
و إليكم خلفية سريعه حول شخصية كليوباترا السابعة آخر فرعون من الأسرة البطلمية في مصر (حكمت 51-30 قبل الميلاد)، معروفة بذكائها وتحالفاتها السياسية مع روما (يوليوس قيصر الذي قتل و انطونيوس الذي انتحر قبلها باثنا عشر يوما في الأول من أغسطس عام 30 قبل الميلاد بعد خسارته في معركة أكتيوم البحرية أمام الإمبراطور الروماني اوكتافيوس المعروف بعد ذلك ب أغسطس، و انتحرت بعده كليوباترا بلدغة الكوبرا في 12 أغسطس من نفس العام).
النظريات والافتراضات التي تربط كليوباترا بتابوت العهد تعود لتواجد اليهود خلال حكم البطالمة (منهم كليوباترا)، حيث كان هناك وجود يهودي كبير في مصر خاصة في الإسكندرية منذ ان شيدها الاسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، هذا الوجود قد يجعل من الممكن تداخلات ثقافية أو انتقالات لأشياء مقدسة مثل التابوت، حسب المزاعم و الفرضيات الصهيونية التي تسعي بشتي الطرق ربط مصير التابوت بالأراضي المصرية لهدف معروف.
بعض النظريات غير المثبتة تاريخيا تقترح أن تابوت العهد أو قطعًا منه قد نُقلت إلى مصر خلال الفترات المضطربة في فلسطين، وربما وصلت إلى الإسكندرية أو مكان ما في مصر خلال حكم البطالمة، فضلا عن كليوباترا كانت تستخدم رموزًا دينية مصرية ويونانية لتدعيم حكمها، وقد يكون من المثير للخيال أن تستخدم رموزًا من ديانات أخرى لزيادة شرعيتها، لكن لا يوجد دليل تاريخي يربطها مباشرة بتابوت العهد، سوي في خيال الصهيونية العالمية مستندين على
أفلام درامية أو روائية، لكنها ليست مبنية على مصادر تاريخية موثوقة، مثل
بعض الكتب والأفلام الحديثة، التي أحيانا تُربط كليوباترا بتابوت العهد لأغراض درامية صهيونية.
حتى الآن، لا توجد أدلة تاريخية أو أثرية موثقة تربط كليوباترا السابعة مباشرة بتابوت العهد. العِلاقة بينهما تبقى في نطاق النظريات والأساطير أو التفسيرات الرمزية، وليست جزءًا من التاريخ المؤكد.
و لكن المثبت تاريخيا الوصول والتوطين، بدأت الجاليات اليهودية بالتواجد في مصر منذ العصر الفارسي (حوالي 50 قبل الميلاد) واستمر وجودها في عهد البطالمة (بعد الإسكندر الأكبر 332 ق.م).
كانت حينها الإسكندرية كانت مركزًا رئيسيًا لهم، حيث أنشأ البطالمة المدينة كملتقى ثقافي وتجاري كبير، وكان لليهود مكانة كبيرة بالمدينة، في البداية، تمتع اليهود بحرية دينية ومجتمعية، وكان لهم حاكم ذاتي يعرف بـ"البرثينوبوليس".
مع مرور الوقت، ازدادت التوترات بين اليهود واليونانيين (السكان الرئيسين في الإسكندرية)، بسبب صراعات ثقافية واقتصادية. خاصة بعد انتحار انطونيوس و كليوباترا و دخول اوكتافيوس الإسكندرية و السيطرة على مصر عام 30 قبل الميلاد و منحهم حقوق المواطنة بتأسيس مجلس شيوخ خاص بهم لتعاونهم مع الإمبراطورية الرومانية للاستحواذ على مصر و تحويلها ولاية تابعة للرومان بعد ان كانت مملكة حتى عهد البطالمة، و رفض منح السكندريين نفس الحقوق مما أكسبهم ثقة و تفرغوا لمحاولات التخلص من السكندريين، تلك الفترة التي يروجها اليهود الآن أن تابوت العهد كان بحوزتهم، وأنه دفن أسفل المسرح الروماني بالإسكندرية، في عهد كليوباترا السابعة.
وذلك منافي تماما للحقيقة المثبتة تاريخيا حيث اندلعت في عام 38 ق.م، أعمال عنف بين اليهود والسكان اليونانيين في الإسكندرية، وتعرض السكندريين خلالها للاضطهاد.
كليوباترا تدخلت لمحاولة السيطرة على الوضع، نظرا للظروف الحرجة التي كانت تمر بها المملكة البطلمية الهلينيستية في ذلك الحين من اضطرابات سياسيًة، و تهديدات من روما و حروب أهلية يقف خلفها اليهود. لصالح الإمبراطورية الرومانية لإضعاف الجبهة الداخلية، كما هو الحال في بعض الدول المجاورة الآن.
و لم يكن هناك تحالف رسمي بين كليوباترا واليهود و أدنى عِلاقة لها بإخفاء تابوت العهد لكنها حاولت إدارة الاضطرابات بذكاء، مما ينسف ذلك الادعاء الذي نشر بصحيفة هأارتس في عددها الصادر يوم 12 أغسطس عام 2001 في ذكرى انتحار كليوباترا.
بعض اليهود شاركوا في السياسة المحلية واحتلوا مناصب هامة بالمجتمع السكندري، و دعم بعض اليهود لكليوباترا كان محدودًا وموجهًا أكثر للحفاظ على مصالحهم المحلية.
وبعد هزيمة كليوباترا وأنطونيوس في 30 ق.م، وضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية، تغير وضع اليهود بشكل تدريجي مع حدوث تغييرات في الحقوق و الامتيازات.
و يظل حقيقة وجود تابوت العهد من عدمه محل فرضيات و نظريات لم يثبت صحتها حتى كتابة هذه السطور.