الأقاليم في العراق.. جدل قديم بوجوه جديدة
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
17 مارس، 2025
بغداد/المسلة: عادت فكرة الأقاليم إلى الواجهة في العراق وسط اضطراب في المواقف السياسية، حيث انقلبت المواقف رأساً على عقب، فمن كان ضد الأقاليم أصبح الآن أحد المدافعين عنها، والعكس صحيح أيضاً.
ولمح رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى أهمية الأقاليم، مشيراً إلى أن الثروة النفطية تتركز في المحافظات الجنوبية، في إشارة إلى عدم استفادة تلك المناطق من عائداتها بالشكل المطلوب.
وأصبح النقاش حول الأقاليم محكوماً بمعادلة جديدة، حيث يرى البعض أن إثارة هذا الملف تأتي ضمن سياقات انتخابية لكسب التأييد الشعبي في المحافظات الجنوبية، فيما يحذر آخرون من أن الأمر قد يكون استباقاً لخطر وجودي تواجهه المكونات السياسية الشيعية، خاصة في ظل تصاعد التحديات الإقليمية والتغيرات الداخلية في توزيع النفوذ داخل العراق.
وأبرز ما أثار الجدل هو موقف القوى الشيعية المسلحة، حيث صرح النائب حسين مؤنس، العضو في كتائب حزب الله، بأن الوضع الحالي يفرض على الشيعة أحد خيارين: إما القبول بالفيدرالية والاستقلال عن المركز مع تسع محافظات، أو التمسك بالحاكمية (رئاسة الحكومة). هذه التصريحات أثارت ردود فعل متباينة بين رافض للفكرة باعتبارها خطوة نحو تقسيم العراق، وبين من يرى أنها الحل الأمثل لحماية حقوق الجنوب.
وتعود الدعوات إلى تأسيس إقليم شيعي إلى إحساس المحافظات الجنوبية بالتهميش، حيث تنتج هذه المناطق أغلب ثروة العراق النفطية، لكنها لا تحصل على حصة موازية من الموازنة. هذا التفاوت دفع إلى إعادة إحياء نقاشات قديمة حول جدوى استمرار النظام المركزي في ظل عدم تحقق العدالة التنموية بين الأقاليم.
وجدل الأقاليم في العراق ليس جديداً، فقد سبق أن طالبت شخصيات وأحزاب سياسية سنية بإقامة إقليم خاص بها، لكنها اتُهمت حينها بالخيانة والسعي إلى تقسيم البلاد. اليوم، نجد أن من كانوا يرفضون هذه الطروحات هم أنفسهم من يرفعون راية الفيدرالية، وهو ما دفع مراقبين إلى اعتبار أن الخطاب السياسي بشأن الأقاليم يخضع لمصالح مرحلية وليس لمواقف مبدئية.
والسؤال الذي يطرحه الشارع العراقي الآن: هل تمثل هذه التحركات مقدمة فعلية لتغيير شكل الدولة العراقية، أم أنها مجرد مناورة سياسية تسبق الانتخابات المقبلة؟ في كلتا الحالتين، يبقى ملف الأقاليم أحد أكثر القضايا حساسية في المشهد السياسي العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
كارينثيا.. جوهرة النمسا الجنوبية وأرض البحيرات والجبال
كلاغنفورت- هنا عند الجنوب النمساوي الهادئ وفي مثلث حدودي مع إيطاليا وسلوفينيا يمكن للسواح من عشاق الطبيعة العذراء والخضرة الدائمة والهواء النقي الصافي أن يجدوا ضالتهم، ويقضوا عطلة هادئة بين قمم الجبال والمروج الخضراء على امتداد البصر والبحيرات الجبلية ذات المياه الفيروزية التي تغذيها ينابيع المياه الصافية.
هنا ولاية كارينثيا أو كارنتن كما ينطقها الألمان التي من أجمل المناطق في جنوب النمسا، حيث تمتاز بالبحيرات والجبال والطبيعة الخلابة ذات الخضرة الدائمة، ويمكن لزوارها الاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة صيفا وبالبساط الثلجي الأبيض شتاء.
ورغم أن كارينثيا لا تطل على أي بحر لكن الله حباها بالبحيرات الكثيرة الصافية التي تعوض السكان والزائرين عن الشواطئ المزدحمة حيث يمكنهم الاستمتاع بالسباحة في مياهها العذبة المنعشة، والعشاء في المطاعم الكثيرة المنتشرة على الضفاف.
فبحيرات الاستحمام الدافئة والنظيفة، وقمم الجبال الشاهقة التي تتجاوز أحيانا 3 آلاف متر، تنتظر الزوار في هذه المنطقة التي تتسم بالتنوع الثقافي الذي يجمع بين جبال الألب والبحر الأدرياتيكي حيث يرحب السكان المحليون بزوارهم.
ويجعل التداخل بين الجبال والبحيرات من كارينثيا مكانا مثاليا للنشاطات الرياضية مثل المشي وركوب الدراجات والتسلق، لذلك تنتشر المسارات المُعلمة للمشي الجبلي في مختلف الارتفاعات حسب رغبة الزائر وقدرته.
ومن المسارات الشهيرة مسار "ألب-أدريا" الذي ينطلق من أعلى قمة جبلية في سلسلة الألب النمساوي وهي قمة "غروسغلوكنر" التي يبلغ ارتفاعها 3.798 مترا، وهو مسار مشي طويل يضم 43 مرحلة، ويغطي أكثر من 750 كيلومترا، مرورا بكاريثنيا وسلوفينيا وصولا إلى البحر الأدرياتيكي في إيطاليا.
ولمن يفضلون المشي الهادئ تقدم كارينثيا كذلك مسارات "سلو تريلز" القصيرة على ضفاف البحيرات، حيث يمكن للزائر أن يمشي مستمعا لخرير المياه ومستمتعا برائحة الزهور وممتعا بصره بجمال المناظر الطبيعية الممتدة على مد البصر ولا تنتهي إلا عند الشفق حيث تعانق مياه البحيرة الهادئة زرقة السماء البعيدة الصافية.
إعلانولا تتجاوز هذه المسارات عادة 10 كيلومترات، وتتميز بارتفاع لا يزيد على 300 متر، ولا تستغرق أكثر من 3 ساعات مشيا، مع إمكانية السباحة في البحيرات أو السير حفاة فوق الطحالب.
ولمحبي الدراجات يمكن استكشاف كارينثيا بالدراجة عبر مسارات مميزة مثل مسار "درافا" الممتد على 222 كيلومترا على ضفاف نهر درافا، ويُمكن قطع مراحل منه بالقوارب أو القطارات أو حافلة خاصة، مع إمكانية نقل الأمتعة عند الطلب.
أما مسار "حلقة البحيرات الكارينثية" الجديد فيغطي 420 كيلومترا على شكل حلقتين، ويمر عبر أشهر بحيرات المنطقة مثل ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، وورثرسي، وكلوبينرسي (أدفأ بحيرة استحمام في أوروبا بدرجة حرارة تصل لـ28 مئوية)، وهذا المسار يناسب العائلات ومحبي التنقل السهل والسباحة.
وبالإضافة إلى المسالك الجبلية والمروج الخضراء تتميز كارينثيا بالبحيرات النظيفة والدافئة، مثل بحيرة وورثرسي، ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، كلوبينر، وفايسنسي، وكلها بحيرات تُعد مكانا مناسبا للسباحة والإبحار ورياضة التجديف والغوص والتزلج على الماء أو رحلات القوارب، كما توفر المناطق المحيطة بها جولات مشي بانورامية، ورحلات مختلطة بين القوارب والمشي، وجولات دراجات، وغيرها.
وبالإضافة إلى الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والرحلات البحرية على متن القوارب في مياه البحيرات الممتدة والمشي في مرتفعات الألب يمكن للزائر أن يستمتع بالأكلات الكارينثية الشهيرة في المطاعم الممتدة على مدى ضفاف البحيرات وفي شوارع مدن الولاية وبلداتها.
وتعتمد المأكولات الكارينثية على مكونات نقية تأتي من مزارع الولاية وتقاليدها الغذائية التي استفادت من موقعها الجغرافي الذي يجمع بين المطبخ الكارينثي الأصيل وتأثيرات المطبخين الإيطالي والسلوفيني، لذلك تعد كارينثيا أول "وجهة سفر للغذاء البطيء" في العالم، حيث يمكن للزوار المشاركة في صنع الأطعمة المحلية وتعلم أسرارها.
في ختام الرحلة عبر ولاية كارينثيا النمساوية، يغادرها الزائر وفي نفسه الكثير من الشوق للعودة إليها بعد أن سحرته جبالها العالية ومياه بحيراتها الزرقاء الصافية، وزيارة كارينثيا في الواقع ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة فريدة يكتشف خلالها الزائر جمال النمسا الخفي حيث يلتقي جمال الطبيعة الساحرة بعبق التاريخ الوغل في القدم.