توّعدت باستخدام «القوة المميتة الساحقة».. أمريكا تكشف شروط وقف قصف اليمن
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” أن “واشنطن مستعدة لإنهاء عمليتها ضد “الحوثيين”، إذا توقفوا عن شن هجماتهم، وأنها ستستخدم القوة المميتة الساحقة في اليمن حتى ذلك الحين”.
وقال مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون العلاقات العامة، شون بارنيل، خلال أول إحاطة صحفية له في هذا المنصب: “سنواصل استخدام قوة قاتلة ساحقة حتى نحقق أهدافنا”.
وقال بارنيل: “بإمكان “الحوثيين” تحديد موعد انتهاء هذه العملية، لكن حتى ذلك الحين ستظل الحملة بلا هوادة”.
وأضاف “أن الموجة الأولى من الضربات، استهدفت أكثر من 30 موقعا في عدة مناطق باليمن، وأن العمليات العسكرية في البحر الأحمر لا تزال مستمرة”، مؤكدا أن “الغارات الجوية على الحوثيين أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 53 شخصا”.
وشدد بارنيل على أن هذه الهجمات “لا تتعلق بتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط، بل بحماية المصالح الأمريكية”.
بدوره، قال رئيس مديرية العمليات في هيئة الأركان المشتركة، الفريق أول أليكس غرينكيفيتش، خلال الإحاطة الصحفية: “إن الولايات المتحدة دمرت أكثر من 30 هدفا في مناطق مختلفة من اليمن منذ بدء العملية”، لكنه لم يحدد طبيعة هذه الأهداف أو مواقعها. كما زعم أن العمليات الأمريكية “لم تسفر عن وقوع أي خسائر أو إصابات بين المدنيين”.
إلى ذلك، أكد “الحوثيون”، “جهوزيتهم لتطوير المواجهة بما يتناسب مع حجم التحدي ومع أي موقف طارئ، مؤكدين أن الرد على الغارات الأمريكية على مناطق سيطرة الجماعة سيكون “احترافيا وموجعا”.
وكان هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين “بأن أي هجوم أو رد لاحق من جانبهم سيقابل بقوة كبيرة، وأكد ترامب أن “أي طلقة من جانب الحوثيين سينظر إليها من الآن فصاعدا على أنها تطلق من أسلحة إيران وبقيادتها، وستتم محاسبة إيران وهي ستواجه العواقب وستكون تلك العواقب وخيمة!”.
وقال في منشور على موقع “تروث سوشيال” للتواصل الاجتماعي: إن “مئات الهجمات التي ينفذها الحوثيون، عناصر العصابات الأشرار والمجرمون الذين يتخذون من اليمن مقرا لهم، والذين يكرههم الشعب اليمني، ينحدرون من إيران وصنعتهم إيران”.
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن بلاده سترد “بحزم وصرامة” على أي تحركات تنتهك سيادتها وأمنها ومصالحها.
فيما وصف المرشد الإيراني علي خامنئي الشعب اليمني بأنه “منتصر حتما” وأن الطريق الوحيد أمامه “المقاومة”.
وبدأت الولايات المتحدة، يوم السبت 15 مارس، “عملية عسكرية ضد الحوثيين في اليمن بأمر من ترامب، وبدأ الطيران الأمريكي بتوجيه ضربات إلى مواقع على الأراضي اليمنية”.
وجاءت العملية الأمريكية على خلفية “إعلان “الحوثيين” استعدادهم لاستئناف العمليات العسكرية ضد السفن الاسرائيلية في البحر الأحمر اعتبارا من الثلاثاء، بعد أن علقوا عملياتهم في استهداف السفن في أعقاب الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”، الذي تم التوصل إليه في 19 يناير الماضي”.
إلى ذلك، أكد وزير دفاع حكومة “الحوثيين”، اللواء الركن محمد العاطفي، “أن القوات المسلحة اليمنية جاهزة لتطوير المواجهة بما يتناسب مع حجم التحدي ومع أي موقف طارئ”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: البحر الأحمر اليمن اليمن وأمريكا جماعة أنصار الله الحوثيين غارات أمريكية عنيفة
إقرأ أيضاً:
أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
محمد بن علي البادي
منذ تأسيسها، سعت الرئاسة الأمريكية إلى ترسيخ صورة الدولة القائدة للعالم "الحر"، المتحدثة باسم الديمقراطية، والحارسة لمصالحها عبر تحالفات محسوبة وخطابات مدروسة.
لكن هذه الصورة لطالما بدت مزدوجة، تمارس الضغط وفرض الهيمنة بقدر ما تروّج للقيم. ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بلغ هذا التناقض ذروته، حين تحوّل التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط إلى صفقات مكشوفة، وتراجع دور المؤسسات لصالح نزوات الرئيس ومصالحه الضيقة.
فقد دعم أنظمة قمعية باسم "الاستقرار"، وتخلى عن قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية، وروّج لما سُمي بـ"صفقة القرن" دون اعتبار لحقوق الشعوب.
وبدا الشرق الأوسط في نظره ليس أكثر من سوق صفقات، يتعامل معه بمنطق التاجر لا رجل الدولة.
سياسة بلا بوصلة
منذ اللحظة الأولى لتسلّمه الحكم، ظهرت ملامح الارتباك في تعاطي ترامب مع القضايا الدولية.. فقد بدا أقرب إلى رجل أعمال يراوغ ويتفاوَض ويهدد، منه إلى رئيسٍ يدير ملفات عالمية بحسٍّ مسؤول.. وتصريحاته المتقلّبة، قراراته المفاجئة، وانفعالاته المتكررة، كلها جعلت الثقة في منصب الرئاس ة تتآكل، داخليًا وخارجيًا.
كثير من تصريحاته كانت متناقضة أو تفتقر للدقة، ما أضعف مصداقيته وأربك شركاءه.. تعامل بفوقية مع الحلفاء، وبمزاجية مع الخصوم، وانسحب من اتفاقيات دولية كبرى دون تبرير واضح.. كل ذلك ساهم في تقويض صورة أمريكا بوصفها دولة مؤسسات، وأظهرها كدولة تُدار بتغريدة.
ازدواجية فاضحة
من أبرز مظاهر تخبطه، تردده في ملف إيران؛ يتفاوض عبر قنوات سرية، ثم يأمر بضرب منشآت نووية فجأة.. يتحدث عن السلام، ثم يشعل التوترات.
أما في ملف حقوق الإنسان، فقد سقطت كل الأقنعة، حين دعم بشكل سافر الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، متجاهلًا دماء المدنيين وآهات الأطفال.
ينادي بالقيم في العلن، ويدعم من ينتهكها في الخفاء.
اليد الأمريكية في تجويع غزة وتدمير قوى المقاومة
وقف ترامب بقوة إلى جانب إسرائيل في سياستها العدوانية ضد أهالي غزة، متجاهلًا معاناة المدنيين المحاصرين الذين يعانون من الحصار والتجويع المستمر.
لم يقتصر دعمه على الكلمات، بل شمل تقديم دعم سياسي وعسكري لتمكين إسرائيل من تنفيذ حملات التدمير ضد قوى المقاومة، بدءًا من غزة مرورًا بجنوب لبنان وسوريا، وصولًا إلى اليمن وإيران.
هذا الدعم ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية، وتدمير البنى التحتية، وإضعاف قدرات المقاومة، ما عزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأغرق الشعوب في معاناة مستمرة بلا أفق للحل.
رئيس بلا هيبة
تجلّى الارتباك حتى في حضوره الدولي؛ قادة يتجاهلونه، وآخرون يُظهرون عدم احترامه علنًا... كُشف عن صفقات سرّية معه، وأحرج في مؤتمرات صحفية أكثر من مرة. لقد تراجعت هيبة الرئاسة الأمريكية في عهده، وتحوّل الحضور السياسي إلى عرض مرتجل، خالٍ من الحكمة والاتزان.
انهيار الثقة
كيف يمكن لحلفاء أن يثقوا برئيس ينقض الاتفاقيات، ويبدّل المواقف، ويُعلن السياسات في تغريدة ويلغيها في أخرى؟ كيف تُبنى التحالفات مع قيادة لا تفرّق بين الدولة والمصلحة الشخصية، ولا تثبت على موقف أو شراكة؟
لقد زرع ترامب الشك حتى في أروقة الحلفاء، وأدار أمريكا كما تُدار شركة خاصة، حيث مصير الشعوب مرهون بمزاج المدير.
خاتمة
ترك عهد ترامب ندوبًا عميقة في صورة أمريكا، التي كانت رمزًا للثبات والقوة. تحولت الرئاسة إلى حكم متقلب قائم على الأهواء الشخصية، بعيدًا عن الحكمة والاستراتيجية.
أمريكا صارت دولة ضائعة بين تغريدات متناقضة ودعم متحيز على حساب العدالة وحقوق الإنسان.
السؤال: هل يمكن استعادة الثقة والسياسة الرشيدة التي تحترم الشعوب وتحافظ على السلام، أم أن أوراق أمريكا ستظل تتساقط في خريفٍ لا ينتهي؟
فالاستقرار العالمي لا يبنى على مزاج قائد، بل على مسؤولية وطنية وعالمية حقيقية.