من روائع شهر رمضان بمصر «الأغاني التراثية المحببة إلي المصريين»
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
ارتبط قدوم شهر رمضان عند المصريين بسماعهم للكثير من الأغاني الإذاعية الشهيرة التي تم تسجيلها لتلك المناسبة منذ خمسينيات القرن الماضي لأشهر فناني ومطربي زمن الفن الجميل والغناء المصري الأصيل حتى أصبحت تلك الأغاني تُردَّد ويسمعها الكبار والصغار عبر سنوات مختلفة حتى حفظتها الذاكرة وكأنها من الأغاني الشعبية التراثية عند المصريين وبما لها من صفات الديمومة والاستمرارية لأنها ملك الشعب كله، ولهذا فإن شهر رمضان ارتبط بتقديم الإذاعة والتليفزيون في مصر تلك الأغاني التي تنتشر بالمحلات والمقاهي والبيوت والسيارات طوال شهر رمضان وحتى الساعة الأخيرة من الغروب وأذان المغرب والإفطار لتُدخل تلك الأغاني البهجة والفرحة والجو الرمضاني على الجميع، وكثيرا ما يعاد بثها بعد العصر وبعد صلاة العشاء بالإذاعة وبعض البرامج بالتليفزيون.
ومن تلك الأغاني الشهيرة نذكر أغنية وحوي يا وحوي للفنان الراحل احمد عبد القادر، وحوي معناها أهلا.. واياحه هو اسم تدليل لملكة مصر قديما إياح حتب، وإياح معناه قمر، وحُتُب معناه الزمان.. أي قمر الزمان.. قتل الهكسوس زوجها عندما حاول مقاومتهم ثم قُتل ابنها الأول.. إلا أن ابنها الثاني أحمس انتصر على الهكسوس وخرج الناس وهم يغنون للملكة وحوي يا وحوي اياحه.. أي: أهلا أهلا بقمر الزمان.. وربط الناس ظهور القمر بملكتهم قمر الزمان.. وتوالت الأيام ولفرحهم ببزوغ أجمل هلال لديهم وهو هلال شهر رمضان المبارك.. غنوا لهذا الشهر الفضيل بهذه الأغنية الحلوة وحوي يا وحوي اياحه.
ومع ذلك بقي لحن وحوي يا وحوي الرمضاني مجهولا ومثيرا للتكهنات والتحليلات، ولكننا ومن زاوية لغوية أخرى نرى أن تلك العبارات تدخل في صلب الفولكلور المصري، واختلف الباحثون في تفسير معانيها، فعالم اللغة أحمد أمين في كتابه (قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية) قال: إن وحوي يا وحوي، كانت أغنية منتشرة بين الصبيان، يجتمع الأطفال بعد الفطور وبأيديهم فوانيس صغيرة مضاءة بالشمع، زجاجها ملون بألوان مختلفة، من أحمر وأخضر وأزرق وأصفر، وينشد منشدهم: وحوي يا وحوي! فيجيب الآخرون إياحه، ثم يستمر المنشد: «بنت السلطان/ لابسة قفطان/ بالأحمر/ بالأخضر/ بالأصفر»، وينشد الأطفال وراءه كلهم كلمة «إياحه»، ويؤكد «أمين» في كتابه أنه لا يدرى معناها، متسائلا: هل هي كلمة مصرية قديمة أو هل مشتقة من حوي يحوي؟ أي عمل كما يعمل الحواة، بدليل قولهم: لولا فلان ما جينا، ولا تعبنا رجلينا، ولا حوينا ولا جينا، وقد كان المصريون يرددون هذه العبارة عند ميلاد الهلال كل شهر، وبعد انتشار اللغة العربية في مصر، تحورت هذه العبارة وأصبحت «وحوى يا وحوى إياحه»، وارتبطت بقدوم شهر رمضان والفانوس الصفيح. ويقال أيضا إن عبارة وحوى يا وحوى إياحه أصلها يرجع إلى اللغة القبطية، وتعنى كلمة وحوى بها معنى اقتربوا، وتعنى كلمة إياحه الهلال، أي أن معنى العبارة هو: اقتربوا لرؤية الهلال.
ومن الأغاني الشهيرة أيضا أغنية محمد عبد المطلب الخالدة رمضان جانا، وأغنية الفنان الكبير عبد العزيز محمود مرحب شهر الصوم، والأوبريت الشهير لمجموعة من أشهر المغنين المصريين "قرَّبت الشمس تودعنا"، والدويتو الشهير للفنان فؤاد المهندس وصباح ومع الفنانة شويكار "أنا صايم"، وأغنية محمد قنديل "والله بعودة يا رمضان"، وأغنية محمد فوزي "هاتوا الفوانيس يا ولاد"، وأغنية شريفة فاضل والله لسه بدري يا شهر الصيام، وكثير من الأغاني الفردية والجماعية لأشهر المطربين والملحنين المصريين الذين غنوا واختاروا أحلى الكلمات لشهر رمضان وقدموا لنا روائع خالدة لا يمكن أن تنساها الذاكرة ولا تمحوها كل الأغاني الحديثة التي خرجت بمناسبة هذا الشهر.
ويتربع على تلك الأغاني الرمضانية أغانٍ جميلة قدمتها فرقة الثلاثي المرح في خمسينيات القرن الماضي من خلال فرقة غنائية شهيرة سُميت بالثلاثي المرح عندما خرجت إلى النور وتميزت بهذا اللون الأدائي وقدمت أعمالاً غنائية اجتماعية خفيفة نالت إعجاب المصريين وشاركتهم بالغناء للتعبير عن كل احتفالاتهم ومناسباتهم الدينية والوطنية والاجتماعية وبخاصة في المناسبات الوطنية وفي الأفراح وأعياد الميلاد والمناسبات الدينية كالأعياد وشهر رمضان، وقد غنين لكبار الشعراء وشاركن في تلحين بعض المقطوعات الموسيقية والأفلام وفرقة رضا الاستعراضية، وقد بدأن الغناء حسب موسوعة الويكيبديا بالإذاعة من خلال برنامج الهواة حتى أصبح لهن بالإذاعة مكان، وكوَّن فرقة مشتركة من: سناء الباروني، صفاء يوسف لطفي، وفاء محمد مصطفى، وكُن يدرسن معا بمعهد الموسيقى العربية.
وقد ساندهن في مشوار نجاحهن الملحن الراحل علي إسماعيل وأطلق عليهن اسم الثلاثي المرح، ومن أغانيهن التي ارتبطت بشهر رمضان وظلت تُردد إلى الآن ويحبها الصغار قبل الكبار أغنية وحوي يا وحوي، ثم أغنية سبحة رمضان وهي أغنية دينية جميلة مأخوذة من فكرة السبحة وعدد حباتها الثلاثة والثلاثين منهم ثلاثين أيام رمضان ثم أيام العيد الثلاث ثم ترديد الله الله الله لنقل مشاعر القداسة والصوفية القائمة على الألحان الدينية الشعبية المحببة للناس في الموالد الدينية. وأغنية افرحوا يا بنات يلا وهيصوا وأجمل ما فيها كورال الأطفال الذين شاركوا وتم توظيفهم بشكل جميل في أداء الأغنية فنقلوا للمستمع فرحة الأطفال وسعادتهم بالأجواء الرمضانية. ثم الأغنية الأشهر "أهو جه ياولاد" التي اعتمدن فيها على كورال الأطفال والرجال. ثم أغنية هل هلال الصوم التي أدينها بلهجات عربية بسبب إقامة الكثير من الحفلات في البلاد العربية كالعراق وليبيا وغيرها.
وبذلك فلم تنحصر مظاهر رمضان الاحتفالية بمصر في الفوانيس والزينة وصوت المدفع وإيقاعات طبلة المسحراتي ليلا، بل تخطته إلى مظاهر مصاحبة أخرى لوجود بعض الأغاني الشهيرة التي شاركت تلك المظاهر جنبا إلى جنب احتفالا بتلك المناسبة التي تعطي عند سماعها للجمهور طوال الوقت في شهر رمضان نكهة خاصة وشعورًا روحانيًاّ جميلاً محببًا للنفوس بشهر رمضان، ومازال صداها يُردَّد إلى الآن.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المصريين شهر رمضان الأغاني التراثية وحوی یا وحوی تلک الأغانی من الأغانی شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
اليوم.. انطلاق «مهرجان الوادي الجديد الدولي» للرياضات التراثية والصحراوية والفنون
تنطلق أولى منافسات «مهرجان الوادي الجديد الدولي» للرياضات التراثية والصحراوية والفنون، اليوم الجمعة، والذي يحتضنه نادي الهجن والفروسية والرماية بالوادي الجديد والقرية التراثية بمدينة الخارجة بالوادي الجديد.
ويقام المهرجان تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي «وزير الشباب والرياضة»، اللواء الدكتور محمد الزملوط «محافظ الوادي الجديد»، وبإشراف الاتحاد المصري للرياضات الصحراوية.
ويهدف إلى تقديم تجربة مبهرة تعكس الأصالة المصرية وتُبرز هوية الوادي الجديد كعاصمة للتراث البدوي والفنون الصحراوية.
وحول الألعاب والمنافسات على جدول المهرجان فإنها تشمل:
أولًا: مسابقات الإبل الأصيلة
سباقات الماراثون الدولية للإبل بمشاركة قبائل عربية من مختلف الدول.
أشواط خاصة للإناث بتقسيمات عمرية دقيقة.
سباقات الإبل المُزيّنة بالخُرج والمزينة التراثية.
منافسات تنازع الإبل بين القبائل العربية.
مسابقة مزاين الإبل (ملكة جمال الإبل) وفق معايير دولية.
ثانيًا: مسابقات الخيول العربية الأصيلة
سباقات مرماح الخيول بمشاركة واسعة من القبائل العربية (اسوان - الاقصر -قنا - الشرقية ).
استعراض خيول مطروح والملهاد
مسابقات صابية الخيل الاستعراضية الشرقية.
مسابقة جمال الخيل العربية الأصيلة الشرقية.
سباقات القدرة والتحمّل لمسافات صحراوية طويلة.
ثالثًا: الألعاب والرياضات الشعبية
تشمل مجموعة من أعرق الألعاب التراثية:
التحطيب - الحكشة - الحنجيلة - المبارزة - السيجة - الطاب - طلوع النخل - الظهور على الإبل - كرة السلة الشعبية.
رابعًا: رياضات الصيد
الصيد بالصقور
الصيد بالسلوقي (الصيد التقليدي)
خامسًا: الملتقى الثقافي والفني للشباب
مؤتمر ثقافي شبابي بمشاركة 150 شابًا في التمثيل التراثي والزي البدوي.
معرض للحرف البدوية والمشغولات اليدوية من جميع المحافظات.
ورش للفنون البدوية (الشعر - الغناء - الفلكلور).
تنفيذ فرح بدوي كامل يجسد الاحتفال الحقيقي بالتراث، مع اختيار زوجين من المتقدّمين لإقامة الفرح مجانًا، وتقديم رحلة Honeymoon هدية من المحافظة. وسيتم إنتاج فِيلم قصير للترويج للسياحة والهوية الصحراوية.
جوائز وتكريمات
وتشمل كل مسابقة من مسابقات الإبل، الخيول، الألعاب الشعبية، والصقور: تكريم رسمي للفائزين، مبالغ نقدية قيّمة، دروع وشهادات تقدير
مشاركة نسائية غير مسبوقة
للمرة الأولى في مصر، يشهد المهرجان مشاركة نسائية قوية ومؤثرة في مختلف الفعاليات الرياضية، وخاصة: سباقات الإبل للإناث، مسابقات الخيول، الألعاب الشعبية والفنون التراثية، الورش والحرف البدوية
وتم تأكيد مشاركة عدد كبير من السيدات والفتيات من مختلف القبائل والمحافظات، في مشهد هو الأول من نوعه ويعكس تمكين المرأة في الرياضات التراثية وإعادة صياغة صورة المشاركة النسائية داخل المجتمع الصحراوي، وهو ما يشكّل عنصرًا غير متوقع ويضيف قيمة إنسانية ورسالة حضارية للمهرجان.
وفي هذا الإطار، قالت المهندسة تغريد رفاعي، المتحدث الإعلامي الرسمي للمهرجان، أن فعاليات المهرجان تشمل مجموعة واسعة من الأنشطة والسباقات، أبرزها سباقات الهجن والإبل الدولية، الماراثون الصحراوي، عروض الفنون البدوية، مشاركة نسائية غير مسبوقة، واستعراضات المزمار والتناغم البدوي.
من جانبه أكد محمد سليم سلام، المتحدث الرسمي باسم محافظة شمال سيناء، عضو اللجنة العليا لمتحف التراث السيناوي، علي مشاركة المتحف في فاعليات المهرجان.
وأشار المتحدث الرسمي، إلي مشاركة وفد رفيع المستوى من مشايخ القبائل والعواقل والقيادات الطبيعية وقضاة عرفيين وشعراء البادية وفناني سيناء في المهرجان، تنفيذاً لتوجيهات اللواء دكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء.