وزير الأوقاف: التدبر في النعم يولّد بالقلب وعيا للسير في طريق الله
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
في حلقة جديدة من برنامجه "اللؤلؤ والمرجان"، تناول الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، معاني ودلالات الجزء الثالث والعشرين من القرآن الكريم، موضحًا ما يتضمنه من حكم ومعانٍ إلهية تفتح قلب الإنسان على شهود الألوهية وعظمة النعم الإلهية.
وأكد أن التدبر في النعم يولّد في القلب وعيًا وشهودًا يدفعان الإنسان إلى السير في طريق الله.
استهل الوزير حديثه بتفسير قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا...} (يس 33-34)، مبينًا أن الألفة والعادة قد تحجبان الإنسان عن إدراك عظمة القدرة الإلهية، مما يؤدي إلى الغفلة عن النعم. واستشهد بحديث النبي ﷺ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ"، مشددًا على أهمية إدراك النعم قبل زوالها.
كما تناول تفسير قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ...} (يس 35)، مشيرًا إلى أن "ما" قد تحمل معنيين: إما أن تشير إلى ما صنعته أيديهم، أو تكون نافية بمعنى أن الإنسان لم يخلق هذه الثمار بل هي من خلق الله وحده.
وتطرق الوزير إلى الإحسان في القرآن، متناولًا آيات من سورة الصافات التي تصف الأنبياء بالمحسنين، مثل قوله تعالى عن نوح عليه السلام: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (الصافات 80)، مؤكدًا أن الإحسان ليس مجرد إتقان العمل، بل تطويره بحب وإخلاص.
كما تحدث عن مقام سيدنا داوود عليه السلام في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ...} (ص 17)، موضحًا أن "أواب" تعني كثير الرجوع إلى الله. كما تناول ذكر الله لسيدنا سليمان عليه السلام في قوله: {هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (ص 39)، مؤكدًا أن الله منحه زلفى وحسن مآب.
واختتم الوزير الحلقة بتسليط الضوء على الآية: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (الزمر 18)، موضحًا أن جوهر التدبر يكمن في الإنصات والتذوق والاختيار الواعي، لا الانجراف وراء كل قول. ثم اختتم بالدعاء أن ينير الله بصائرنا ويهذبنا بأنوار القرآن الكريم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري المزيد قوله تعالى
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام
مكة المكرمة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا”.
وأضاف قائلًا: “لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها”.
وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: “فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل”.
ولفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا.
وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا.
وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل.
كما أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور على الحذيفي، المسلمين بتقوى الله سبحانه، مؤكدًا أنها من أعظم أسباب الفوز بثواب الله تعالى، ونيل رضوانه، والنجاة من عذابه الأليم، مستشهدًا بقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال فضيلته: “أيها الناس أتعلمون أشد الساعات كربًا، وأعظم الساعات خوفًا ورعبًا، وأكثر الساعات قلقًا وهمًا وضيقًا وغمًا، إنها الساعة التي تزيغ عندها الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر، ويتزلزل كل عضو في الإنسان من أهوال ما يرى ويشاهد من الأمور العظام، وما يلاقي من الأحوال التي تتفطر منها الأجسام، إنها الساعة التي يُنصب فيها الصراط على متن جهنم، فليس بعد الصراط إلا الفوز العظيم، وأنواع النعيم الأبدي السرمدي ورضوان الله تعالى، فيا بشرى من اجتازه ونجا وياخسارة من زلت قدمه عن الصراط فهوى في جهنم وتردى، قال تعالى:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا).
وأوضح الدكتور الحذيفي، أن الدنيا سريعة الزوال، سريعة الانقضاء، فما أسرع طَيَّها وانتهاءها، فقد خلقها الله سبحانه وتعالى لأجلٍ محدود، وجعلها دار عمل، ثم يُجازى العبد على أعماله، مبينًا أن هذه الحياة الدنيا، من أولها إلى آخرها، ليست إلا كساعةٍ مقارنةً بأبدية الآخرة، فهي زائلة فانية، كما قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).
وأشار فضيلته، إلى أن الأمم السابقة من عادٍ وثمود، وقومِ إبراهيم، وقومِ لوط، وأصحابِ مدين، والقرون الخالية وغيرهم، ممن أجروا الأنهار وغرسوا الأشجار وتمتعوا بأطيب الثمار وملكوا البحار، ونالوا كل ما أرادوا من الملذات والشهوات، قد قدموا على ربهم بأسوأ الأعمال وشر الآجال ولم ينجُ من الهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة إلا من عدل وآمن بالله ذي العزة والجلال، مبينًا أن ساعة الكرب -الذي لا يشبهه كرب- واقفةٌ أمام الناس جميعًا، لا مفرّ منها لأحد، مستشهدًا بقوله تعالى في الجسر المنصوب على متن جهنم: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا).
وأبان فضيلته، أن ساعة المرور على جسر جهنم كانت تملأ قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- خوفًا ورعبًا، وتملأ قلوب من جاء بعدهم ممن سار على نهجهم خوفًا من العذاب، ورجاءً من الله تعالى أن يمروا على هذا الصراط إلى الجنة برحمة الله تعالى، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ـ: “ما يبكيك” قلت: ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: “أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحدٌ أحدًا، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز” رواه أبو داوود.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الخطبة موصيًا المسلمين بالمسارعة إلى الخيرات، والاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومجانبة المحرمات، والحذر من الذنوب والمعاصي.