في عالمٍ يعجّ بالتحديات قد يجد بعض الأفراد أنفسهم محاصرين داخل إطارٍ ذهنيّ سوداوي يرون فيه العالم بمنظورٍ قاتم و مُظلم حيث تهيمن السلبية على أفكارهم وتصوراتهم. هذه النظرة السوداوية ليست مجرد شعور عابر بالتشاؤم بل هي نمط تفكير متجذر قد يؤثر على القرارات والعلاقات وحتى الصحة النفسية للفرد
تتجلى النظرة السوداوية في الميل إلى تضخيم المشكلات وتوقع الأسوأ دائمًا واعتبار النجاح مجرد صدفة عابرة بينما الفشل مصير حتمي هذا النمط من التفكير يضعف القدرة على اتخاذ قرارات موضوعية ويؤثر على العلاقات الاجتماعية، حيث يميل الفرد السوداوي إلى العزلة أو تبني موقف عدائي تجاه الآخرين كما أن هذا التشاؤم المستمر قد يتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها
ورغم أن النظرة السوداوية قد تبدو للبعض على أنها نوع من الواقعية الحذرة فإنها في الحقيقة تقود إلى فخ فكري يُحرم صاحبه من رؤية الاحتمالات الإيجابية فالتوازن بين النقد الواقعي والتفكير الإيجابي هو ما يسمح للشخص باتخاذ قرارات عقلانية دون الوقوع في فخ الأوهام أو التشاؤم المفرط و هنا تظهر أهمية إعادة النظر في طريقة التفكير وتبني منظور أكثر مرونة، يقوم على تحليل الوقائع دون تهويل أو تهوين.
ولتجاوز هذه النظرة القاتمة يحتاج الإنسان إلى إعادة برمجة عقله من خلال التركيز على الإيجابيات وممارسة الامتنان والابتعاد عن مصادر السلبية التي تغذي التشاؤم كما أن الانخراط في الأنشطة المحفزة والتعرض لأفكار جديدة يمكن أن يساعد في كسر دائرة التفكير السوداوي
ختامًا، النظرة السوداوية ليست قدَرًا محتوماً بل هي عادة ذهنية يمكن تغييرها من خلال الوعي والتمرن المستمر على التفكير المتوازن فالحياة ليست مثالية لكنها أيضًا ليست كارثية كما يعتقد البعض وبين هذين النقيضين يكمن مجال واسع من الاحتمالات التي يمكن استكشافها إذا تحرر الإنسان من قيود التشاؤم وسمح لنفسه برؤية الضوء وسط العتمة.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
استشارية نفسية: الغيرة ليست دافعاً مباشراً للجرائم بين النساء
قالت الدكتورة إسراء سمير، استشاري الصحة النفسية، إن الدراسات العلمية تؤكد أن الغيرة لا تمثل السبب الوحيد وراء ارتكاب المرأة الجرائم، بل إن الغيرة ليست دافعاً مباشراً للسلوكيات العنيفة.
وأوضحت خلال مشاركتها في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن النساء في أغلب الأحيان يشعرن بعدم الاكتفاء وعدم الأمان داخل العلاقة الزوجية، خاصة عندما يقارن الأزواج زوجاتهم بغيرهن، سواء كانت نساء من الشارع أو شخصيات عامة مثل الفنانات والمذيعات، مما يولد شعوراً بالنقص والاحتقار.
وأشارت الدكتورة إلى أن طبيعة المرأة ككائن رقيق وحساس تجعلها تتأثر بالكلام السلبي والمقارنات، بخلاف الرجل الذي قد يتعامل مع المقارنة بشكل مختلف أحياناً بسبب ثقته بالنفس.
وأضافت أن الغيرة المرضية التي تحتاج إلى علاج نفسي تمثل نسبة تقارب 30% فقط من حالات الغيرة، بينما هناك أنواع أخرى منها الغيرة الصامتة والخفية، والتي قد تكون أقل ضرراً لكنها تؤثر على العلاقات بشكل غير مباشر.
وعن أسباب زيادة الغيرة بين النساء، أكدت الدكتورة إسراء أن المجتمع يلعب دوراً كبيراً، خصوصاً عبر التربية التي تفتقر إلى الحنان والثقة بالنفس عند الأبناء فالأب والأم عند تربيتهم للأبناء بدون إعطاء ثقة ودعم نفسي كافٍ، ينتجون أفراداً يعانون من نقص الحنان والثقة، مما ينعكس على تصرفاتهم في علاقاتهم الاجتماعية.