الخرطوم - اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" التي توثق الانتهاكات في الحرب السودانية، الثلاثاء25مارس2025، الجيش بتنفيذ قصف دام على شمال إقليم دارفور، في ضربة يمكن أن تكون من الاكثر حصدا للضحايا منذ بدء النزاع قبل سنتين.

وقالت مجموعة المحامين المتطوعين المؤيدة للديموقراطية في بيان أن القصف "طال منطقة مكتظة بالمدنيين"، مشيرا الى استهدافه سوقا في مدينة طرّة في شمال إقليم دارفور في غرب السودان، "وأدّى إلى مقتل المئات من المدنيين وإصابة العشرات بجروح خطيرة"،

ووصف البيان القصف بأنه عشوائي و"يشكّل انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني ويعدّ جريمة حرب ممنهجة".

وقال متحدث باسم "محامو الطوارىء" لوكالة فرانس برس إن المجموعة لم تتمكن بعد من تأكيد عدد محدّد للقتلى "بسبب العدد الكبير من الجثث المتفحمة التي يجري حصرها".

ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقّق من عدد القتلى بشكل مستقل بسبب انقطاع الاتصالات في دارفور.

ولم يردّ الجيش السوداني على طلب فرانس برس التعليق.

وتظهر صور تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي آثار دمار ناتج عن القصف، وفق ناشريها، مع جثث متفحمة وأرض محروقة، بينما يتصاعد الدخان من أكوام الحطام.

ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من الصور التي قيل إنها التقطت في سوق الإثنين في مدينة طرّة مقصود بكثافة من السكان.

وقالت قوات الدعم السريع التي تخوض نزاعا مدمّرا مع الجيش منذ نيسان/أبريل 2023، والتي تسيطر على المنطقة المستهدفة، في بيان الاثنين، إن الجيش "ارتكب مذبحة" أدت إلى "مقتل وجرح المئات".

وخلال عامين من الحرب، قتل عشرات الآلاف ونزح أكثر من 12 مليون شخص بسبب الحرب في السودان، ما تسبّب في أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وبسبب الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية السودانية، هناك صعوبة كبيرة في تأكيد أرقام القتلى والجرحى.

في أيار/مايو الماضي، قال المبعوث الأميركي السابق للسودان توم بيريلو، إن عدد القتلى قد يكون وصل إلى 150 ألفا.

وفي كانون الأول/ديسمبر، قال محامو الطوارئ إن قصفا للجيش على سوق في شمال دارفور قتل أكثر من مئة شخص، وأكدت الأمم المتحدة "مقتل 80 على الأقل".

أما في وسط السودان، فأوقع هجوم لقوات الدعم السريع استمر ثلاثة أيام على قرى مدنية، مئات القتلى. وقال الجيش السوداني إن عدد القتلى وصل إلى 433، بينما أكد بيان لمحامي الطوارئ وقوع أكثر من مئتي قتيل.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة من مخيمات اللجوء في دارفور، بينما تتوقع الأمم المتحدة امتدادها إلى خمس مناطق أخرى.

- معركة دارفور -

ويشهد إقليم دارفور -الذي يوازي مساحة فرنسا- منذ بداية الحرب، انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. واستخدمت في النزاع البراميل المتفجرة التي تلقى من الجو على أحياء سكنية، بينما تشهد مخيمات لاجئين تعاني من المجاعة هجمات وتطهيرا عرقيا، وفق تقارير لمدافعين عن حقوق الإنسان،

ويحتفظ الجيش السوداني بالتفوّق الجوي في سماء دارفور لامتلاكه طائرات حربية، بينما تستخدم قوات الدعم السريع المُسيرات.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم المدن الرئيسية في إقليم دارفور ذي المساحة الشاسعة، باستثناء مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور الشمالي، التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني.

وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ عشرة أشهر وتقوم بهجمات متكررة على مخيمات النزوح المجاورة لها.

ويتوقع محللون تحدثوا لفرانس برس أن تكثف قوات الدعم السريع محاولات السيطرة على كامل إقليم دارفور بعد هزيمته في العاصمة الخرطوم.

وأعلن الجيش السوداني الجمعة سيطرته على القصر الجمهوري بوسط العاصمة، بعد أن كان تحت سيطرة الدعم السريع منذ بداية الحرب.

واستعاد الجيش السوداني كذلك منشآت حيوية أخرى منها المصرف المركزي ومبنى المخابرات الوطنية والمتحف القومي.

ومنذ بداية الحرب، يُتهم الطرفان باستهداف المدنيين من خلال قصف عشوائي على الأحياء المدنية.

وتُتهم قوات الدعم السريع تحديدا بالتطهير العرقي  والعنف الجنسي الممنهج والنهب.

 

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد

الفاشر (السودان) "د.ب.أ": جاء المهاجمون من كل اتجاه، مثبتين الرشاشات فوق شاحناتهم الصغيرة، لاستهداف مخيم "سامسام" للاجئين في ولاية شمال دارفور بالسودان.

وسادت حالة من الذعر بين اللاجئين في المخيم الذي كان يؤوي ما يتراوح بين 500 ألف ومليون نازح داخلي، بحسب تقديرات مختلفة. وينتمي المهاجمون إلى ميليشيا قوات الدعم السريع، وهي نفس الجماعة التي فر منها اللاجئون.

وشهد لاجئون كثيرون أحداثا مروعة، ومن بينهم محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل.

وقال محمد عبر الهاتف من الفاشر، عاصمة شمال دارفور: "لقد تم حرق كبار السن الذين لم يتمكنوا من الفرار سريعا، وهم أحياء في أكواخهم. كما تم سحب الأطفال من الأماكن التي يختبئون بها وقتلهم".

وأوضح أن قوات الدعم السريع أساءت معاملة ضحاياها ووجهت إليهم إساءات عرقية. وتم إعدام عمال الإغاثة على الفور.

ولا يمكن التحقق من تصريحات محمد بشكل مستقل، إلا أن المراقبين ومنظمات الإغاثة المتواجدين على الأرض، يؤكدون مقتل موظفين من منظمة الإغاثة الدولية في أعمال عنف.

وبحسب إحصاءات لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، قتل ما لا يقل عن 23 طفلا. كما تشير التقارير إلى أن عدد القتلى بلغ 129 على الأقل، وربما عدة مئات.

العنف في دارفور له جذور عميقة

وتندلع في السودان حرب أهلية منذ أكثر من عامين، بين ميليشيا قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وقوات الحكومة بقيادة عبد الفتاح البرهان، بعد أن فشلت الجهود الدبلوماسية المتعددة للتوسط بين الطرفين من أجل وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام.

ومع ذلك، تعود جذور العنف في دارفور إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي الصراعات بين البدو العرب والمزارعين الأفارقة، على موارد مثل المياه والأراضي.

وكانت ميليشيات عربية تمتطي الخيول، انضم بعضها في وقت لاحق إلى قوات الدعم السريع، هاجمت قبل عشرين عاما قرى تابعة لجماعات عرقية أفريقية مثل "المساليت" و"الزغاوة" و"الفور".

وتم تدمير آلاف القرى، كما أفادت تقارير واسعة النطاق بحدوث وقائع عنف جنسي ومجازر.

وفي عام 2004، وصف وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كولن باول، الأحداث في دارفور بـ "الإبادة الجماعية". وفي عام 2010، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وعلى عكس ما يحدث اليوم، حظيت دارفور آنذاك باهتمام دولي، حيث أطلق نجوم بارزون في هوليوود من أمثال جورج كلوني وأنجلينا جولي وميا فارو، نداءات علنية "لإنقاذ دارفور".

هل يعيد التاريخ نفسه؟

وفي الوقت الحالي، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. ففي صيف عام 2023، أفادت تقارير بوقوع مجازر استهدفت جماعة "المساليت" العرقية في غرب دارفور. ومنذ ذلك الحين، تتهم الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، قوات الدعم السريع مرارا بارتكاب جرائم تعذيب واغتصاب جماعي وغيرها.

ومنذ الهجوم على مخيم "سامسام" في منتصف أبريل الماضي، ترد تقارير يومية بشأن سقوط عشرات القتلى بسبب القصف الذي تشهده الفاشر والقرى المحيطة بها.

ويشار إلى أن الفاشر - وهي آخر مدينة رئيسية لا تزال تحت سيطرة الحكومة، والتي حاصرتها قوات الدعم السريع لمدة عام - لها أهمية استراتيجية كبيرة.

وفي حال سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، فإنها سوف تسيطر على دارفور بأكملها، وستتمكن من تنفيذ خططها لإنشاء حكومة موازية هناك.

منظمة العفو تطالب باتخاذ إجراءات

وبينما يفر الكثيرون، يواجه من لا يزالون يعيشون في السودان "عمليات قتل وحالات إعدام بإجراءات موجزة ووقوع إصابات وجرائم اغتصاب واغتصاب جماعي واستعباد جنسي وأشكال أخرى من العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري وجرائم نهب واسع النطاق - والتي ترقى جميعها إلى جرائم الحرب، وقد يرقى بعضها أيضا إلى جرائم ضد الإنسانية"، بحسب ما كتبته منظمة العفو الدولية في نداء وجهته إلى الاتحاد الأوروبي من أجل التحرك.

وأضافت المنظمة الدولية أن "الأطفال وقعوا في مرمى نيران القصف الجوي والمدفعي، ما نتج عنه سقوط العديد من الضحايا، وأثر بشدة على سلامتهم وتعليمهم ورفاهيتهم."

وأشارت العفو الدولية في رسالتها المفتوحة إلى أنه منذ اندلاع الحرب، واجه الحصول على معلومات مستقلة وموثوقة ضغوطا شديدة، حيث يقوم الطرفان باستهداف الصحفيين بتهديدهم (بالقتل) وبالعنف والاعتداءات عليهم.

كما تعرضت البنية التحتية الإعلامية، التي تشمل المكاتب والمعدات، للنهب والسرقة والحرق والتدمير المتعمد.

ويؤدي تجدد مثل هذه الأساليب إلى زيادة خطر العودة إلى أسوأ أيام حروب السودان، عندما تسبب التطهير العرقي الممنهج وجرائم الحرب في تدمير مجتمعات بأكملها.

مقالات مشابهة

  • مصر تدعم الجيش السوداني ضد الدعم السريع! القاهرة توضح
  • الأمم المتحدة: فرار أكثر من 4 ملايين لاجئ من السودان بسبب الحرب
  • حميدتي يتهم مجددا مصر بدعم الجيش السوداني
  • بالفيديو.. حميدتي يظهر في خطاب غاضب يهدد ويتوعد بتوسع العمليات العسكرية .. جدة تاني مافي وقوات الدعم السريع ستصل بورتسودان ويتحدث عن الدواعش وتدمير قدرات الجيش
  • «المؤتمر السوداني» يدين استهداف الجيش لسوق «الكومة» بدارفور
  • بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد
  • حزب المؤتمر السوداني يدين قصف طيران الجيش لسوق الكومة بولاية شمال دارفور
  • نزوح أكثر من 2700 أسرة من الخوي بغرب كردفان بسبب هجمات ميليشيا الدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر
  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان