ما حدث في الأسبوع الماضي، وبالتأكيد ما نتوقع حدوثه من أخطاء وتجاوزات وتصعيد يقوده ترامب ووزراء وقياديون في إدارته يعزز فرص الصراع والفوضى والانقسامات داخل أمريكا واستعدائها لحلفائها حول العالم. شهدنا عينة منه الأسبوع الماضي، برسالة تهديد ووعيد لإيران للتوصل لاتفاق حول برنامجها النووي. منح ترامب إيران شهرين للرد والتعاون «وإلا ستواجه إيران أموراً سيئة للغاية في حال عدم التوصل لاتفاق نووي»! ما يدفع المنطقة إلى حافة الهاوية.


كان صادماً تحول فضيحة مشاركة كبار مسؤولي إدارة ترامب في مجموعة عمل حول الخطط العسكرية ضد أنصار الله «الحوثيين» في اليمن في تطبيق سيغنال غير الرسمي والمشفر بدلا من غرفة العمليات في البيت الأبيض ـ وتضم نائب الرئيس فانس ووزير الخارجية روبيو، وزير العدل، ومدير الاستخبارات CIA ـ راتكليف، ومستشار الأمن الوطني مايكل ووالتز الذي أنشأ المجموعة وأضاف عن طريق الخطأ لصدمته الصحافي جيفري غولدبرغ الأمريكي ـ الإسرائيلي رئيس تحرير مجلة «ذي اتلانتك» التي يحتقرها ترامب ـ ويقلل من أهميتها، إلى المجموعة. فضح غولدبرغ دردشة التحضيرات والنقاشات المفترض أنها سرية. وكان ملفتا حجم الكراهية والانتقادات من نائب الرئيس لدور الأوروبيين الذي «يكره الاستمرار في إنقاذهم» وأيده وزير الدفاع بذلك! في إساءة كبيرة للحلفاء الأوروبيين.
واطلع الصحافي غولدبرغ على خطط ضرب الحوثيين ونشر نص الدردشة بين المسؤولين على تطبيق سيغنال في موقع المجلة. بما فيه إعلان وزير الدفاع عن توقيت الهجمات بمقاتلات إف 18 من حاملة الطائرات ترومان وسلاح البحرية وصواريخ موجهة على أهداف ومواقع الحوثيين داخل اليمن لحماية الملاحة في البحر الأحمر.. وكان صادما كيف يمكن لقيادات حكومة ترامب أن ترتكب خرقا أمنيا كبيرا يكشف أسرار المداولات والتحضيرات بما فيها أنواع الأسلحة ـ المقاتلات والصواريخ والأهداف والمواقع وتوقيت ضربها وحتى حالة الطقس ـ لما يمكن أن يتم اختراقه من خصوم أمريكا وحتى الحوثيين. وبالتالي كان ممكناً أن تتسبب تلك الفضيحة بفشل العملية ومقتل جنود أمريكيين يعتدون على سيادة اليمن ـ من أفقر وأكثر دول العالم معاناة من الحروب والصراعات. بينما يرفض ترامب وقيادات إدارته الإقرار بأن تلك المعلومات كانت سرية في تهرب من المسؤولية!
وتستمر الغارات الأمريكية وبشكل مكثف مؤخراً بواقع حوالي 30 غارة جوية يوميا خلال الأيام الماضية في تصعيد غير مسبوق بحجة تدمير قدرات الحوثيين لتهديدهم حرية الملاحة في البحر الأحمر. ولكن يستمر الحوثيون بتوجيه ضربات صواريخ «فلسطين2» على تل أبيب بشكل يحرج ترامب وإسرائيل اللذين يفشلان برغم القصف العنيف بوقف إطلاق الصواريخ.
تفاعلت فضيحة سيغنال وأصبحت قضية رأي عام واستغلها الديمقراطيون والإعلام الرئيسي الليبرالي للنيل من ترامب للتدليل على افتقار قيادات ومسؤولي فريق الأمن الوطني للمهنية والخبرة. وبدلا من التحقيق وتحمل المسؤولية وإقالة المتسببين بالفضيحة غير المسبوقة. يكابر ترامب ووزراؤه والمسؤولون ومعهم رئيس مجلس النواب جونسون، ويرفضون الإقرار بالخطأ وتقديم اعتذار والإطاحة بالرؤوس الكبيرة التي يطالب الديمقراطيون بإقالتهم، وعلى رأسهم وزير الدفاع غير الكفؤ ومستشار الأمن الوطني!! ‏وسط غضب واستياء القيادات العسكرية وغضب الديمقراطيين والرأي العام الأمريكي. فيما يدعم ذلك ويؤكد الخبراء العسكريون والجنرالات المتقاعدون أن ما تم كشفه ونشره على تطبيق سيغنال من كبار القادة في إدارة ترامب هي معلومات سرية وحساسة وغير مقبول نشرها في العلن ومفترض أن تطيح برؤوس كبيرة!!
لذلك يطالب النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي بفتح تحقيق بتلك الفضيحة. ويذهب بعضهم بقيادة زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جفريز برسالة موجهة إلى الرئيس ترامب «بإقالة وزير الدفاع هاغسيث فوراً»..بعد تحميله مسؤولية التسريب ووصفه بأكثر وزير دفاع فاقدا للكفاءة بتاريخ الولايات المتحدة، وبقاؤه في منصبه يهدد الأمن الوطني ويهدد حياة جنودنا حول العالم.
في المقابل وفي السياق نفسه، نرى ازدواجية معايير فاضحة، سبق أن وصف ترامب تصرف هيلاري كلينتون منافسته على الرئاسة عام 2016 ـ بالمتهور لاستخدامها خادما خاصا لرسائلها الإلكترونية (الإيميل) وليس خادما رسميا. ووصف ذلك بأنه تصرف غير مهني من هيلاري كلينتون، لذلك لا تصلح للمنصب!! بينما يستمر ترامب بالدفاع عن وزير دفاعه ومستشار الأمن الوطني، اللذين ارتكبا خرقا أمنيا أخطر من تجاوز وخرق كلينتون الأمني!
لم يكن مستغربا ما كشفته فضيحه «سيغنال غيت» لأنها تعكس إلى حد كبير نهج ترامب بتقديم الولاء والطاعة المطلقة لترامب ومواقفه وفكره من الوزراء والمسؤولين وحتى النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يدعم ويساند ترشيحهم وفوزهم لتمرير أجندته ومرشحيه للمناصب القيادية في إدارته. يقدم ترامب ذلك كله، على الخبرة والمهنية وسعة الاطلاع. لذلك النتيجة المتوقعة في حالات كثيرة، هو ما يشهده الأمريكيون وحلفاء وخصوم وأعداء الولايات المتحدة من تخبط وفوضى وتجاوزات نتيجة غياب الخبرة والدراية والمهنية في عصر ترامب.
يعزز ذلك النهج قناعة حلفاء أمريكا بتراجع الثقة والحكمة بالتعويل على الحليف الأمريكي تحت قيادة ترامب وفريق الهواة في إدارته خلال السنوات القادمة. ولهذا انعكاسات خطيرة على الأمن الدولي والأزمات المتعددة في النظام العالمي. وهو ما يقلق الحلفاء المصدومين، ويريح الخصوم والأعداء المبتهجين. وهم يتابعون تصاعد الخلافات والتباين والتجاذب داخل جبهة الغرب المنقسمة والمتصارعة!
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب سيغنال الإدارة الأمريكية ترامب سيغنال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمن الوطنی وزیر الدفاع

إقرأ أيضاً:

اجتماع في الحديدة يناقش أداء أجهزة الأمن وخطط تحسين مهام الوحدات الأمنية

الثورة نت/..

ناقش اجتماع بمحافظة الحديدة، اليوم، برئاسة وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والشرطة اللواء أحمد جعفر، أداء أجهزة الأمن وخطط تحسين مهام الوحدات الأمنية في المحافظة بما يواكب المستجدات ويعزز من قدرتها على الاستجابة السريعة والتعامل مع التحديات الراهنة.

وتطرق الاجتماع، الذي ضم مدير أمن المحافظة اللواء عزيز الجرادي، إلى الخطة الأمنية خلال عيد الأضحى المبارك، ورفع مستوى الأداء في إدارات الأمن بمربع المدينة، إلى جانب عدد من الجوانب المتعلقة بتوزيع المهام وآليات التنسيق الميداني.

واستعرض مؤشرات التحسن في أداء الأجهزة الأمنية على مستوى مديريات مدينة الحديدة، وتعزيز مسارات التدريب التعبوية ضمن دورات “طوفان الأقصى”، إضافة إلى تقييم مستوى التنسيق بين مختلف الوحدات الأمنية لضمان تكامل الجهود.

كما تطرق الاجتماع إلى أوضاع منظومة الدفاع المدني، وسبل تحسين أدائها ورفع جاهزيتها، بما في ذلك تقييم كفاءة عربات الإطفاء وتوزيعها على المربعات الأمنية، في إطار خطة تعزيز قدرات الاستجابة الطارئة ومواجهة الحوادث والكوارث المحتملة.

وأكد اللواء جعفر، أهمية رفع درجة اليقظة والجاهزية خلال العيد وتفعيل الخطط الميدانية لضمان الاستقرار والسكينة العامة.. مشدداً على ضرورة استمرار التقييم الميداني لأداء الوحدات الأمنية.

وأشار إلى خصوصية الحديدة وما تفرضه من متطلبات إضافية في تأمين الشريط الساحلي والمنشآت الحيوية.. مستعرضا جملة من الموجهات والإرشادات العملية الواجب الالتزام بها، لضمان نجاح الخطط الموضوعة.

ونوّه بما تحقق من إنجازات أمنية خلال الفترة الماضية.. مؤكداً أن القيادة الثورية ووزارة الداخلية تولي محافظة الحديدة اهتماماً خاصاً، لما لها من أهمية استراتيجية ما يتطلب مضاعفة الجهود وتوحيد الطاقات لتعزيز حالة الأمن والاستقرار.

بدوره، أشار مدير أمن المحافظة إلى أهمية الاستفادة من الكفاءات التي أفرزتها الدورات التدريبية في تطوير الأداء الأمني.. مؤكدا المضي في تفعيل الرقابة والمتابعة وتحسين مستوى التجاوب مع متطلبات المواطنين، باعتبار ذلك من أولويات العمل الأمني.

واستعرض اللواء الجرادي، تقريراً عن أداء الوحدات الأمنية خلال الفترة الماضية، وجانبا من الخطة الأمنية خلال فترة العيد، وتعزيز برامج ومهام الوحدات الأمنية بما يكفل ترسيخ الأمن والاستقرار وضمان سلامة المواطنين والممتلكات.

وأكد أن أجهزة الأمن بمحافظة الحديدة ستظل في يقظة وجاهزية لأداء مهامها والتصدي لأي محاولات لإقلاق السكينة العامة.

فيما أكد مدير استخبارات الشرطة العقيد حمزة طامش، ومدير الدفاع المدني العقيد عماد علي، أهمية التنسيق المشترك لتعزيز الأداء الأمني واللوجستي، وتوفير متطلبات الدفاع المدني من معدات وتجهيزات.

حضر الاجتماع مدير البحث الجنائي العقيد صادق الزائد، وقائد فرع النجدة العقيد طه الكبسي، وقائد فرع الأمن المركزي العقيد رضوان حامس، ومدراء أمن مديريات الميناء العقيد عبدالمطلب جحيز، والحوك العقيد محمد المسيبلي، والحالي العقيد محمد عون.

مقالات مشابهة

  • تجربة الشركات الأمنية الخاصة في كينيا ومعضلة الأمن
  • ماسك يكشف سبب خلافه مع ترامب وإنسحابه من إدارته
  • الكشف عن مواجهة ترامب فضيحة تزوير تهدد مشروعه الفاخر في صربيا
  • متحدث المركز الوطني للعمليات الأمنية: عملية استقبال المكالمات أو البلاغات في المشاعر المقدسة تستغرق ثانيتين
  • النائب العام يشكل لجنتي تحقيق في أحداث طرابلس وتجاوزات بعض الأجهزة الأمنية
  • الضالع: اجتماع يناقش الترتيبات الأمنية المتعلقة بفتح طريق صنعاء – عدن
  • مدير أمن طرابلس: شرطة النجدة واجهة المؤسسة الأمنية وركيزة الانضباط والجاهزية
  • مركز أفريقيا للدراسات: توسع العلاقات بين الحوثيين وحركة الشباب بالصومال يُفاقم التهديدات الأمنية لمنطقة البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • «الدعم المركزي» يواصل تنفيذ الخطة الأمنية لتأمين العاصمة طرابلس
  • اجتماع في الحديدة يناقش أداء أجهزة الأمن وخطط تحسين مهام الوحدات الأمنية