الجزيرة:
2025-06-01@14:20:12 GMT

هل سيخفض ترامب قيمة الدولار؟ وما أثر ذلك عربيا؟

تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT

هل سيخفض ترامب قيمة الدولار؟ وما أثر ذلك عربيا؟

تشكل الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديدا جديا للمعتقدات الاقتصادية الراسخة منذ عقود، وانقلابا على مبادئ الرأسمالية الأساسية، وعلى رأسها حرية التجارة. ومن بين الأهداف المحتملة التي أثارت اهتمام الأوساط الاقتصادية، خفض قيمة الدولار الأميركي التي تعتبر عملة الاحتياطي العالمي الأولى.

فقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن فريق ترامب يدرس خطة لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي، عبر تخفيض متعمَّد لقيمة الدولار.

ولطالما كان الدولار القوي رمزا للقوة المالية الأميركية، إذ يسهم في إبقاء معدلات التضخم منخفضة، ويشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية. غير أن مستشاري ترامب يبحثون في سبل لإضعاف الدولار، دعما لسياسته التجارية الحمائية، وفقا لما ذكرته صحيفة "التلغراف".

يثير توجه ترامب نحو خفض قيمة الدولار تساؤلات عدة حول دوافعه الاقتصادية، وانعكاسات هذا المسار على الاقتصاد العالمي، خصوصا على الدول التي تربط عملاتها بالدولار، بما فيها العديد من الدول العربية. كما يعيد إلى الأذهان تجارب تاريخية سابقة، وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي، وعلى اقتصادات الدول العربية التي تربط عملاتها بالدولار، وحول دور اتفاقية بلازا في هذا السياق.

إعلان أسباب التوجه نحو خفض الدولار

وتعكس الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب رؤيته بأن العجز التجاري الأميركي -الذي بلغ رقما قياسيا قدره 1.2 تريليون دولار عام 2024 يُضر بالعمال الأميركيين، وخصوصا الوظائف الصناعية، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وإلى جانب سعيه لفرض تجارة أكثر توازنا، أعرب ترامب عن اعتقاده بأن الدولار الأميركي قوي أكثر مما ينبغي، وفقا لمنصة "فورتشن". ويرى مستشاروه أن ضعف الدولار قد يعالج اختلالات العجز التجاري، بل ويعتبر بعضهم أن موقع الدولار كعملة احتياطية عالمية بات يشكل عبئا لا ميزة، بحسب "التلغراف".

فالقوة التاريخية للدولار تقوّض القدرة التنافسية الأميركية من خلال جعل الواردات أرخص نسبيا. وتشير نماذج اقتصادية، تأخذ بعين الاعتبار القوة الشرائية، إلى أن قيمة الدولار الحالية قد تكون مبالغا فيها. وتبعا لذلك، قد تسعى واشنطن لإبرام اتفاقات مع دول أخرى من أجل تصحيح هذه المعادلة، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ".

الدولار يهيمن على عملات العالم ويعتبر عملة الاحتياط الأولى في العالم (غيتي) اتفاقية بلازا.. سابقة تاريخية

هذه المساعي ليست بلا سوابق، ففي عام 1985، بادر وزير الخزانة الأميركي آنذاك، جيمس بيكر، إلى جمع قادة ماليين من أكبر 5 اقتصادات في العالم (اليابان، ألمانيا الغربية، فرنسا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) في فندق بلازا بنيويورك، حيث تم التوصل إلى اتفاق تاريخي لخفض قيمة الدولار الأميركي بشكل منسق. وقد عُرفت هذه المبادرة باسم "اتفاقية بلازا"، وفقا لمنصة "بيكر إنستيتيوت".

وهدفت الاتفاقية إلى تقليص قيمة الدولار من خلال التزامات واضحة: الولايات المتحدة تعهدت بخفض عجزها الفدرالي، في حين التزمت اليابان وألمانيا بتحفيز الطلب المحلي. كما وافقت الأطراف المشاركة على التدخل في أسواق العملات عند الضرورة لتصحيح اختلالات الحساب الجاري، بحسب "إنفستوبيديا".

إعلان

وجاء هذا الاتفاق في ظروف تشبه ظروف اليوم، من حيث ارتفاع معدلات التضخم، وأسعار فائدة مرتفعة، وعجز تجاري كبير. وقد ساهمت السياسة النقدية المتشددة التي انتهجها رئيس الاحتياطي الفدرالي آنذاك، بول فولكر، بالتزامن مع سياسة مالية توسعية من الرئيس ريغان، في ارتفاع كبير لقيمة الدولار، بحسب وكالة "بلومبيرغ".

وكانت اليابان آنذاك تهيمن على الأسواق العالمية بالتصدير، وهذا أدى إلى ردود فعل حمائية في الكونغرس الأميركي، تماما كما هو الحال اليوم مع الصين. ورغم نجاح الاتفاق في خفض قيمة الدولار، إلا أنه أدى أيضا إلى ارتفاع مبالغ فيه لقيمة الين الياباني، وهذا ساهم في دخول الاقتصاد الياباني مرحلة الركود المعروفة بـ"العقد الضائع" خلال التسعينيات.

وتبع اتفاقية بلازا توقيع اتفاقية "اللوفر" عام 1987، والتي هدفت إلى وقف تراجع الدولار واستعادة توازنه. وتُظهر تقارير اقتصادية أن إدارة ترامب قد تستلهم تجربة بلازا ضمن مساعيها لإضعاف الدولار وتحسين الميزان التجاري الأميركي، بحسب منصة جامعة "هارفارد".

تكهنات إعلامية تشير إلى احتمال إبرام اتفاق دولي جديد يشبه اتفاقية بلازا، أُطلق عليه "اتفاقية مار-أ-لاغو" (الأناضول) اتفاقية جديدة

وفي ظل السياسات الحمائية التي يتبناها ترامب، ظهرت تكهنات إعلامية تشير إلى احتمال إبرام اتفاق دولي جديد، غير رسمي حتى الآن، قد يشبه اتفاقية بلازا. وأطلق بعض المحللين على هذه التكهنات اسم "اتفاقية مار-أ-لاغو"، في إشارة رمزية إلى نادي ترامب الخاص في فلوريدا، من دون وجود أي إعلان رسمي بهذا الشأن.

وتشير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن مثل هذا الاتفاق -إن حدث- قد يحمل أثرا مشابها لاتفاقية "بريتون وودز" التي أرست النظام المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي هذا السياق، ظهرت ورقة بحثية مثيرة للجدل بعنوان "دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي" من إعداد ستيفن ميران، أحد مستشاري ترامب.

إعلان

ويرى ميران في الورقة البحثية أن فرض رسوم جمركية أحادية الجانب قد يجبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة على إعادة النظر في سياساتهم الاقتصادية. ويؤكد أن قوة الدولار أدت إلى جعل الصادرات الأميركية باهظة الثمن، والواردات زهيدة، ما أضر بالقطاع الصناعي الأميركي، وفقا لما أوردته "واشنطن بوست".

سلاح السندات

ضمن المقترحات المثيرة، برزت فكرة إصدار سندات حكومية أميركية من دون فوائد تستحق بعد 100 عام.

هذه الفكرة، التي استشهد بها ميران في بحثه المنشور في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تعود بجذورها إلى اقتراح سابق للمحلل زولتان بوزار. وتقضي بأن تُلزم الدول الحليفة بشراء هذه السندات مقابل ضمانات أمنية أميركية، في حين تواجه الدول الرافضة فرض رسوم جمركية مرتفعة أو تعليق الحماية العسكرية.

ويرى ميران أن هذه الخطة قد تساعد في خفض أسعار الفائدة وتقليص العجز المالي، وهذا يساهم في إضعاف الدولار. لكن بالمقابل، تحذر وكالة "بلومبيرغ" من أن هذا النهج قد يقوّض الثقة في سوق سندات الخزانة الأميركية، التي تبلغ قيمتها نحو 29 تريليون دولار، ويهدد بمساس خطير بمصداقية السوق الأميركية التي طالما تميزت بالشفافية وقابلية التنبؤ على حد قول الوكالة.

أي انخفاض في قيمة الدولار ينعكس مباشرة على الاقتصادات العربية (رويترز) انعكاسات على الدول العربية

وترتبط العديد من اقتصادات العالم، بما فيها الدول العربية، بالدولار الأميركي، سواء مباشرة أو عبر سلة عملات يحتل فيها الدولار وزنا كبيرا. ويُعتمد هذا الربط غالبا من قبل البنوك المركزية لضبط سعر صرف العملة الوطنية.

وأي انخفاض في قيمة الدولار ينعكس مباشرة على تلك الاقتصادات، ومن أبرز التأثيرات، بحسب تقرير سابق لـ"الجزيرة نت":

غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة الواردات: يؤدي انخفاض الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة غير الأميركية، وهذا يزيد من معدلات التضخم. انخفاض القدرة التنافسية للصادرات: قد يؤثر انخفاض الدولار سلبا على عائدات صادرات الدول النامية، ومنها الدول العربية. تبعية اقتصادية: ربط العملة بالدولار يجعل الاقتصادات المحلية عرضة لتأثيرات السياسات الأميركية، بما في ذلك تقلبات أسعار الفائدة والتضخم. ارتفاع أعباء الديون: في حال كانت الديون مقوّمة بعملات أخرى، فإن ضعف الدولار يزيد من تكلفة سدادها. إعلان

علاوة على ذلك، قد يؤدي ضعف الدولار إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل النفط، وهذا يشكّل عبئا إضافيا على الدول المستوردة المرتبطة بالدولار.

في ظل هذه المعطيات، فإن أي تحرك لخفض الدولار قد يُحدث تحولات عميقة في الاقتصاد العالمي، تنعكس بشكل مباشر على الدول ذات الارتباط المالي الوثيق بالعملة الأميركية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الدولار الأمیرکی خفض قیمة الدولار الدول العربیة على الدول

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: حمائية ترامب تخنق الاقتصاد الأميركي والتاريخ يعيد نفسه

في وقت تُروَّج فيه السياسات الحمائية باعتبارها حلا سحريا لإنعاش الصناعة الأميركية، يُظهر تحليل نشرته مجلة إيكونوميست أن هذه السياسات قد تكون الوصفة الأقرب لخنق النمو ودفع الاقتصاد نحو الركود.

وترى الإيكونوميست أن الرسوم الجمركية التي يتبنّاها الرئيس دونالد ترامب، بحجّة حماية العمال والشركات، ليست سوى استنساخ لعقائد اقتصادية ثبت فشلها مرارا عبر التاريخ.

ويشير التقرير إلى أن التاريخ الاقتصادي يبرهن أن الحمائية تُضعف الابتكار وتخنق النمو الصناعي. فرغم حجج المدافعين عن الرسوم، التي تستشهد بتحوّل الولايات المتحدة من مستعمرة فقيرة إلى قوة صناعية خلف جدران جمركية عالية، فإن هذا النمو لم يكن نتيجة للحمائية بل بفضل سرقة التكنولوجيا البريطانية آنذاك، وجذب المهارات الأوروبية، كما حدث مع صمويل سلاتر وفرانسيس كابوت لَويل اللذين أدخلا تقنيات النسيج البريطانية إلى أميركا.

الماضي يُعيد نفسه.. من اليابان إلى الصين

في ثمانينيات القرن الماضي، واجهت الصناعات الأميركية صدمة مماثلة مع تفوق اليابان في مجالات السيارات والرقائق الإلكترونية، حين تجاوز إنتاج السيارات اليابانية نظيرتها الأميركية بنسبة إنتاجية بلغت 17%، كما هبطت حصة أميركا في صناعة أشباه الموصلات من 57% إلى 40% بين عامي 1977 و1989، بينما ارتفعت حصة اليابان إلى 50%.

الرهان على الرسوم الجمركية ليس سوى وهم يقوّض قدرة الاقتصاد الأميركي على المنافسة والابتكار (غيتي)

لكن هذا التفوق لم يكن نتيجة ممارسات تجارية غير عادلة، بل بسبب كفاءة الإنتاج والابتكار.

إعلان

أمام هذا التحدي، اختارت أميركا تعزيز التكامل مع الاقتصاد العالمي، حيث اعتمد وادي السيليكون على الابتكار والتصميم والبرمجيات، بينما تم نقل عمليات التصنيع إلى شرق آسيا، خصوصا الصين، مما خفّض التكاليف وقلّص الفجوة التنافسية مع اليابان.

الحمائية تعزز الاحتكار وتُضعف المنافسة

ويحذّر التقرير من أن تراجع التنافسية داخل الاقتصاد الأميركي، الذي بدأ قبل عهد ترامب، أدى إلى زيادة التركّز الصناعي، إذ أصبحت 3 أرباع القطاعات أكثر احتكارا مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي. وامتدت هذه الظاهرة إلى قطاع التكنولوجيا، إذ تراجعت قدرة الشركات الناشئة على منافسة الكيانات الكبرى.

ورافق هذا التراجع تصاعد في الإنفاق على جماعات الضغط بنسبة تقارب 66% منذ أواخر التسعينيات، مما أسهم في إضعاف تنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار، وزيادة الميل نحو المحاباة السياسية في توزيع الإعفاءات الجمركية.

الأمن الاقتصادي الأميركي يعتمد على توطيد التحالفات لا تقويضها

العالم مترابط.. والاستقلال التكنولوجي وهم

ويؤكد التقرير أن السعي نحو الاكتفاء الذاتي التكنولوجي أمر غير واقعي. فبينما تهيمن أميركا على برمجيات تصميم الرقائق، تُنتج اليابان 56% من رقائق السيليكون، وتحتكر تايوان 95% من الرقائق المتقدمة، وتُسيطر الصين على أكثر من 90% من المعادن والعناصر النادرة. ولهذا فإن الأمن الاقتصادي الأميركي يعتمد على توطيد التحالفات، لا تقويضها.

الاندماج في الاقتصاد العالمي ظلّ لعقود محركا رئيسيا للتفوق الصناعي والتكنولوجي الأميركي (الفرنسية)

كما أن الرسوم الجمركية لا تحمي العمال الأميركيين، بل تُسبب خسائر صافية في الوظائف، كما حدث في فترة ترامب الأولى. إذ إن نحو نصف الواردات الأميركية تُستخدم مباشرة في التصنيع المحلي، ورفع أسعار المواد الخام كالفولاذ الكندي يُضعف القدرة التنافسية للتصدير الأميركي.

ما الذي يجعل الاقتصاد الأميركي فريدا؟

ويشير التقرير إلى أن ما يميز الاقتصاد الأميركي هو ديناميكيته وقدرته على تجديد نفسه. ففي حين تهيمن الشركات القديمة على الاقتصادات المتقدمة الأخرى، يبلغ متوسط عمر أكبر 5 شركات أميركية 39 عاما فقط، وجميعها في قطاع التكنولوجيا.

إعلان

لكن الحفاظ على هذه الديناميكية يتطلب بيئة تنافسية مفتوحة. وعندما تحل المحاباة محل التنافس، فإن الريادة التكنولوجية تتآكل، ويخسر الاقتصاد الأميركي ميزته التاريخية، يختم التقرير.

مقالات مشابهة

  • هل تنجح أفريقيا في التحرر من هيمنة الدولار؟
  • الأردن يترأس اجتماعاً عربياً تحضيراً لاجتماعات مجموعات التعاون مع الاتحاد الأوروبي
  • العراقيون في المرتبة 13 عربياً بمؤشر تكلفة المعيشة
  • إيكونوميست: حمائية ترامب تخنق الاقتصاد الأميركي والتاريخ يعيد نفسه
  • أكبر بنوك أميركا يحذّر من انهيار سوق السندات الأميركي تحت ضغط الديون
  • ترامب يُحذر: سقف الدين "كارثي" ويهدد الاقتصاد الأميركي
  • الدولار الأميركي يواصل تراجعه للشهر الخامس وسط تقلبات تجارية ومخاوف تضخم
  • الروبل الروسي بين العملات الثلاث الأولى التي ارتفعت مقابل الدولار في مايو
  • معاريف: رفع العلم الأميركي بسوريا إصبع في عين إسرائيل
  • الضبابية التجارية وبيانات التضخم تكبدان الدولار الأميركي خسائر جديدة