جنوب لبنان- بخطوات ثقيلة، تدخل فاطمة غازي مقبرة بلدتها بليدا بقضاء مرجعيون في جنوب لبنان، صباح عيد الفطر، لتزور أضرحة ذويها، بعد أن أبعدتها الحرب عنها لأكثر من عام ونيف، وهذه الزيارة عدا عن أنها صعبة بسبب الفقد، فإنها قاسية لهول المشهد الذي يختصر "همجية" الاحتلال الإسرائيلي.

في بليدا توجد 3 مقابر، تعمد جيش الاحتلال تدميرها مستخدما الجرافات أو من خلال القصف الجوي، فغدت معظم الأضرحة أكواما من الحجارة والركام.

تجلس فاطمة عند ضريح أحد أقاربها وتقرأ الفاتحة، وبصوت تقطّعه الغصة، تبدي أسفها الشديد للحال الذي وصلت إليه بلدتها بشكل عام والمقبرة بشكل خاص، وتعبر في حديثها للجزيرة نت عن فظاعة المشهد، وتقول "هذا الموقف لا يمكن أن أتحمله، مشهد مروع ومهول، ما نراه هنا يعكس انعدام الضمير والأخلاق والإنسانية لدى الاحتلال".

المقابر مدمرة بالجرافات الإسرائيلية وتظهر بقايا شواهد القبور في بلدة بليدا (الجزيرة) تدمير كلي

وبما أن تدمير المقابر ودور العبادة حصل خلال فترة الهدنة التي أتت بعد إعلان اتفاق وقف القتال بين حزب الله وإسرائيل في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ترى فاطمة أن "الإسرائيلي لا يقيم أي اعتبار للاتفاقات والعهود منذ أن كان، فقد استغل الاحتلال فترة الهدنة ليقوم بما عجز عنه خلال الحرب، فدمر كل شيء".

وتدعو ابنة بليدا اللبنانيين إلى زيارة الجنوب ليطلعوا عن كثب على ما قامت به آلة الحرب الإسرائيلية، وليدركوا حقيقة ما يحدث، فهذه البلدات كانت جنة، حسب وصفها، ولكن بعد الحرب لم يبق شيء سوى الدمار، مؤكدة أنها وأبناء الجنوب "عادوا إلى ديارهم بفضل دماء الشهداء الذين منعوا الإسرئيلي من التقدم، وإلا لوصل إلى بيروت".

من جانبه، يرى يوسف حسين، ابن بلدة بليدا، أن "هذه المشاهد المؤلمة مهمة لأنها كشفت حقيقة إسرائيل وحجم حقدها على لبنان"، ويقول للجزيرة نت إن "الاحتلال تجاوز بأفعاله كل الحدود، فهو لا يحترم مسجدا ولا مقبرة وليس لديه خطوط حُمر".

الأهالي يزورون أضرحة ذويهم في مقبرة بليدا صباح العيد (الجزيرة)

كان للمساجد في الجنوب اللبناني حصة وازنة من الاعتداءات الإسرائيلية، فمنها ما قصفته الطائرات ومنها ما جرى تفخيخه وتفجيره، في محاولة لمنع أي مظهر من مظاهر الحياة في الجنوب، وخاصة في المنطقة الحدودية بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.

إعلان

ويؤكد حسين أن عودة الأهالي صباح يوم العيد إلى بلدتهم المدمرة وإصرارهم على إقامة صلاة العيد رغم تدمير المسجد، فيها الكثير من الرسائل للاحتلال، أولها أن الجنوبيين لن يتخلوا عن أرضهم مهما غلت التضحيات، ويقول "بعد أن دمروا مسجد بليدا، اجتمعنا في حسينية البلدة وأدينا صلاة العيد، لنؤكد على صمودنا وأننا أصحاب الأرض".

مسجد الحي الغربي في بلدة ميس الجبل مدمر بالكامل (الجزيرة) استهداف مقصود

يُعد مسجد بليدا واحدا من أقدم المساجد في الجنوب، إذ يزيد عمره عن ألفي عام، فقد مرت على هذا المبنى الأثري ديانات وحضارات مختلفة إلى أن وصل إلى العصر الإسلامي وتحول إلى مسجد، وفق ما أفاد به رئيس بلدية بليدا حسان حجازي للجزيرة نت.

ووفق حجازي، فإن استهداف المساجد ودور العبادة أمر مقصود من الاحتلال، لأنه يعي الارتباط الوثيق بين مجتمع المقاومة والمساجد، ولهذا تدميره لها لم يمنع البلدية والفعاليات من إقامة صلاة عيد الفطر في المصلى المؤقت الذي تم استحداثه في الحسينية القديمة.

وعن الاعتداءات التي تعرضت لها بليدا، يوضح "لقد قام العدو بحرق الحسينية القديمة ودمر الجديدة التي كانت قيد الإنشاء، كما جرف المقابر مما أدى إلى تدميرها بالكامل، وعلى الرغم من كل ذلك، فإننا بإرادة شعبنا وقيادتنا سنعيد إعمار كل ما دمره الاحتلال، ليعود أفضل مما كان".

مسجد وادي الحجير دمره الاحتلال بالكامل (الجزيرة)

أما بلدة مركبا قضاء مرجعيون، فقد شربت من الكأس نفسها الذي شربت منها بليدا، إذ دمر الاحتلال جامعين ومقاما "للنبي منذر" بشكل كامل، في حين تعرض المسجد القديم لدمار جزئي، عمل القيمون على ترميمه لاستقبال الأهالي.

ويضع عبد حمود ابن بلدة مركبا تدمير المساجد في سياق تدمير البنية التحتية في الجنوب اللبناني، "فالإسرائيلي يسعى لتفريغ البلدات الجنوبية من أهلها".

إعلان

ويقول للجزيرة نت "كان حضور أهالي مركبا صباح العيد كبيرا ومهما خاصة أنه اختلف عن الأيام الماضية، إذ كان خجولا، وهذا ما يؤكد تمسكنا بأرضنا وعزمنا على إعادة الإعمار، وسنعيد بناء المساجد والمقامات في الأيام القادمة، ونحن أقمنا الصلاة في المسجد القديم المتضرر، بعد أن أجرينا عليه بعض الإصلاحات التي سنكملها في الأيام المقبلة".

صلاة العيد في مسجد بلدة بني حيّان الجنوبية (الجزيرة) تحدي الاحتلال

بدورها، نالت بلدة بني حيان قضاء مرجعيون حصتها من التدمير الإسرائيلي، ولكن أبناءها عادوا إليها صبيحة عيد الفطر ليؤدوا الصلاة في مسجدها الذي ما زال في طور الترميم، بعد أن دمرته جرافات الاحتلال تدميرا جزئيا.

يشيد رئيس بلدية بني حيان يحيى جابر -في حديثه للجزيرة نت- باجتماع الأهالي صبيحة أول عيد بعد انتهاء الحرب في بلدتهم رغم كل الدمار الحاصل، منوها بهذه الخطوة التي عدها "تحديا للاحتلال بأن أهالي هذه القرى عائدون إلى ديارهم لا محالة".

ويقول جابر "الاحتلال استغل فترة الهدنة ليدخل إلى البلدة حيث جرف العديد من المنازل، بما في ذلك المراكز الدينية ومسجد البلدة والمقابر والمدارس، والمراكز الصحية والاجتماعية، وحتى محطة تكرير المياه لم تسلم منه، وفور عودة الأهالي بدأت البلدية بترميم المسجد لتمكين المصلين من أداء الصلاة وإحياء المناسبات الدينية فيه، وذلك بمساعدة الخيرين".

آثار الدمار بمحيط مسجد بلدة بني حيان (الجزيرة )

ويبدي أسفه لما اعتبره غياب مؤسسات الدولة عن مشهد إعادة الإعمار في القرى الحدودية والمناطق المتضررة من العدوان، "باستثناء مجلس الجنوب الذي كشف عن الأضرار وقدم المساعدات"، ودعا "الدولة مجتمعة إلى تحمل مسؤولياتها تجاه القرى المنكوبة وأهاليها، لتأمين عودتهم وتعزيز صمودهم".

لم يكن أول عيد بعد الحرب يوما عاديا بالنسبة للجنوبيين، بل كان صعبا ومؤلما، فخسارة الأحبة أفقدتهم طعم العيد، وكذلك تدمير بيوتهم التي تختزن كل ذكرياتهم، إلا أنهم يصرون على عودتهم إلى قراهم، آملين من الحكومة أن تبدأ بخطة الإعمار ليعيدوا ما دمره الاحتلال.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان للجزیرة نت عید الفطر فی الجنوب بعد أن

إقرأ أيضاً:

أهالي الجنود القتـ لى في كمين خان يونس: أبناؤنا قتـ لوا نتيجة إهمال جسيم

أعرب أهالي الجنود الذين قتلوا في كمين خان يونس عن صدمتهم من التهور الذي كشفه الحادث ، مؤكدين أنهم فقدوا 7 من أبنائهم نتيجة إهمال جسيم.

وقال البيان الصادر عن أهالي الجنود : لا يعقل أن يتنقل أبناؤنا بمعدات قديمة معيبة، فالكتيبة 605 الوحيدة التي تستخدم معدات قديمة.

ولاحقا ، أكدت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، تمكن مجاهديها من تنفيذ كمين مركب استهدف قوة صهـ يونية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة "الياسين 105" وقذيفة "RBG".

وتمكن مجاهدو القسام عصر أمس الثلاثاء من تدمير جرافة عسكرية من نوع "D9" بعبوة "شواظ" معدة مسبقًا، واشتعال النيران فيها لمدة ساعة وبعد تقدم جرافة عسكرية أخرى للإنقاذ تم استهدافها بقذيفة "الياسين 105" في منطقة التوحيد بمعن جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع.

وقبل ذلك بأيام، قالت القسام، إنه بعد عودتهم من خطوط القتال، أكد مجاهدوها قنص جندي صهيـ وني على جبل المنطار شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة، واستهداف قوات العدو المتمركزة على نفس المكان بدفعتين من قذائف الهاون.

وخلال الأسبوع، أكد مجاهدو القسام الإجهاز على 3 جنود صهـ اينة بالأسلحة الخفيفة من المسافة صفر شرق مدينة جباليا شمال القطاع.

ونشر الاعلام العبري، صور  الجنود السبعة الذين أعلن جيش الاحتلال مقتلهم بعد تفجير المقاومة عبوة ناسفة في آلية مدرعة من نوع "بوما" في قطاع غزة يوم أمس.

يأتي ذلك فيما قالت  مصادر في مستشفيات غزة إنه ارتقى 31 شهيدا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم بينهم 10 من منتظري المساعدات.

القسام تكشف تفاصيل إحراقها لجنود الاحتلال الـ7 في كمين خان يونسكمين خان يونس .. مقتل ضابط وجندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي طباعة شارك كمين خان يونس جيش الإحتلال الكتيبة 605 خان يونس القسام

مقالات مشابهة

  • أهالي الجنود القتـ لى في كمين خان يونس: أبناؤنا قتـ لوا نتيجة إهمال جسيم
  • الاحتلال يواصل خرق الهدنة في لبنان.. شهيدان في قصف على بنت جبيل
  • جيش الاحتلال يزعم مقتل قياديين بحزب الله
  • عون: نأمل في التمديد لليونيفيل دون أية عراقيل .. وإصابة شخص في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان
  • هدم وتجريف واعتقالات.. الجيش الإسرائيلي يصعد عدوانه بالضفة
  • على علاقة بحزب الله.. جيش الاحتلال يزعم مقتل رئيس شبكة الصرافة الصادق
  • الاحتلال يعدم مسنة فلسطينية بالقدس ويصعد عدوانه في الضفة
  • مقتل 3 مدنيين بغارة للاحتلال على سيارة جنوب لبنان.. خرق جديد لوقف إطلاق النار (شاهد)
  • مقتل 3 أشخاص بغارة شنتها مسيرة إسرائيلية على سيارة جنوب لبنان
  • لبنان.. استشهاد 3 أشخاص جراء غارة من طائرة مسيرة لقوات الاحتلال