بغداد- ثار جدل واسع في الأوساط السياسية والشعبية العراقية، إثر قرار زعيم التيار الوطني الشيعي "الصدري سابقا"، مقتدى الصدر، يوم 27 مارس/آذار الماضي مقاطعة الانتخابات المقبلة، بسبب مشاركة من وصفهم بـ"الفاسدين"، خاصة بعد دعوته أنصاره في فبراير/شباط الماضي لتحديث سجّلاتهم الانتخابية، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في البلاد.

وبدأت سلسلة اعتزال الصدر للعمل السياسي عام 2013، حين لوَّح بالانسحاب من الحكومة والبرلمان، واصفا الأخير بالهزيل، ثم اعتزل رسميا بعد 5 أشهر، لكنه تراجع بعد شهر واحد، وعام 2014، انسحب مجددا وحل التيار، لكنه عاد للمشاركة في الانتخابات.

وعام 2016، جمّد كتلة الأحرار البرلمانية، ثم أمر بإخلاء مكاتب التيار، وأنهى -في العام نفسه- مقاطعته لاجتماعات التحالف الوطني، ليعلن بعد عامين عدم ترشيح أي وزير من تياره للحكومة. وفي 2019، أمر بإغلاق مؤسسات التيار لمدة عام، ليعلن في 2021 انسحابه من الانتخابات، ثم عاد للمشاركة فيها، وعام 2022، أعلن انسحابه من السياسة، ثم اقترح تنحي الأحزاب، وأعلن اعتزاله النهائي وأغلق مؤسسات تياره أواخر أغسطس/آب 2022.

pic.twitter.com/tI9XmUvbCh

— وزير القائد - صالح محمد العراقي (@salih_m_iraqi) March 27, 2025

إعلان سبب الامتناع

من جهته، يقول رافد العطواني -المقرب من التيار الوطني الشيعي- إن قرار الصدر بمقاطعة الانتخابات المقبلة له تأثيرات عدة على المشهد السياسي العراقي، أولها: تقليل حظوظ البيت الشيعي في الحصول على مقاعد إضافية بالمناطق المختلطة، وتأثيره سلبا على نسبة المشاركة في الانتخابات بشكل عام.

ويوضح العطواني -للجزيرة نت- أن الصدر يعتقد أن العملية الانتخابية الحالية لا جدوى منها، وأنها ستصب في مصلحة "الفساد والفاسدين"، وأن القوى السياسية مستمرة في اتباع نهج المحاصصة الذي يعوق أي تغيير حقيقي.

وأضاف أن نسبة المشاركة بالانتخابات ستنخفض بشكل كبير، إذ قد يمتنع نحو 1.5 مليون ناخب من التيار الصدري عن ذلك، وربما دعوات أخرى للمقاطعة قد تشجع آخرين على عدم الانتخاب.

كما أن تراجع الصدر عن قراره -حسب العطواني- وارد في عالم السياسة، وذلك بطلب من قوى سياسية مختلفة أو بتدخل شخصيات شيعية نافذة للتأثير عليه، أو قد يصدر الإطار التنسيقي بيانا أو وثيقة تدعوه للعدول عن قراره، أو تحدث متغيرات قبل الانتخابات تُغِّير موقفه.

محللون رأوا أن مقاطعة الصدر للانتخابات لا تؤثر على نسب المشاركة بها وسيرها (الجزيرة) لا تأثير

من جانبها، استبعدت القيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ريزان شيخ دلير، تأثير مقاطعة الصدر على نتائج انتخابات 2025 أو موعد إجرائها.

وقالت شيخ دلير للجزيرة نت إن مقاطعة الصدر للانتخابات متوقعة، نظرا لنهجه الإصلاحي وعدم توافقه مع الأحزاب السياسية الحالية، مشيرة إلى تجاربه السابقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، التي لم تحقق هدفه بتشكيل الحكومة.

وأضافت أن الصدر، الذي يتبنى رؤية مغايرة ويسعى لإصلاح الوضع العراقي، لجأ للمقاطعة لعدم قدرته على تحقيق برنامجه بمفرده أو بالتعاون مع أحزاب أخرى تتقاطع معه في الرؤى.

إعلان

وعن مدى تأثير مقاطعة التيار الصدري على المشاركة في الانتخابات، أكدت شيخ دلير أن تجربة انتخابات مجالس المحافظات -التي قاطعها التيار الصدري- أثبتت أن بقية شرائح المجتمع شاركت بشكل طبيعي، ورأت أن بعض الأحزاب قد تتمنى مقاطعة جماهير الجهات الأخرى لضمان حصولها على أصوات ومقاعد أكثر من خلال قواعدها الجماهيرية.

دعوة للعودة

أما عضو المكتب السياسي لكتلة "صادقون" -الجناح السياسي لعصائب أهل الحق– يسرى المسعودي فرأت أن قرار الصدر بمقاطعة الانتخابات لن يؤثر على المشهد السياسي بشكل عام، وأمِلَت أن يكون التيار الصدري حاضرا في العملية السياسية، لما يمثله من أهمية تثري التنوع السياسي.

وأوضحت المسعودي للجزيرة نت أن القرار جاء عن قناعة شخصية تحظى بالاحترام، مشيرة إلى أن كل مشروع سياسي يستند إلى قراءة خاصة للمشهد السياسي، وأن الصدر يحمل مشروعا يرى أنه لا ينسجم مع المشاريع المطروحة حاليا، وهذا "حق سياسي مكفول لجميع الأحزاب".

وأكدت أن المشهد السياسي بشكل عام لن يتأثر بمقاطعة التيار الصدري، مستشهدة بتجارب سابقة لم تؤثر فيها مقاطعة أي طرف سياسي على سير العملية الانتخابية.

وبيَّنت أن كل طرف سياسي يمتلك قاعدة جماهيرية، وأن للتيار الصدري جماهيره، التي لها الحق بالمشاركة أو المقاطعة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن نسب المشاركة لا تتأثر بمقاطعة أي حزب سياسي، وأن الانتخابات تمضي بنتائجها بغض النظر عن ذلك.

واختتمت المسعودي بتأكيدها أن كتلة صادقون، بصفتها شريكا سياسيا، تحترم قرار الصدر، وتأمل عودته للمشاركة بالعملية السياسية بالمستقبل.

المقاطعة فجوة

من جهته، رجَّح الأكاديمي والباحث السياسي، أحمد المياحي، مشاركة عديد من أتباع التيار الصدري بالانتخابات المقبلة، رغم دعوة زعيمهم للمقاطعة.

وأوضح أن دعوة الصدر للمقاطعة قد تكون في جوهرها وسيلة ضغط على الإطار التنسيقي والكتل السياسية المشكلة للحكومة، بهدف تغيير سياساتها الاقتصادية، ومعالجة ملف السلاح المنفلت، وتوفير حماية حقيقية للمواطنين العراقيين.

إعلان

وأضاف المياحي للجزيرة نت أن المقاطعة بحد ذاتها ليست "خيارا إيجابيا" في العملية السياسية، بل "خطوة سلبية" رغم أنها مكفولة دستوريا، وأكد أن المشاركة بالانتخابات هي "الخيار الأمثل"، إذ يمكن للتيار الصدري أن يُشكل كتلة معارضة قوية داخل البرلمان، قادرة على التأثير في القرارات والقوانين التي تخدم مصلحة البلاد.

وحذَّر من أن عدم المشاركة في العملية السياسية سيؤدي لقطع العلاقة بين القيادة والقاعدة الشعبية، مما قد يُحدِث فجوة تستغلها قوى خارجية ذات أذرع داخلية.

وبين أن الخاسر الأكبر من المقاطعة سيكون المكون الشيعي، إذ قد يؤدي غيابه لتمدد الكتل السنية على حساب المقاعد المخصصة للمكون الشيعي، محذرا من أن بعض القوى السياسية قد تستغل المخاوف من عودة "البعث" للسلطة، لتعبئة الشارع الشيعي ودفعهم للمشاركة بالانتخابات.

وختم المياحي أن عديدا من أتباع التيار الصدري سيشاركون بالانتخابات، رغم دعوة زعيمهم للمقاطعة، لأنهم يدركون أن عدم المشاركة في الحكومة سيهمشهم ويحرمهم الحصول على المناصب والمكاسب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان العملیة السیاسیة المشهد السیاسی التیار الصدری مقاطعة الصدر المشارکة فی للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

حلقة نقاشية حول آليات تعزيز المشاركة السياسية بمجمع إعلام قنا

نظم مجمع إعلام قنا، حلقة نقاشية حول" آليات تعزيز المشاركة السياسية" ضمن حملة قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات " صوتك هيفرق.. إنزل وشارك " للتأكيد على أهمية المشاركة السياسية، استهدفت التعرف على واقع المشاركة خلال الوقت الحالي وآليات تعزيزها خلالها الفترة المقبلة.

أدار فعاليات الحلقة النقاشية، يوسف رجب، مدير مجمع إعلام قنا، وبمشاركة الدكتور عباس منصور، الرئيس الأسبق لجامعة جنوب الوادى، والدكتور أحمد أبوالوفا، مدير إدارة الدعوة بأوقاف قنا، وياسر السمهودى، مدير فرع تعليم الكبار بقنا، والدكتور أحمد شورى، أستاذ التخطيط والرئيس السابق للمعهد العالى للخدمة الاجتماعية بقنا، والدكتور على الدين عبد البديع القصبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادى، وممثلين عن مؤسسات تنفيذية وأهلية، وإعلاميين.

تناولت الحلقة طرح عدد من المقترحات للتغلب على التحديات وتعزيز المشاركة السياسية، أبرزها، تهيئة الطالب المصري لأجواء المشاركة الانتخابية من خلال الاتحادات الطلابية بالمدارس والجامعات، إعادة كسب ثقة الشارع وتحقيق رضا المواطن لمواجهة ظاهرة العزوف عن المشاركة، مواجهة الشائعات والرد عليها أولاً بأول عبر وسائل التواصل، تنظيم حملات طرق الأبواب لإقناع "حزب الكنبة" بأهمية المشاركة والتخلي عن العزوف والسلبية، عمل اختبار لكل مرشح كضمانة للمستوى الثقافي المطلوب من أعضاء المجلسين، وترشيداً لأعداد المرشحين الكبيرة، الاستعانة بالتصويت الإلكتروني، وتوفير بنية تحتية متطورة لإدارته، ضرورة وضع سياسة عامة وإطار شرعي لتعزيز المشاركة تتبناه الدولة ويسير عليه جموع الشعب كأدوات منفذة، توفير مركز تدريب وتأهيل سياسي برلماني للشباب في كل محافظة.

وأشار يوسف رجب، مدير مجمع إعلام قنا، إلى أن الحلقة جاءت بمثابة تدشين لحملة قطاع الاعلام الداخلى برئاسة الدكتور أحمد يحيى، رئيس القطاع، وتحت إشراف الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، والتي تستهدف التوعية والتأكيد على أهمية المشاركة السياسية، من خلال الوصول إلى كافة المواطنين المستهدفين بكافة قرى ومراكز محافظة قنا.

فيما أكد الدكتور عباس منصور، الرئيس الأسبق لجامعة جنوب الوادي، بأن الاختلاف وارد في الآراء والأفكار والتوجهات، لكن في النهاية لابد من تغليب وإعلاء المصلحة العامة ومصلحة الوطن على المصلحة الشخصية، والمشاركة في الوقت الحالي واجب وطنى في ظل الحملات الممنهجة التي تشن ضد مصر حالياً، والتي تستوجب أن نقف مع وطننا ونحرص على مستقبل أفضل لبلادنا، كل حسب قدراته وإمكانياته، لأن المشاركة الفعالة تساهم في اتخاذ القرارات وتطوير البلاد.

وأوضح الدكتور أحمد أبو الوفا، مدير إدارة الدعوة بأوقاف قنا، بأن العزوف عن المشاركة الانتخابية يرجع إلى عدم ثقة الناخب في التغيير مهما شارك في الانتخابات، لذا لابد أن يتم إعادة الثقة لدى المواطن، بتكثيف حملات التوعية، لافتاً إلى أن الإسلام أمر المسلمين بالمشاركة الحقيقية والتعاون من أجل بناء الأوطان،

فيما نوه الدكتور علي الدين القصبى، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، إلى ضرورة التحدث عن محفزات المشاركة السياسية للحد من عزوف المواطنين، كونها واجب وطنى نص عليه الدستور، وأننا لابد أن نكون إيجابيين، ونقف حائط صد ضد الشائعات التي تحث على العزوف وتسعى لتهديد استقرار بلادنا، فالمشاركة السياسية توثر على الاستثمار وتدعم الدولة وتعزز ثقة الأفراد وتعمل على بناء شخصياتهم.

وأوضح الدكتور أحمد شوره، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية السابق، بأن الدولة تراهن على وعي المواطن، وتأتى أهمية الوعي انطلاقاً من مبدأ "أن الناس لا يفعلون لأنهم لا يعلمون" في إشارة إلى الحاجة الضرورية للوعى من أجل تغيير الممارسات الفردية السلبية وتحقيق أهداف التنمية.

وتناول شوره، آليات تعزيز المشاركة وفى مقدمتها التركيز على رفع الوعي السياسي وإعلاء قيمة المشاركة، كذلك تقوية التنظيمات السياسية والأحزاب القائمة، إلى جانب إدارة المشهد السياسي بصورة موضوعية تبتعد عن القبلية، والاهتمام بالمحاسبية والمكاشفة لمحاربة الفساد وهما من أساسيات الحوكمة، لافتاً إلى أهمية بناء وتهيئة لوجستيات العمل السياسي من خلال تضافر جهود الأجهزة الحكومية والمجتمع المدني وقيادات العائلات، مع حل وإدارة المشكلات الطارئة طبقاً لمبادئ إدارة الأزمات، والتركيز على تمكين المجتمع ليشعر بمسؤولياته ويستطيع أدائها.

فيما أكد ياسر السمهودي، رئيس فرع تعليم الكبار بقنا، ضرورة الحد من استغلال فئة الأميين وتوجيه أصواتهم بالمال السياسي والمساعدات العينية عن طريق تبني خطة توعوية مصممة من أجل هذه الفئة وتناسب مستواها الثقافي.

مقالات مشابهة

  • كتاب «أسرار الصراع السياسي في السودان».. رؤية تحليلية لجذور الأزمة السياسية السودانية
  • «تيته» تؤكد أهمية إشراك الجميع في العملية السياسية الليبية
  • الوطنية للانتخابات تطمئن على سير العملية الانتخابية فى الخارج
  • المشهد السياسي الليبي على أبواب خارطة الطريق
  • العراق على أبواب صناديق جديدة: هل تغير انتخابات 2025 قواعد اللعبة
  • الفزعة البدوية والحق في المشاركة السياسية
  • المستشار أحمد بنداري: المشاركة في الانتخابات تعتمد على حشد كل مرشح لأنصاره
  • محاضرة للدكتور إبراهيم دراجي حول المشاركة السياسية للمرأة السورية
  • حلقة نقاشية حول آليات تعزيز المشاركة السياسية بمجمع إعلام قنا
  • التصويت أو الغرامة.. 500 جنيه لمن يتخلف عن المشاركة في الانتخابات دون عذر