ورِث مناوي عن قحت الميل إلى العبث والخفة وتحويل كل شئ إلى مسرح استعراضي، وحرف المسار نحو قضايا انصرافية دونكيشوتية، وإراقة السمة الجادة للحدث واللحظة الزمانية ليصبح الأمرُ مزحة.

لكن مناوي هذه المرة سيصطدمُ بتجربةٍ أبعد ما تكون عن حجز المنصات للمسخرة والهبل والضحك على الدقون كما كان في السابق. لأنه اليوم وسط صنف مختلف من الرجال؛ أولئك المتسمون بالجدية في سكناتهم وحركاتهم.

. وليسوا على استعداد البتة لحمله على قدر عقله؛ كما اعتادت قحت أنْ تعامله كحالة خاصة أيقظت في روحه التلذذ بإثارة الغبار كلما شعر بالملل مثلًا. ذلك ما سيفرضُ عليه التحلي بسلوك معين؛ لا مجال فيه للخفة والطيش والصفاقة والابتزاز القائم على منطق إما أن تأتوني بلبن العصفور أو أفجر الملعب!

فميناوي حاول قول: إما أن تخضع الدولة لشروطي أو الحريق وإثارة الغلاغل. لكن يُسعدنا -ويؤسفنا في الوقت نفسه- أن نقول له: نحن يا سيد ميناوي في وسط الحريق؛ فلا مجال إذن للتهديد بالجحيم!

ولو كانت سياسة لي الذراع تجدي نفعًا لنفذتها القيادة العسكرية مع منهم أكثر منك مالًا وأعزُ نفرا وأقوى جندا؛ أي مع الجنجويد وحلفائهم المدنيين يوم قالوا: إما الاطاري أو الحرب!
ولو كان الخضوع واردًا لكان أحقّ أنْ يذعن له الناس وقتها.. والخرطوم آمنة، والمزارعون في الحقول، والأسواق نشطة، وحركة المرورة منسابة بين المدن.. والآن بعد أن شُرّد الملايين ومات عشرات الآلاف من الأبرياء، وسكنت القطط العمارات العالية، وقطّعت أوصال الدولة وشرايينها.. فإنه لم يعد ثمّة مجال للاستجابة للابتزاز على مافيش!

ولو غدًا أعلنت التمرد مثلًا.. فلن يعدو ذلك أكبر من كون أنّ حميدتي وعبد العزيز الحلو زاد عليهم فردًا إضافيًّا؛ فالمعركة أصلًا بدأت بدونك يوم كنت في الحياد.. وغيابك عنها لن يُهدد ميزان القوى العسكرية اليوم.

أما الحديث القديم عن تهميش وهضم حقكم في التمثيل السياسي والإدعاء بأن هناك من يحتكرون الدولة لصالحهم.. فأنت أبعد الناس عن التفوه به. وهنا نهدي إليك مثل دارفوري بالغ الحكمة -لابد وأنك سمعته من قبل-: “السرواله مقدود ما بفنقل”. فمن الأفضل ألا نُحضر الورقة والقلم كي لا يُثار ملف قضية التمثيل في مؤسسات الدولة وأجهزتها والحظوة التي تجدها اليوم أنت ومن يحسبون عليك بلا جدارةٍ عن كفاءة أو تأهيل بينما حولكم الصولجان والأُبّهة بلا رقيبٍ أو حسيب.. فبحسب الحكمة التي يمكنُ استنباطها من المثل: عليك إخفاء عورتك أو إبقاؤها مستورة، والجلوسُ وساقاك مضمومتان يا صاحب السروال المقدود!

محمد أحمد عبد السلام
محمد أحمد عبد السلام
إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مناوي: هذا الأسلوب يدفعنا الي ان نتناول في الإعلام ما لا يمكن تناوله

‏قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إنه في هذه الأيام تضاعفت حكاية تسريب اجتماعات وتوجيه الأقلام وألّسنة المقززة بعد تزوير المحاضر واخراجها من المضامين ، لغرض اغتيال البعض . هذه الصفة الجبانة يجب ألا تكون سلوك الحكام . ومن أراد احراق المراكب ظاناً انه قد عبر ، يخدع نفسه ويضحك علي الشعب . هذا الأسلوب يدفعنا الي ان نتناول في الإعلام ما لا يمكن تناوله .رصد – “النيلين” إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • جمعية تمكين بتبوك تبحث من خلال “معمل الابتكار الاجتماعي” تسريع المبادرات التنموية وتحويل التحديات إلى فرص
  • بعد تحذير النقل الأخير| غرامة 20 ألف جنيه عقوبة رشق القطارات بالحجارة.. احذرها
  • برلماني: استخدام القوة ضد إيران تجاوز خطير للقانون الدولي.. ومصر ترفض العبث بمصير الشعوب
  • ابنة نسرين أمين: أخطط لدخول مجال التمثيل وماما رفضت تساعدني
  • دعاء الرسول لقضاء الديون.. ردده الآن يفرجها الله عليك
  • إيران تجهّز مسرح العمليات .. وقمحة: الهجوم كان متوقعًا والرد جاء سريعًا | فيديو
  • مناوي: هذا الأسلوب يدفعنا الي ان نتناول في الإعلام ما لا يمكن تناوله
  • متحور كورونا الجديد 2025.. إذا كنت تعاني من هذه الأعراض عليك زيارة الطبيب فورًا
  • أحمد القصير: نهج حكومي تنموي يدعم الاقتصاد
  • فيديو استعراضي يورطهم.. ضبط قائدي سيارة ودراجة في الإسكندرية خلال زفة