جَسَدٌ بِلا رَأْسٍ،
وأجْسامٌ بِلا ساقَينِ،
أَيْدٍ شَوَّهَتْها النّارُ،
أَحْرَقَ وَجْهَهَا البارودُ،
أدْماها لَظَى الرُّعبِ المُحنّطِ
في وجوهِ الرّاحِلينَ إلى البقاءِ
وفي رُؤوسٍ صارَعَتْ وَجَعَ القَذيفةْ
طَلَعَتْ، كما قَمرٍ تَشَظّى
سَطَعَتْ، كَشَمْسٍ قاوَمَتْ سُحُبَ الغَمامْ
بَزَغَتْ، كَفَجْرٍ
ظَلَّ يُرهِقُ عَتْمَةَ الأَنْواءِ والليلَ البَهيمَ،
فَمَنْ يُخَفِّفُ وَقْعَ مَأْساةٍ مُخيفَةْ؟!
جُثَثٌ تَناثَرَ لَحْمُها بَيْنَ البُيوتِ،
وَفَوْقَ أغْصانِ الشَّجَرْ
قِطَعٌ مِنَ الأَشْلاءِ
ساحَتْ.
في أتونِ قَنابِلِ الفُسفورِ والحِقدِ الدَّفينْ
نُسِفَتْ بِريحٍ صَرْصَرٍ،
ماجَتْ بِوَحْلِ الرَّملِ،
تَحْتَ الرَّدْمِ،
فَوْقَ غُبارِ أتْرِبَةِ الدَّمارِ
تُحَطِّمُ المُهَجَ البَريئَةْ
القَصْفُ يَأتي مِن لَظَى الأشباحِ فجأَةْ
والمَوْتُ يُخْفي نَفْسَه تَحْتَ الثَّرَى
وَيَحُطُّ مِن فَوْقِ السَّماءِ،
ومِن عُبابِ البَحْرِ
مِثْلَ الصّاعِقَةْ
مِن حَيثُ لا نَدْري يُطيحُ بِنا
فَنَسْقُطُ في دَهاليزِ الظَّلامِ المُطْبِقَةْ
لكِنَّنا لا نَسْتَكينُ،
ولا نَهونُ،
ولا نُهادِنُ،
إنّنا أمَلُ الحَقيقَةِ والأَماني المُشْرِقَةْ
**
شُقَقٌ،
عَماراتٌ،
وَأبْراجٌ تَهاوَتْ مِثلَ فَلّينٍ،
وَذابَتْ في جَحيمِ المَعْمَعَةْ
سَقَطَتْ على لَحْمٍ طَرِيٍّ،
يا لَهَوْلِ الفاجِعَةْ
هَرَسَتْهُ وَاعْتَصَرَتْ بَقاياهُ
فَضَجَّ الأحْمرُ القاني دَما
بَكَت القُلوبُ وَأُثْخِنَتْ هَمّاً وَغَمّا
كُتَلٌ مِن اللحمِ العَصِيِّ تَفَحَّمَتْ
أشْلاءُ أطْفالٍ غَدَتْ أرواحُهُمْ
في ذِمَّةِ الرَّحمنِ ساكِنَةً تُصَلّي
وَتُسَبّحُ الإصرارَ في ألَقِ الوُجوهِ النّاصِعَةْ
وَالصّامِدونَ يُسَطِّرونَ بَهاءَنا
فَخْرًا وَصَبْرا
يُذكونَ أحْلامًا تُراوِدُنا،
وآمالًا تُراوِحُنا،
لِنَرْفَعَ وَرْدَةً بَيْضاءَ لِلشُّهَداءِ والجَرْحَى
وَنَقْطفَ وَرْدَةً حَمْراءَ
لِلأحْرارِ وَالثُّوارِ،
مَنْ صَمَدوا بِوَجْهِ العاتِياتِ مِنَ الرِّياحْ
**
يا أيُّها البَطَلُ المُزَنَّرُ بِالمَدَى عَزْمًا وَهِمَّةْ
أَطْلِقْ عَنانَ الرّوحِ،
مِثْلُكَ لا تَلينُ قَناتُه،
عَبّئْ صَناديقَ الذَّخيرَةِ في ثَناياها،
سَدّدْ فَإن الرَّميَ أصْبَحَ قابَ قَوْسٍ أوْ يَزيدْ
وارجُمْ وُجوهَ الكالِحينَ،
فإنَّ مَوْعِدَنا غَداً صُبْحُ
أَطْفالُ غَزَّةَ لا يَهابونَ المَنايا
أضْحَتْ عِبارَةُ نَحْرِنا عادِيَّةً
ما نَحْنُ فيهِ يَفوقُ وَصْفَ النَّحرِ
أوْ ذَبْحَ الوَريدِ إلى الوَريدِ،
وَلَمْ يَعُدْ يَنْجو بِنا النُّصْحُ
صَبّوا الرَّصاصَ وَسَمّموا أجْواءَنا،
وَنَسوا بَأنّا لَحْمُنا قَيْحُ
تَعِبوا وَما تَعِبَتْ نَوارِسُ بَحْرِنا
كَلا ولا كَلَّتْ مَراكِبُنا
قَدْ طارَ مُحْتَدِمًا بِها الصُّبْحُ
صُعِقوا لأنّا لَمْ نُسلّمْ أمْرَنا
لَمْ نَرْفَعِ الرّاياتِ بيضًا
بَلْ رَفَعْنا هامَةَ الشَّرَفِ الرَّفيعِ،
فَهَلْ يَفيقُ الغافِلونَ النائِمونْ
ما عادَ يُجدي الضَّربُ والشَّبْحُ
سَنَظَلُّ في شَمَمٍ نُقاتِلُ،
لَيْسَ يُثْني عَزْمَنا جَمْعٌ ولا طَرْحُ
إنّا كَسَرْنا حاجِزَ الصَّمْتِ الرَّهيبِ
فَيا قُلوبُ تَصَبَّري،
هذا الزِّنادُ يُثيرُه القَدْحُ
واتْرُكْ لَهُمْ خُذْلانَهُمْ
وَليَشْبَعوا رَقْصاً على آلامِنا
بِدِمائِنا سَيُحَقّقُ الرِّبحُ
هُوَ وَحْدُهُ،
مِن ضيقِهِ،
وَنَحيبِهِ،
قَدْ يَبْرَأُ الجُرْحُ
نُعْلي سَناءَ المَجْدِ
نَرْمُقُ فَجْرَنا الآتِي
وَلَيْسَ يُضيرُنا الذَّبْحُ
- شاعر فلسطيني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير تشعل تفاعلا بمنتدى بطرسبرغ
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أشعل الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل العاهل البحريني الملك عيسى بن حمد للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن تداولوا جملة قالها في كلمته مخاطبا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في الدورة الـ28 من منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي 2025، في روسيا، الجمعة.
وأدلى الشيخ ناصر بأبيات للشاعر الروسي، ألكسندر بوشكين مدح فيها الرئيس الروسي ومخاطبا إياه بأن الأبيات تصف سياسته التي لا تقاس بالأرقام وحدها لتكون ردة فعل بوتين بإيماءة بالرأس وسط تصفيق حار من الحضور.
وقال الشيخ ناصر في جلمته المتداولة: "في هذا المقام، أود أن أستذكر معكم قصيدة للشاعر الروسي الكبير ألكسندر بوشكين في قصيدته الشهيرة ’النصب التذكاري‘، حيث يقول ’وسأبقى محبوباً لدى شعبي لأنني بأشعاري أيقظت فيهم المشاعر الطيبة‘، فهذه فخامة الرئيس سياستكم الحكيمة مع شعبكم كأشعار بوشكين، لا تقاس بالأرقام وحدها، صحيح نحن في منتدى اقتصادي ولكن هذه الأرقام لا تقاس وحدها، بل بما توقظه في شعوبها من أمل، وما تزرعه في القلوب من طمأنينه، وبما تتركه من أثر إنساني يتجاوز حدود المؤشرات والمعايير".
وتابع الشيخ ناصر في كلمته التي نقلتها وكالة الأنباء البحرينية: "لقد كانت السياسات الاقتصادية التي اتبعتها روسيا الصديقة، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين محركاً رئيسيا في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي في روسيا والمنطقة، حيث لعبت هذه السياسات دورا حيويا في تحفيز قطاعات استراتيجية، لاسيما الطاقة والصناعة، مما انعكس بشكل إيجابي على البيئة الاستثمارية الدولية، وقد استطاعت روسيا تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة والعالم، مما أسهم في خلق فرص تجارية جديدة وجعلها شريكا رئيسيا في الاقتصاد العالمي".
وأضاف: "تجسد رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030 التي أطلقتها القيادة الحكيمة في المملكة، إطاراً استراتيجيا شاملا للتنمية الوطنية، هذه الرؤية لم تكن مجرد استراتيجية، بل كانت بمثابة خارطة طريق نحو مستقبل مستدام وضعت البحرين على المسار الصحيح لتحقيق توازن مثالي بين النمو الاقتصادي والاستدامة، فقد مكنت البحرين من جذب الاستثمارات الخارجية وتعزيز قدراتها الاقتصادية من خلال المبادرات الاستراتيجية التي شملت كافة القطاعات وأبرزها تطوير البنية التحتية الرقمية وتوسيع دور القطاع الخاص في التنمية".
ومضى بالقول: "انطلاقا من هذه النجاحات، تعمل مملكة البحرين على بلورة رؤية وطنية جديدة تمتد حتى عام 2050، تستند إلى ركائز الابتكار والتحول الرقمي والاستدامة وتنويع مصادر الدخل، ويمثل هذا التوجه الاستراتيجي تأكيداً على التزام المملكة بمواكبة المتغيرات العالمية، وتعزيز جاهزيتها الاقتصادية للمرحلة المقبلة من خلال شراكات دولية بناءة تسهم في تحقيق التنمية ومتوازنة على المدى البعيد".