عربي21:
2025-12-15@02:43:56 GMT

العراقيون وأوهام العقد الاجتماعي!

تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT

هنالك العديد من التعريفات المختصرة والمطوّلة لمصطلح العقد الاجتماعي (Social Contract)، ولكن جميعها تتّفق على أنّه "اتّفاق افتراضي بين المسؤول (المسؤولين) والشعب".

وهنالك مَن يرى أنّ الفيلسوف الفرنسيّ جون جاك روسو (1712-1778)، والفيلسوف الألمانيّ إيمانويل كانت (1724-1804) هما أوّل مَن كتبا في هذا الباب الإنسانيّ والسياسيّ الحيويّ! وللحقيقة، هنالك "عُقُود اجتماعيّة" كُتِبَت ضمن الحضارات البابليّة واليونانيّة والإسلاميّة وغيرها؛ تضمّنت المبادئ الضابطة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم.



وتأتي أهمّيّة العقد الاجتماعيّ من كونه المسطرة التي تُنظّم العلاقات بين القوى المالكة للسلطة والشعب، ولكونه يتعلّق بحياة الإنسان وكرامته وقُوته علاجه وحاضره ومستقبله!

ونقاشنا اليوم يتعلّق بقضيّة جوهريّة تتعلّق بالحالة العراقيّة القائمة، وهل هنالك عقد اجتماعيّ حقيقي في العراق أم لا.

وهنالك، في الحالة الطبيعيّة، عقد مُبْرم بين الشعب والسلطات المخوّلة بإدارة البلاد (التشريعيّة والتنفيذيّة)، وعليه يُفْترض بالمُّخَوَّلِين العمل ضمن العقد، الوكالة الشعبيّة، ولهذا فأيّ إصرار على الخطأ والتمادي فيه من الوكيل يُعَدّ بداية النهاية لتلك الوكالة؛ لأنّ الوكالة ليست مطلقة، بل مقيّدة بقيود مصلحة الوَكيل (المواطن)! وبدليل القَسَم الذي ذُكِر في المادّة (50) من الدستور العراقيّ، وفيه: "أُقسم بالله العليّ العظيم، أن أؤدّي مهمّاتي ومسؤولياتي القانونيّة، بتفانٍ وإخلاص، وأن أرعى مصالح شعبه، والله على ما أقول شهيد".

ولكن في العراق الأمر مختلف تماما، حيث إنّ غالبيّة المسؤولين، وبمجرّد تسنّمهم لمناصبهم، يظنّون أنّهم يمتلكون "وكالة عامّة مطلقة تخوّلهم التلاعب بالناس والدولة وأموالها"، وفقا لرأيهم ومزاجهم، وتبعا لمصالحهم الشخصيّة والحزبيّة والعقائديّة! وهذا نوع من الإرهاب الرسميّ، والقانونيّ للمواطنين المغلوبين على أمرهم!

ثمّ أين مصالح الناس من قَسَم المسؤولين، ونحن نتحدّث عن نسبة الفقر البالغة 17.5 في المئة للعام 2025 من مجموع 48 مليون نسمة؟ وأين هذا القسم الذي لم يراع مصالح ملايين الناس ومشاعرهم في غربتهم المركّبة خارج البلاد، وخصوصا وهم، ومنذ أكثر من أربعين عيدا، لا يمكنهم اللقاء بذويهم، وهم عاجزون عن الدخول للعراق، وعاجزون عن اللقاء بذويهم في دول أخرى؟!

ويبدو أنّ حكام العراق فهموا العقد الاجتماعيّ بأنّه مختصّ بعراقيي الداخل، بدليل عدم إشراكهم لملايين المواطنين في الخارج في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة، وعدم شمولهم بالتعداد السكّاني قبل بضعة أشهر، وهذه قرارات مبتورة وغريبة!

وهنا يفترض العودة للاتّفاق الأوّليّ بين الطرفين الذي لا يَسْمَح للطرف المخوَّل (المسؤول) أن يعمل بخلاف الوكالة!

إنّ العقد الذي لا يَضمن سلامة الضعفاء والفقراء والبسطاء والمهجّرين وكرامتهم، ويُسلّط الأضواء على الأقوياء والأغنياء لا يمكن أن يكون عادلا، بل هو أصل الظلمات التي مَحَت التساوي بين المواطنين، وجَعَلت كلّ طبقة تُعامَل بموجب ما يُسْتَفَاد منها، وبالتالي نحن أمام تَمايز في التعامل، وغياب للعدالة الاجتماعيّة والقضائيّة والعقائديّة والفكريّة بين المواطنين!

إنّ النظرة الرسميّة السطحيّة لحقيقة العلاقة مع الجمهور بموجب العقد الاجتماعيّ المُبْرَم بينهم جعلت غالبيّة السياسيّين والقوى المتنفّذة لا تعتقد بوجود "عقد اجتماعيّ" مع الجماهير، وكلّ ما في الأمر أنّهُم ينظرون للجماهير على أنّهم وسيلة سريعة، وربّما "زهيدة الثمن" للوصول إلى المناصب التشريعيّة والتنفيذيّة، وحتّى المواقع الحساسة والجوهريّة في الدولة! ولا ندري لمصلحة مَن تبقى هذه العلاقة الغامضة والهشّة بين الناس والمسؤولين!

ومن أبرز أسباب هشاشة العقد الاجتماعيّ العراقيّ؛ عدم نضوج الوعي المجتمعيّ بالقوانين الديمقراطيّة، بل وتلاعب بعض كبار الساسة بالجمهور وبخطابات مذهبيّة ودينيّة؛ ظاهرها الحبّ والمصلحة العامّة، وباطنها الكراهية والمصلحة الخاصّة!

عموما، فإنّ العقد الاجتماعيّ لا يكون عبر الخطابات المنمّقة البعيدة عن الواقع والمزوّرة للحقائق! إنّ العقود الواضحة هي التي يُكْتب لها الدوام والنجاح، وهذه من أكبر أسباب سعادة الشعوب وبناء الثقة مع الحكومة على أرضية صلبة ومتينة، بينما العقود الغامضة مصيرها الانهيار والفشل وهذه من أكبر أسباب تعاسة الشعوب، لأنّ السلطة التي تتجاهل معاناة شعبها، ولا تعمل على تحسين أوضاعهم وظروفهم الإنسانيّة والمعاشيّة والصّحّيّة، هي سلطة سقيمة وفاشلة!

ومعلوم أنّ مقياس نجاح أيّ حكومة يُقاس بمدى خدمتها لشعبها، في الداخل والخارج، والحكومة التي لا تفكّر بمواطنيها، وتحاول تجميل فشلها بدلا من أداء دورها الحقيقي، هي حكومة لا تستحقّ ثقة الشعب!

ومع غياب العقد الاجتماعيّ الصريح والواضح تستمرّ فاجعة ملايين العراقيّين في الداخل والخارج، وخصوصا الحياة المرّة للمهجّرين، الذين يحلمون بزيارة وطنهم وذويهم!

الفرحة الحقيقية للعراقيّين المغتربين، قسرا أو بإرادتهم، لا تكتمل إلا بأرض الوطن، وفي ربوع البلاد التي لا يعرفون هل سيعودون إليها، أم أنّ الأقدار ستبقيهم في دروب الغربة!

وتذكروا أنّ ملايين العراقيّين في الخارج هُم جزء من العقد الاجتماعي، وتجاهلهم لا يَصبّ في مصلحة استقرار العراق، ويتنافى مع أبسط حقوق المواطنة!

إنّ فكرة العقد الاجتماعيّ فكرة نبيلة ومنطقيّة وسليمة وسلميّة لو كتب لها النجاح، ولكنّها في ضوء الواقع العراقيّ فكرة ذليلة وعبثيّة وسقيمة ودمويّة!

حقا إنّه لشيء محزن أن تُنْتَهك العقود، وتضيع الحقوق، وتُنْتَهك الحرمات في زمن يَتغنون فيه بالديمقراطيّة!

x.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه العقد الاجتماعي العراق التلاعب نجاح العراق فشل تلاعب نجاح العقد الاجتماعي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العقد الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء العراق: نجحنا في تجنيب البلاد تداعيات الصراعات بالمنطقة

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن الحكومة ماضية في تنفيذ مشاريعها الوطنية واستكمال مسيرة البناء، مؤكداً نجاحها في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات الداخلية والإقليمية.

وأوضح السوداني أن العراق تمكن من تجنيب نفسه تداعيات الصراعات التي تشهدها المنطقة، مشدداً على تطلع حكومته إلى إقامة علاقات متينة مع الأمم المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل، بما يدعم جهود التنمية والاستقرار في البلاد.

دعا حاكم إقليم دارفور إلى تكثيف الدعم المحلي والدولي للجهود الهادفة إلى استعادة الأمن والاستقرار في السودان، مؤكداً أن حماية المدنيين تمثل أولوية قصوى في ظل الأوضاع الراهنة.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

جوتيريش: يجب احترام اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الجيش الروسي يستهدف مواقع للصناعة العسكرية والطاقة في أوكرانيا

واتهم الحاكم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات وصفها بالوحشية بحق المدنيين في إقليم دارفور، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الاعتداءات وضمان سلامة المواطنين وحمايتهم من العنف المستمر.

ولقى مواطن سوداني مدني مصرعه وتعرض آخرون للإصابة جراء هجوم للدعم السريع في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان.

وأشارت مصادر سودانية إلى أن هجمات للجيش السوداني أسفرت عن تدمير ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع.

واستهدفت مُسيرات الجيش السوداني تستهدف عدة مواقع للدعم السريع في شمال كردفان.

وأصدرت وزارة الخارجية السودانية، في وقت سابق، بياناً قالت فيه إن مليشيا الدعم السريع ارتكبت أمس مذبحة في مدنية كلوقي جنوب كردفان. 

وأشارت الوزارة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل 79 مدنياً بينهم 43 طفلاً.

وأدان برنامج الأغذية العالمي الهجوم الذي استهدف شاحنة ضمن قافلة إنسانية شمال دارفور بغرب السودان، مطالباً بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن الحادث لضمان حماية المساعدات الإنسانية.

وقالت شبكة أطباء السودان، في وقتٍ سابق، إن الحصار المفروض على مدينتي الدلنج وكادوقلي يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.

وأضافت: "وفاة 23 طفلاً بسبب سوء التغذية الحاد خلال شهر بمدينتي الدلنج وكادوقلي بجنوب كردفان".

وقالت منظمة الهجرة الدولية، في وقتٍ سابق، إن تصاعد القتال في كردفان يُجبر سكانها على النزوح.

وذكرت مصادر سودانية أن هناك مواجهات اندلعت داخل مدينة بابنوسة في غرب كردفان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

مقالات مشابهة

  • القضاء العراقي ورئيسه:خارطة طريق إنقاذ الإنسان والوطن!
  • الرئيس العراقي يجدد التزام بلاده بحفظ الأمن والاستقرار وترسيخ أسس ومبادئ الديمقراطية
  • الرئيس العراقي يجدد التزام بلاده بالأمن والديمقراطية ويشيد بدور الأمم المتحدة
  • طقس العراق… ضباب كثيف الأحد وتنبيهات لسائقي المركبات
  • رئيس وزراء العراق: نجحنا في تجنيب البلاد تداعيات الصراعات بالمنطقة
  • رئيس الوزراء العراقي: حققنا الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات
  • سافايا يمتدح السوداني في قيادته للعراق واستقراره
  • الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً لمفوضية اللاجئين
  • العراقيون في خطر.. الحرية محاصرة بـالخوف والملاحقات اليومية
  • الرئيس العراقي السابق يتولى منصب المفوض السامي لشئون اللاجئين