كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، سعي دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التوصل لتفاهمات مع تركيا عبر وساطة أمريكية أو روسية، تقضي بتقاسم مناطق النفوذ داخل الأراضي السورية، في مسعى لاحتواء تمدد أنقرة ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة مباشرة بين الجانبين.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن "ما تقترحه إسرائيل على تركيا عمليا هو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ"، بحيث تكون روسيا في الساحل الغربي، وتركيا في الشمال، والولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق والجنوب، فيما يسيطر النظام السوري المؤقت على بقية المناطق، وذلك "إلى حين قيام حكومة مستقرة ومنتخبة في دمشق، وهو أمر قد يستغرق سنوات".



وقالت الصحيفة إن التوتر بين إسرائيل وتركيا، والذي تصاعد في أعقاب القصف الإسرائيلي لمطار "تي 4" العسكري في سوريا، تراجع جزئيا بعدما صرّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر الناتو في بروكسل، بأن بلاده "لا تريد أن ترى أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا. وعلى السوريين وحدهم أن يقرروا في الشؤون الأمنية لبلادهم".

وأوضحت أن هذا التصريح جاء بعد أسبوع حافل بالتوتر، شهد تهجما لاذعا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال: "آمل أن يدمر الله إسرائيل"، في حين شن جيش الاحتلال قصفا شاملا على مطار "تي 4" العسكري في حمص، وهو الموقع الذي كانت تركيا تنوي إرسال قوات أمنية إليه.


وأكدت الصحيفة أن الضربة الجوية الإسرائيلية جاءت كرسالة مباشرة لأنقرة، في ظل مخاوف متصاعدة لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل من أن يؤدي الفراغ السلطوي في سوريا، بعد ما وصفته الصحيفة بـ"تفكك نظام الأسد نهائيا في 8 ديسمبر 2024"، إلى تموضع تركي واسع النطاق يشكل تهديدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

وكان وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف كاتس شدد على أن العملية العسكرية الأخيرة تحمل طابعا ردعيا، قائلا "احذر حاكم سوريا الجولاني، إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول إلى سوريا وتعريض مصالح أمنية إسرائيلية للخطر، فإنك ستدفع ثمناً باهظاً للغاية".

وأضاف كاتس أن "عمل سلاح الجو في مطار تي 4 في حماة وفي منطقة دمشق هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمسّ بأمن دولة إسرائيل"، حسب تعبيره.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن إسرائيل امتنعت عن ذكر تركيا صراحة في التصريحات الرسمية، في محاولة لإبقاء الباب مفتوحا أمام التفاهم، لكنها أوضحت أن "قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة للسلطان في أنقرة".

ولفتت الصحيفة إلى أن أنقرة تسعى إلى تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في سوريا في إطار ما يسمى بـ"الاستراتيجية العثمانية الجديدة"، وهي سياسة توسعية تعتمد على ملء الفراغات في دول الشرق الأوسط التي تعاني من أزمات داخلية، بما يشمل سوريا والعراق وليبيا والصومال وتشاد وشمال قبرص.

وبيّنت أن تركيا تحتفظ بالفعل بـ"حزام أمني" داخل الأراضي السورية لاحتواء النفوذ الكردي، لكنها تعمل الآن على توسيع هذا الوجود ليشمل عمق الأراضي السورية، مستغلة علاقتها الوثيقة مع فصائل المعارضة السنية المسلحة، لا سيما "هيئة تحرير الشام" التي يقودها أحمد الشرع، والذي وصفته الصحيفة بـ"زعيم القاعدة في سوريا" ونعتت باسمه الحركي السابق "أبو محمد الجولاني".

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل، التي "تعلمت درس 7 أكتوبر"، قامت بتحصين حدودها في الجولان من احتمال اقتراب جماعات مسلحة مدعومة من تركيا، وبادرت إلى استهداف مخازن أسلحة وبنية تحتية عسكرية سورية وأخرى تابعة لحزب الله، من أجل منع وقوع هذه الأسلحة بيد الفصائل السنية أو الميليشيات الموالية لطهران.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل تنظر بقلق بالغ إلى إمكانية نشر أنقرة منظومات دفاع جوي ورادارات مركزية في العمق السوري، ما قد يقيّد حرية سلاح الجو الإسرائيلي ويضع قيودا على أي عملية مستقبلية، ليس فقط في سوريا، بل في عموم الإقليم، خاصة تجاه إيران.

وأوضحت أن المخاوف الأمنية الإسرائيلية تشمل أيضا سيناريو تمركز الجهاديين السُنة على الحدود مع الجولان، تحت غطاء تركي، على غرار ما حدث في غزة قبل 7 أكتوبر، الأمر الذي قد يضع بلدات شمال إسرائيل في مواجهة مباشرة مع "جيش إرهاب معادٍ"، حسب وصفها.


وأكدت الصحيفة أن "سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ عمليات دقيقة دمرت مطار تي 4 كلياً لمنع تموضع تركي طويل الأمد"، مشيرة إلى أنه “يمكن للأتراك بالتأكيد أن يعيدوا بناء هذه المطارات، لكن إخراجها عن الاستخدام من قبل سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أساسا نقل رسالة للأتراك بأن إسرائيل لن تسمح بهذا".

كما شددت "يديعوت أحرونوت" على أن المخاوف الإسرائيلية ليست آنية فقط، بل تتعلق أيضاً بإعادة تشكل جيوسياسي تقوده أنقرة على أسس أيديولوجية – دينية، وقالت إن "القلق الحقيقي بعيد المدى لإسرائيل هو نشوء محور إسلامي – سُني بروح الإخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، لدى الإخوان المسلمين في الأردن، عبر مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة، وينتهي في غزة".

وأشارت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "تخشى من أن يحتل هذا المحور السني موقع محور الشر الشيعي بقيادة إيران، خاصة في ظل استمرار الدعم التركي العلني لحماس".

ورغم حدة المواجهة، أوضحت الصحيفة أن هناك قنوات حوار مفتوحة، مشيرة إلى أن "تركيا، بخلاف إيران، عضو في الناتو وحليف للولايات المتحدة، ما يُبقي المجال متاحا أمام الحوار والتأثير المتبادل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال تركيا سوريا أردوغان الشرع سوريا تركيا أردوغان الاحتلال الشرع صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الصحیفة أن سلاح الجو فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

دولة الاحتلال تزعم تحذير لبنان من ضربة استهدفت منشآت حزب الله

صرح مسؤولون إسرائيليون اليوم السبت بأن بيروت لم تستجب للتحذير الإسرائيلي المسبق بأنها تخطط لضرب أهداف من وحدة حزب الله الجوية في الضاحية، وفقًا لتقرير صادر عن إذاعة كان الإسرائيلية.

وأفادت "كان" بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا لبنان بنيتهم ​​ضرب البنية التحتية للطائرات المسيرة التابعة لحزب الله، الوحدة 127، قبل أسبوع، إلا أن الحكومة أو الجيش اللبناني لم يصدر أي رد.

حزب الله اللبناني يكتشف جاسوسا إسرائيليا بين صفوفهالجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر ثانٍ من "حزب الله" في جنوب لبنان

ووقع الهجوم على الوحدة 127 يوم الخميس.

كان "رئيس شؤون لبنان" في سلاح الجو الإسرائيلي، ضابط المخابرات المقدم ن.، يتتبع الوحدة 127 التابعة لحزب الله لأكثر من عامين وتتولى الوحدة مسؤولية استيراد وتصنيع ونشر مختلف الطائرات المسيرة من لبنان إلى دولة الاحتلال.

وأكد المقدم ن.: "أصبنا سبعة أهداف: خمسة في بيروت واثنان في جنوب لبنان".

وأعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، يوم الخميس، استهداف بشكل خاص أحياء الحدث، وحارة حريك، وبرج البراجنة في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، بالإضافة إلى عدد من المباني المحددة.

وأضاف أن هذه المواقع "أُنشئت عمدًا في قلب تجمع سكاني مدني في منطقة الضاحية الجنوبية ببيروت".

وُجهت تحذيرات إخلاء للسكان اللبنانيين قبل الهجوم.

وأفادت صحيفة معاريف الإسرائيلية بأن الإنذارات في الضاحية الجنوبية تسببت في حالة من الذعر والقلق بين سكان بيروت، الذين كان الكثير منهم يستعدون لاحتفالات عيد الأضحى، حيث صدرت الإنذارات لعدة مبانٍ في مناطق مختلفة من الضاحية في آن واحد.

سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم بنى تحتية لـ "حزب الله" في جنوب لبنانمصدر : إسرائيل اخترقت هيكلة حزب الله السابقة استخباراتيا

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، ردًا على إدانات الرئيس اللبناني جوزيف عون للهجوم، قائلًا: "على الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله، عليكم ضمان تطبيق الجيش اللبناني لاتفاق وقف إطلاق النار تطبيقًا فعليًا، وليس من خلال عروض منسقة"، حسبما زعمت قناة كان.

طباعة شارك دولة الاحتلال لبنان منشآت حزب الله حزب الله وحدة حزب الله الجوية الجيش اللبناني سلاح الجو الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • اليونان تتّهم أوروبا بالخيانة: “نسيتمونا من أجل تركيا!”
  • (صحيفة): تصاعد النفوذ الصيني في اليمن يثير قلقاً دولياً
  • إصابة أكثر من 14 ألف شخص خلال ذبح الأضاحي في تركيا
  • دولة الاحتلال تزعم تحذير لبنان من ضربة استهدفت منشآت حزب الله
  • تفاصيل جديدة عن دعم الاحتلال لعصابة أبو شباب في رفح.. سلاح وأموال
  • تقارير عبرية: إسرائيل عند مفترق طرق وحكومة نتنياهو على وشك الانهيار
  • أردوغان يرحب بقرار الدول الغربية رفع العقوبات عن سوريا
  • صحيفة إسرائيلية: إيران تُزعزع استقرار سوريا والجولاني يواجه تحديات داخلية وخارجية
  • إسرائيل تهدد بيروت: لا هدوء في لبنان ما لم يُنزع سلاح حزب الله
  • إسرائيل تحدد "شرطا" لوقف الهجمات على لبنان